يقول الحسن البصري رحمه الله:
1-
لو قُمتَ الليلَ حتى يَنحنيَ ظَهرُك،
وصُمتَ النهار حتى يسقم جسمُك، لم ينفعك ذلك إلا بورع صادق.[1]
2-
ما يعدل بر الوالدين شيء من
التطوع، لا حج ولا جهاد.[2]
3-
ابن ادم، السكين تُحدُّ،
والكبش يُعلف، والتنُّور يُسجر.[3]
4-
أيسر الناس حسابا يوم القيامة،
الذين حاسبوا أنفسهم في الدنيا فوقفوا عند همومهم وأعمالهم، فإن كان الذي همُّوا
لهم مضوا، وإن كان عليهم أمسكوا. قال: وإنما يثقل الأمر يوم القيامة على الذين
جازفوا في الأمر في الدنيا، أخذوها من غير محاسبة فوجدوا الله قد أحصى عليهم
مثاقيل الذر وقرأ ( مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ).[4]
5-
فضلُ الفعالِ على المقالِ مَكرُمة،
وفضلُ المقال على الفعال مَنقَصة.[5]
6-
شكا رجلٌ إلى الحسن الفاقة،
فقال: لقد أعطاك الله ديناً لو لم تشبع معه من خبز الشّعير كان قد أحسن إليك.[6]
7-
ابن آدم إنك ناظر إلى عملك
يوزن خيره وشره ولا تحقرن شيئا من الشر،فإنك إذا رأيته ساءك مكانه،فرحم الله عبدا
كسب طيبا، وأنفق قصدا، ووجه فضلا. وجهوا هذه الفضول حيث وجهها الله، وضعوها حيث
أمر الله تعالى بها أن توضع، فإن من كان قبلكم كانوا يشترون أنفسهم من الله بالفضل
من الله، وإن هذا الموت قد أضر بالدنيا ففضحها، فو الله ما وجد بعد ذلك مرحا.[7]
8-
الفقيه: الورع الزاهد الذي لا
يهمه من فوقه ولا يسخر بمن هو أسفل منه، ولا يأخذ على علم علمه الله حطاما.[8]
9-
يومك ضدك وهو مرتحل بحمدك أو
بذمك.[9]
10-
لا يزال العبد بخير إذا قال
لله وإذا عمل لله.[10]
11-
مَا مِنْ صَاحِبِ كَبِيرَةٍ لا
يَكُونُ وَجِلَ الْقَلْبِ، إِلا كَانَ مَيِّتَ الْقَلْبِ.[11]
12-
ما ظنك بأقوام قاموا على
أقدامهم مددا خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى إذا
تنقطعت أعناقهم من العطش واحترقت أجوافهم من الجوع، انصرف بهم إلى النار، فسقوا من
عين آنية.[12]
13-
قال رجل للحسن البصري: يا أبا
سعيد كيف أنت وكيف حالك؟ قال: كيف حال من أمسى وأصبح ينتظر الموت، لا يدري ما يصنع
الله به.[13]
14-
كَانَ الْحَسَنُ إِذَا أَتَى
وَلِيمَةَ قَوْمٍ طَعِمَ طَعَامَهُمْ، قَالَ: مَدَّ اللَّهُ لَكُمْ فِي
الْعَافِيَةِ وَأَوْسَعَ عَلَيْكُمْ مِنَ الرِّزْقِ وَاسْتَعْمَلَكُمْ
بِالشُّكْرِ.[14]
15-
الدُّنْيَا كُلُّهَا ظُلْمَةٌ
إِلا مَجَالِسَ الْعُلَمَاءِ.[15]
16-
مَنْ دَعَا لِظَالِمٍ
بِالْبَقَاءِ، فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللَّهُ عز وجل في أرضه.[16]
17-
ابن آدم! إذا رأيت الناس في
الخير فنافسهم فيه، وإذا رأيتهم في الشر فلا تغبطهم به، الثواء ها هنا قليل،
والبقاء هناك طويل. أمتكم آخر الأمم وأنتم آخر أمتكم، وقد أسرع بخياركم فماذا تنتظرون؟
آلمعاينة؟ فكأن قد.[17]
18-
هيهات هيهات، ذهبت الدنيا
بحاليها، وبقيت الأعمال قلائد في أعناق بني آدم، فيالها موعظة لو وافقت من القلوب
حياة! أما أنه والله لا أمة بعد أمتكم، ولا نبيّ بعد نبيكم، ولا كتاب بعد كتابكم.
أنتم تسوقون الناس والساعة تسوقكم، وإنما ينتظر بأولكم أن يلحق آخركم.[18]
19-
قد أسرع بخياركم وأنتم كل يوم
ترذلون، فماذا تنتظرون.[19]
20-
إن الله تعالى بعث محمدا عليه
السلام على علم منه، إختاره لنفسه، وبعثه برسالته، وأنزل عليه كتابه، وكان صفوته
مع خلقه، ورسوله إلى عباده، ثم وضعه من الدنيا موضعا ينظر إليه أهل الأرض، وآتاه
منها قوتا وبلغه، ثم قال: ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ )، فرغب أقوام عن عيشه، وسخطوا ما رضي له ربه، فأبعدهم الله واسحقهم.[20]
21-
رحم الله رجلا واعظ أخاه وأهله،
فقال: يا أهلي صلاتكم صلاتكم، زكاتكم زكاتكم، جيرانكم جيرانكم، إخوانكم إخوانكم،
مساكينكم مساكينكم، لعل الله يرحمكم فإن الله تبارك وتعالى أثنى على عبد من عباده
فقال ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ).[21]
22-
أدركتُ من صدر هذه الأمة قوما،
كانوا إذا جَنَّهم الليل فقيام على أطرافهم، يفترشون خدودهم، تجري دموعهم على خدودهم،
يناجون مولاهم في فكاك رقابهم، إذا عملوا الحسنة سرتهم وسألوا الله أن يتقبلها
منهم، وإذا عملوا سيئة ساءتهم وسألوا الله أن يغفرها لهم.[22]
23-
إن العلماء كانوا قد استغنوا
بعلمهم عن أهل الدنيا، وكانوا يقضون بعلمهم على أهل الدنيا مالا يقضي أهل الدنيا
بدنياهم فيها، وكان أهل الدنيا يبذلون دنياهم لأهل العلم رغبة في علمهم، فأصبح
اليوم أهل العلم يبذلون علمهم لأهل الدنيا رغبة في دنياهم، فرغب أهل الدنيا
بدنياهم عنهم، وزهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم.[23]
24-
لا أذهب إلى من يواري عني غناه،
ويبدي لي فقره، ويغلق دوني بابه، ويمنعني ما عنده، وأدع من يفتح لي بابه، ويبدي لي
غناه، ويدعوني إلى ما عنده.[24]
25-
ابن آدم! لا غنى بك عن نصيبك
من الدنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر.[25]
26-
والذي نفس الحسن بيده: ما أصبح
في هذه القرية مؤمن إلا أصبح مهموما رزينا، وليس لمؤمن راحة دون لقاء الله.[26]
27-
الناس ما داموا في عافية
مستورون، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم، فصار المؤمن إلى إيمانه والمنافق إلى
نفاقه.[27]
28-
إن نعمة الله عليكم أفضل من أعمالكم،
فسارعوا إلى ربكم فانه ليس لمؤمن راحة دون الجنة، ولا يزال العبد بخير ما كان له
واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همه.[28]
29-
نضحك ولا ندري لعل الله قد
اطلع على بعض أعمالنا فقال: لا أقبل منكم شيئا، ويحك يا ابن آدم هل لك بمحاربة
الله طاقة؟ إنه من عصى الله فقد حاربه.[29]
30-
لقد رأيت أقواما يمسي أحدهم
وما يجد عنده إلا قوتا فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله عز وجل،
فيتصدق ببعضه، وإن كان هو أحوج ممن يتصدق به عليه.[30]
31-
لقد أدركت أقواما كانوا؛ أأمر
الناس بالمعروف وآخذهم به، وأنهى الناس عن منكر، وأتركهم له، ولقد بقينا في أقوام
أأمر الناس بالمعروف وأبعدهم منه، وأنهى الناس عن المنكر، وأوقعهم فيه فكيف الحياة
مع هؤلاء؟[31]
32-
كان من قبلكم أرق قلوبا وأصفق
ثيابا، وأنتم أرق منهم ثيابا وأصفق قلوبا.[32]
33-
رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا لَمْ
يَغُرَّهُ كَثْرَةُ مَا يَرَى مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ، ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ
تَمُوتُ وَحْدَكَ، وَتَدْخُلُ الْقَبْرَ وَحْدَكَ، وَتُبْعَثُ وَحْدَكَ،
وَتُحَاسَبُ وَحْدَكَ، ابْنَ آدَمَ وَأَنْتَ الْمَعْنِيُّ وَإِيَّاكَ يُرَادُ.[33]
34-
أن شابا مر بالحسن وعليه بردة
له فدعاه فقال: إيه ابن آدم معجب بشبابه معجب بجماله معجب بثيابه، كأن القبر قد
وارى بدنك، وكأنك قد لاقيت عملك فداو قلبك فإن حاجة الله إلى عباده صلاح قلوبهم.[34]
35-
سئل الحسن عن النفاق فقال: هو
اختلاف السر والعلانية والمدخل والمخرج، وقال عن النفاق: ما خافه إلا مؤمن، ولا
أمنه إلا منافق.[35]
36-
قيل للحسن: إن قوما يقولون إنا
لا نخاف النفاق! فقال: والله لأن أكون أعلم أني بريء من النفاق أحب إلي من تلاع
الأرض ذهبا.[36]
37-
إن المؤمن قوام على نفسه يحاسب
نفسه لله.[37]
38-
إن المؤمن يفجأه الشيء يعجبه،
فيقول: والله إني لأشتهيك وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما من وصلة إليك هيهات حيل
بيني وبينك، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول، ما أردت إلى هذا ما لي ولهذا،
والله مالي عذر بها، ووالله لا أعود لهذا أبدا إن شاء الله.[38]
39-
إن المؤمنين قوم أوثقهم القرآن،
وحال بينهم وبين هلكتهم.[39]
40-
لا تلقى المؤمن إلا يلوم نفسه،
ما أردت بكلمة كذا، ما أردت بأكله كذا، ما أردت بمجلس كذا، وأما الفاجر فيمضي قدما
قدما لا يلوم نفسه.[40]
41-
تصبروا وتشددوا فإنما هي ليال
تعد، وإنما أنتم ركب وقوف يوشك أن يُدعى أحدكم فيجيب ولا يلتفت، فانقلِبوا بصالح
ما بحضرتكم، إن هذا الحق أجهد الناس وحال بينهم وبين شهواتهم، وإنما يصبر على هذا
الحق من عرف فضله وعاقبته.[41]
42-
السنة - والذي لا إله إلا هو-
بين الغالي والجافي. فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس
فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم،
ولا مع أهل البدع في بدعتهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك فكونوا.[42]
43-
من علامات المسلم: قوة دين،
وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحكم في علم، وحبس في رفق، وإعطاء في حق، وقصد في
غنى، وتحمل في فاقة، وإحسان في قدرة، وطاعة معها نصيحة، وتورع في رغبة، وتعفف وصبر
في شدة، لا ترديه رغبته، ولا يبدره لسانه، ولا يسبقه بصره، ولا يغلبه فرجه، ولا
يميل به هواه، ولا يفضحه لسانه، ولا يستخفّه حرصه، ولا تقصر به نيته.[43]
44-
الإسلام وما الإسلام؟ السر
والعلانية فيه مشتبهة، وأن يُسلم قلبُك لله، وأن يَسلَمَ منك كل مسلم وكل ذي عهد.[44]
45-
إن لأهل التقوى علامات يعرفون
بها: صدق الحديث، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة الفخر والخيلاء،
وبذل المعروف، وقلة المباهاة للناس، وحسن الخلق، وسعة الخلق، مما يقرب إلى الله عز
و جل.[45]
46-
إن المؤمنين شهود الله في
الأرض، يعرضون أعمال بني آدم على كتاب الله، فمن وافق كتاب الله حمد الله عليه،
وما خالف كتاب الله، عرفوا أنه مخالف لكتاب الله، وعرفوا بالقرآن ضلالة من ضل من
الحق.[46]
47-
رحم الله رجلا خلا بكتاب الله
فعرض عليه نفسه، فإن وافقه حمد ربه، وسأله الزيادة من فضله، وإن خالفه أعتب وأناب
وراجع من قريب.[47]
48-
كتب الحسن إلى عمر بن عبد
العزيز: أما بعد يا أمير المؤمنين فإن طول
البقاء إلى فناء ما هو، فخذ من فنائك الذي لا يبقى، لبقائك الذي لا يفنى والسلام.
فلما قرأ عمر الكتاب بكى، وقال نصح أبو سعيد وأوجز.[48]
49-
يا ابن آدم! سرطا سرطا، جمعا
جمعا في وعاء، وشدا شدا في وكاء، ركوب الذلول ولبوس اللين، ثم قيل: مات فأفضى
والله إلى الآخرة.[49]
50-
إن المؤمن عمل لله تعالى أياما
يسيرة، فوالله ما ندم أن يكون أصاب من نعيمها ورخائها، ولكن راقت الدنيا له
فاستهانها وهضمها لآخرته، وتزود منها، فلم تكن الدنيا في نفسه بدار، ولم يرغب في
نعيمها ولم يفرح برخائها، ولم يتعاظم في نفسه شيء من البلاء إن نزل به مع احتسابه
للأجر عند الله، ولم يحتسب نوال الدنيا حتى مضى راغبا راهبا، فهنيئا هنيئا، فأمَّن
الله بذلك روعته، وستر عورته، ويسر حسابه.[50]
أيمن الشعبان
19/4/2013
"حقوق النشر محفوظة لموقع
" فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"
[1]جمهرة خطب العرب، أحمد زكي صفوت.
[2]موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق، ياسر عبد الرحمن.
[3]الزهد لأحمد بن حنبل.
[4]شعب الإيمان للبيهقي.
[5]حلية الأولياء، لأبي نعيم الأصبهاني.
[6]البصائر والذخائر، أبو حيان التوحيدي.
[7]من أخبار الحسن البصري، عبد الغني المقدسي.
[8]الطبقات الكبرى لابن سعد.
[9]من أخبار الحسن البصري، عبد الغني المقدسي.
[10]مصنف ابن أبي شيبة.
[11]المجالسة وجواهر العلم.
[12]من أخبار الحسن البصري، عبد الغني المقدسي.
[13]روضة
العقلاء لابن حبان.
[14]الجزء فيه من حديث أبي عمر العطاردي وغيره.
[15]جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر.
[16]شعب الإيمان للبيهقي، والفوائد المجموعة للشوكاني.
[17]البيان والتبيين للجاحظ.
[18]المصدر السابق.
[19]المصدر السابق.
[20]المصدر السابق.
[21] المصدر السابق.
[22] المصدر السابق.
[23] المصدر السابق.
[24] المصدر السابق.
[25] المصدر السابق.
[26] المصدر السابق.
[27] المصدر السابق.
[28] المصدر السابق.
[29] حلية الأولياء
وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم.
[30] المصدر السابق.
[31] المصدر السابق.
[32] البيان والتبيين.
[33] حلية الأولياء.
[34] المصدر السابق.
[35] البداية والنهاية.
[36] إحياء علوم الدين.
[37] حلية الأولياء.
[38] المصدر السابق.
[39] المصدر السابق.
[40] البداية والنهاية.
[41] المصدر السابق.
[42] شرح العقيدة
الطحاوية لابن أبي العز الحنفي.
[43] البداية والنهاية.
[44] حلية الأولياء.
[45] المصدر السابق.
[46] المصدر السابق.
[47] البيان والتبيين.
[48] حلية الأولياء.
[49] المصدر السابق،
سَرَطَ اللقمة أي ابتلعها.
[50] المصدر السابق.