هذه الأخبار تقابل في الرأي العام بموقفين: واحد يرحب بالقرار لأنه يلبي
مطالب إنسانية ويستجيب لضغوط محلية ودولية. والثاني يتوجس خيفة من القرار والمخاطر
الكامنة وراءه لأن ترجمته العملية تجنيس 340 ألف فلسطيني.
يعتقد البعض أن الحكومة الأردنية تأخذ بهذا الاتجاه استجابة لضغوط دولية
ومحلية ليست بريئة ، وليست لوجه الإنسانية ، بل تهدف لخدمة تخفيف العبء الديمغرافي
الفلسطيني الذي يشكل شوكة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما يتخوف البعض الآخر من طمس الهوية الأردنية وإعطاء مصداقية لإدعاء "إسرائيل"
بأن الأردن هو فلسطين ، خاصة وأن هذا التحرك يأتي في وقت يجري فيه طبخ حل أميركي
للقضية.
يعتقد البعض أن منح الحقوق المدنية لأكثر من ثلث مليون فلسطيني هو تمهيد
لمنحهم الحقوق السياسية ، أي أنه عملية تجنيس بالتقسيط ، إذ لا يجوز للأردن أن
يتعامل مع المقيمين الذين يتمتعون بحقوق مدنية على أنهم (بدون).
مما لا شك فيه أن منح الحقوق المدنية لحوالي 340 ألف فلسطيني سوف يسهل
حياتهم في الأردن ، ويجعل إقامتهم دائمة ، ويستبعد العودة التي تثير رعب "إسرائيل"
، كما أنه يضعف هوية الأردن الوطنية بسبب ما وصفه البعض بأنه اجتياح ديمغرافي.
يرفض كثيرون النظر في موضوع أبناء الأردنيات من وجهة نظر إنسانية و"ديمقراطية"
لأن الموضوع بالنسبة لهم يقع تحت باب التوطين وشطب حق العودة.
يذكر أن نحو 90 ألف امرأة تحمل جواز سفر أردني أو بطاقة جسور خضراء ،
متزوجات من غير أردنيين معظمهم فلسطينيون ومستمرات في الإنجاب بمعدل 40 ألف طفل
سنوياً.
قد لا يكون من قبيل "المصادفة" أن اتجاه الحكومة لمنح الحقوق
المدنية لأبناء الأردنيات يترافق مع توجه الحكومة لمنح وزير الداخلية صلاحية منح
الجنسية الأردنية بقرار منه ، مما يفسح المجال للخطوة التالية.
خطوة كهذه يمكن أن تثير قلق أبناء المخيمات الفلسطينية في الأردن ، فالفصل
بين الحقوق المدنية والحقوق السياسية بدعة قد يدعو البعض لتطبيقها على أبناء
المخيمات الذين لا يعرفون ما إذا كان الاردن وطنهم النهائي أم أنهم لاجئون
فلسطنيون لهم الحق بالعودة أو التعويض وفق القرارات الدولية.
إذا كانت الأم الأردنية تستطيع أن تعطي أبناءها جنسية أردنية فلماذا لا
تستطيع أن تعطي زوجها جنسية أردنية أيضاً وبذلك فإننا نتكلم عن حوالي نصف مليون
إنسان مكانهم الطبيعي في الضفة والقطاع.
المصدر : جريدة
الرأي الأردنية
18/1/2014