الترحيل المزدوج: مأساة الفلسطينيين في العراق المحتل!

بواسطة قراءة 2151
الترحيل المزدوج: مأساة الفلسطينيين في العراق المحتل!
الترحيل المزدوج: مأساة الفلسطينيين في العراق المحتل!

عبد الوهاب حميد رشيد

أصدرت وكالة اللاجئين- الأمم المتحدة- مؤخراً تقريراً بأن 30 فلسطينياً اختطفوا في بغداد وتم إطلاق سراحهم. حصل هذا الاختطاف في حادثتين منفصلتين، الأولى تمثلت في قيام مجموعة بلباس قوى الأمن واقتحامهم منزلاً مؤجراً من قبل المفوضية العليا للاجئين- الأمم المتحدة- UNHCR وإلقاء القبض على 17 فلسطينياً.

والثانية، حصلت بعد فترة وجيزة، شملت خطف 13 فلسطينياً في منطقة أخرى من العاصمة العراقية.إن خطف الفلسطينيين، رغم تحريرهم، يلقي الضوء على مأزق 50 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في العراق في ضوء التعتيم الإعلامي.

تحتضن بغداد وحدها 15 ألف فلسطيني يُعانون من غياب قدرتهم على الحركة بحرية نتيجة عدم تملكهم وثيقة، حسب UNHCR التي ذكرت أيضاً أن هؤلاء اللاجئين يواجهون تهديدات مستمرة، ويتعرضون، على نحو متزايد ومستمر، إلى: القتل، الاختطاف، المضايقات والأشكال الأخرى من سوء المعاملة.. على عكس الموقف الودي الذي عوملوا به في عهد نظام الرئيس العراقي السابق. لقد أصبح الفلسطينيون، في أعقاب غزو الولايات المتحدة وإسقاط النظام العراقي السابق، عرضة لكافة أشكال الممارسات الإجرامية.

من المعتقد أن 600 فلسطيني، على الأقل، قُتلوا على أيدي مليشيات طائفة (الأغلبية) الذين نفذوا أعداداً كبيرة من جرائم القتل في العراق منذ بداية الحرب في مارس/ آذار 2003. والكثيرون من هؤلاء الذين قتلوا واجهوا التعذيب باستخدام مثقاب/ دريل كهربائي قبل قتلهم.

كثّفت هذه المليشيات حملتها لتصفية/ طرد بقية اللاجئين الفلسطينيين من العراق. كريم زكي- فلسطيني 61 عام- أخبرني أن ابنه يحيى أُختطف وقُتل في منطقة الكرادة ببغداد قبل أسبوعين. "اتصل بي الخاطفون وقالوا أنهم أخذوا ولدي لأنه جاء من فلسطين وأن كل الفلسطينيين يؤيدون (الإرهابيين)... وجدت جثة ابني في اليوم التالي وعلى بطنه الكثير من الثقوب باستخدام الدريل في تعذيبه قبل قتله،" حسب قول الأب.كذلك ذكر أحمد محمود- فلسطيني من منطقة بلديات- إنه أُجبر على أن يدفع لمختطفي أخيه الأكبر (مراد- 38 عام) فدية بحدود ستة آلاف دولار لتحريره. اتصل الخاطفون من مدينة صدر وأخبروه عن مكان أخيه.

ومع وصول أحمد إلى المكان المحدد حسب الموعد وجد أخاه مقتولاً. وأضاف "وجدناه ميتاً وعلى جسده آثار تعذيب... اتصلوا بنا في اليوم التالي وقالوا: قتلنا أخاك لأن كافة الفلسطينيين في العراق يحبون الرئيس العراقي السابق، وهذا ما سيحل لكم ولعائلاتكم."
في وقت مبكر من هذا الأسبوع صدر تقرير عن الواشنطن بوست
The Washington Post يتضمن أن 50 ألف فلسطيني يهربون من منازلهم، وهم بحاجة ملحّة للمساعدة، متهماً الإدارة الأمريكية وسلطة الاحتلال في العراق، تكاسلهم عن معالجة هذه المشكلة وتجهيز هؤلاء المهاجرين بمتطلباتهم الحياتية الضرورية والمساعدة الملائمة.كشفت إدارة البنتاغون في الأسبوع الماضي أرقاماً تبين أن احتلال العراق وأفغانستان يكلف حكومة الولايات المتحدة 320 مليون دولار يومياً. ذكرت الصحيفة أنه بدلاً من استخدام هذه الأموال في قتل المزيد من الناس بتوسيع حربين غير شرعيتين، يمكن استخدامها لإنقاذ حياة الكثيرين ومكافحة الفقر في هذين البلدين المدمّرين بفعل حرب/ احتلال الولايات المتحدة.تدفقت أموال إدارة بوش نحو الموت والدمار، في حين خصصت فقط 20 مليون دولار لمساعدة اللاجئين هذا العام. سُمح فقط لـ 466 عراقي بالهجرة إلى الولايات المتحدة بصفة لاجئين منذ بداية الحرب الاحتلال قبل أكثر من ثلاث سنوات. أخبر متحدث باسم المانحين محطة BBC مؤخراً أن دول الجوار، حيث يتجه إليها أغلب العراقيين المهاجرين، بدأت تقفل أبوابها "واحدة بعد أخرى" في وجههم.من المعتقد أن 2 مليون عراقي هربوا من جحيم العنف المتصاعد في بلدهم إلى سوريا، (الأردن)، مصر ولبنان. بينما تستمر الدول الأخرى في تجاهل أزمة هؤلاء اللاجئين.

ناشدت الوكالة الدولية للاجئين في وقت مبكر من هذا الشهر الدول المعنية تقديم تبرعاتهم لجمع 60 مليون دولار (30.8 مليون جنيه استرليني/ 45 مليون يورو) لاستخدامها كمساعدة طارئة للعائلات الفقيرة الهاربة من العنف في العراق- أكبر وأطول هجرة للعراقيين في المنطقة منذ ترحيل الفلسطينيين عن وطنهم لإقامة إسرائيل عام 1948.وبالعلاقة مع كافة المهجرين/ المهاجرين العراقيين، ليس الفلسطينيون أفضل حالاً.

إن ظروفهم، في الحقيقة، هي الأسوأ.في تقرير صدر العام الماضي عن مراقبة لجنة حقوق Human Rights Watch، حذّرت المنظمة أن اللاجئين الفلسطينيين ممن هربوا من العراق، هم على خلاف العراقيين، لا يُسمح لهم بدخول الأردن على أساس سمة دخول سياحية.

لذلك تُركوا مقطوعين في المنطقة الحدودية الخالية بين الأردن والعراق.إن الهجمات المتواصلة على الفلسطينيين في بغداد في ظروف غياب الحماية ومعاناتهم في العراق منذ الاحتلال، ليست جديدة.وجّه نائب مدير UNHCR كلمة بقوله "نحن نناشد بإلحاح حكومة العراق والقوات المتعددة الجنسيات توفير الحماية والسلامة لهؤلاء الناس الذين يفتقرون إلى طريق الخروج من البلاد."
إن فعلاً سريعاً للحفاظ على هؤلاء الناس وإنهاء معاناتهم مسألة مطلوبة من المجتمع الدولي قبل أن تستفحل الأزمة وتخرج عن السيطرة.

تاريخ نشر المقال : 27/1/2007

ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد