سلسلة " على بصيرة "- الحلقة العاشرة: ألفاظ مشتهرة احذروها ج2! - أيمن الشعبان

بواسطة قراءة 4601
سلسلة " على بصيرة "- الحلقة العاشرة: ألفاظ مشتهرة احذروها ج2! - أيمن الشعبان
سلسلة " على بصيرة "- الحلقة العاشرة: ألفاظ مشتهرة احذروها ج2! - أيمن الشعبان

الحمد لله الذي امتنّ علينا بنعمة اللسان، وأوجب علينا شكرها فقال عز وجل :( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )[1]، والصلاة والسلام على النبي العدنان، الذي كان يتخير أجمل الألفاظ، وأحسن الكلام، وعلى آله وأصحابه الكرام. أما بعد :

نكمل معكم في حلقة جديدة مما قد جمعناه من ألفاظ مخالفة للشريعة، يجب الحذر منها واجتنابها:

9- [ فلان الله ما يطيقه .. ]أو [فلان الله ما يجرعه ] أو [ فلان الله ما يحمله ] ( بالعامية ).

تقال لشخص مشاغب أو مشاكس أو كثير الحركة والعبث .

وهذه الألفاظ لا تجوز، لأن فيها انتقاص من قدرة الله وعظمته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال، مقارنة صفات الله تعالى بصفات المخلوقين فتنبه .

10- [ فلان الله ما يقدر عليه ] .                           

هذه تقال للشخص المحتال النّصّاب الماكر، وقد تقال على سبيل المدح لشخص بأنه متلاعب وذكي في بعض المجالات .

وهذا اللفظ من الجهل العجيب، لأن المسلم إذا اعتقد أن الله تعالى لا يقدر على مخلوق من المخلوقات يكفر عياذاً بالله .

قال تعالى :( يخلق ما يشاء وهو العليم القدير )[2].

وقال تعالى :( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين )[3].

11- [ أريد هذه من الله ومنك ] أو [ مالي إلا الله وأنت ] أو [ لولا الله وفلان ] أو [ الاتكال على الله وعليك ] أو [ أنا بالله وبفلان ] ( بالعامية ) .

قائل هذه قد جعل فلاناً نداً لله عز وجل، لأنه قد قرن المشيئة والطلب والتوكل، بحرف يقتضي التسوية، وهو نوع من الشرك .

والصواب أن يقال : لولا الله ثم فلان، الاتكال على الله ثم عليك ...

وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، قال عليه الصلاة والسلام: أجعلتني لله نداً، قل : ما شاء الله وحده.[4]

قال ابن القيم رحمه الله ( تجريد التوحيد أن لا يعطى المخلوق شيئاً من حق الخالق وخصائصه فلا يعبد ولا يصلى له ولا يسجد ولا يحلف باسمه ... ولا يساوى برب العالمين في قول القائل: ما شاء الله وشئت ، وهذا منك ومن الله ، وأنا بالله وبك ، وأنا متوكل على الله وعليك ، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض ،وهذا من صدقاتك وصدقات الله، وأنا تائب إلى الله وإليك، وأنا في حسب الله وحسبك ... )[5] .

أنظر لزاماً (( مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين )) ( 1/124).

12- [شاءت الظروف ] أو [ شاءت الأقدار] أو [ شاءت حكمة الله ] أو [ شاءت عناية الله ] .

هذه من الألفاظ المنكرة التي لا تجوز ولا تصح، ( لأن المشيئة صفة من صفات الله تعالى، والصفة تضاف إلى من يستحقها، ولله تعالى المشيئة الكاملة والقدرة التامة، ومشيئته سبحانه فوق كل مشيئة، وقدرته سبحانه فوق كل قدرة، فيقال : شاء الله سبحانه ، .... واقتضت حكمة الله ، وعنايته سبحانه )[6].

13- [ تدخل القدر]أو[ تدخلت عناية الله ] .

قال ابن عثيمين- رحمه الله – :( قولهم تدخل القدر، لا تصلح لأنها تعني أن القدر اعتدى بالتدخل وإنه كالمتطفل على الأمر مع أنه أي القدر هو الأصل فكيف يقال تدخل؟ والأصح أن يقال: ولكن نزل القضاء والقدر أو غلب القدر ونحو ذلك، ومثل ذلك تدخلت عناية الله، الأولى إبدالها بكلمة حصلت عناية الله أو اقتضت عناية الله )[7].

14- [ فلان شكله غلط ] أو [ عابت ها الخلقة ] أو [ شوف شلون خلقه ] ( بالعامية ) .

هذه الألفاظ محرمة، لأن فيها استهزاء وسخرية بخلق الله، والله تعالى يقول :( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )[8]. وقال تعالى :( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم. الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركبك )[9].

وهذه الألفاظ من أعظم الأخطاء المنتشرة على ألسنة بعض المترفين المترفعين على الناس، فعندما يرى أحدهم إنساناً لا يعجبه، يسخر منه بهذه الألفاظ .

وربنا تبارك وتعالى يقول :( ولا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساء عسى أن يكن خيراً منهن )[10].

15- [من علمني حرفاً صرت له عبداً ] .     

هذه من الألفاظ المنكرة، لأن العبودية فقط لله وحده. فينبغي أن يجتنب هذا اللفظ .

ومعنى هذه المقولة مبني على حديث موضوع ، أنظر (( مجموع الفتاوى )) (18/345).

16- [ حرام عليك تفعل كذا] أو [ حرام عليك هذه الحاجة ما أخذتها ] أو [ حرام فاتتني هذه الفرصة ] .

تقال على سبيل التأسف، لمن فعل أمراً معيناً، أو لمن فاته شيء .

فإن كان هذا الأمر غير محرّم فلا يجوز أن يوصف بالتحريم ولو لفظاً، لأن تحريم الحلال والمباح كتحليل الحرام، وهذه لا يجوز حتى لفظا فلينتبه لذلك .

17- [ ما يستاهل ] أو [ والله ما يستاهل ] أو [ ما يستحق ما أصابه ] أو [ ما يستاهل الذي جرى له ] .

تقال لمن كان مريضاً أو مصاباً ببلاء،أو حصل له حادث أو شيء مؤسف ومؤلم، وفيها اعتراض على حكم الله وقضاءه .

والمؤمن أمره كله له خير، في السراء والضراء، وليس ذلك إلا للمؤمن .

وإن أي بلاء مُقدّر من الله رحمة بالعبد المؤمن وكفارة له .

18- [ المرحوم فلان ] أو [ المغفور له ] .

هذه الألفاظ لا تجوز ويكاد لا ينجو منها إلا قلة قليلة، لأنها بصيغة الحكم القاطع، وهذا خلاف السنة، فقد أجمع سلف الأمة على أنه لا يُجزم لأحد بعينه بأنه مرحوم أو مغفوراً له، كما أنه لا يجوز أن نشهد لأحد بعينه بجنة أو نار .

والصواب أن يقال: فلان الله يرحمه أو رحمه الله، وفلان غفر الله له، على سبيل الدعاء، أو نقول: المرحوم بإذن الله فلان، والمغفور له بإذن الله فلان، حتى لا يكون الأمر قطعا، ونعلقه بمشيئة الله وإرادته.

19- [ الشهيد فلان ] أو [ استشهد فلان بيوم كذا .. ] .

هذه من الألفاظ المشتهرة والمتساهل فيها كثيرا، لا سيما في أيامنا هذه لكثرة الفتن والقتال والقتل، ولا يجوز إطلاقها على الشخص المعين، لأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم به، وشرط كون الإنسان شهيداً أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وهذه نية باطنة لا يتسنى لنا معرفتها .

قال البخاري – رحمه الله – في صحيحه باب : لا يقال فلان شهيد .

ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من ذلك أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف المعتقد الصحيح .

والصواب أن نقول: فلان نحسبه شهيداً ولا نزكيه على الله، أو نسأل الله عز وجل أن يتقبله في عداد الشهداء، أو نسأل الله له الشهادة . 

أنظر (( فتاوى ابن عثيمين )) (2/141 ) ، (( معجم المناهي )) (319 ) .

20- [ فلان بعيد عن الهداية ] أو [ فلان ما ينصلح أبداً ] ( بالعامية ) .

تقال لمن شاهد من أسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي .

وهذا لا يجوز لأنه من باب التألي على الله . وما أدرانا أن فلاناً لا يهتدي ، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء .

21- [ فلان ربّنا افتكره ] (بالعامية ) .

تقال عندما يموت فلان، وهذه كلمة كفر، لأنه يلزم منها أن الله عز وجل ينسى، والله سبحانه لا ينسى ( وما كان ربك نسيا )[11]. فيجب أن تجتنب هذه اللفظة. والله سبحانه لا يوصف بأنه يفتكر الشيء؛ لأن هذا وصف نقص وعيب، إذ الافتكار لا يكون إلا بعد نسيان .

أنظر (( معجم المناهي )) (278)، ((فتاوى ابن عثيمين )) (3/134) .

22- [ الله ما يضرب بعصا ] أو [ الله ما يضرب بحجر ] .

هذ من الألفاظ الدارجة على ألسنة بعض العامة، بل حتى بعض المثقفين !! عند المغالبة والمشادَّة، وقصد قائلها: أن الله حَكَمٌ عدل ( ولا يظلم ربك أحداً ) ولكن في التعبير سوء أدب، فيجب أن تجتنب ويُنهى مَن تلفظ بها .

والصواب أن يقال: أن الله سبحانه حكم عدل لا يظلم أحداً، وإنه ينتقم من الظالم .

أنظر (( معجم المناهي )) ( 119) ، (( فتاوى ابن عثيمين )) ( 3/118 ) .

23- [ لا سمح الله ] .

من الألفاظ المنتشرة كذلك، وتقال عندما يُذكر شيء يُكره وقوعه .

وهي من الألفاظ التي توهم أن أحداً يجبر الله على شيء .

والأولى أن يقول : لا قدّر الله .

أنظر (( معجم المناهي )) ( 570 ) ، (( فتاوى ابن عثيمين )) ( 2/222 ) .

 

24- [ يا ساتر ] أو [ يا ستار ] أو [ يا ستار استر ] .

من الألفاظ المنتشرة على ألسنة أغلب الناس، حتى بعض الخطباء والمتعلمين، والدعاة والدارسين . 

فالستار أو الساتر ليست من أسماء الله، والستير هي من أسماء الله، قال عليه الصلاة والسلام( إن الله تعالى حيي ستير يحب الحياء و الستر )[12].

اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، وسدد أقوالنا وأفعالنا واجعلها كلها في رضاك، واجعلنا ممن اتقاك، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحيه أجمعين.

 

أيمن الشعبان

1/6/2011

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] ( الرحمن: 60).

[2]  (الروم:54).

[3]  (الذاريات:58).

[4]  السلسلة الصحيحة 3/154.

[5]  الروح ص263.

[6]  معجم المناهي اللفظية ص313، وانظر كذلك فتاوى ورسائل ابن عثيمين ( 1/128)، ( 3/131).

[7]  فتاوى ورسائل ابن عثيمين( 1/134).

[8]  (التين:4).

[9]  الإنفطار:6-8).

[10]  الحجرات:11).

[11]  (مريم:64).

[12]  صحيح الجامع برقم 2106.