اللاجئون العرب واللاجئون الفلسطينيون - د . محمد صالح المسفر

بواسطة قراءة 2181
اللاجئون العرب واللاجئون الفلسطينيون - د . محمد صالح المسفر
اللاجئون العرب واللاجئون الفلسطينيون - د . محمد صالح المسفر

 ( 2 )

اقدم حركة نزوح ولجوء لا ارادي في الوطن العربي في منتصف القرن العشرين المنصرم كان الفلسطينيون. في عام 1948 هيمن الصهاينة اليهود بقوة السلاح على مساحات شاسعة من فلسطين تحت حماية ومؤامرات بريطانية تمثلت بوعد بلفور الذي شرع لقيام كيان "إسرائيلي" في قلب الوطن العربي لاسباب متعددة اهمها عندي اخراج اليهود من بريطانيا واوروبا بهدف ابعادهم عن المجتمع "المسيحي" الاوروبي، والسبب الثاني شق العالم العربي بين مشرق ومغرب الامر الذي لا يمكن ان تتحقق وحدة هذه الامة ومن ذلك المحافظة على المصالح الغربية في هذه المنطقة الهامة من العالم.

شنت العصابات الصهيونية اليهودية الجيدة التسليح والتدريب في تلك الفترة حربا وحشية استهدفت ابادة الانسان الفلسطيني او طردة الى خارج الحدود. فر الكثير من ابناء واسر فلسطين نتيجة لتلك الحرب الوحشية الى دول الجوار على امل ان هذه الحرب ستضع اوزارها ويعود اللاجئون الى وطنهم فلسطين، كانت ساحات اللجوء الاقطار المجاورة الاردن وسورية ولبنان ومصر والبعض جاء الى غزة والعراق. عانى الشعب الفلسطيني عذاب الهجرة وعذاب اللجوء وما برحوا يعانون حتى هذه الساعة كان اقلهم معاناة الذين لجأوا الى سورية الحبيبة في تلك الحقبة من الزمان، لكنهم اليوم يعانون ذات القسوة وذات الظلم فمخيماتهم تقصف بالمدفعية الثقيلة وغارات جوية وغير ذلك من الاسلحة الفتاكة. حالهم حال اخوانهم في مخيمات البؤس في لبنان الذين لم تسلم مخيماتهم من الاجتثاث والابادة الجماعية كما حدث في تل الزعتر في لبنان في سبعينيات القرن الماضي وكما فعل بهم سلاح الجو اللبناني في عهد سليمان فرنجية في غاراته على مخيمات صبرا وشاتيلا وغير ذلك من المخيمات. كان اللاجئون الفلسطينيون في العراق يتمتعون بذات الميزة التي كان اخوانهم في سورية يتمتعون بها من قبل، لكنهم اليوم يعانون اشد المعاناة قتل وترهيب واغتصاب وملاحقة كل ذلك حدث بعد احتلال العراق عام 2003 من قبل امريكا وبريطانيا وتسليمهم العراق لحركات مسلحة طائفية حاقدة ثارية لتاريخ سحيق لا ذنب لهذه الاجيال فيه اعني من هو اولى بخلافة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ابو بكر ام على بن ابي طالب.

كان المواطن الفلسطيني اللاجئ الى مصر يتمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها المواطن المصري بما في ذلك اهل غزة ابان "الحكم الوطني" من عان 1952 والى عام 1970 وجاء نظام العمالة والخيانة في عهد السادات ليعاني الفلسطيني معاناة لا سابق لها في تاريخ مصر العزيزة وتوالت على الفلسطينيين كل عوامل الاذلال والتحقير والمس بكبرياء رجالهم ونسائهم دون سبب ارتكبوه حتى في ظل حكم الجنرال السيسي القائم الذي يحاول الاعلام المصري تشبيهه بالرئيس جمال عبدالناصر، لكن عبد الناصر لم يحاصر الفلسطينيين ويجوعهم داخل قطاع غزة كما يفعل حكام مصر اليوم.

( 3 )

ثاني لجوء يلحق بالانسان العربي كان عام 1990 عقب اجتياح الجيش العراقي لدولة الكويت جفل الخلق من الكويت قيادة ومعظم الشعب كانت اتجاهات اللجوء دول الجوار وهم الاهل والاقارب في دول الخليج والاغنياء من اهل الكويت اثر التوجه الى اوروبا او مصر، كان لجوء الكويتيين من الظلم الذي لحق بهم وبوطنهم من قوة خارجية يختلف عن اللجوء الاول اعني اللجوء الفلسطيني، اسكن الكويتيون في اماكن تليق بهم لم يدخلوا خيمة ولم تقام معسكرات اللجوء كما حل بسابقيهم لم تمس كرامتهم ولم تشوه سمعتهم ولم يمنع او يستوقف احدا منهم على حدود الدول المجاورة انه كان لجوء “الخمس نجوم”.

( 4 )

 اللجوء الثالث كان لجوء العراقيين عام 1991 و2003  هذا الشعب العربي الاصيل الذي اعطى عبر التاريخ للامة العربية ما لم تعطه دول او كيانات عربية من قبل ولا من بعد، شعب العراق الابي كان في كل معارك العرب حاضرا وفي الصفوف الاولى دون الاستنجاد به، كانت جامعاته ومدارسه ومستشفياته مفتوحة لكل ابناء الامة العربية دون تمييز ذلك هو العراق الى ان جاء حكم الحاقدين فأُجفل الشعب العراقي عن وطنه من قسوة الظلم وقهر الرجال والنساء ومن وحشية العدوان البريطاني الامريكي الفارسي الصفوي نصبت له معسكرات اللجوء على الحدود وسمح لبعض اغنياء العراق للدخول الى مدن عربية ومنع الفقراء الا من "حالفه الحظ"، والحق ان الاردن قد نال نصيبه من المجموعتين ــ الغنية والفقيرة ــ وكذلك سورية.

والحق ايضا ان انظمتنا العربية قصرت في حق الشعب العراقي الابي وما نعانيه اليوم هو نتيجة لقهر العراق واحتلاله والعبث بخيراته وسيادته وهيمنة الحاقدين على مقدراته.

( 5 )

اللجوء الرابع هو لجوء المواطنين السوريين الى دول الجوار الاردن ولبنان وتركيا على وجه التحديد واماكن اخرى بطرق مشروعة او غير مشروعة هروبا من جحيم النظام السياسي القائم في دمشق المصر على البقاء في الحكم رغم ارادة الغالبية العظمى من الشعب السوري.

اللاجئون السوريون تعرضوا لابشع واحقر عملية تشويه للاسرة السورية ومع الاسف استخدم حتى الدين الإسلامي لتأكيد تلك العملية التشويهية منها على سبيل المثال لا الحصر "جهاد النكاح"، "نكاح السترة"، "نكاح المأوى"، نكاح المتعة وغير ذلك من الاساليب، حملة ظالمة تشن على اعراض اللاجئين في مخيمات البؤس في الدول المجاورة، ذئاب بشرية متوحشة تحوم حول تلك المخيمات لاقتناص فريستهم دون رادع اخلاقي او انساني.

كل انواع المقاومة من الجزائر في عهد الاستعمار الفرنسي الى تونس الى  مصر ابان الاحتلال البريطاني الى المقاومة الفلسطينية الى المقاومة اللبنانية الى المقاومة العراقية لم تتعرض تلك الحركات لحركة تشويه منظمة كما تتعرض له المقاومة السورية اليوم من حملة اعلامية ظالمة تديرها دول واحزاب سياسية خاضع لهيمنة دول. اننا في حاجة ماسة الى دعم وتأييد كل مقاومة لحكم ظالم مستبد وتنزيه كل رجال المقاومة من الاهواء الشخصية الى ان يثبت العكس.

 اخر القول: الشعوب العربية التي قاست مرارة اللجوء، التي ذكروا اعلاه،  عليها ان تلتفت الى اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في مناطق الشتات ومخيمات البؤس واحسان معاملتهم والمحافظة على كرامتهم والله مع الصابرين إذا صبروا.

 

المصدر : جريدة رأي اليوم

28/10/2013