منذ ما يزيد عن ( 45 ) يوماً تعتصم مجموعة من العوائل المكونة من نساء وامرأة مسنة وأطفال رضع وصغار ومرضى وحالة مرضية خطرة من الدرجة الأولى تعاني من انسداد في الرئة ولا يقوى صاحبها على التنفس إلا عبر الأوكسجين ، يعتصمون في شوارع العاصمة البرازيلية ، اتخذت هذه العوائل مثل هذا القرار بعد معاناة دامت على مدى عامين من كافة الجوانب الصحية والمعيشية ، هذه العوائل طالبة مراراً وتكراراً بتحسين أوضاعها والاهتمام بالحالات المرضية لأفرادها، لكن لا حياء لمن تنادي ، فقد كانت المفوضية وعصابة النساء في بورتو آلغري تضرب عرض الحائط بمطالبات هذه العوائل ، لا بل لم يكتفوا بذلك فاستخدموا كافة أساليب المراوغة والخداع الحقيرة للتنصل من مسؤولياتهم ، وتعاملوا بالتمييز بين اللاجئين ، فلم يتم الاهتمام بحالة اللاجئ لؤي التي بالفعل تستحق الاهتمام لخطورتها وتم الاهتمام بحالات أُخرى ، على أي أساس استندوا في ذلك لا نعلم ، لكن ما نعلمه أن في البرازيل كل شيء يحدث ، تكررت مشاهد الاعتصام في البرازيل أمام مقر المفوضية العليا مراراً بما أرهق الأخيرة بالفعل وأدى بها إلى الهروب من عنوانها إلى عنوان يجهله اللاجئون فقط بغية التخلص من الاعتصامات ..
اعتصمت عوائل وعادت عوائل واستمر الموضوع بهذا الشكل طوال هذه المدة والسؤال هنا ما هو السبب الذي يدفع اللاجئين لمثل ذلك ؟ بالطبع كانت الأسباب والمطالب بين جميع اللاجئين الذين اعتصموا متشابهة ، وهذا الشيء إذ دل يدل على أوجه تشابه المعاناة التي يعانيها اللاجئين ، ولم تحذوا المفوضية على طريق تحسين الوضع ودراسة المشاكل التي يعاني منها اللاجئين والمخاوف من المصير المجهول الذي يخيم على حياتهم ، ومثال على ذلك اليوم يقول البعض هنا أن البرنامج تم تمديده سنة أُخرى ويقول البعض أن شائعة وصلتنا من ساوباولو مفادها أن البرنامج تم تمديده ( 3 ) أشهر فقط ، بينما قال أحد الأخوة في الجنوب أن رئيسة عصابة النساء في بورتو آليغري صرحت أن البرنامج لم يتم تمديده .
من هنا نستنتج شيئاً واحداً أن لا أحد يعرف ما هو المصير وكيف ستنتهي هذه المعضلة ، لاجئون لا يعلمون ماذا ينتظرهم ، كل شيء مبهم كل شيء مصبوغ بلون مزيف ألا يحق للاجئين معرفة مصيرهم ؟
كنا في مقالاتنا السابقة حذرنا من هذا المصير ومم سيؤدي إليه الإهمال والتقاعس الممارس بحق اللاجئين ، وهانحن اليوم نرى المشاهد المؤلمة في الشوارع أطفال تنام في العراء على أطراف الطرقات بلا مأوى تأوي إليه تحت حرارة أشعة شمس البرازيل الحارقة ، مريض يعيش بنصف رئة ينام في خيمة لا يستطيع شخص معافى النوم فيها لصغر حجمها ، امرأة مسنة تبلغ الستين من عمرها تعاني من نزيف حاد وحصى في المرارة و سوفان في الركبتين ، وبكل ما تعانيه تفترش الطرقات أملا بالالتفات لحالتهم ، أما المأساة الأكبر أن أحداً لم يلتفت نهائياً إلى تلك العوائل ، لا عربي ولا أجنبي فكما عهدنا المسألة في البرازيل ظلت جميع الأطراف طيلة هذه الفترة تلعب دور المتفرج ومن الواضح أنهم لا يريدون إستبدال هذا الدور ، حتى الأطراف والهيئات الفلسطينية في البرازيل والتي لعب بعضها دوراً في مسألة جلب اللاجئين إلى البرازيل وهم يعرفون مدى سوء الأوضاع وبالرغم من ذلك باركوا الفكرة وأيدوها ودعموها ، لم يلتفت حتى شخص واحد منهم لحالة إنسانية أو مأساة مريض أو رضيع أو مسن يعاني .
السؤال هنا ما هو المنتظر من المعتصمين في الشوارع ؟
ما هو المنتظر من مريض بنصف رئة في الشوارع ؟
ما هو المنتظر من رضيع ينام على أطراف الطرقات ؟
وما هو المنتظر من مسنة بمثل تلك الظروف؟
هل ينتظرون موت ثلاثة مرضى وبعض الأطفال ليتحرك ضميرهم ؟ هل ينتظرون حدوث كارثة أو تفشي الأمراض بين المعتصمين وأطفالهم ليفيق النائمون من سباتهم ، كم من الاعتصامات تريد أن تسجل الحكومة البرازيلية لتيقن أن هناك معاناة على أرضها وأن هذا البرنامج فاشلاً ؟ أم أن المفوضية ستقوم نهاية الأمر بتقديم طلب للحكومة البرازيلية لتحريك شرطتها لقمع المعتصمين كما شاهدنا سابقاً .
إننا نحمل وبشكل مباشر مسؤولية أي شيء يصيب أحد من المرضى والمسنين والأطفال والرضع والنساء المعتصمين للمفوضية أولاً والحكومة البرازيلية ولمن ساهموا بحلب اللاجئين إلى البرازيل من مؤسسات فلسطينية وهي على دراية بأوضاع البرازيل المتردية .
ونطالب المؤسسات الصحفية والإعلاميين ومنظمات حقوق الإنسان بالتفضل والإطلاع على وضع المعتصمين في الشوارع ودعم مطالبهم وإدانة المفوضية العليا في البرازيل وإدانة الحكومة البرازيلية وتحميلهم مسؤولية معاناة اللاجئين والمعتصمين ومطالبتهم بالالتزام بتقديم الحلول العاجلة والاستجابة لمطالب المعتصمين .
بقلم - عصام عرابي – البرازيل