العراق كبارا وصغارا شيوخا وأطفالا ، رجالا ونساءً .. بعد أن فُجعوا وصُدموا بخبر منعهم من أداء مناسك الحج لهذا العام ، وهنالك أسئلة واستفسارات كثيرة متداولة بينهم ، وتوجد حسرات وحرقة شديدة في قلوبهم ، وإلى الله المشتكى من هذا الظلم والجور الذي حل بهم .
وظلــم ذوي القـربـى أشـد مضـاضــة |
| على النفـس من وقع الحسـام المهند |
سؤال يطرح نفسه ؟!! علّنا نجد الإجابة التي تخفف وتهوّن على اللاجئ الفلسطيني في العراق المغلوب على أمره وتخفف من هول الصدمة والمعاناة التي يعيشعا في العراق ، لماذا يُمنع الفلسطيني تحديدا في العراق فقط من دون المليار والنصف مسلم في العالم لأداء هذه الفريضة ؟؟؟!!!! طبعا هذه جزء من المعاناة والانتهاكات والمضايقات الكثيرة والمتكررة التي يتعرض لها الفلسطيني في العراق وكأنه أصبح الحلقة الأضعف في المعادلة واللعبة السياسية في العراق ، وصار كما يقال في المثل الشعبي : حايط انصيص لكل من هب ودب ، والله المستعان . فالله سبحانه وتعالى يقول : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة : 114 ) . فبنص القرآن لا يوجد أعظم من هذا الظلم ، والأعظم من ذلك أن يُذكر بهذه الآية وبمثيلاتها فلا يتعظ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ) (السجدة : 22 ) . فالمآسي والابتلاءات التي يتعرض لها الفلسطيني وخصوصا في العراق يكاد يكون ليس لها مثيل في التاريخ المعاصر ، فماذا يفعل المغلوب على أمره في ظل ذئاب متوحشة لو سُنحت لها الفرصة بشكل أو بآخر لافترستهم جميعا ، هذه هي الحقيقة المرة التي قد لا يستشعر بها إلا من ذاقها وانكوى بنارها . الفلسطيني جذوره وأصوله في العراق ترجع لأكثر من خمسة عقود ، وكان قبل سقوط النظام واحتلال العراق يذهب عدد منهم لأداء مناسك الحج بين ال ( 160-250 حاج ) سنويا ، لأن العدد الكلي لهم في العراق لا يتجاوز ال ( 22000 نسمة ) ، وكانت الحكومة العراقية السابقة ترتب وتنسق إجراءات الحجاج الفلسطينيين من خلال اللجنة العليا لحج العراقيين وبتنسيق مع السلطات السعودية ، وكانت الأمور نوعا ما تسير بشكل جيد بهذا الصدد مع وجود بعض العراقيل . وبعد سقوط بغداد واحتلال العراق عام 2003 اختلفت الامور واختلط الحابل بالنابل ، وانقلبت الموازين ، واستُهجِن الوجود الفلسطيني لمحاولة إلغائه من الوجود بأي طريقة من بعض الأحزاب والجهات الشعوبية الحاقدة على الإسلام والعروبة ، واعتبروا اللاجئ الفلسطيني كأنه كائن جديد نزل من الفضاء الخارجي غير مرغوب فيه في البلاد ، وهذا ظاهر وملموس وتشهد له الأحداث والحوادث المتكررة واليومية . في حج عام 2004 حاول المعنيون بشؤون الحج من الفلسطينيين تسهيل الحج لجاليتهم المولودين معظمهم في العراق ، وذلك من خلال متابعتهم مع الأوقاف العراقية كما هو في السابق إلا أنهم لاقوا عدم مبالاة بقضيتهم وراجعوا وزارة الخارجية للوصول لطريقة يحجون من خلالها فلم يجدوا مبتغاهم ، وبعد إتمام مستلزماتهم المعتادة سنويا وترتيب قوافلهم ، من غير أن يشعروا بوجود أمر مدبر لهم من المسؤولين عن بعثة الحج العراقية وبالتنسيق مع السلطات السعودية ، وغادرت القوافل تقريبا ( 280 حاج ) فيهم شيوخ ونساء وأطفال وذوي أمراض ، وفيهم من ينتظر هذه اللحظات دقيقة بدقية وقد جمعوا كلفة الحج من سنين طوال ، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن . ومكث الحجاج على البوابة السعودية خمسة أيام في العراء والصحراء حيث البرد القارص والأمطار الغزيرة وعانوا ما عانوا ، وتبين أن المسؤولين العراقيين لم يكفلوا هؤلاء الحجاج وأخبروا بأنهم إرهابيون فلا علاقة لنا بهم ، فكانت النتيجة الإصرار من قبل السعوديين على الرفض ، وطبعا الأسباب وراء ذلك طائفية وعنصرية وشعوبية .وفي العام التالي حج 2005 تكفلت السفارة الفلسطينية في العراق بإرسال قوائم الحجاج ومتابعتها من خلال السفارة الفلسطينية في السعودية على أمل استحصال الموافقات بعد تخلي الحكومة العراقية عنهم ، وقبل أربعة أيام من إغلاق الحدود وصل كتاب من الخارجية السعودية يحث فيها الحجاج الفلسطينيين بإرسال وثائق سفرهم إلى عمّان لغرض وضع تأشيرة دخول السعودية ومن ثم يسمح لهم بالدخول ، وهذه الإجراءات يحتاج لها على أقل تقدير أسبوعين ، وبمعنى آخر رفض ولكن بطريقة دبلوماسية والله المستعان .وفي هذه السنة ( أي حج عام 2006 ) بدأ التقديم لأداء مناسك الحج في بداية رمضان من هذا العام على أمل استثمار هذا الوقت الطويل للحصول على الموافقات وبتفائل كبير حسب الوعود السابقة من السفارة باستحصال هذه الموافقات ، وتم إرسال القوائم الخاصة بالحجاج بتاريخ 1/11/2005 إلى السفارة الفلسطينية في السعودية وبدورها سلمت القوائم إلى الخارجية ثم مكثت هذه القوائم تنتقل بين الخارجية والداخلية ووزارة الحج السعودية حسب الإجراءات التقليدية المعمول بها ، والحجاج ينتظرون وبفارغ الصبر ويعدون الأيام والساعات آملين بأخبار إيجابية ، ولكن جاءت الصدمة الكبرى التي لم تكن على البال برفض دخول الحجاج الفلسطينيين لعدة مبررات لم يفصح عنها .إذا لم يكن هذا من الظلم فماذا يكون ، مع العلم أن الحجاج الفعليين الذين ينوون أداء المناسك لا يتجاوز عددهم على ال ( 130 حاج فلسطيني ) .مسلمون فلسطينيون في دولة يفترض أنها مسلمة ومجاورة لبلاد الحرمين وهم ضيوف عن أهلها منذ عام 1948 لا يستطيعون أداء فرض وركن من أركان الإسلام ، علما أن المسلمين من كل حدب وصوب ومن أبعد بقاع الأرض يأتون من كل فج عميق .هكذا وصل الحال بالفلسطيني من أن يحرم من أبسط الحقوق الشرعية رغم التهجير والانتهاكات والتضييق من البعيد والقريب القاصي ولداني ، لكن ماذا يفعل والموازين كلها انقلبت والمعايير بلا ضابط شرعي أو أدبي أو سلوكي أو حتى إنساني فإلى الله المشتكى .ولا شك أن هنالك أمور وأشياء وراء الكواليس هي السبب الرئيسي في حرمان الفلسطينيين من هذا الحق ، لأنه من غير المقنع أن ما يزيد على المائة يؤثرون على أمن واستقرار البلاد في حين أن عدد الحجاج العراقيين تجاوز ال ( 35000 حاج ) كذلك لا يؤثر عدد الفلسطينيين على هذا العدد ، لكن القضية أكبر من ذلك ولها مغزى أبعد من استمرار التضييق وازدياد تردي الأوضاع في كل المستويات وفي جميع المناحي ، وهذا كله ضمن ستراتيجية ومخططات أهدافها معروفة في المنطقة ، وكذلك لا ننسى المؤشرات الشعوبية والطائفية التي لعبت دورا أساسيا في نموذج الشرق الأوسط في الديمقراطية . فالذي يعلم بظلم أكثر من ذلك في قضية أداء المناسك فليخبرنا مشكورا حتى يواسي الفلسطينيين في العراق ، لأنهم بدأوا يحسدون أبناء فلسطين من أهل الداخل الذين تنظم لهم إسرائيل إجراءات الحج بصورة منتظمة ؟!!!.وأخيرا : مَن يتحمل وزر هؤلاء المساكين بحرمانهم من هذه الفريضة ؟!!!! أَهي السلطة الفلسطينية !!!؟ التي عمليا تعتبر فلسطينيي العراق من الدرجة العاشرة ولا علاقة لها بهم لا من قريب ولا من بعيد فقط بالاسم ويفترض أنها مسؤولة عن جميع التسهيلات لهم ، علما أن مذكرة بخصوص حج الفلسطينيين في العراق وصلت لرئاسة الوزراء في السلطة ولم تقدم أي شيء يُذكر . أم المسؤول عن ذلك الحكومة العراقية الانتقالية ؟!! التي يُفترض أن تكون متابعة وبشكل حقيقي لقضايا جميع الضيوف عندها وعلى الأخص الفلسطينيين لأن أصولهم وجذورهم عميقة مع العراقيين ، لكن لأسمعت لو ناديت حيا ؟!!والعتب كل العتب على السلطات السعودية التي جعلت زمام هذه القضية بيد الجهات العراقية متناسين أن هنالك دوافع طائفية وشعوبية قد تحول دون إحقاق الحق ، مع العلم أنهم لا يردون أحدا عن بيت الله الحرام إلا لأسباب قاهرة أو سياسية .فحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله .
هذا الخبر حصري لموقع " فلسطينيو العراق "
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"