عرفات...القائد الأول الذي أدرك أن الفلسطينيين مستهدفين في العراق

بواسطة قراءة 2122
عرفات...القائد الأول الذي أدرك أن الفلسطينيين مستهدفين في العراق
عرفات...القائد الأول الذي أدرك أن الفلسطينيين مستهدفين في العراق

ايهاب سليم-السويد-12/10/2008 

حينما دخلت قوات الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003,كان هاجس اللاجئين الفلسطينيين في ذلك البلد العربي مصحوب بالقلق والترقب,فهم كانوا على دراية كاملة بان تاريخ العراق شهد مراحل دموية مع تغيير انظمته السابقة ادت الى استهدافهم,فتارة تم استهداف الفلسطينيين القوميين في مدينة الموصل بعد تسلم عبد الكريم القاسم ذو الميول الشيوعية مقاليد الحكم في العراق اثناء فترة التصارع السياسي ما بين القوميين من جهة والشيوعيين من جهة اخرى,وتارة اخرى بدءت عملية استهدافهم اثناء تسلم عبد السلام عارف مقاليد الحكم وانقلابه على البعثيين حيث شهدت منطقة الفضل حينها عمليات اعتقالات ومداهمات ادت الى مطاردة القوميين ومنهم الفلسطينيين.

هذه الحقيقة لم تغب يوما عن الجيل الاول من القيادات الفلسطينية التي واكبت تطورات الثورات والانقلابات السياسية والعسكرية في العراق,فكان من ابرز اللذين كانوا على دراية بان اللاجئيين الفلسطينيين سيتم استهدافهم في العراق المحتل هو الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات(ابو عمار) . فبعد اعتقال كادر السفارة الفلسطينية في العراق متمثلا بالسيد نجاح عبد الرحمن الفران القائم باعمال السفارة ببغداد مع عدد من الدبلوماسيين الفلسطينيين خلال الايام الاولى للاحتلال الامريكي في شهر ابريل نيسان عام 2003,حتى اتصل عرفات مباشرة من داخل غرفته المحاصرة في مبنى الرئاسة الفلسطينية بمدينة رام الله باعضاء منظمة التحرير الفلسطينية طالبا منهم رصد اوضاع الجالية الفلسطينية في العراق وقد اشرف على هذه المهمة السيد عزام الاحمد رئيس كتلة حركة فتح وكبير المفاوضين الفلسطينيين السيد صائب عريقات والسيد عباس زكي مسؤول ملف اللاجئيين الفلسطينيين في منظمة التحرير الفلسطينية.

رغم شعور عرفات حينها ان قوات الاحتلال الصهيوني ترغب بتصفيته وما سيرتب عليها من امور يتوجب عليه متابعتها داخل غرفته المحاصره الا انه توصل الى قرار ذاتي باصدر أمرا مباشرا الى وزارة الداخلية الفلسطينية بمنح اللاجئيين الفلسطينيين في العراق جواز صادر من السلطة الفلسطينية لتثبيت فلسطينية الفلسطينيين في العراق ولاسيما انهم لايحملون ارقام وكالة غوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينيين (الانروا) بعد تبني العراق مقترحا لرعايتهم بدلا من الانروا سابقا.

هذا القرار تاريخي ونادر في تاريخ السلطة الفلسطينية ولايجروء محمود عباس ان يصدر مثل هذا القرار اليوم لخمسة وعشرون الف لاجيء فلسطيني يعيشون دون اوراق ثبوتيه في لبنان على عكس باقي اللاجئيين الفلسطينيين في لبنان الذي يملكون ارقام للانروا وهويات تعريفية رغم تشديد حصار الاخيره اي لبنان لحقوق الفلسطينيين في هذا القطر العربي. عرفات كان يرمي من خلال منح الفلسطينيين في العراق جوازات سفر فلسطينية لاتحمل رقم وطني (بدون موافقة اسرائيل) بدخول اللاجئيين الفلسطينيين الى قطاع غزة وقد كلف السيد عاطف ابو بكر مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في عمان بخوض مفاوضات مع طاقم السفارة الاسرائيلية للسماح للفلسطينيين في العراق دخول الاراضي المحتلة عام 1967 مرحليا لحين تطبيق القرار 194 الصادر عام 1948 بخصوص عودتهم الى المناطق التي هجروا منها اي اراضي عام 1948.

المفاوضات باءت بالفشل لرفض الجانب الصهيوني عودتهم وما هي الا اشهر قليلة حتى توفي الراحل ياسر عرفات من دون تحقيق رغباته في الحفاظ على ارواح اللاجئيين الفلسطينيين في العراق ونقلهم خارجا. بعد وفاة عرفات,ازداد استهداف اللاجئيين الفلسطينيين في العراق وبدات المحاربة في اجراءات الاقامة العراقية بسبب تجميد ملفهم من قبل محمود عباس شخصيا حتى ان ملفهم ملئته الاتربة في دائرة شؤون اللاجئيين,عباس زكي بدوره تجاهل قضايا اللاجئيين وقرر الاقامة ببيروت حينها رغم ان ملف اللاجئيين الفلسطينيين يوجب عليه البقاء في تونس وبالتالي خرق لقوانين منظمة التحرير الفلسطينية.

بعد تفجيرات سامراء في 22/2/2006,ازدادت عمليات استهداف اللاجئيين الفلسطينيين في العراق بصورة مكثفة,حينها اتصلت بالسيد صائب عريقات وبالسيد تيسير نصر الله منسق لجنة اللاجئين في المجلس الوطني الفلسطيني في الضفة الغربية والسيد حسام احمد منسق شؤون اللاجئيين عن حركة حماس في قطاع غزة رافقا لهم ملفات اللاجئيين الفلسطينيين المتوفره لدي حينها بجهود الاخوة الفلسطينيين في العراق وفي قطاع غزة ومنهم الاخ ابو البراء مدير شبكة المدار الفلسطينية,التاكيد فيها على اخراج الفلسطينيين من العراق سريعا وتفعيل مبادرة المرحوم عرفات بدخولهم الى قطاع غزة.

عريقات ونصر الله رفعوا قضية اللاجئيين الفلسطينيين في العراق الى المجلس التشريعي وكان السيد عريقات يشتاط غضبا محملا منظمة التحرير الفلسطينية والكوادر الفلسطينية المسؤولية عن ارواح الفلسطينيين في العراق في جلسة للمجلس التشريعي بثت حينها مباشرة على قناة تلفزيون فلسطين.

الشاب حسام احمد منسق شؤون اللاجئيين عن حركة حماس في قطاع غزة لم يكن يوم يمر دون ان يطمئن على اوضاع اللاجئيين الفلسطينيين في العراق,كان يحاول تقديم المساعدة السياسية بشتى الوسائل الممكنة,كذلك المخضرم عريقات ونصر الله ومحمود الجمالي وغيرهم لكن المعضلة ان محمود عباس لم يكن لديه مؤهلات لحماية ارواح عشرون الف لاجيء فلسطيني في العراق بعكس المرحوم ياسر عرفات الذي كان يفضل ان يتناول الاكلات الفلسطينية في التجمعات الفلسطينية في بغداد كتعبير على احقية الروح الفلسطينية في الحياة ولا يمكن للمرء ان يتناسى المرحوم عرفات حينما زار الملجا الاول في الزعفرانية ودخل الى احدى العائلات الفلسطينية الكادحه ليتناول اكلة (المجدرة) وهو جالسا على الارض.

بدأت مراحل الترقب بعد ان رفع المجلس التشريعي ملف اللاجئيين الفلسطينيين في العراق الى ابو مازن,وما هي الا بضعة ايام حتى التقى محمود عباس بالرئيس العراقي جلال الطالباني ليعلن رسميا نبأ وفاة اللاجئيين الفلسطينيين في العراق قائلا:((تفاوضت مع الرئيس جلال الطالباني طالبا منه توفير الحماية للاجئيين الفلسطينيين))!! باتت اللعبة مكشوفة اكثر من قبل محمود عباس,حتى اغدق الطالباني العالق بين جدران المنطقة الخضراء والباحث عن الامن والسلامة بسيارة الاسعاف التي يتنقل بها اموالا امريكية للسلطة الفلسطينية مقابل دماء الفلسطينيين في العراق!! من الجانب العراقي,كان الشيخ حارث الضاري امين عام هيئة علماء المسلمين في العراق والشيخ جواد الخالصي والشيخ البغدادي والشيخ المؤيد والسيد الحسني الصرخي والسيد طارق الهاشمي والسيد مشعان الجبوري والسيد سرمد عبد الكريم وعدد كبير من السياسيين العراقيين الاخيار يحاولون كسر طوق الاعلام المفروض على اللاجئيين الفلسطينيين في العراق والمطالبة بحمايتهم,هم سخروا فعلا كل وسائل اعلامهم لخدمة الفلسطينيين في العراق بل والبعض منهم كالسيد مصطفى الثابتي الناطق الاعلامي عن الصرخي الحسني والشيخ بلال نجم الخفاجي كانوا يتابعون اوضاع الفلسطينيين في العراق يوميا من منطلق الاخوة الكبيرة وصلة القضية الواحدة والدم والعروبة,الاخير اي الشيخ الدكتور بلال الخفاجي صرخ باعلى صوته في حسينية المتقين في الشعله بحرمة قتل الفلسطينيين في العراق رغم ان ميليشيا جيش المهدي كانت تسيطر على مدينة الشعلة بصورة كاملة,ربما لو كان المرحوم عرفات حيا مع جهود الاخوة العراقيين الشرفاء لربما لم يكن هذا حال اللاجئيين الفلسطينيين فهم اليوم في ظل سياسة تجاهل ارواح الفلسطينيين التي يمارسها محمود عباس باتوا 10.000 فلسطيني فقط داخل العراق و 2100 فلسطيني في صحراء الانبار في مخيم الوليد و 925 فلسطينيا في مخيم التنف على الشريط الفاصل بين العراق وسوريا و 340 فلسطينيا في مخيم الهول في صحراء الحسكة السورية,والباقي منهم في تركيا ولبنان والامارات وسوريا والاردن ومصر وماليزيا وسريلانكا والهند والصين وما يزيد عن 33 بلدا بصورة غير قانونية في كارثة لم يشهد التاريخ الانساني مثلها خلال هذا القرن ادت الى تدمير الجانب الاجتماعي كاملا,فهل يا ترى ما دمر خلال خمس سنوات سيبنى خلال ليلة وضحاها في ظل تقاعس محمود عباس المسؤول الاول عن الفلسطينيين؟المرحلة طويلة ولاسيما ان العراق يمر بالحمل الكاذب من الجانب الامني,هنا لا نتحدث فلكيا او نتكهن بل نتحدث عن تاريخ امم وشعوب وثورات وانقلابات لكن لايوجد لها حل في المطاف الاخير سوى معالجة اوضاع اللاجئيين الفلسطينيين العالقين اليوم في العاصمة العراقية المحتلة بغداد من خلال تفعيل حق عودتهم سريعا ووضعه في مقدمة ملفات المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي ولاسيما انهم يعيشون في اوضاع اقتصادية ونفسية وصحية بالغة الصعوبة .