في جلسة حوارية نظمها مركز القدس بمناسبة الذكرى 61 للنكبة
خبراء يستعرضون أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في العراق ومخيم نهر البارد
نظم مركز القدس للدراسات السياسية جلسة حوارية مساء أمس السبت بعنوان ( 61 عاما... والنكبة مستمرة ) ، جرى خلالها استعراض أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وتحديدا في العراق ومخيم نهر البارد في لبنان حيث يعيش الفلسطينيون في هذه المناطق ظروف حياتية بالغة في القسوة نتيجة الأحداث السياسية والأمنية التي شهدتها المنطقة في كل من العراق ولبنان في السنوات الأخيرة.
وفي كلمة له في بداية عمل الورشة شدد نائب رئيس إدارة شئون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية محمد أبو بكر على أن نكبة الفلسطينيين مستمرة منذ 61 عاماً وقال أن النكبة شكلت محطة بؤس وذل في التاريخ الفلسطيني الحديث.
وقال أبو بكر " نحن أمام مشهدين رئيسيين احدهما يجب أن يكون طبيعياً وايجابياً وهو استمرار التوحد حول الموقف من النكبة من كل فئات الشعب الفلسطيني ، أما المشهد الثاني فهو مؤلم وشاذ وهو المتمثل في هذا التشظي والتناحر الفلسطيني .. حتى أن الواقع الفلسطيني بات يمثل نكبة جديدة " .
واعتبر أبو بكر أن اكبر نكبة تعرض لها الفلسطينيون فقدانهم لحقوقهم الإنسانية مشيرا إلى أن خطا تاريخي وقع في التعاطي مع قضية اللاجئين من قبل الطرف الفلسطيني ، وتمثل هذا الخطأ في أن إبقاء اللاجئين في ظروف حياتية صعبة هو تأكيد على حق العودة.
كما اعتبر أبو بكر أن وكالة الغوث الدولية ( اونروا ) شكلت عنوان اطمئنان للاجئين الفلسطينيين الفلسطينيين وللدول العربية المضيفة للاجئين، وأشار أبو بكر إلى ما بدأت تشهده الاونروا منذ ما يزيد عن ثماني سنوات من تراجع في تقديم خدماتها للاجئين نتيجة تراجع الدول المانحة في الوفاء بالتزاماتها تجاه الوكالة ، مشيراً إلى أن تراجع خدمات الوكالة رافقه استهداف للوكالة ذاتها من أطراف عديدة وفي مقدمتها إسرائيل .
التداعيات الإنسانية للجوء الفلسطيني :
قدم الخبير في دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية فضل احمد ورقة عمل حول الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تركها اللجوء على الفلسطينيين، ووصف معاناة اللاجئين بأنها مركبة ومتزايدة، واستعرض في ورقته فصول بدء رحلة اللجوء منذ عام 1948 وقال " إن المعاناة المباشرة للجوء النكبة طالت أعداد كبيرة من الشعب الفلسطيني، حيث تشير الإحصائيات الصادرة عن الاونروا في 30-6-1950 إلى أن عدد اللاجئين المسجلين لديها فقط بلغ 914221لاجئاص كان نصيب الأردن بضفتيه آنذاك حوالي 55% منهم في حين كان نصيب لبنان حوالي 14% وسوريا 9% وقطاع غزة 22% .. وتابع انه وبعد مرور 61 عاماً على النكبة وحسب معطيات نهاية عام 2007 فقد تضاعف هذا العدد ست مرات تقريباً إذا أصبح عدد اللاجئين المسجلين في تلك المناطق 4.562.820 لاجئا فلسطينيا ضمن مناطق عمليات الاونروا الخمس فقط ، يتوزعون بواقع 42% في الأردن و9% في لبنان و10% في سوريا و16% في الضفة الغربية و23% في قطاع غزة ، وإذا ما اخذ بعين الاعتبار تقدير الاونروا بان عدد المسجلين لديها يقدر بحوالي ثلاثة أرباع إجمالي اللاجئين وان هناك أكثر من مليون ونصف لاجئ غير مسجلين لديها منتشرين داخل فلسطيني وفي الشتات فإننا أمام أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني يمثلون ثلثي الشعب الفلسطيني البالغ وفق لأخر الإحصائيات لعام 2008 حوالي 10.5 مليون نسمة ، ويشكلون أكثر من ثلث لاجئي العالم بشتى صنوفهم ومسببات لجوئهم الاختياري والقسري .
وقال أن زيادة حجم المعاناة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين لا تنحصر بزيادة أعدادهم فحسب وإنما تتعدى ذلك إلى عدد مرات تكرار اللجوء واتساع دائرة هذه المعاناة تبعا لاتساع مساحات انتشارهم والذي يشمل 130 دولة في العالم، وكذلك خصوصية كل ساحة من ساحات هذا الانتشار بما تعنيه من خصوصية وتنوع .
واستعرض فضل في ورقته أشكال المعاناة الإنسانية للاجئين وقال أن أشكال المعاناة بين اللاجئين مشتركة رغم تفاوت درجات شدتها بين ساحة وأخرى وتتمثل في السكن من حيث عدم توفر المساكن اللائقة للاجئين والعمل من حيث اضطرار اللاجئين للعمل بأجور متدنية لتوفير الحاجات الأساسية وحرية التنقل حيث يعاني اللاجئون في بعض الدول من الحق في التنقل أو تقييد هذا الحق كذلك عدم وجود وثيقة واحدة لعموم اللاجئين الفلسطينيين وعدم توفر الأمن والأمان للاجئ الفلسطيني .
وشدد فضل على ضرورة إلزام إسرائيل بالامتثال لقرارات الشرعية الدولية والقوانين ذات الصلة باعتبار أن ذلك يشكل الحل السياسي لمشكلة اللجوء الفلسطيني
نهر البارد .. نكبة أخرى :
استعرض المدير التنفيذي لمركز الناطور للدراسات والأبحاث الدكتور احمد حماد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد ( شمال لبنان ) ، وبعد أن قدم عرضاً موجزاً عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفي مخيماتهم الإثنا عشر هناك
تحدث حماد عن الآثار الاقتصادية التي خلفتها المعارك التي شهدها نهر البارد عام 2007 بين تنظيم فتح الإسلام والجيش اللبناني فقال أن المعارك أدت لخسارة أهل المخيم لكل ما يملكون والذي جنوه في خلال عملهم في لبنان وعمل أبناءهم خارج لبنان ، وقدر الخسائر التي لحقت بالسكان بملايين الدولارات كأضرار البيوت والأثاث وخسائر التجارة والبضائع والتعطيل والأموال النقدية والمجوهرات وغيرها كما تم تدمير كل شيء في المخيم سواء المباني أو البنى التحتية من طرقات وقنوات مياه وكهرباء وفي نفس الوقت فقد الجميع و وظائفهم باستثناء من يعمل ضمن برنامج وكالة الغوث. أما اجتماعياً ، فقد تسببت معارك نهر البارد بنزوح سكان المخيم وارتفاع الضغط النفسي وظهور مشكلات اجتماعية متنوعة منها الخلافات الأسرية والتي أدى بعضها لارتفاع نسب الطلاق ومضاعفة الخلافات الزوجية ، إضافة إلى انقسام العائلات وبروز خلافات بين الأهل والأبناء ... وتردي الحالة النفسية لبعض الأطفال والنساء الذين شاهدوا قتل أبائهم وذويهم أمام عاينهم .
كما أثرت المعارك على الأوضاع التعليمية في المخيم حيث انقطع الطلبة عن الدراسة لعدة أشهر بسبب المعارك كما تم تدمير العديد من المدارس.
واستعرض حماد في ورقته الجهود التي بذلت لإعادة أعمار المخيم بعد توقف المعارك وقال انه مع تكشف حجم المأساة والدمار الذي لحق بالمخيم عقدت الحكومة اللبنانية مؤتمر لدعم اعمار المخيم وإغاثة النازحين والذي خرج بتعهدات ضئيلة لم تتجاوز 29 مليون دولار أمريكي لتغطية نفقات تتجاوز 382 مليون دولار حسب الدراسات الأولية التي أعدتها الحكومة اللبنانية .
ووصف حماد أوضاع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بأنها الأقسى في العالم بسبب الرفض اللبناني لهذا التجمع الفلسطيني من قبل عدة اتجاهات سياسية فيها وهو الأمر الذي يفسر – حسب حماد – الموافقة على ممارسات السلطة اللبنانية القاسية تجاه الفلسطينيين والتي تبلورت في صياغة قوانين تميزية ضد الفلسطينيين الذين لم يمنحوا بموجبها أية حقوق . ونتج عن ذلك مأساة اقتصادية واجتماعية في أوساطهم .
اللاجئون الفلسطينيون في العراق ورحلة البحث عن منافي جديدة:
تحت هذا العنوان قدم الباحث في مركز القدس للدراسات السياسية صادق أبو السعود ورقة عمل حول أوضاع الفلسطينيين في العراق بعد احتلاله عام 2003 ، حيث استعرض الخلفية التاريخية بقصة اللجوء الفلسطيني للعراق والأماكن التي قدم منها اللاجئون الفلسطينيون للعراق، وأعدادهم الأولية، وآلية تعامل الدولة العراقية معهم آنذاك، والأماكن التي سكنوها.
وشكل احتلال العراق ومنذ لحظاته الأولى أثرا كبيرا على اللاجئين الفلسطينيين في العراق تمثل بالعديد من الممارسات السلبية تجاههم سواء من قبل قوات الاحتلال أو الأطراف العراقية الأخرى: كانت البداية مع قصف المجمعات السكنية في البلديات واستشهاد وجرح البعض منهم. وطرد بعض الفلسطينيين من البيوت التي كانوا يسكنوها والبعض من هذه البيوت كانت مؤجرة من قبل الحكومة العراقية، وتعاملت قوات الاحتلال مع الفلسطينيين على أنهم حلفاء النظام السابق وكانت معاملتها لهم تقوم على هذا الأساس. قضية خطيرة أخرى أشار إليها أبو السعود في ورقته وهي الممارسات التي قامت بها بعض الأطراف العراقية ممن كانت تحسب على المعارضة عبر تهديد اللاجئين الفلسطينيين بالقتل وذلك عبر توزيع بيانات تؤكد هذه التهديدات، وقد قتل فعلا بعض الفلسطينيين على هذه الأرضية هذا بالإضافة إلى التصريحات التحريضية لبعض الأحزاب القادمة مع الاحتلال مثلما صرح بذلك حزب المؤتمر الوطني العراقي واصفا مجتمع اللاجئين في العراق بأنهم "يشكلون طابورا خامسا وكريها للنظام السابق".إن هذا الوصف يشكل قضية خطيرة فهو في ذلك يدعو المجتمع العراقي وخاصة ممن كان له موقف من النظام السابق إلى التحرك وبكافة الوسائل ضد مجتمع اللاجئين في العراق. وقال اتخذ التحريض على الفلسطينيين أشكال أخرى عبر الفضائيات التي تشكلت بعد الاحتلال مثل المحطة الفضائية العراقية التي عرضت بعض الفلسطينيين على أساس قيامهم بتدبير عمليات تفجير في أماكن مختلفة من بغداد وأنهم عناصر يتبعون تنظيم القاعدة، وقد برأهم القضاء العراقي فيما بعد.
وأدت الممارسات التي تعرض لها الفلسطينيون في العراق إلى هروب بعضهم حيث أقاموا في مخيمات منها داخل العراق وأخرى على حدوده مع دول الجوار ومن هذه المخيمات مخيم العودة ومخيم الرويشد و مخيم الكرامة ومخيم طريبيل ومخيم الهول ومخيم التنف ومخيم الوليد .
وأشار أبو السعود في ورقته إلى دور المفوضية السامية لشئون اللاجئين في التعاطي مع قضية هؤلاء اللاجئين من العراق فقال أن المفوضية قامت بتوزيع بعض سكان هذه المخيمات الجديدة على عدد من الدول منها قبرص وتشيلي والبرازيل والسويد وايسلندا والهند وكندا وماليزيا.
وشدد أبو السعود على ضرورة التحرك وعلى كافة المستويات للتعاطي مع قضية اللاجئين الفلسطينيين في العراق، حيث طالب السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع الحكومة العراقية لحماية من تبقى من الفلسطينيين في العراق ، كما شدد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته وتوفير الحماية للاجئين وسبل العيش الكريمة.
واقع المخيمات الفلسطينية في قطاع غزة:
ووزعت خلال الجلسة ورقة عمل حول الظروف التي يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات قطاع غزة إن ظروف ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة لا يمكن أن تقاس بسهولة إذ يعاني اللاجئون في قطاع غزة من أزمات على كافة الصعد خصوصاً بعد الحصار الظالم الفروض على القطاع والذي زاد من الظروف الصعبة التي يعيشها للاجئون أصلا. ولعل كل المؤشرات التي تصدر من قطاع غزة تنذر بوقوع كارثة إنسانية محققة على كافة الصعد مما يتطلب تحركا جدياً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.وأوضحت الورقة أن أعداد اللاجئين في قطاع غزة تزايد بشكل مطرد خلال السنوات الأخيرة؛ إذ ازداد عدد اللاجئين بحوالي الثلث منذ العام 1999م، وشكلت نسبة الزيادة السنوية 2.8%، قياساً بعام 2007م ليصل عدد اللاجئين القاطنين في قطاع غزة لعام 2008م 1059.584، منهم 47% من اللاجئين موزعين علي المخيمات الثمانية، وتُعتبر هذه الزيادة أعلى نسبة زيادة سكانية في المنطقة.
واستعرضت الورقة الأوضاع التعليمية والصحية والاجتماعية والبيئية في القطاع، حيث أكدت تدهور هذه الأوضاع في السنوات الأخيرة نتيجة تشديد الحصار الإسرائيلي. ووصفت الورقة الأوضاع الصحية بأنها مأساوية نتيجة انخفاض مستوى الخدمات الطبية المقدمة حيث شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملموساً في معدلات حدوث الأمراض المزمنة دون أن يتم تحقيق سيطرة كاملة على الأمراض السارية، مثل الديدان المعوية، والتهاب الكبد الفيروسي.
القرار 194 وحق العودة :
كما وزعت ورقة عمل حول قرار الأمم المتحدة الصادر عام 1948 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة لديارهم وتعويضهم عن ممتلكاتهم التي فقدوها.
واعتبرت الورقة أن هذا القرار هو نقطة الارتكاز في الصراع الشرق أوسطي ، ويحظى بقيمة سياسية وقانونية معاً، فعلى الصعيد السياسي يمثل هذا القرار العقدة في حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الذي يمثل جوهر الصراع العربي الإسرائيلي ويربط أي حل شامل ودائم لهذا الصراع بمدة التزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها هذا القرار .
أما القيمة القانونية لهذا القرار فتكمن في كونه قرار دولي ينص صراحة على وجوب العودة والتعويض لمن لا يرغب في العودة ويعتبر الأساس لموقف الجماعي والفردي ، كما لم تصدر قرارات مناقضة له، الأمر الذي يعطي الموقف الفلسطيني قوة إضافية في تمسكها بقرارات الشرعية الدولية .
الاونروا واللاجئون الفلسطينيون:
تحدث خلال الورشة الناطق الإعلامي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( اونروا ) مطر صقر فقال أن الوكالة تعتبر عنصر استقرار بالنسبة لدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين وكذلك الأمر بالنسبة للدول المانحة ، مشيراً إلى أن الدول المضيفة تتوقع من الوكالة أن تتحمل عنها جزء من أعباء استضافة هذه الإعداد من الفلسطينيين .
وقال أن تبرعات الدول المانحة للوكالة لم تتراجع بالمفهوم الفعلي ، فمعظم الدول زادت من مستوى تبرعاتها ولكن الفجوة بين الإيرادات والاحتياجات تتزايد نتيجة زيادة أعداد اللاجئين ، إضافة إلى أن تردي الأوضاع الاقتصادية العالمية اثر على سعر صرف الدولار مما أدى لخسارة الوكالة جزء من إيراداتها .
وحول مستقبل الاونروا ، قال صقر انه وفي كافة المؤتمرات التي تعقدها الدول المانحة ، ما من دولة وصلت لحقيقة أن الاونروا استنفذت جدوى وجودها ، مشددا على أن هناك إجماع دولي على ضرورة استمرار الوكالة في تقديم خدماتها للاجئين .
وشارك في ورشة العمل التي أدارها مدير مركز القدس عريب الرنتاوي ، عدد من النواب والنشطاء السياسيين والحزبيين وممثلين عن لجان حق العودة وأعضاء من المجلس الوطني الفلسطيني .
24/5/2009
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"