حدّث أبو عمر بقلم : زهير أندراوس من فلسطين

بواسطة قراءة 2295
حدّث أبو عمر بقلم : زهير أندراوس من فلسطين
حدّث أبو عمر بقلم : زهير أندراوس من فلسطين

 في ظل صمت عربي وإسلامي ودولي مريب ومخز ومشين تقوم ميليشيات عراقية تابعة لوزارة الداخلية التي عينها الاحتلال الأمريكي بارتكاب أفظع المجازر ضد اللاجئين الفلسطينيين، الذين أوصلتهم نكبة شعبهم في العام 1948 إلى العراق الشقيق .

المثير واللافت في هذه المأساة الإنسانية أن الفضائيات العربية والغربية تتجاهل، لأمر في نفس يعقوب، المذابح التي  ترتكب يوميا ضد أبناء هذا الشعب، أي أن أعمال القتل والتنكيل والتهجير تتم في وضح النهار والعالم لا يحرك ساكنا، فعلى ما يبدو تحوّل قتل الفلسطيني وانتهاك أرضه وعرضه إلى خبر لا يهم أحدا في زمن العولمة .

الشهادات المروعة التي تنشر من حين لآخر في هذه الصحيفة العربية أو تلك، ربما من باب رفع العتب، مروعة، الصور مقززة.

فعلى سبيل المثال يقول أبو عمر، القادم من منطقة العزل الدولية، وعيناه تفيضان بالدموع: إن أوضاعنا يبكي عليها الحجر، لا ماء ولا دواء، أي ذنب إقترفناه حتى نعامل هكذا؟. ألسنا عربا ومسلمين؟.

السنا من أكل وشرب من ارض الرافدين؟. لماذا يتخلى عنا الجميع؟ نحن نرغب بالعودة إلي ديارنا في فلسطين، ولكن لا حول لنا ولا قوة .

في الحقيقة لا توجد يا أبا عمر أجوبة كافية وشافية على تساؤلاتك، وأنت اللاجئ الفلسطيني، الذي هرب إلى الصحاري خشية أن تذبح وعائلتك. 

اثنتان وعشرون دولة عربية، أكثر من 300 مليون عربي وما يقارب المليار مسلم على هذه البسيطة التزموا صمت أهل الكهف.

لماذا؟ أية امة نحن؟ لا ندافع عن أبناء جلدتنا، وهم الرقم الضعيف في المعادلة؟ هل بات الدم الفلسطيني حلالا عليكم يا عرب ويا مسلمين؟ بربكم وبدينكم اسألوا أنفسكم، راجعوا حساباتكم، ماذا انتم بفاعلون من اجل نصرة الفلسطينيين في العراق؟ يا أبا عمر، تحل بالصبر أنت وجميع الفلسطينيين في العراق، لا تنغص علينا هذا الشهر المقدس، شهر المونديال، فنحن منشغلون في متابعة العاب كرة القدم في غرفنا المكيفة وعبر أجهزة التلفاز المستوردة من الغرب، وأنت عالق على الحدود ومعك الآلاف من إخوتك.

تحمّل، تحمّل، فالأشقاء العرب لا يريدوننا في دولهم، لأنهم يفضلون الغربي على العربي؟ لا نعرف كم هو عدد الجنود الأمريكيين الذين "يتواجدون" في الدول العربية والإسلامية، ولا نعلم ما هو عدد العملاء الذين يساعدونهم من اجل الحفاظ على الأنظمة العربية التي تعشق قمع شعوبها تحت مسميات مكافحة الإرهاب والتطرف الإسلامي وما إلى ذلك من حجج واهية، لا تنطلي على كائن من كان .

أما بالنسبة لجامعة الدول العربية، فحدّث يا ابا عمر ولا حرج، فهذا الجسم الهلامي الذي لا يفعل شيئا، اللهم سوى مطالبة الأنظمة العربية بتسديد ديونها المستحقة للجامعة، يصدر بيانات شجب واستنكاربكميات هائلة، حتى أصبح الاستنكار تكتيكا والشجب إستراتيجية .

لا تعولوا على العالم الإسلامي أيضا، فالعديد من الدول الإسلامية منهرقة في الهرولة للتطبيع مع إسرائيل، ولا تسأل، يا أخي العربي الفلسطيني عن منظمة المؤتمر الإسلامي، فهذه المنظمة أعلنت الحرب الشعواء على من يقومون بتدنيس المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، ولن يهدأ للدول الأعضاء فيها بال حتى إعادة مقدساتنا إلينا، وهذه الحرب الضروس أنهكت المنظمة لأنها ابتدأت في العام 1967 وما زالت مستمرة .

أما فيما يتعلق بأبناء شعبك في الضفة الغربية وقطاع غزة، فبالله عليك اعذرهم . 

أمورهم متأزمة للغاية، فلا يكفينا ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي بنا، ولذلك قررنا أن نتجاوز الخطوط الحمراء ونقتتل داخليا . 

فقطاع غزة تحول إلى ساحة حرب بيننا، حركة حماس تطلق النار على غريمتها حركة فتح والعكس صحيح . حماس في السلطة وجناحها العسكري في خندق المقاومة، هذا يتهم ذاك، والآخر ينفي وإسرائيل مسرورة.

وبالمناسبة فإننا لا نعفي من المسؤولية عنكم الرئاسة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية، المؤسستان تتحملان مسؤولية ما يقترف بحقكم في العراق، وقبل أن نوجه الاتهامات إلى الآخرين، علينا ان نسال أنفسنا ماذا فعلنا من اجل إنقاذكم من عملاء ووكلاء الامبريالية العالمية في العراق؟ نعم، لم نفعل شيئا، ولم نسمع عن مظاهرات واحتجاجات من أجلكم ومن اجل الذود عنكم وحمايتكم من المآسي والويلات التي تعيشونها يوميا.

ماذا نقول لك يا أبا عمر، الأمة العربية  في غرفة الإنعاش المكثف، والأمة الإسلامية تنتظر دورها للدخول إلى هذه الغرفة، تحولنا إلى امة عاجزة عن عمل أي شيء أو التأثير على مجريات الأمور إقليميا ودوليا . 

أصبحنا بصراحة متناهية عاهة مستديمة.على أية حال نعتقد ان الحكومة العراقية ، العميلة للاحتلال الأنجلو- أمريكي، هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن الممارسات الوحشية التي تمارس ضدكم . إنا نضم صوتنا إلى المثقفين العرب الذين وجهوا هذا الأسبوع عريضة إلى الهيئات والمؤسسات الدولية ونقول: ندعو هذه المؤسسات للتحرك الفاعل والمؤثر لوضع حد للمجازر التي ترتكب بحق اللاجئين الفلسطينيين في العراق، والعمل على تأمين حمايتهم وصون أعراضهم وأمنهم وممتلكاتهم، وكف الأذى عنهم . إن ما يتعرض هؤلاء له من اعتداءات تجاوزت كل القوانين والأعراف الدولية.

الأمر الذي يفترض بالعالم ان يتحمل مسؤوليته وان يقف إلى  جانبهم. إن موقف العالم من اللاجئين الفلسطينيين في العراق سيشكل مقياساً لمدى مصداقية قوانينه وقيمه وأعرافه التي تبشر بها المؤسسات الدولية. لهم جميعا نقول: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم .