هل كان للقوة دور في الدعوة الى الله – عبدالحكيم الماضي

بواسطة قراءة 4624
هل كان للقوة دور في الدعوة الى الله – عبدالحكيم الماضي
هل كان للقوة دور في الدعوة الى الله – عبدالحكيم الماضي

الحمد لله ولا اله إلا الله وحده لا شريك له , الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ,والصلاة والسلام  على النبي الأمي الذي لا نبي بعده الذي بُعِث بالحق بشيرا ونذيرا وبالرحمة والموعظة  الحسنة هاديا إلى سبيل الله ومنيرا .

أما بعد :

أرسل الله جل وعلا الرسل والأنبياء إلى بني البشر , ومنهم من كان يُرسل إلى قرى أو مدن محددة بعينها ومنهم من أرسل إلى الناس كافة, ومنهم من قص الله علينا قصصهم ومنهم من لم يقصص , وكانت غايته جل وعلا  ان لا يدعي أحدا من بني البشر انه لم يأتيه مبشرا ونذيرا وأيضا حتى لا يعذب احد بدون ان تلقى عليه الحجة  وكما ورد في الاية 165 من سورة النساء بسم الله الرحمن الرحيم: { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } النساء165 وأيضا في الاية 15 من سورة الإسراء بسم الله الرحمن الرحيم: { مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } الإسراء15وعندما كان يخاطب الله جل وعلا على لسان أنبياءه كان يخص أهل العقل بخطابه ولم يكن جل وعلا يخاطب من عطلوا عقولهم أو من ليس لهم عقول يفقهون بها أو من كانت عقولهم جوفاء أو كانت عليها اكنة  أو من رهنوا عقولهم للغير , فهل ورد فيما اخبرنا الله جل وعلا ان الرسل الذين بعثهم كانوا  الو قوة أو هل كانت لهم قوة تعينهم في إجبار الناس المنحرفين على اعتناق الدين الذي دعا إليه الرسل  , اقصد هنا القوة المحسوسة كقوة السيف أو غيرها من أدوات القوة  كالرماح والدروع والنبال . ولو طالعنا ما ورد في قصص الأنبياء عليهم السلام  والتي وردت في القرآن الكريم لوجدنا انه لا اشارة إلى وجود مثل تلك القوة المحسوسة فد رافقت الرسل عليهم السلام في الدعوة إلى الله. وسأبدأ  بقصة النبي نوح عليه السلام وكما وردت في الآية القرآنية 14 من سورة العنكبوت بسم الله الرحمن الرحيم: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } العنكبوت 14.

فعجز عليه السلام عن هدايتهم ولم يؤمن معه الا قليل .

ودعا عليهم السلام وكما ورد في الاية 26 من سورة نوح بسم الله الرحمن الرحيم : { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً } نوح 26. فهل هذا الدعاء  يدل على أي نوع من القوة كانت بحوزته .  وأما النبي إبراهيم عليه السلام فلم يرد عنه انه امتلك أي قوة في الدعوة إلى الله والآية التالية 24 من سورة العنكبوت توضح ذلك بجلاء بسم الله الرحمن الرحيم : { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } العنكبوت24فهل يلقى في النار من معه القوة .                           
وأما قصة النبي لوط عليه السلام فلم يستطع حماية ضيفيه الملكين اللذين أرسلهما الله إلى المدينة الظالم أهلها  رغم انه لا يعلم أنهم مرسلين من الله  حتى قال لهم خذوا بناتي هن اطهر لكم  فلم تكن له قوة يحمي بها نفسه فكيف بضيفية وكيف بالدعوة إلى الله وما دعاءه الذي دعا به على اثر تلك الحادثة وكما جاء في الاية 8 من سورة هود بسم الله الرحمن الرحيم : { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } هود 80 .

في طرح ما تقدم يتضح لنا انه لم يكن للقوة دور في الدعوة إلى الله بل هي كانت دعوة تعتمد مبدأ الإقناع بالرحمة وبالموعظة الحسنة .

أما بخصوص القوة هل  تغير أو تثبت  العقيده في النفوس ؟ .

سوف استدل ان القوة مهما كانت عظمتها لن  تستطيع تغير أو تثبت العقيدة الا بالقرآن لأنه الأوثق والأدق , فيما يلي أبين قصة السحرة الذين امنوا .

وهنا اطرح تساءل هو هل ان للقوة القدرة على ترسيخ العقيدة في أذهان الناس أو لها القدرة على تغير عقيدتهم وسوف أجيب عن هذا التساؤل من كتاب الله جل وعلا الذي بعث به نبينا صلى الله عليه وسلم لانه اصدق الكتب وبه الحجة الدامغة التي لا يمكن لعاقل الا الإذعان لها واما غير العاقل او الذي رهن عقله للغير  لن يؤمن  وأنا لست بصدد توجيه ما اكتب لهؤلاء ولكن اكتب لأولي الألباب وسوف ابدأ بقصة السحرة الذين امنوا بر ب موسى عليه السلام رغم ان فرعون هددهم بالقتل وبالصلب على جذوع الأشجار وان تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وهم أحياء فأي بطش بعد هذا البطش وأي قوة بعد هذه القوة وكما ورد في الآية الكريمة123 من سورة والاية124 من سورة الأعراف بسم الله الرحمن الرحيم: { قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ }  فما كان ردهم وتحت هذا الإجبار الذي ما بعده إجبار وبعد هذه القوة التي ما بعدها قوة إلا ان قالوا وكما ورد في الاية القرآنيه126 من ذات السورة بسم الله الرحمن الرحيم: { وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) } وأما القصة الثانية فهي قصة أصحاب الأخدود وهذه القصة معروفه للجميع ولكن سوف أورد نهاية هذه القصة وفيها ان الحاكم الظالم للمدينة التي حصلت فيها تلك القصة, ان بعض الناس امن بالله فأمر الحاكم الكافر بحفر أخدود عظيم وجمع به من الحطب وأشعل نارا عظيمة وبدأ يلقي فيها من لا يعود إلى عبادتهم الشركية ولا يترك عبادة الله وكان من ضمن من آمن أم وابنها  فلما رموهما في النار خشيت على ابنها الصبي وأرادت ان تتراجع عن إيمانها فمال إليها ابنها الصبي وهمس في أذنها يا أم اصبري فأنت على الحق فثبتت على الإيمان بالله  وألقيت في النار ولم تتراجع عما آمنت به  وكما في الآيتين 8,4 من سورة البروج بسم الله الرحمن الرحيم: { قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) } فهل منعهم الموت بأبشع ميتة من الثبات على ما آمنوا به  ولا أريد ان أطيل عليكم  لان الإطالة تورث الملل ولو أردت لكتبت في هذا المجلدات ليس من باب التكبر ولكن استنادا إلى مقولة خير الكلام ما قل ودل وانهي مقالتي بما حصل مع الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنه وعن أبويه الذين كانوا أول شهداء الثبات على العقيدة وانه رضي الله عنه عندما لقي الرسول صلى الله عليه وسلم قال له عليه الصلاة والسلام ما وراءك , قال شر يا رسول الله, والله ما تركت حتى نلت منك أي ما تركوا التعذيب عنه حتى ذكر دينه بسوء وذكر آلهتهم بخير يعني مشركي قريش قال له الرسول صلى الله عليه وسلم:فكيف تجدك يعني كيف تجد نفسك قال مطمئن بالإيمان, قال له الرسول صلى الله عليه وسلم فان عادوا فعد .

يعني هذا تصريح من الإسلام لمن يتعرض منا للعذاب فوق قدرة التحمل فانه لا بأس بالكفر باللسان للتخلص من الأذى المفرط وكما  قال الله جل وعلى في الاية106 من سورة النحل بسم الله الرحمن الرحيم: { مَنْ  كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } .أتمنى ان يكون في ما ذكرت كفاية لكي نوقن ان الإسلام لم ينتشر بالقوة ولا بالإكراه ولا بالإجبار ولا بقوة السلاح وعلينا نحن المسلمون ان لا نروج لهذه الفكرة المعادية للإسلام والتي تسعى الكثير من القوى المعادية للإسلام الإيحاء بان الإسلام انتشر بالقوة  وان نفصل بين الفتوحات الإسلامية وبين الدعوة إلى الله لان الفتوحات كانت غايتها حماية حياض الدولة الإسلامية وحماية الدعاة إلى الله من بطش أعداء الدين والسلام عليكم ورحمة الله .

 

عبدالحكيم الماضي

14/6/2011

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"