في هذه الساعة يضرب المطر على نافذتي .. فتشذوا الذكريات الجميلة متعانقة مع آلام وأحزان ؟؟!! أشم بها رائحة الأرض المبللة بماء المطر .. مطر حقيقي ... مطر يتحدى الجبال ويحفر أخاديد وطرق ويغير ملامحها .. يروي الحقول و الأشجار وتمتلئ الأنهار فتلد الأرض عيون وتتفجر ينابيع ، تمنيت أن يدوم سقوط المطر ، لأرقب انهمار المطر .. لأبكي مع المطر .. تمطر السماء في فلسطين وطني أيضا ، لكنها تمطر وسط ناراً و رصاصاً .. قنابل وغازات سامة .. تمطر وسط دماءاً ودموعاً .
فتحت باب شرفتي وجالست في ركن من أركانها المظلمة أرقب انهمار المطر ألهمني صوت المطر فهاجمتني جراحي ولا تمل من تمزيق أعصابي أسرعت ومسكت قلمي لأخط به هموم وطني وأحزاني فإذا بقلمي يسقط مني ويهرب عني فسعيت له لأسترده فإذا به يهرب عني وعن أصابع يدي المرتجفة .
فتعجبت وسألته , ألا يا قلمي المسكين أتهرب مني أم من قصتي الحزينة .. فأجابني بصوت يعلوه الحزن والأسى :
سيدي : تعبت من كتابة معاناتك على وطن لم تراه عيناك أثقل قلبك بالهموم والأحزان ومعانقة هموم الآخرين ، ابتسمت مع عبرات تملأ صدري وقلت له : يا قلمي الحزين نعم عيني لم تراه لكنه ولد هذا الوطن في قلبي أرضعتني إياه أمي قطرة قطرة أنترك وطننا المجروح دون أن نشاركه آلامه وأحزانه فجراحنا من جراحه ,, أنترك أحزاننا دون البوح بها .
قال : اذهب وبوح بما في أعماق قلبك لإنسان أعز لك من الروح بدلا من تعذيب نفسك , وتعذيب من ليس له قلب ولا روح سألته وإذا كانت هذه الجراح بسبب وطن هو اعز من الروح فلمن أبوح .
فتجهم قلمي حيرة ,, واسقط بوجهه على ورقتي البيضاء فأخذته ,, وتملكته ,, وهو صامتا ,, فاعتقدت انه قد رضخ لي ,, وسيساعدني في كتابة مقالي المحمل بالأسى على وطني فإذا بالحبر يخرج من قلمي متدفقا ,, فتعجبت !! ونظرت اليه قائلاً : ماذا تعني !! .
قال : سيدي الا أنني بلا قلب ولا روح ، أتريدني أن اخط أحزان قلبك ولا أبكي على وطن سكن فؤادك المجروح .
زهير السبع
8/1/2012
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"