الفلسطينيون يميلون إلى تجنب المواجهة ويدرسون صفقة تمنحهم "دولة مراقبة" مع بعض الامتيازات .
بات من شبه المؤكد عدم وجود مجال لتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يعزز مكانة فلسطين إلى "دولة مراقبة"، كما بات متوقعاً أن يطرح الرئيس محمود عباس عناصر مشروع قرار، إذا تم الاتفاق عليه مع الأوروبيين، أثناء مخاطبته الجمعية العامة الجمعة المقبل، على إن يتم التصويت عليه لاحقاً بعد مغادرة الرؤساء والوزراء نيويورك، هذا ما لم يتخذ الرئيس الفلسطيني قرارا بالتوجه إلى مجلس الأمن في آخر لحظة سعياً وراء العضوية الكاملة لفلسطين، ليلاقي "فيتو" أميركياً مؤكداً. غير إن هذا الاحتمال الثاني بات أضعف نظراً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لم يتلق بعد أي طلب من الفلسطينيين بهذا الاتجاه حسب ما أكد في مؤتمره الصحافي ، علماً أن الطريق إلى مجلس الأمن يجب أن يمر عبر تقديم الطلب إلى الأمين العام .
ويبدو إن الفلسطينيين يميلون إلى تجنب المواجهة، سواء في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة، لذلك تجري مفاوضات بينهم وبين الأوروبيين على "صفقة" تتضمن تعزيز وضع فلسطين إلى "دولة مراقبة"، ما يعطيهم امتيازات أخرى من ضمنها حق الذهاب إلى المحكمة الجنائية لملاحقة مسئولين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم حرب. كما إن التوصل إلى مثل هذه الصفقة، يعني تجنب طلب الاعتراف المباشر بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة، أو التصويت في الجمعية العامة على مشروع قرار بهذا المعنى .
وفيما أوضح دبلوماسي غربي انه "فات الأوان" على طرح أي مشروع قرار للتصويت في الجمعية العامة نظراً لأن مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور "لم يتلق تعليمات بتقديم أي مشروع قرار" رسمياً، استمرت المفاوضات في القاهرة وعمان ونيويورك على "رزمة" أو"صفقة" أوسع ما بين الفلسطينيين والأوروبيين تتناول التوقيت والوسيلة لقرار الأمم المتحدة ومراجع العملية السلمية في بيان "للجنة "الرباعية" .
وحصلت صحيفة "الحياة" اللندنية على العناصر التي ما زالت قيد البحث بين الأوروبيين والفلسطينيين لنص مشروع قرار يطرح في الجمعية العامة، ينطلق أولاً من التزام الفلسطينيين عدم الذهاب إلى مجلس الأمن. وبحسب الدبلوماسي الغربي: "إننا نفاوض على رزمة - صفقة وليس على نص مشروع قرار فقط" .
وقال إن توقيت التصويت قبل يوم من مخاطبة الرئيس باراك أوباما الأمم المتحدة "هو صفعة لأوباما"، مشدداً على أن مجرد فكرة الذهاب إلى مجلس الأمن "فكرة سيئة" إذ "لربما لا توجد الأصوات التسعة الضرورية" لتبني القرار، وحيث يوجد "فيتو" أميركي "على الأقل". وأضاف إن الكثير من الأوروبيين «لا يريد نصاً لمشروع قرار في الجمعية العامة يفرض الاعتراف تلقائياً" بفلسطين "كدولة مراقبة". وقال إن الشرط الآخر هو عدم إدخال عناصر المرجعية للعملية السلمية في مشروع قرار الاعتراف. وعبر عن قلق الولايات المتحدة وإسرائيل من امتيازات "للدولة المراقبة"، وتحديدا لجهة الانضمام إلى نظام روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية. وقال إن مساعي اتهام رئيس وزراء إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ستكون "محرجة سياسياً" وليست "في مصلحتنا الوطنية". وكرر "أنها مسألة تسبب لنا الخجل والإحراج أن نضع رئيس وزراء إسرائيل أمام المحكمة الجنائية" .
واعترف الدبلوماسي الغربي أنه لن يكون في وسع أوروبا وقف فلسطين عن الحصول على قرار من الجمعية العامة يعزز مكانتها إلى "دولة مراقبة" نظراً إلى أن لديها ما يكفي من الأصوات وما يقارب اعتراف ١٣٠ دولة، أي ثلثي أعضاء الأمم المتحدة .
ورفض الأمين العام للأمم المتحدة الالتزام مسبقاً بالموافقة على طلب من فلسطين "كدولة مراقبة" إيداع تصديقها على اتفاقية روما، ما يجعلها منتمية إلى المحكمة الجنائية، علماً أن له الصلاحية القانونية بذلك. وقال رداً على سؤال الصحيفة اللندنية أثناء مؤتمر صحافي أمس "لا أريد الحكم المسبق" على هذا الأمر لآن المسألة "قانونية وسياسية".
ورافق مندوب فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور وفداً من المجتمع المدني الفلسطيني حاملاً كرسياً أزرق باسم فلسطين إلى اجتماعات مع رئيس الجمعية العامة ناصر النصر ورئيس مجلس الأمن نواف سلام. وقال منصور إن الرئيس محمود عباس "سيتخذ القرار قريباً لجهة إما التوجه إلى مجلس الأمن أولاً أو إلى الجمعية العامة" وأضاف أن الطريق عبر الجمعية العامة هو "الأطول"، لكنه "يؤدي في النهاية إلى مجلس الأمن" للحصول على "العضوية الكاملة" .
وقال بان في مؤتمره الصحافي إن التوصل إلى حل الدولتين كان يجب إن يتم منذ زمن لتسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، مضيفا إن دوره في شأن أي طلب قد يستلمه من الرئيس الفلسطيني متعلق بعضوية دولة فلسطين هو دور "تقني" وحسب. وأكد أنه سيسلم الطلب الفلسطيني إلى مجلس الأمن حالما يتسلمه من القيادة الفلسطينية "بعد مراجعته تقنياً للتأكد من أنه متوافق مع ميثاق الأمم المتحدة". وتابع إن حل الدولتين توافقت عليه كل الأطراف المعنية وأقره المجتمع الدولي الذي عليه مسؤولية إيجاد الظروف لتطبيقه. ودعا إسرائيل إلى إيجاد الظروف المناسبة لتطبيق حل الدولتين ووقف الاستيطان، كما دعا الفلسطينيين إلى التقيد بواجب الجلوس مع الإسرائيليين للتفاوض، محذراً من أن "الوقت ليس إلى جانبنا" .
وعن إمكان الاعتراف بفلسطين دولة "غير عضو" أو "مراقبة" في الأمم المتحدة، قال إن الجمعية العامة للأمم المتحدة منحت ووضعت دولة فلسطين كعضو "مراقب" بناء على قرار اتخذته العام ١٩٩٨ "وأي تغيير في الوضعية يتم بقرار من الجمعية العامة". وتجنب الإجابة عن دوره في انضمام فلسطين في حال نالت صفة الدولة إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشدداً على أن "الدول الأعضاء في اتفاقية روما (الناظمة لعمل المحكمة) هي من يقرر في ذلك. يرى محللون أن حركة حماس تراهن على فشل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في طلب عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، لكنها تتجنب حتى الآن إعلان موقف واضح حيال هذه الخطوة كي تحتفظ لنفسها بهامش مناورة في حال نجاحها .
وقال المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة إن حماس "تراهن على فشل أبو مازن في الأمم المتحدة لأنه سيحسب لها كنقطة ايجابية، وهى معنية بفشله وتقصير مدة حكمه في السلطة" الفلسطينية، فيما أوضح المحلل أكرم عطا الله أنه "إذا فشل أبو مازن فستكون حماس أقوى بما لا يقارن، لأن هذه آخر ورقة في يد أبو مازن وستسدل الستارة على مشروع المفاوضات وستسلم الراية لمشروع حماس .
ومنذ إعلان عباس نيته التوجه إلى الأمم المتحدة في سبتمبر الحالي، تتجنب حماس إعلان موقف صريح لجهة تأييد هذا التوجه أو معارضته .
وأرى أن فلسطين لا تقبل القسمة على أثنين . فلسطين لا تقبل القسمة إلا على نفسها .
راجياً من المولى عز وجل فشل مساعي الاعتراف بحدود عام 1967 حتى تظل فلسطين واحدة موحدة أرضاً وهواءً وماءً وشعباً ولن يفرط الفلسطينيون بذرة تراب واحدة من أرض فلسطين مهما طال الزمن ومهما طال أمد الصراع .
متابعات / كمال نصار
20 /9 / 2011