ترويع
للناس
الداعية سيد الرفاعي يؤكد ان الكذب
في ذاته حرام وهو اشد حرمة فيما يعرف بكذبة ابريل لما فيه من ترويع الناس وادخال
الفزع والكدر عليهم ساعة من الزمن بغير حاجة، ولما فيه من الخباثة، حيث يستغل بعض
الناس هذه الكذبة بالتصديق ويعتبرها واقعا او شيئا سيحدث، ولما في ذلك من اشاعة
تقليد الباطل وتقليد اهل الصفات الخبيثة، فالمعروف ان الكذب رذيلة من اعظم الرذائل
وخلق سيئ ولم يجز الشرع الكذب الا في حالات معينة وليس منها الكذب للمداعبة، بل
حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب لاضحاك الناس فقال: ويل للذي يحدث بالحديث
ليضحك به القوم فيكذب، ويل له ويل له، وفي حديث آخر: لا يؤمن العبد الايمان كله
حتى يترك الكذب في المزاح والمراء (الجدل)، وان كان صادقا، كما جاء اكثر من حديث
نبوي يحذر المسلم من ترويع اخيه وازعاجه جادا او مازحا، واكد الداعية الرفاعي ان
الكذب حرام في كل يوم وتزداد حرمته في ذلك اليوم، فلا يجوز ان يساعد المسلم في
ترويج هذا الكذب، واستشهد الرفاعي بتحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من الكذب حتى
على الولد، فقال صلى الله عليه وسلم: من قال لولده تعال اعطك فلم يعطه فقد كذبه،
وعن عبدالله بن عامر قال: زارنا رسول الله وانا صغير فخرجت لألعب فقالت لي امي
تعال اعطك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: وما تعطيه؟ قالت: تمرا، قال: لو لم
تعطه لكتبت عليك كذبة.
ولو
على سبيل المزاح
ويضيف د.وائل الحساوي قائلا: من
السؤال يستطيع الانسان معرفة حقيقة الجواب فقد سموها كذبة، والكذب هو التلفيق
ومخالفة الواقع وايهام الشخص المقابل بشيء ليصدقه بينما هو غير حقيقي، وزاد: ولا
شك انه لا توجد عقيدة او دين يقر الكذب مهما كان لأن فيه دمار الناس وانتشارا
لأبشع العادات، وكل من بدأوا بالكذب للضحك والترفيه تمادوا فيه وبالغوا في الكذب
يستحلون هذا الكذب، خاصة اننا نعلم ان الكذب لا يجوز ولو على سبيل المداعبة
والمزاح، اذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم
فيكذب، ويل له ويل له، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه يمزح ولكنه كان لا يقول
في مزاحه الا حقا، فعن ابي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله انك تداعبنا، قال: اني
لا اقول الا حقا، وهذا المزاح الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فوائد
عديدة من تطييب لنفس الصحابة وتوثيق للمحبة وزيادة في الالفة وتجديد للنشاط
والمثابرة ويرشد الى ذلك قول صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تداومون على
ما تكونون عندي من الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة
ساعة وساعة «ثلاث مرات».
تقليد
واشار د.الحساوي الى ان هناك بعض
كذبات اول ابريل تثير الربكة في صفوف الناس ، ثم ان تخصيص اول ابريل بتلك الكذبة
هو من باب التقليد للغرب الذي لا مثيل له في العالم، اذ انه تقليد في امور ضارة
مدمرة، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، وصدق
الشاعر محمد مصطفى حمام حين قال:
جل من قلد الفرنجة منا
قد اساء التقليد والتمثيلا
فأخذنا الخبيث منهم ولم نقـ
بس من الطيبات إلا قليلا
يوم سن الفرنج كذبة ابريـ
ل غدا كل عمرنا ابريلا
نشروا الرجس مجملا فنشرنا
ه كتابا مفصلا تفصيلا
شخصية
ضعيفة
وماذا يرى علماء النفس فيمن يمارس
كذبة ابريل؟ هذا ما يبينه لنا د.خضر البارون بقوله: يكذب الانسان عموما، لأنه لا
يستطيع ان يواجه الحقيقة، او ان يقبل الواقع او لكي يسير اموره بشكل يرغب هو فيه
ولا يقبله الآخرون، والشخص الكذاب من الناحية النفسية له شخصية ضعيفة لا يستطيع ان
يتعامل مع الحقائق، فهو يقدم اعذارا واهية غير واقعية تبدو له حقيقية، اي يقنع
نفسه بأنها اعذار تنقذه من الواقع المرير او تحقيق رغباته.
اما عن الاسباب النفسية التي يلجأ
اليها كثير من الناس وهي الكذب، فهي ان هذا الكذاب قد نفذ بكذبه في المرات السابقة
وحقق رغباته واهدافه لكن كثيرا ما ينكشف امره مهما طال الزمن، فيفتضح وتظهر
كذباته، ويصبح بعد ذلك مهزوزا لا يوثق به وضائعا لأن كلامه يصبح عادة محل شك ولا
يوثق به.
ويستدرك د.البارون فيشير الى ان
الكذب له منفعة حميدة في بعض الاحيان مثل الكذب على العدو او لاصلاح ذات البين او
لتطييب خاطر الزوجة لكن بالطبع كذب ولكن له منافع في توطيد العلاقات الزوجية مثلا
او للاصلاح بين الاصدقاء، كأن تقول ان فلان دائما يذكر بالخير، وهو يتمنى لك الخير
وانما، وهكذا ما يجعل الشخص الآخر يلين ويتسامح ويعفو.
هدفها
المزاح
اما بخصوص كذبة ابريل فيقول عنها
د.البارون ان هدفها الضحك او المرح، فهي ليست لإيذاء احد، اي ليس المقصود بها
الحاق الضرر بأحد، انما هي لافشاء البهجة والسرور في نفوس الآخرين، لكن البعض
يستغلها في تحقيق رغباتهم او اهدافهم مثل كسب المال او تسيير امور في صالحهم، وهذا
طبعا ضد القيم الاخلاقية والمعايير الاجتماعية.
التحذير
من الكذب
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي الى البر، اي الزمو الصدق في كل احوالكم فإن الصدق
يوصل الى العمل الجامع للخير كله وان البر يهدي الى الجنة، وما يزال الرجل يصدق
ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ثم يحذر المصطفى صلى الله عليه وسلم من
الكذب فيقول: واياكم والكذب فإن الكذب يهدي الى الفجور، وان الفجور يهدي الى النار
ومازال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
المباح
شرعاً
جاء في الحديث الذي رواه ابو داود
عن ام كلثوم بنت عقبة بن ابي معيط ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم يكذب من
نمى بين اثنين ليصلح، وفي رواية: ليس بالكاذب من اصلح بين الناس فقال خيرا او نمى
خيرا، كما جاء في حديث آخر انه لم يرخص في الكذب الا في ثلاثة مواضع: الحرب
والاصلاح بين الناس والكذب بين الزوجين.
المصدر : جريدة الأنباء الكويتية