فلسطينيو العراق بين المحنة ومواجهة الصعاب – بسام سعود

بواسطة قراءة 2225
فلسطينيو العراق بين المحنة ومواجهة الصعاب – بسام سعود
فلسطينيو العراق بين المحنة ومواجهة الصعاب – بسام سعود

لا زلت عاشقا لاثنتين فالأولى عشقها سار في دمي عبر الحليب الذي أرضعته لي أمي أدامها الله وأطال في عمرها، والثانية سار عشقها مع طفولتي حتى مشيبي والآن وفي ظل البراكين والعواصف في السياسة الدولية أضحى عشقي صعب المنال لأعيش ما تبقى لي من العمر في ثنايا إحداهما ولكن هذا لا يمنع من استمرار عشقي بعد مماتي في ثنايا أولادي، ويفترشوا مع أحفادي تراب معشوقتي الأولى ويستظلوا بدفء حنانها تحت ظلال أشجار زيتونها وبرتقالها .

ولكن هيهات هيهات فقد أوصيتهم بأن معشوقتي الثانية أمانة في أعناقكم فما عليكم إلا أن تقبلوا ترابها بعد تحريرها من دنس الاحتلال لأنه مهما جار الزمان بنا فتبقى فلسطين والعراق أمانة في أعناقنا، وهنا أريد أن أقول بأن الظروف الراهنة أودت بنا إلى الشتات في بقاع العالم كله من غربه وشرقه وجنوبه وشماله ربما أراحت البعض في لقمة العيش ولكنني واثقا جدا بأنها لم ولن ترح النفوس وراحة البال والتفكير بما سيأتي بعد.

وفي سؤال بسيط جدا فأي منا يعيش في ظل روابط أسرية متكاملة ؟ الجواب: بدون تردد لا أحد ! فأوصالنا مشتتة عبر بقاع الأرض وبارك الله بالتكنولوجيا التي تزيح جزء من الهموم عن نفوسنا، وهنا أناشد الجميع بالعمل على وحدة الصف وعدم التفرقة وترك الذات في هذا الوقت العصيب لأنه لن يبق لنا سوى ترابط بعضنا مع بعض والكل يعلم بأنه لا يحك جلدك إلا ظفرك وجلدنا واحد لأن دمائنا اختلطت ببعض عن صلات سامية بالقرابة أو النسب أو حسن الجيرة بأدنى حد وبإمكان أي ظفر أن يحك جلد من بحاجة لذلك.

الكل يعلم أيضا بأنه وبالرغم ىمن قساوة الظروف والمعاناة المريرة التي عاشها أبناء فلسطين في العراق عاشت قيادتنا صماء بكماء تاركين ثلاثين ألف منهم خارج جدولة حساباتهم يبحث كل منهم بوسائله الخاصة لتوفير غطاء يستر به عائلته، ولا زال الكثير منا يفترشون رمال الصحراء تحت لحف السماء ولا زالت العيون تزوغ والآذان لا تسمع ونقول ( نسأل الله أن توفق مصر في لم شمل الفلسطينيين عسى أن يكون اللسان قد نطق والآذان قد زال الغبار المتكسد عنها ويرى فلسطينو العراق ضالتهم في قياداتهم ).

هنيئا لفلسطينيي العراق صبرهم .. وهنيئا لهم وهم يقاتلون أصعب الظروف .. وهنيئا لهم وهم يحاكون رمال الصحاري ويتغلبون عليها .. ولا فضل لأحد عليهم إلا فضل الله العلي القدير .. وأخيرا أشكر كل هذه الظروف القاسية لأنها صنعت رجالا أشداء ونساء صابرات وأطفالا يرضعون حليبا لا يعرف الكلل ولا الملل .

 

10/10/2009

بسام سعود

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

 

موقع" فلسطينيو العراق " أول موقع ينشر هذا الخبر

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"