يسمع الفلسطينيون في العراق شائعات وكلاماً عن منح جنسية للفلسطينيين في العراق، وخصوصاً، كما هو معلوم، فقد مُنحت الجنسية لأولاد الفلسطيني لأم عراقية، وهناك كلام عن الموافقة على منح الفلسطيني جواز سفر عراقياً.. إلخ. كلها أصبحت حلولاً مقبولة من فلسطينيي العراق ليُخفوا فلسطينيتهم التي أصبحت عنواناً للاضطهاد والتضييق في العيش.
هذا يعكس النقاشات التي تُتداولها الأروقة العراقية وصُنّاع القرار بشأن الوجود الفلسطيني، فالاستحقاق الأمريكي كقوة احتلال يطرح على صانعي القرار تجنيس الفلسطينيين، وربما ما هو أكبر من ذلك كاستقبال لاجئين من دول أخرى، في حين أن صانعي القرار وكما يُسمع من تسريبات أنهم يعطلون ويماطلون ضد التجنيس أو ضد التخفيف عن الفلسطينيين لأسباب عديدة، منها:
1- غياب متابعة وضع اللاجئين الفلسطينيين في العراق من الجهات ذات العلاقة كمنظمة التحرير الفلسطينية، فالوجود الفلسطيني على الحدود العراقية السورية في مخيم الوليد أو مخيم التنف لم يُحرج أحداً ولم يؤدِّ إلى الضغط على صانعي القرار لاتخاذ إجراءات لحل هذه الأزمة. حتى من المهتمين بالشأن الفلسطيني، فإننا لا نجد فعلاً يوازي ما تعرض له فلسطينيو العراق. فالمخيمات لا تزال موجودة ولا نجد حراكاً إعلامياً في حد أدنى يُظهر ما يجري بحق الشعب الفلسطيني في العراق. قد نجد تقريراً هنا وخبراً هناك، إلا أننا لا نجد المتابعة الحقيقة المنهجية التي تؤدي إلى إحراج صانعي القرار لإيجاد حل جذري لمشكلة اللاجئين العالقين على الحدود في الصحراء أو حتى من هم وسط النار في بغداد.
2- تسرُّب ثلثي لاجئي العراق من الفلسطينيين بعدة أساليب من دون أي تدخل رسمي في العراق، حتى وصل عددُهم الآن إلى ما يقرب من ثمانية آلاف نسمة فقط، فلماذا لا يُقدَّم حلٌّ يؤدي إلى استقرار الوضع الفلسطيني في العراق، وهناك من يسعى إلى إخراجهم من العراق كما هو معروف.
3- تكفُّل الأمم المتحدة بتوطين اللاجئين الفلسطينيين الفارّين إلى المخيمات في الدول الأوروبية أو الأمريكية، من دون أن يُحَمّل أحد المسؤولية، أي إن حلّ مشكلة المخيمات تتكفل به الأمم المتحدة. صحيح أن التوطين في هذه الدول يأخذ وقتاً طويلاً جداً يكرس المعاناة في هذه المخيمات، ولكن في ظل غياب أي حراك يصدّ ما يجري من جرائم بحق الفلسطينيين في العراق، فإن مسألة التأخير يختفي تأثيرها.
4- تجنيس الفلسطينيين في العراق سيفتح الباب أمام الفلسطينيين في المخيمات أو الشتات الجديد ممن غادروا العراق للعودة إليه للحصول على الجنسية، وهذا له تداعيات وحساسيات ديموغرافية غير صحيحة يتصورها صانع القرار، فعددنا قليل جداً لا يسمح بأي تغيير ديموغرافي.
5- التخوف الأمني كما يطرحه صانعو القرار في العراق، بحجة أن الفلسطينيين لهم ارتباطات خارجية، وكأنه لا يعلم أن الشعب الفلسطيني مشتّت في أصقاع الأرض، وبالتالي فصلة القربى بين المشتتين لا تصنف «ارتباطات خارجية»، وهي ضرورية لاستمرار البقاء في ظل المخاطر التي تهدد اللاجئين دائماً، وهم معرّضون في كل لحظة لشتات جديد بسبب ما يمارس عليه من تضييق، والمثال الصارخ هو ما حصل للشعب الفلسطيني في العراق في حقبة ما بعد الاحتلال الأمريكي.
في ظل هذه المعطيات، سيبقى فلسطينيو العراق عرضة للاستهداف والتضييق لأجل الاستمرار في تسرّبهم خارج العراق، أو أن تجد لهم الأمم المتحدة دولاً تستقبلهم للتوطين، وليس لهذا سقف زمني محدد.
هذا ما يفعله صانعو القرار في العراق الجديد، فأين صانعو القرار الفلسطيني مما يجري لشعبهم الفلسطيني في العراق؟
بغداد-فلسطين الآن
كتب/ محمد المحمدي
3\2\2010