في كل من
هذه القضايا، كانت المحاكم الابتدائية قد أخذت مزاعم التعذيب على محمل الجد،
ووجدتها موثوقة، وقيّمت الأدلة وأفرجت عن المتهمين. تُبين هذه القضايا الثغرات في
نظام العدالة الجنائية العراقي تمتد إلى أعلى مستوى. بموجب القانون الدولي، يجب
ألا تعتمد المحاكم أبدا على الأدلة التي يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب. على
الدول الأعضاء في "التحالف الدولي لهزيمة "داعش" (المعروف أيضا
بـ"تنظيم الدولة الإسلامية")"، التي ستجتمع في 26 سبتمبر/أيلول
2019 على هامش دورة "الجمعية العامة للأمم المتحدة" في نيويورك لمناقشة
تدابير المسائلة عن "جرائم داعش"، أن تتفق على عدم نقل المشتبه
بانتمائهم إلى "داعش" من سوريا إلى العراق إلى أن يتمكن النظام القضائي
العراقي من ضمان امتثال المحاكمات الجنائية للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة
وتفرض الحكومة وقفا على عقوبة الإعدام.
قالت لما فقيه،
مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش": "خلُص
تحقيقنا في عدد كبير من أحكام محكمة التمييز العراقية إلى ما يمكن أن يكون حالات
متكررة لسوء المحاكمة في قضايا "الإرهاب". كيف يمكن للمحامين وقضاة
مكافحة "الإرهاب" العراقيين مشاهدة ما يحدث وهم مكتوفو الأيدي؟".
راجعت "هيومن
رايتس ووتش" ملفات قضايا التمييز في 27 قرارا صدر بين
"سبتمبر/أيلول" 2018 و"مارس/آذار" 2019 من قبل الهيئة الجزائية
لـ"محكمة التمييز الاتحادية". في 21 من القضايا، نقضت المحكمة قرار
الإفراج المحكمة الابتدائية وأمرت بإعادة المحاكمة، وفي قضيتين أيدت الإفراج،
وأيدت في 4 قضايا إدانة المحكمة لكنها زادت الأحكام. لم تتمكن "هيومن رايتس
ووتش" من التأكد من أحكام القضايا التي أعقبت إعادة المحاكمة.
من أصل 27 قضية
"إرهاب"، تمت المحاكمة في 23 قضية بموجب قانون مكافحة "الإرهاب
العراقي"، و3 قضايا بموجب قانون العقوبات، وواحدة بموجب قانون الأسلحة رقم 51
لسنة 2017. أكد خبير قانوني عراقي مستقل صحة وثائق المحكمة.
تنقسم المحاكم
الجنائية في العراق إلى المحاكم الجزائية للجرائم الكبيرة، ومحاكم الجنح. للنيابة
العامة والمتهم والمشتكي الحق في الطعن في حكم الإفراج أو الإدانة أو الحكم في حكم
المحكمة الجزائية. تنظر الهيئة الجزائية، التي تتألف من قاض يرأس الهيئة وما لا
يقل عن أربعة آخرين، في الطعون في محكمة التمييز الاتحادية في بغداد. تراجع الهيئة
الجزائية تلقائيا جميع القضايا التي تصل أحكامها إلى السجن المؤبد (٢٥ سنة) أو مدى
الحياة أو الإعدام. يجوز للهيئة تأييد القرار، أو نقضه وإعادة القضية إلى المحكمة
لإعادة المحاكمة أو إعادة التحقيق القضائي.
في 6 قضايا، ادعى
المتهمون في المحاكمات أن المحققين قاموا بتعذيبهم أو إكراههم بطرق أخرى على
الاعتراف. ألغت الهيئة الجزائية أحكام الإفراج - وأمرت بإعادة المحاكمة، بالاعتماد
على الاعتراف الذي تم التراجع عنه، وذِكر أدلة إما لم يتم النظر فيها أثناء محاكمة
المتهم أو رُفضت لأنها غير موثوق بها. في قضيتين، كان الاعتراف هو الدليل الوحيد.
لم يكن واضحا من وثائق المحكمة ما إذا كان القضاة قد حققوا مع من زُعم أنهم قاموا
بتعذيب المتهمين أو إكراههم، أو ما إذا كان المحققون القضائيون أو الشرطة أو
النيابة العامة قد أجروا تحقيقات جنائية في مزاعم التعذيب وغيرها من الجرائم ضد
المتهمين الذين تقدموا بشكاوى ضدهم.
في قضيتين، قدم
المتهم تقريرا طبيا في "الطب الشرعي" وجد علامات على أن المتهم
"تعرض لشدة خارجية"، لكن الهيئة الجزائية تجاهلت التقرير أو رفضته. في
إحدى القضايا، ذكرت الهيئة الجزائية أنه "لا ينال من قيمة الأدلة المتوفرة في
الدعوى ما جاء في التقرير الطبي الخاص بالمتهم"، على الرغم من أن الاعتراف
المنتزع بالإكراه كان هو الدليل الوحيد المقدم في المحاكمة.
بينما لم تُثَر قضية
التعذيب بشكل صريح في 7 قضايا، أفرجت محاكم الجنايات في الأنبار والكرخ وكركوك عن
المتهمين لأنه لم يتم تقديم أدلة غير اعترافاتهم، حسبما أظهرت ملفات القضية. في كل
حالة، وجدت الهيئة الجزائية أن الاعتراف الخلافي كان دليلا كافيا لتوجيه التهم،
وأمرت بإعادة المحاكمة.
تثير هذه القضايا
قلقا بشكل خاص في ضوء التعليقات التي أدلى بها خبير قضائي عراقي وخبيران في
القانون العراقي وقضايا "الإرهاب". قالوا جميعا إنه من خلال تجربتهم،
عندما تُبطِل الهيئة الجزائية حكما بالإفراج وتأمر بإعادة المحاكمة، فهي ترسل
رسالة واضحة مفادها أنه ينبغي على المحكمة الابتدائية تغيير قرارها. قالوا إنه لا
يمكن اعتبار هذه المحاكمات بمثابة أمر قضائي محايد لإعادة تقييم وقائع القضية، بل
أمر ضمني لإدانة المتهم.
كتبت "هيومن
رايتس" ووتش رسالة إلى رئيس "مجلس القضاء الأعلى" في العراق في 10
يونيو/حزيران 2019 مرفقة النتائج. ردّ مجلس القضاء الأعلى، الذي يدير شؤون القضاء
الاتحادي ويشرف عليها، في 20 يونيو/حزيران، وطلب تفاصيل القضايا التي تم مراجعتها،
والتي قدمتها "هيومن رايتس ووتش" في 26 "يونيو/حزيران". ذكر
أيضا أن "محكمة التمييز هي الهيئة القضائية العليا التي تتكون من مجموعة من
القضاة المتميزين في عملهم لذا لا يمكن الاعتماد على رأي بعنوان (خبير قانوني)
وترجيحه على عمل محكمة التمييز لأن هذا الخبير مهما كان عمله لا يمكن أن يصل في
المهنية والدقة في العمل القضائي للقضاة". في 18 يوليو/تموز، شارك مجلس
القضاء الأعلى مع هيومن رايتس ووتش أمرا صادرا عن رئيس المجلس يقضي بدراسة القضايا
التي أشارت إليها "هيومن رايتس ووتش" دون أن يقدم معلومات إضافية حتى
نشر هذا التقرير.
تماشيا مع المعايير
القانونية الدولية والإجراءات الجنائية العراقية، ينبغي لمجلس القضاء الأعلى
العراقي أن يصدر مبادئ توجيهية تُلزم القضاة بالتحقيق في جميع مزاعم التعذيب
الموثوقة ومع قوات الأمن المسؤولة، ونقل المحتجزين إلى أماكن مختلفة فور ادعائهم
التعذيب أو سوء المعاملة، لحمايتهم من الانتقام. ينبغي أن يكرر المجلس للقضاة أنهم
مُلزمون برفض أي دليل تم الحصول عليه عن طريق التعذيب. ينبغي للسلطات القضائية
التحقيق وتحديد المسؤولين عن أي تعذيب، ومعاقبة الضباط والأفراد المسيئين، وتعويض
الضحايا.
ينبغي فورا لمجلس
القضاء الأعلى مراجعة جميع القرارات المتعلقة بـ"الإرهاب" التي أصدرتها
الهيئة الجزائية منذ بداية 2018، ثم النظر بناء على النتيجة فيما إذا كانت
المراجعة الكاملة منذ 2005 ضرورية، ومعالجة أي أخطاء قضائية يحددها.
ينبغي للسلطات أيضا
ضمان وجود أساس قانوني واضح للاحتجاز، وأن يتمكن جميع المحتجزين من الاتصال بمحام،
بما في ذلك أثناء الاستجواب؛ وأن يمثلوا أمام القاضي في غضون الـ24 ساعة الأولى من
اعتقالهم وعلى فترات منتظمة بعد ذلك، حيث يحدد القاضي مشروعية وضرورة استمرار
احتجازهم؛ ونقل المحتجزين إلى مرافق يمكن تفتيشها من قبل الحكومة، وزيارتها بصورة
منتظمة من قبل مراقبين مستقلين وأقارب المحتجزين.
ينبغي للتحالف الذي
تقوده الولايات المتحدة والدول الأخرى التي لديها مواطنون يواجهون محاكمات
"إرهاب" محتملة في العراق، الضغط على مجلس القضاء الأعلى لمشاركة نتائج
أي مراجعة يجريها في محكمة التمييز الاتحادية العراقية، وضمان تنفيذ الإصلاحات
لمعالجة العيوب الخطيرة التي أثيرت في هذا التقرير.
قالت فقيه:
"هذا التحقيق يظهر أن المعتقلين في العراق يواجهون خطرا كبيرا من أن تكون
محاكماتهم جائرة في كل مرحلة من مراحل العدالة الجنائية. ينبغي لمجلس القضاء
الأعلى النظر مليّا في القرارات المتعلقة بـ"الإرهاب الصادرة" عن الهيئة
الجزائية".
الخلفية
حتى أوائل 2018،
كانت السلطات العراقية تحتجز ما يقدر بنحو 19 ألف رجل وصبي بتهمة الانتماء إلى
"داعش". لم تستجب السلطات لطلبات "هيومن رايتس ووتش" المتكررة
لمشاركة الإحصاءات المحدثة بشأن المحتجزين. حتى مطلع 2019، وفقا لمسؤول أمني
عراقي، كانت "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة في
شمال شرق سوريا تحتجز ما يقدر بنحو 20 ألف عراقي احتُجزوا خلال القتال ضد
"داعش"، فضلا عن أكثر من ألفي شخص غير عراقي معرضين لخطر نقلهم إلى
العراق للتحقيق والمحاكمة المحتملة كأعضاء في "داعش". نُقل ما لا يقل عن
900 عراقي ممن لهم صلات مزعومة بـ"داعش" من شمال شرق سوريا إلى العراق
في الأشهر الأخيرة.
بالنظر إلى النتائج،
وخطر التعذيب والمحاكمات الجائرة، التي تؤدي إلى عقوبة الإعدام، على القوات
السورية الكردية وأي دولة أخرى ألا تنقل المحتجزين إلى العراق لمحاكمتهم على
"الإرهاب" أو الجرائم ذات الصلة. على الرغم من التقارير الموثوقة
الواسعة حول التعذيب أثناء الاحتجاز، فإن القضاة العراقيين لا يحققون عادة في
مزاعم التعذيب.
عيوب في محكمة
التمييز الاتحادية
بينما لم تُذكر
تواريخ اعتقال المتهمين في معظم القضايا، أظهرت إحداها أن المتهم قد أوقف في
"مارس/آذار" 2016، ولكن لم يُقدم إلى المحاكمة حتى يونيو/حزيران 2017.
ألغت الهيئة الجزائية حكم الإفراج الصادر في حقه في "سبتمبر/أيلول"
2018. في حين أن إحدى القضايا حُوّلت من المحكمة الابتدائية إلى مرحلة التمييز في
أقل من 6 أسابيع، إلا أن بعض القضايا استغرقت ما يصل إلى عام أو أكثر. حُوّلت
قضيتان إلى المحاكمة في 2018 تتعلقان بجرائم زُعم أنها ارتُكبت في 2006.
تنص معاهدات
"حقوق الإنسان" التي صادق عليها العراق على الحق في محاكمة عادلة والحظر
المطلق للتعذيب، بما في ذلك "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية" و"اتفاقية مناهضة التعذيب". تشمل الضمانات الأساسية ألا
تنظر المحاكم في أي أدلة يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب؛ عدم إجبار أي متهم على
الإدلاء بشهادته ضد نفسه أو الإقرار بالذنب، وأنه يجب أن يتوفر للمتهم الوقت
الكافي لإعداد دفاعه، وأن يكون قادرا على النظر في الأدلة والشهود الذين استخدموا
ضده والطعن فيها، وتقديم الأدلة والشهود من جانبه.
في
"مارس/آذار" 2019، أقرت وزارة الداخلية ضوابط العمل القياسية الموحدة
الجديدة للتحقيقات الجزائية. تشمل هذه الضوابط مواد لتعزيز الدفاع، بما في ذلك عن
طريق ضمان وصول محامي الدفاع إلى وكلائهم المحتجزين، وملفات القضية، وسجلات
التحقيق. ينبغي لوزارة الداخلية ضمان تدريب المحققين تدريبا كاملا على الضوابط
وتطبيقها في جميع مرافق الاحتجاز وخلال جميع التحقيقات.
ادعاءات التعذيب
في
"أكتوبر/تشرين الأول" 2017، حوكم رجل في محكمة جنايات الأنبار بسبب
انتمائه إلى "داعش" في 2014 في الفلوجة، وفقا لملف قضيته. تراجع المتهم
عن اعترافه، قائلا إنه تعرض للتعذيب. شهد شهود بأنه ليس لديه صلات
بـ"داعش". أفرجت عنه المحكمة، لكن الهيئة الجزائية ألغت حكم الإفراج في
"أكتوبر/تشرين" الأول 2018، ووجدت أن الاعتراف كان ذا مصداقية، وأمرت
بإعادة المحاكمة. ووجدت "أن المتهم اعترف تحقيقا بتوفر الضمانات القانونية
بالتهمة المسندة له وأن الأدلة المتحصلة ضده بالوصف المتقدم كافية ومقنعة للتجريم
والحكم". لم تذكر شيئا عن مزاعم التعذيب.
في
"نوفمبر/تشرين الثاني" 2018، أفرج فرع الكرخ بالمحكمة الجنائية المركزية
في بغداد عن رجل متهم بالتواطؤ في قتل ضابط من قوات الأمن العراقية وإصابة آخرين
في 2013. قررت المحكمة أن اعترافه، وهو الدليل الوحيد، لم يكن كافيا لإدانته،
مستشهدة بورقة حضور تُبيّن أنه كان في فصل دراسي جامعي وقت وقوع الحادث، وبشهود
ذكروا ذلك. قال إنه أُرغم على الاعتراف، وقدم تقريرا طبيا شرعيا وجد "تعرضه
لشدة خارجية".
وجدت الهيئة
الجزائية لمحكمة التمييز الاتحادية في "مارس/آذار" 2019 أن الاعتراف كان
"صريح ومفصل" واستشهدت بإفادات أدلى بها بعد حوالي 5 سنوات من الهجوم
عنصرا أمن آخران كانا حاضرين وقت الهجوم. ذكرت أن نتائج تقرير "الطب
الشرعي" لم تؤثر على "جميع الأدلة الأخرى" وأمرت بإعادة المحاكمة.
في يناير/كانون
الثاني 2018، حاكمت محكمة جنايات الأنبار رجلا بتهمة الانتماء إلى
"داعش" ومشاركته في "هجومين إرهابيين محددين". تراجع المتهم
عن اعترافه، قائلا إنه تعرض للتعذيب، وأفرجت المحكمة عنه حيث إنه لم يكن هناك أي
دليل آخر على صلاته المزعومة بتنظيم "داعش".
نقضت الهيئة
الجزائية القرار في نوفمبر/تشرين الثاني وأمرت بإعادة المحاكمة، ووجدت أن الاعتراف
كان ذا مصداقية لأن المتهم أدلى به بحضور المدعي العام ومحاميه المُعيّن من
الدولة، واستشهدت بأقوال أدلى بها مدعون لم يتم ذكرهم أثناء المحاكمة. أضافت أنه
"لم يُدحَض هذا الاعتراف بأي تقرير طبي يؤكد أن اعترافه كان بالإكراه"
ولم تتطرق لمزاعم التعذيب التي اعتبرتها المحكمة ذات مصداقية في ضمن القرار.
وفقا لملف القضية،
في "فبراير/شباط" 2018، ذكر رجل متهم بالانتماء إلى "داعش" في
محكمة جنايات الأنبار أنه تعرض للتعذيب للاعتراف. شهد ضده شقيقه، وهو حدث رهن
الاحتجاز ومتهم بجريمة أخرى. قالت المحكمة إنها لا تستطيع الاعتماد على أقوال
شقيقه لأنه كان حدثا أثناء المحاكمة، وكان ما يثير الشك أن يكون اعترافه للمحققين
مطابقا للاعتراف الذي قدمه لاحقا إلى قاضي التحقيق. عزت ذلك إلى أنه:
لدى التأمل في وقائع
[الدعوى] والأدلة المتحصلة فيها لاحظت المحكمة أن إفادة المحال أمام القائم
بالتحقيق وأمام قاضي التحقيق متشابهة تشابها حرفيا وأن ما ورد بأقوال المتهم بصفة
شاهد وهو شقيق المتهم أعلاه لا يمكن الاطمئنان إليها كونها جاءت من متهم حدث
وبالتالي لا يمكن اعتمادها كدليل في جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام.
نقضت الهيئة
الجزائية القرار، ووجدت أن اعتراف المتهم وإفادات شقيقه موثوقة، وأمرت بإعادة
المحاكمة.
في يناير/كانون
الثاني 2019، أفرجت محكمة الكرخ عن رجل متهم بالانتماء إلى "داعش"، كما
أظهر ملف القضية. تراجع عن اعترافه أثناء المحاكمة وقدم تقريرا "طبيا
شرعيا" وجد فيه الطبيب أنه قد تعرض "لشدة خارجية". كما تراجع
الشاهد الذي ادعى أن المتهم عضو في "داعش". أفرجت المحكمة عنه لعدم
كفاية الأدلة. في أبريل/نيسان، ألغت الهيئة الجزائية حكم الإفراج وأمرت بإعادة
المحاكمة، مستندة إلى اعتراف المتهم ومتجاهلة تقرير "الطب الشرعي"،
واعتمدت أيضا على أقوال الشهود التي تم التراجع عنها وتقريرين من الأجهزة الأمنية
لم يُذكرا في المحاكمة.
في 1
"أبريل/نيسان" 2019، قال مجلس القضاء الأعلى في العراق لـ "هيومن
رايتس ووتش" إن المحاكم العراقية حققت في 275 شكوى ضد ضباط التحقيق بحلول
نهاية 2018 في قضايا "الإرهاب" وغيرها. صرح مجلس القضاء الأعلى بأن 176
من القضايا تم "حلها" في حين أن 99 قضية ما زالت قيد النظر. لم يشر المجلس
إلى معنى "الحل" في هذا السياق، ولا عدد القضايا التي تم التحقيق فيها
أو تم رفضها من أصل الـ176.
المحاكمات المبنية
على الاعترافات
في إحدى القضايا
التي أمرت فيها الهيئة الجزائية بإعادة المحاكمة على أساس اعتراف فقط، في
فبراير/شباط 2019، وجدت أن:
القرار الصادر عن
محكمة جنايات الكرخ/ه 1 القاضي بإلغاء التهمة والإفراج عن المتهم غير صحيح ومخالف
للقانون ذلك أن المتهم اعترف صراحة وبتوفر الضمانات القانونية كافة من حضور نائب
المدعي العام والمحامي المنتدب واعترف بانتمائه إلى إحدى "التنظيمات
الإرهابية" واستمراره بدعم "التنظيم" لذا تكون الأدلة كافية ومقنعة
لتجريمه.
في قضيتين، كانت
الأدلة الإضافية التي ذكرتها الهيئة الجزائية هي إفادة شاهد واحد ضد المتهم ولم
يتم تقديمها أثناء محاكمته. في قضية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أفرج فرع
الرصافة بالمحكمة الجنائية المركزية عن رجل متهم ببيع أسلحة إلى "داعش"
لأن اعترافه كان الدليل الوحيد ضده. قالت الهيئة الجزائية إن إفادة أحد الشهود
التي لم يتم النظر فيها أثناء المحاكمة كانت كافية لإثبات التهم وأمرت بإعادة
المحاكمة. في حالتين أخريين، كان الدليل الإضافي الذي اعتمدت عليه الهيئة الجزائية
هو إفادة شاهد لم تتضمن توريط المتهم.
تشديد العقوبات
في 4 من القضايا
الـ23 التي أدين فيها المتهمون بموجب قانون مكافحة "الإرهاب" رقم 13
لسنة 2005، تلقى اثنان أحكاما بالسجن 15 عاما واثنان بالسجن المؤبد. بناء على
استئناف النيابة العامة في قضيتين في محاولة لزيادة الأحكام، والطعن التلقائي في
قضايا السجن المؤبد، أمرت الهيئة الجزائية بزيادة غير محددة في الأحكام، والتي في
حالات السجن المؤبد لا يمكن أن تكون سوى الإعدام. قالت الهيئة إن الأحكام الأولية
كانت مخففة. إحدى القضايا كانت لرجل مسن حكم عليه بالسجن 15 عاما بسبب عمره، وكان
قد اتُهم بالعمل في مسجد في الموصل ومبايعة "داعش" في خطاباته الدينية.
في قضيتين من
القضايا الـ 27، أيدت الهيئة الجزائية قرارا بالإفراج عن المتهمين، في إحدى
القضايا بناء على ادعاء المتهم بأنه أُرغم على الاعتراف. لم يتضح من وثائق المحكمة
ما إذا كان القضاة قد حققوا في مزاعم الإكراه.
أدلة البراءة
في
"ديسمبر/كانون الأول" 2018، وفقا لوثائق المحكمة، أفرج فرع الكرخ
للمحكمة الجنائية المركزية في بغداد 3 رجال متهمين بموجب قانون العقوبات بتفجير
سيارة مفخخة استهدفت قوات الأمن العراقية في 2005. تراجع الرجال الثلاثة عن
اعترافاتهم، وقالت المحكمة إنه كان لديها دليل على أن القوات الأمريكية كانت وراء
الانفجار وأعلنت مسؤوليتها عنه. وجدت أيضا أن اعترافات الرجال تختلف عن بعضها
البعض بشكل كبير. في "مارس/آذار" 2019، ألغت الهيئة الجزائية أحكام
الإفراج قائلة إن الرجال اعترفوا بانتمائهم إلى "تنظيم القاعدة" بحضور
مدع عام ومحاميهم المنتدب، وأمرت بإعادة المحاكمة. ذكرت أن:
لدى التدقيق
والمداولة وجد إن الثابت من وقائع [الدعوى] إن المتهمين اعترفوا صراحة وبحضور عضو
الادعاء العام والمحامي المنتدب بانتمائهم إلى "تنظيم القاعدة الإرهابي"
وقيامهم بالعديد من "العمليات الإرهابية" ومنها الجريمة موضوع الدعوى
وإن اعترافاتهم جاءت متطابقة مع سير التحقيق... وإن تفجيرها من قبل القوات
الأمريكية لا يؤثر على اعترافات المتهمين وإن الأدلة كافية ومقنعة لتجريمهم.
في
"ديسمبر/كانون الأول" 2018، أفرجت محكمة جنايات الكرخ عن رجلين متهمين
بتفجير قنبلة في 2011، حسبما تظهر وثائق المحكمة، لأن كلا المتهمين تراجعا عن
اعترافاتهما، والتي كانت غير متسقة. بالإضافة إلى ذلك، ذكر شهود الهجوم أن
المتهمين لا علاقة لهما به. ذكرت المحكمة في قرارها بالإفراج ما يلي:
أقوال المشتكين
المصابين المتلاة تضمنت بأنه بتاريخ الحادث تعرض أفراد أبناء العراق (الصحوة) إلى
تفجير عبوة ناسفة كانت موضوعة في الغرفة التي يتواجدون فيها في مدخل تلك الغرفة
بعد أن تجمعوا على اثر إطلاق عيارات نارية على بعض أفرادهم وأنهم لم يطلبوا الشكوى
بحق المتهمين المحالين لكونهم لا علاقة لهم بالحادث وأنهم يعرفونهم مسبقاً لكونهم
من أبناء المنطقة، ومن أقوال المتهمين المدونة تحقيقاً بالاعتراف والأقوال المدونة
التي تضمنت الإنكار والتراجع عن اعترافهم المدون تحقيقا، تجد هذه المحكمة أن
الأدلة المتحصلة بحق المتهمين قد اقتصرت على إقرار المتهمين المدون تحقيقا والذي
تراجعا عنه أمام هذه المحكمة كما أن هذه المحكمة قد وجدت بأن ذلك الإقرار الذي لم
يعززه أي دليل معتبر قانونا قد جاء متناقضا إذ إن إقرار كل واحد من المتهمين
يتناقض مع المتهم الآخر.
استشهدت الهيئة
الجزائية بالاعترافات وإفادات الشهود، وألغت حكم الإفراج وطلبت إعادة المحاكمة.
الجرم بالتبعية
في
"أغسطس/آب" 2018، أفرجت محكمة جنايات الكرخ المرأة الوحيدة من بين الـ27
الذين اتُهموا بالانتماء إلى "داعش" بناء على عضوية زوجها. وجدت الهيئة
الجزائية أن اعترافها بأن زوجها قد انضم إلى "داعش"، وأن الوثائق
المزوّرة التي كانت معها أثناء محاولتها تهريب نفسها إلى تركيا بعد مقتله، شكلت
أدلة كافية لإدانتها بتهم تتعلق بـ"الإرهاب" وأمرت بإعادة المحاكمة. عزت
ذلك إلى:
إن المتهمة اعترفت
في دور التحقيق بتوفر الضمانات القانونية بأنها زوجة أحد أفراد "تنظيم داعش
الإرهابي" وبعد قتل زوجها من قبل "قوات البيشمركة" ونتيجة الاشتباكات...
اتصل بها شخص لغرض نقلهم إلى تركيا وتم تسليمها هوية أحوال مدنية مزورة وتوجهوا
إلى بغداد واستقبلهم متهم هو صاحب مضافة.. ويقوم بنقل عوائل "تنظيم داعش
الإرهابي" إلى مناطق آمنة.. وقام بتصويرهم وتنظيم هويات مزورة لغرض تهريبهن
إلى خارج العراق حيث تم القبض عليهم عند محاولتهم ذلك. تأيدت الاعترافات بما جاء
بأقوال شهود المفرزة القابضة وأقوال المتهمين بصفة شهود وقرينة ضبط هويات مزورة
للمتهمة. فتكون الأدلة كافية ومقنعة لتجريم المتهمة والحكم عليها.
قضت الهيئة الجزائية
بأن كونها متزوجة من شخص من "داعش" وحاولت مغادرة العراق باستخدام وثائق
مزورة كانت كافية لإدانتها بموجب "قانون مكافحة الإرهاب". لو تمت محاكمة
المرأة بموجبة تزوير الوثائق الرسمية، كانت ستواجه عقوبة يمكن أن يكون حدها الأدنى
6 أشهر، لكن بسبب محاكمتها بموجب "قانون مكافحة الإرهاب"، فقد تواجه
عقوبة تصل إلى السجن المؤبد (25 سنة) عن جريمة التستر.
المصدر : الموقع الرسمي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"
26/1/1441
25/9/2019