الحمد
لله، والصلاة والسلام على اشرف الخلق خاتم الانبياء والرسل محمد صلى الله عليه
وسلم وعلى ال بيته الطاهرين وصحابته الغر والافذاذ الميامين وعلى من سار على نهجهم
الى يوم الدين.
وبعد:
ان
ادارة مقهى واسعة كثيرة الزبائن والشرائح، عديدة الامزجة والعقول، استطاع صاحب
المقهى المرحوم بإذن الله محمود صالح السلبود رحمه الله ان يديره بنجاح، ان ينجح
في تعامله مع هؤلاء الزبائن مختلفي الامزجة والاعمار والمشارب.. بما تحلى به من
خلق وصبر وحكمة وقناعة وطيبة ..
في
شهر رمضان المبارك تمتلئ بالشباب العراقي - الفلسطيني الذين يلعبون لعبة (المحيبس
)..
في
فترات عقدت في المقهى ندوات ثقافية سياسية أدار إحداها المرحوم بإذن الله الصحفي
فخري عباس وغيره .. وندوات سياسية وثقافية اخرى عديدة ..
ملتقى
ومتنفس ابناء فلسطين في حي السلام، كيف لا يرتادوها صباحا ومساءا ، واحدنا لا يوجد
عنده سوى غرفة او غرفتان ( لافراد العائلة .. ).
يجلسون
في المقهى لانتظار اذان الصلاة في جامع الحاج زيدان او للدراسة او للالتقاء مع
صديق بعد موعد، او لعب بعض المواد المسلية ..
ان
ادارة المقهى، اي ادارة هؤلاء الناس والبشر وارضاءهم هو لطف من الله سبحانه ..
وليس بالامر الهين او البسيط .. التعامل مع الناس واستيعابهم فن وعلم ..
لم
يكن ابو صالح بعيدا عن السياسة ، وهو المهاجر من جبع كرمل حيفا واهله واقرباءه
شهداء الحرية والكرامة ..
كم
مناسبة عقدت في المقهى ورفض اخذ اي ثمن مساهمة منه في العمل الوطني ..
كم
مرة يأتي أناس غرباء ضيوف ويقوم بضيافتهم على حسابه .. بحضور او بغياب الشخص الذين
جاءوا لأجله ، منه سمعت لأول مرة بالشاعر المقاتل الشهيد بإذن الله نوح ابراهيم
حول القائد الشهيد بإذن الله عز الدين القسام .. ومطلعها ..
عز
الدين يا خسارتك .. وتأثرت بها بدوري .. انها قصيدة عربية شعبية طويلة مؤثرة معبرة
عن فقداننا علم من اعلام الامة واستشهاده في ساحات الوغى .. هو القائد المقدام عز
الدين القسام ..والذي نوح ابراهيم احد تلامذته واعوانه ..
كان
ابو صالح رحمه الله يحفظ هذه القصيدة وغيرها عن ظهر قلب للشاعر الشعبي نوح ابراهيم
ابن حيفا .. وقد قال لي ابو صالح ان هذا الشاعر كثيرا ما كان يتردد على قرى حيفا
لمناسبات عديدة معينة وخاصة قرية جبع وقد تعرف ابو صالح على هذا الشاعر واعجب به،
كنت في السبعينات يقرأ ابو صالح على مسامعي قصائد هذا الشاعر وبدوري ادونها ..
ذكريات كثيرة .. كان مقهى ابو صالح منتدى اجتماعي وثقافي وسياسي .. ومقر ومنطلق
الاخبار والنشاطات السياسية الفلسطينية واحياء المناسبات واخبار الفعاليات الشعبية
..
جلس
في مقهى ابو صالح اناس كثيرون، منهم الحاج زيدان باني جامع الحاج زيدان ، وصديقه
امام الجامع ( آنذاك ) محمد سيد طنطاوي الذي غدا فيما بعد مفتي الازهر .. وكذلك
الشيخ علي احمد الحانوتي وهو يحدث الناس امور حياتهم ودينهم لدقائق قبل الذهاب
للمسجد، وكذلك التدريسيين جدعان حسين وتوفيق عبد الخالق والداعية محمد علي
الحانوتي والضابط داوود محمد سلمان ومحمد صالح فائز وصالح عبد الله سرية والاديب
نواف ابو الهيجا والكاتب محمد سمارة والصحفي فخري عباس والمكتبي محمد صادق والفنان
فتح الله عباس والشاعر محمد علي احمد الفرحات والنقابي محمد مصطفى العيد والاذاعي
محمد توفيق البجيرمي والدبلوماسي يوسف العبد الله ومحمود المغربي والدكتور محمد
شعبان والمهندس عوض محمد علي والحاج يوسف
الصعبي والحاج يوسف شاكر والناشط صادق بدر والسياسي محمد البرماوي وخليل ابو الهنا
وشعبان امين وعيسى محمد ابو الهيجا ابو عمران ونجيب الشمبور الذي لا يأتي للمقهى
الا والكتاب معه وعبد الرحمن جبر الاسعد ابو عز صاحب
الابتسامة والشاب اللطيف والطريف وعيسى محمد سليمان .. هذه عينة .. ومئات غيرهم ..
ختاما
اسأل الله سبحانه الرحمة لراعي المقهى ابو صالح الذي عاش ومات مكافحاَ معتمدا بعد
الله على نفسه .. الذي جمعنا ووحدنا في هذا المكان .. الذي كان لينا متسامحا
بالمادة، مع استيعابه للزبائن .. بحيث لو كان يدير المقهى شخص غيره لتغيرت الصورة
..
عاش
ابو صالح وهو يرعى عائلة كبيرة ( 13 نسمة ) وهو ربان السفينة الذي اخذ بها الى
شاطيء الامان .. فلم يساعده احد .. لقلة الوعي عندنا .. ولم يعتمد على احد .. وعاش
كريما ميسورا قانعا ليس له سوى الله سبحانه ..
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح
بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"