المرأة التي تُريدها فلسطين - أيمن تيسير دلول

بواسطة قراءة 2016
المرأة التي تُريدها فلسطين - أيمن تيسير دلول
المرأة التي تُريدها فلسطين - أيمن تيسير دلول

إن المرأة الفلسطينية ينبغي أن تكون متنبهة جيدا لكل الدعوات المشبوهة- المبطنة بدواعي المصلحة والحرص عليها- وعليها أن تفتخر جدا بمكانتها الحقيقية التي يجب أن تتحلى بها، وغير مطلوب منها كما ذكرت سابقا أن تتخلى عن عفتها وطهارتها تلبية لدعواتهم، فهم يدعون أنهم يريدون المرأة متحضرة ومتقدمة مثل الدول الغربية والأوروبية ويحصرون بذلك تقدمها ورُقيها بتخليها عن حجابها وجزء ليس باليسير عن ملابسها، وهي إن فعلت ذلك ستصبح هدفا يسيرا وسهلا لضعاف النفوس الذين يتربصون بكل فتاة مسلمة حادت عن الطريق القويم وابتعدت .

إن المطلوب من المرأة الفلسطينية أن تُلبي النداء الذي تصرخ به فلسطين السليبة على أبنائها كلما أشرق صباح كل يوم أو غربت شمسه، فهي بحاجة إلى الفتاة المثقفة والمتعلمة التي تعلم جيدا كل مكر يدبره الأعداء لوطنها ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة للسيطرة على ما تبقى منه، وعليها أن تدرك أنها كلما تحصنت بكم كبير من المعلومات والمعارف عن وطنها، استطاعت أن تُربي جيلاً فتيا قادراً على الصمود في وجه كل المؤامرات التي تُحاك ضده. إننا لا نريد امرأة كغالبية النساء في العالم، “فلسطين” الوطن والقضية تبحث عن كل جهد وفي مقدمته “النسوي” للنهوض بها والتقدم إلى مكانتها الحقيقية بعدما غيبتها بعض الأطراف الحقيقية عن الميدان الذي يجب أن تكون فيه .

المرأة في وطننا ليس مطلوباً منها أن تحصر نفسها في مكان واحد، وإنما كل الميادين بحاجة لها- لكن ليس على الطريقة التي يُطالب بها المستشرقون وأعداء المسلمين- وإنما كما أمر الشرع والإسلام وكما تعارف عليه مجتمعنا المحافظ منذ عشرات السنوات، لذلك ففلسطين بحاجة للمرأة المربية والداعية والسياسية والطبيبة والعاملة والمجاهدة .. إلخ، والأهم أن أبرز ما سيؤدي لنجاح المرأة الفلسطينية في كافة ميادين المواجهة للاحتلال ومخططاته تتمثل في حفاظها على عفتها وطهارتها كما أمر المولى تبارك وتعالى، وهو أمر مهم في تحطيم الروح المعنوية للاحتلال الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة لنزع طهارة وعفة المرأة الفلسطينية ليسهل من جانبه إيقاعها في حباله ومستنقعاته، ولعل ما نقلته الصور من اعتداء سافر لمجموعة من المستوطنين اليهود على امرأة فلسطينية في مدينة القدس المحتلة ومحاولة نزع حجابها خير دليل على ذلك .

على مدار التاريخ الفلسطيني المعاصر والقديم شكلت المرأة معلما أساسيا من معالم صموده ومواجهته للاحتلال، وما كان لها أن تنجح في جهادها ومقاومتها للاحتلال لو أنها كانت جاهلة بما يدور حولها وغير مدركة له، ولكن ومع تقدم وسائل وأساليب العدو الصهيوني فالمطلوب التطوير الدائم والمستمر للجهود النسوية الفلسطينية في هذا الإطار. إن هذا الأمر لا يتحمل مسئوليته المرأة وحدها، وإنما على أصحاب القرار السياسي الفلسطيني توسيع دائرة الاهتمام بالمرأة الفلسطينية وجعل منها السياسية والقيادية والشخصية المهمة في المجتمع، فهذا أمر غير محصور في الرجال والمعيار الأهم لتقديم الرجل على المرأة أو العكس هو ما يمتلكه أو تمتلكه من معلومات ومهارات وكفاءة تعينهم على تحمل المسئولية وخدمة مجتمعهم .

لا أتماشى مع القائلين بأن “المرأة نصف المجتمع”، بل هي المجتمع كله فالنساء يشكلون نصف عناصر المجتمع، أما النصف الآخر والمتمثل في الذكور فهم أبناء أولئك النساء، وهكذا تكون المرأة كل المجتمع، وما أعظمها من شخصية وسيشير إليها الناس بالبنان إن هي أحسنت تربية الجيل وأنشأته على مبادئ فلسطين ومعالم حبها، ففلسطين لا تريد شابا يرتدي بنطالا ساحلا أو يُقلد الشباب المُنحل أخلاقيا في تسريحة شعره أو لبسه وحركاته، وإنما هي بانتظار شباب أقوياء يعرفون جادة الحق ولا يحيدون عنها، فلسطين بحاجة لشباب يعرفون خارطة الوطن ويحفظون شوارعها وأحيائها، بل ويفكرون في استردادها في كل وقت وحين .

قد يقول قائل: إن المرأة لا تستطيع التأثير في المجتمع، وهذا حديث مردود على صاحبه فقط، فأُمنا خديجة هي أول من أسلمت من النساء، والسبب في إسلام سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب هو أخته فاطمة، كما أن السبب في إسلام سيدنا عثمان “رضي الله عنه” كانت عمته، وأول شهيد في الإسلام كانت امرأة وهى سمية أم عمار بن ياسر وبشرها النبي “صلى الله عليه وسلم” بالجنة، أما السيدة أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين فقد لعبت دورا أمنيا مهما في هجرة النبي “صلى الله عليه وسلم” مع أبيها فقد كانت تعلم مكانهم ولم تخبر أحداً وتحملت الأذى من أبى جهل، دون أن تكشف ظهرهم .

أما على الصعيد الفلسطيني فلا تتسع المجلدات للحديث عن بطولات وإنجازات المرأة الفلسطينية، وبات التاريخ يقف عاجزا أمام صمود خيمة “أم كامل الكرد”، فهي المرأة التي تحدت غطرسة العدو الصهيوني وكامل جيشه في القدس المحتلة ونصبت خيمتها أمام بيتها المُصادر ورفضت أن تُذعن لكل الإغراءات من قبل الاحتلال للتنازل عن منزلها، والتاريخ كذلك يحفظ عن ظهر قلب اسم “أم نضال فرحات”، فهي الأم المجاهدة الصابرة ربت أبنائها وأرسلتهم للموت في سبيل الله بأيديها، وهي الآن مسؤولة في المجتمع الفلسطيني عقب انتخابها نائبا في المجلس التشريعي، وعندنا غيرهن النماذج الكثيرة والمتعددة، وأمام ذلك فمهمة بناتنا ونسائنا سهلة فهن لن يبدأن بشق الطريق من البداية، فهناك عشرات النماذج التي عبدت لهن جزءا كبيرا من الطريق .

إن البعض يعمل جاهدا للتقليل من دور المرأة ومقدرتها على التأثير في المجتمع من خلال الاستدلال خطأً بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: “إن النساء ناقصات عقل ودين”، والمتحدث بذلك يُورد الحديث دون توضيح لمعناه، ولم يدرك- أول تجاهل- المعنى الحقيقي للحديث والذي يتمثل في أنهن ناقصات عقل ودين نتيجة أن العاطفة عندهن تغلب على العقل، ويأتي عليهم أيام الحيض التي لا صلاة فيها ولا مس للمصحف، فذلك نقص في الكم وليس الكيف. إن من يتحدث بكلمات النقص عند المرأة إنما يتساوق مع أعداء الإسلام الذين استغلوا هذه الأحاديث وقلبوا معانيها للطعن في الدين الإسلامي وتعزيزه لمكانة المرأة بعدما انتشلها من أرذل الأماكن التي وضعتها فيها الحضارة الغربية وجعلت منها الزانية والعاهرة وبنت الهوى، يتقاذفها الرجال فيما بينهم كالدمية، ولا يعترفون بها إلا كأداة لتفريغ شهواتهم البهيمية، بعيدا عن أي معالم للإنسانية .

أختي يا أيتها الأم والأخت: إن فلسطين بحاجة إليكِ في كل ميدان ومجال، لكن لا تجعلي مبرر عملك تخليكي عن عفتك وطهارتك، فقد عمل الأوروبيون والمستشرقون كل جهدهم في إحداث هذه الأمنية الكبيرة لديهم بتخليكي عن عفتك وطهارتك، والسبب واضح؛ فهم يدركون جيدا أنهم فشلوا في هزيمة المسلمين بكل أساليبهم، فقرروا هزيمتهم من خلال تدمير النسيج القوي لنسائهم، ومعادلتهم تقوم على أنه “إن أردت إفساد وهزيمة مجتمع فعليك بإفساد نسائه”، ولذلك أختي الكريمة ينبغي أن نكون متفطنين جيدا لمؤامرات الأعداء ومدركين جيدا لمخاطرها، لنعمل بكل ما أوتينا من قوة لإسقاطها وتدميرها قبل أن تُسقطنا من خلال إسقاط حجاب نسائنا وعفتهن وطهارتهن وصولا لإسقاط رجالنا وشبابنا .

 

أيمن تيسير دلول

صحفي فلسطيني من غزة

3/3/2013

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"