اللاجئون الفلسطينيون بأمريكا اللاتينية... خطوة باتجاه التصفية؟ - جادالله صفا

بواسطة قراءة 2124
اللاجئون الفلسطينيون بأمريكا اللاتينية... خطوة باتجاه التصفية؟ - جادالله صفا
اللاجئون الفلسطينيون بأمريكا اللاتينية... خطوة باتجاه التصفية؟ - جادالله صفا

نقل مجموعة صغيرة إلى دول امريكا اللاتينية من اللاجئين الفلسطينين المقيمين بالعراق والذين لجئوا الى مخيمات التنف والوليد والرويشيد،  لتقيم بكل من البرازيل وتشيلي، لا اعتقد انها جاءت نتيجة الصدفه او لعوامل ودوافع انسانية، فهناك العديد من الاستفسارات التي تطرح حول الدوافع التي ادت الى نقل العديد من اللاجئين الفلسطينين بالعراق الى دول خارج المنطقة العربية، فالكل يعرف المساعي المتواصلة للكيان الصهيوني والادارة الامريكية لتصفية حق العودة للشعب الفلسطيني، والمحاولات الداعية للتخلص من المخيم الذي اصبح رمزا من رموز الصمود والمقاومة امام كافة محاولات الطمس والتذويب والتوطين التي سعى اليها معسكر الاعداء، فالتواجد الفلسطيني بالدول العربية وبالاخص دول الجوار ساهم دائما بالابقاء على القضية الفلسطينية مطروحة على كافة الاصعدة والمستويات، وهذا مما اربك العدو دائما وباستمرار، ورغم كل محاولاته للتخلص من هذه المعضلة الا ان كل محاولاته ادت الى الفشل.  

المفوضية السامية للامم المتحدة للاجئين، من خلال مصادر موثوقة تعمل لنقل 16 الف لاجيء فلسطيني من لاجيئي العراق الى دول امريكا الجنوبية، وهذا ما يستدعي الوقوف امام صحة هذا الخبر، والتاكد من هذه الشائعة التي بدات تلوح بالافق بالقارة، وبالاخص هذا العدد الكبير من اللاجئين الذي يجري التفكير به لنقلهم الى القارة الامريكية الجنوبية، ومعرفة الدوافع التي دعت المفوضية الى التفكير به، والبحث عن اليات التصدي لهكذا خطوة لخطورتها حال الاقدام عليها من قبل المفوضية، فهل حقيقة بدات خيوط المؤامرة لتصفية الدور الفلسطيني بالخارج والمتمسك بحقه بالعودة؟ بعد فشل كل محاولات التوطين بالمنطقة العربية وبالاخص دول الطوق، فابعاد المواطن واللاجيء الفلسطيني الى هذه القارة بالمنظور الاسرائيلي والامريكي ومعسكر الاعداء، تسهل تصفية الحق الفلسطيني بالعودة على طريق تصفية القضية الفلسطينية، فكما نعرف ونلمس محاولات الكيان الصهيوني بخلق واقع جديد بالضفة وغزة، فهذا العدو يسعى جاهدا من اجل نقل مزيد من اللاجئين الى قارة امريكا اللاتينية ليخلق واقع يهدف الى تصفية هذا الحق. 

من الخطأ النظر الى نقل مجموعات من اللاجئين الى العديد من دول القارة الامريكية، على اساس انها خطوة انسانية لتخفيف المعاناة عنهم من مخيمات اللجوء، ونقلهم الى دول اكثر استقرارا وامنا، او من اجل حمايتهم من ملاحقات المليشيات وفرق الموت والافاعي وعقارب الصحراء ولهبها، فالمساعدات الانسانية وتحمل الامم المتحدة مسؤوليتها اتجاه اللاجئين الفلسطينين هو واجب من اجل ان يمارسوا حقهم بالعودة، ولتسهيل ممارسة هذا الحق وليس ابعادهم الى مسافات طويلة، حيث يتواجدون الان، فالمساعدة المالية التي يتلاقاها اللاجيء الفلسطيني بالبرازيل او تشيلي، بامكانه ان يتلقاها بمخيم الرويشد او التنف، والبيت الذي يسكن به ليس مقياسا لراحته وطمانينته، وهربه من ملاحقات مليشيات وفرق الموت لا تختلف عن تعرضه للسرقه والنهب بالقارة ورفع السلاح بوجهه لسرقة ملابسه التي يلبسها او ساعته التي يحملها، كما حصلت بالبرازيل باكثر من منطقة ومع اكثر من لاجيء، فهو لا يشعر بالطمأنينة والراحة حتى اللحظة بهذه البلاد الغريبة. 

ما الذي يجري؟ هل حقيقة هناك مؤامرة  على فلسطيني العراق لنقلهم الى دول امريكا اللاتينية كخطوة اولية تستهدف حق الفلسطيني بالعودة الى وطنه؟ بالطبع انا لا استغرب ذلك، فالمحاولات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية لاعادة  اللاجئين الفلسطينين بمخيمات اللجوء على الحدود الاردنية العراقية والسورية العراقية الى العراق، لم تحقق نتائج ايجابية حتى اللحظة، فالعجز الفلسطيني الرسمي واضح امام التدهور العربي الرسمي وانهياره امام الضغوط والتهديدات الامريكية الاسرائيلية، فرفض الدول العربية وبالاخص دول الطوق من استقبال هؤلاء اللاجئين الفلسطينين على اراضيهم، تؤكد على خطورة وحجم المؤامرة التي يواجهها شعبنا الفلسطيني وقضيته وعلى راسها حق العودة، فمعسكر الاعداء لم يتوانى اطلاقا من خلال تصريحاته للتاكيد على رفض حق العودة للانسان الفلسطيني الى ارضه ووطنه ودياره التي شرد منها عام 1948،  ومحاولاته الرامية بملاحقة اللاجئين الفلسطينين حتى بمخيماتهم على حدود الدول المجاورة، وتضييق الخناق والحصار عليهم. هذه خطوة خطيرة اذا اقدمت عليها المفوضية السامية للامم المتحدة للاجئين، حيث ستحاول استخدام مصطلحات لا تمت اطلاقا الى الحق الفلسطيني، حيث نقل الفلسطيني الى امريكا اللاتينية  يكون من منطلق انساني، دون التطرق الى الحق التاريخي والحقوق الوطنية والشرعية التي اقرتها الشرعية الدولية من خلال قراراتها التي تؤكد على حق تقرير المصير للشعوب وحق العودة للشعب الفلسطيني، فما الذي يمنع الامم المتحدة ودول العالم من مساعدة الشعب الفلسطيني لممارسة حقه بالعودة الى وطنه؟ فالمؤامرة التي تنسج خيوطها الان، هو استغلال تعاطف العديد من حكومات دول امريكا اللاتينية المناصرة للنضال الفلسطيني، بما يخدم هذا المخطط الذي ينال من القضية الفلسطينية، من خلال تحويل هذا التعاطف والتضامن الى حالة التعامل مع اللاجئين الفلسطينين من منطلق انساني.  

المفوضية بكل تاكيد تتابع عن كثب تاهيل اللاجئين بالمجتمعات التي انتقلوا اليها بالقارة، وتراقب تطورات حياتهم اليومية، وتعمل على حل كافة الاشكاليات التي تعترض راحتهم وطمانينتهم، كذلك لا نخفي على احد بان الاغلبية الساحقة من اللاجئين الفلسطينين بالقارة لا يحملون اي وثيقة سفر تسمح لهم بالتنقل الى دول وبلدان اخرى حتى على مستوى القارة، ولا ننسى اطلاقا بان الابناء الصغار لن يكون حالهم بافضل من حال ابناء الجالية الفلسطينية المغتربين الذين اغلبيتهم يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني، وهذا ما سيخلق مستقبلا واقع بذوبان هذه المجموعة من اللاجئين الفلسطينين بالمجتمعات الجديدة التي انتقلوا اليها. 

ناهيك عن غياب حالة التنظيم الفلسطينية الرامية الى بناء مؤسسات تساهم بتنظيم الجالية الفلسطينية، لمحاولة النهوض بالوضع الفلسطيني، اضافة الى التصدي لكافة المحاولات والمخططات الرامية الى نقل الالاف من اللاجئين الفلسطينين الى القارة، فالمؤسسة الفلسطينية الممثلة بالكونفيدرالية الفلسطينية بالقارة، والتي من المفترض ان تاخذ دورها الطليعي، مستغلة هذا الظرف الجديد الذي حدث بعد نقل ما يزيد على مائتي لاجيء،   لم تؤدي دورها المطلوب، كذلك الفيدراليات على مستوى الدول بالبرازيل وتشيلي، التي من المفترض ان يكون لهما دورا رياديا، ايضا لم تصل الى الحد الادنى لطرح موضوع الحق الفلسطيني بالعودة، وتعرية المخطط الهادف الى المساس بحق العودة، فالفيدرالية الفلسطينية بالبرازيل ما يهمها بالمرحلة الحالية هو عقد اتفاقية مع المفوضية السامية للامم المتحدة للاجئين لتكون مؤسسة تعتني باللاجئين الفلسطينين مقابل عقد تتقاضى من خلاله مبالغ مالية مقابل هذه الخدمة، كذلك البحث عن فرص عمل للعديد من ابناء الجالية مقابل خدمة للاجئين، وهذا ما يؤثر سلبا على الاداء الفلسطيني بشكل عام. 

فما زال اللاجئين يعانوا من عدم المبالاة والاهتمام من قبل المفوضية والمؤسسات الفلسطينية، وما زالوا يشكون من الوضع السيء الذي يمروا به، فانعدام العناية الصحية حتى اللحظة للعديد من الاخوة اللاجئين ما زال مقلق للعديد من العائلات، وانعدام فرص العمل وارتفاع الاسعار المتواصل والمرهب يهدد مستقبل العديد من العائلات، وحول المصير الذي ينتظرهم بعد العامين يؤكد على خطورة المؤامرة.

بالتاكيد بان القوى الاساسية بالجالية الفلسطينية من خلال مؤسساتها، لن تسمح اطلاقا لتمرير مخططا تامريا يستهدف حالة التعاطف والتضامن مع الشعب الفلسطيني بالقارة، ومن هذا المنطلق يجب البدء بالتحرك ومنذ الان لمنع ترانسفير فلسطيني العراق للقارة، من خلال مطالبة حكومات الدول بعدم استقبال مزيدا من اللاجئين، وممارسة ضغوطا من قبل السلطة الفلسطينية وكافة القوى والفصائل الفلسطينية على حكومات الدول العربية، واخص بالذكر دول الجوار لاستيعاب اللاجئين الفلسطينين المتواجدين بمخيمات التنف والوليد والرويشيد، فهم لن يشكلوا اطلاقا خطرا على استقلال الدول وحكوماتها.                           

جادالله صفا

البرازيل

10/08/2008