فقد ناقش المجلس التشريعي الفلسطيني في اجتماعه المنعقد الجمعة (24/3) في رام الله وغزة ضمن اجتماعات الجلسة الثانية من الدورة البرلمانية الأولى، وعبر نظام الربط التلفزيوني؛ قضية أبناء شعبنا الفلسطيني في العراق، وما يتعرضون له من قتل وتنكيل واعتقال تعسفيّ.
وقال د. عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، في بداية النقاش، إنّ هذه القضية تأتي بعد أنْ أُدرِجت على جدول أعمال المجلس قبل يومين، لمناقشة وضع الفلسطينيين العالقين على الحدود الأردنية العراقية منذ عدة أيام.
وتلى الدويك رسالةً موجهة من أبناء فلسطين في العراق، جاء فيها: "نحن أبناء فلسطين في العراق نوضح لسيادتكم بأننا أصبحنا في عداد الموتى بعد الأحداث الأخيرة وتعرضنا وما زلنا لمجازر واعتداءات يومية، حتى أنّ كلّ من تمّ أو يتم اعتقاله نبحث عنه في مشرحة الطب العدلي فقط لغرض استلام الجثة أو نجده مدفوناً لا علم لأهله مكان دفنه.
لذا نود إعلامكم بأنّنا نطلب منكم أيها السادة والقادة والمسؤولين أنْ تجدوا لنا حلاً سريعاً لانتشالنا من كارثة مرتقبة لا تحمد عقباها وحينها لا ينفع الندم وسيشهد التاريخ على كل من سمع بهذه المجازر واكتفى بالصمت".
وهي رسالة موجهة إلى رئاسة السلطة ومنظمة التحرير ورئاسة وأعضاء المجلس التشريعي وإلى قيادة حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والأمم المتحدة، ومكتب شؤون اللاجئين، وأبناء فلسطين في المهجر.
وتبعاً لمعلوماتٍ من الإعلامي شريف سمحان، أورد رئيس المجلس التشريعي أنّ أعداد الفلسطينيين في العراق، موزعة كالتالي: 400 نسمة في شمال بغداد، و 300 جنوبها، و800 في بغداد الجديدة، و700 في الدورة، و300 في حي الأمين، و200 في باب المعظم. في حين بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين بسبب الصراع الدائر هناك أكثر من 57 شهيداً.
وبدأ النقاش النائب مصطفى البرغوثي من قائمة فلسطين المستقلة الذي دعا إلى وضع الخطابات جانباً، والدخول في مقترحات عملية وملموسة يمكن أن تسند الأخوة العالقين وكذلك الذين يعانون داخل العراق، بما في ذلك خطة لعمل الحكومة القادمة وللأخوة في منظمة التحرير الفلسطينيّة.
وطالب النائب عبد الحميد العيلة من كتلة "فتح" بتفعيل دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ومكاتب الأمم المتحدة في العراق، مؤكّداً على ضرورة أن تسمح الأردن باستقبال جزءٍ من الفلسطينيين في العراق والعالقين خاصة على أراضيها.
من جانبه اقترح النائب صائب عريقات عن كتلة "فتح" تشكيل لجنة يرأسها رئيس دائرة اللاجئين في منظمة التحرير ووزير الخارجية وعدد أعضاء المجلسين التشريعي الوطني. وكذلك وضع هذه القضية على جدول أعمال القمة العربية في الخرطوم. والطلب من أمين العالم للجامعة العربية التدخل الفوري خاصةً وأنّ عدد الشهداء في ازدياد.
والطلب من ممثل فلسطين للأمم المتحدة رفع كتاب فوري للسكرتير العام للأمم المتحدة، بهذا الخصوص، لأن الوضع في العراق منذ أيار/مايو العام الماضي وما يدور هناك يتم بقرارٍ من مجلس الأمن وبالتالي يصبح كل ما يحدث من مسؤولية الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق أيضاً أكد النائب خليل الحية من كتلة "حماس" على ضرورة حل قضية اللاجئين الفلسطينيين كافة، بالعمل على إعادتهم إلى قراهم ومدنهم، بشتى السبل، والطلب إلى الدول الشقيقة احترام الفلسطينيين وحفظ الأمن لهم، كونهم ضيوفاً عليها، مثمّناً دور كافة الجهات التي قامت بالاتصال. وأيد مطالب عريقات السابقة.
من جانبه دعا النائب عماد نوفل من كتلة "حماس" إلى تفعيل دور الإعلام في هذا السياق من خلال مشاركة المجلس في تحرك سياسي وإعلامي على مستوى الدول العربية والإسلامية، والاتصال السريع مع الأردن أيضاً لبحث إمكانية استيعاب العالقين، وتفعيل دور السفارات الفلسطينية في كافة الدول.
واقترح النائب أشرف جمعة من كتلة "حماس" تنظيم يومٍ تضامني مع الفلسطينيّين في العراق يوجه فيه رسائل على أعلى المستويات، وتشكيل وفد من المجلس للتوجه إلى الأردن والاطلاع على معاناة العالقين على الحدود بالإضافة إلى تقديم مساعدة مادية لهم.
وفي الوقت ذاته طالب النائب خالد أبو الحسن من كتلة "حماس" بضرورة دراسة الأسباب التي أوقعت الفلسطينيين في هذا المأزق في العراق، مؤكّداً على ضرورة التوجه إلى المسؤولين عن هذه الحالة في العراق، إنْ كانت الحكومة أو قوى الأمن وتحميلهم المسؤولية كاملة عن أمن الفلسطينيين، ومخاطبتهم عبر منظمة المؤتمر الإسلامي، وعبر إيران لعلاقتها القوية بالشأن الداخلي العراقي.
وأيّد النائب عاطف عدوان الذهاب أبعد من ذلك، والاتصال بالمرجعيات الشيعية وعلى رأسها آية الله السيستاني ومخاطبته من أجل حثّ مجمّعاته المسجّلة على رفع يدها عن الفلسطينيين، وإلى جانب ذلك مخاطبة هيئة علماء المسلمين في العراق، من أجل اتخاذ دورها في حماية الفلسطينيين، ومحاولة الاتصال بقادة المنظمات المسلحة ومناشدتهم تجنيب الفلسطينين هذه الفتنة.
كما طالب النائب ياسر منصور من كتلة "حماس" بالاتصال بحزب الله لعلاقاته القوية مع المرجعيات الشيعية في العراق من أجل الضغط عليهم باتجاه توفير الحماية للفلسطينيين.
وأكد النائب عبد الرحمن زيدان على ضرورة إرسال رسالة برلمانية عاجلة إلى البرلمان الإيراني، من أجل الضغط على حكومته لكفّ الأذى عن الفلسطينيين هناك. ورسالة أخرى إلى البرلمان الأردني من أجل استيعاب العالقين على الحدود. واقترح النائب حسن خريشة تفعيل قرار الرئيس الراحل ياسر عرفات بشأن قبول الطلبة الفلسطينيين في العراق في الجامعات الفلسطينية.
بينما دعا النائب أحمد أبو حلبية إلى عقد قمة عاجلة لمنظمة المؤتمر الإسلامي على مستوى الممثلين الدائمين أو وزراء الخارجية من أجل إيجاد مخرج أزمة الفلسطينيين العالقين في العراق وعلى الحدود، وطالب الحكومة الحالية بالتحرك السريع وإرسال الوفود للاطلاع على أوضاعهم.
ووجه النائب ناصر عبد الجواد من كتلة "حماس" مناشدة عاجلة لكافة الدول المحيطة بالعراق، من أجل السماح للفلسطينيين بعبور أراضيها، أو استضافتهم إلى حين إيجاد حلٍّ لهم، وعدم إقفال الأبواب في وجوههم.
من جانبها أوصت النائب انتصار الوزير من كتلة "فتح" باعتماد الشهداء الفلسطينيين الذين يسقطون في العراق من ضمن شهداء الشعب الفلسطيني ومتابعة عائلاتهم، بالإضافة إلى العمل على حل إشكالية وثيقة السفر الخاصة بالفلسطينيين في العراق، من أجل أنْ يستطيعوا التحرك، وطالبت الأردن بتأمين خروجٍ آمن للفلسطينيين العالقين على حدودها مع العراق.
وأكّد النائب جميل مجدلاوي على أهمية إعادة اللاجئين الذي نزحوا إلى الحدود الأردنية-العراقية إلى العراق، حتى لا يتكرر تشردهم ولجوؤهم، على الرغم من الظروف الصعبة، ولكن من أجل عدم مضاعفة معاناتهم بانتظار إيجاد حلٍّ لقضيتهم. وطالب النائب إبراهيم المصدر بالإيعاز لوزراة الشؤون الاجتماعية بتنظيم حملة تبرعات عاجلة للأهل العالقين على الحدود العراقية الأردنية.
وعارض النائب عبد الله عبد الله إجراء اتصالاتٍ بهذا الشأن مع إيران، لأنّ هذا يشكّل اعترافا بحربٍ طائفية في العراق، بينما أكّد على مخاطبة مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة للتحرك العاجل للاطلاع على أوضاع الفلسطينيين، مشيراً إلى أنّ الأونروا لا عمل لها في العراق وليس من اختصاصها التحرك على هذا الصعيد.
وأيّدت عشراوي طرح عدم الاتصال بأية جهات بعينها من أجل التدخل في نزاعات قائمة، واقتصار الأمر على مخاطبة المنظمات الدولية والأمم المتحدة والجامعة العربية ودعوتهم لتحمل مسؤولياتهم. وفي هذا السياق دعا النائب أحمد مبارك إلى ضرورة الاتصال بالجهات المختصة في إيران لأنّ لها علاقة مباشرة في ما يحدث في العراق، ولها التأثير الأكبر هناك، مطالباً عدم أخذ الدور الإيراني بحساسية، مع مراعاة أنْ تكون الاتصالات أيضاً على كافة الأصعدة.
كما أيد النائب محمود العالول أيضاً هذا الاقتراح، ودعا إلى البحث عن أكثر الأطراف تأثيراً على الساحة العراقية، وبشكلٍ خاص حزب الله وإيران. كما دعا بعض القوى الفلسطينية التي لها ارتباطات مع جهات في العراق إلى التحرك على هذا الصعيد أيضاً.
كما طالبت النائبة سميرة حلايقة تشكيل لجنة عاجلة لزيارة العالقين على الحدود، ومتابعة شأن الفلسطينيين في العراق، إلى جانب محاولة وضع سياسة سريعة وواضحة تحاول وضع الحلول الآنية والسريعة لمساعدة الفلسطينيين في العراق للخروج من هذه الأزمة.
من جانبها أضافت النائبة نجاة الأسطل ضرورة تشكيل لجنة برلمانية خاصة بهذه القضية للعمل على جميع المستويات والاتصال بالمنظمات الدولية، مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر، لتقصي الحقائق حول ظروف الفلسطينيين في العراق، ووضع المجلس في صورة الوضع، من أجل وضع خطة عمل للتحرك فيما بعد.
وأضاف النائب برنار سابيلا أنّه من الأهمية بمكان في هذه الظروف التركيز على أهمية استصدار وثائق سفر للفلسطينيين في العراق، ويتم بحث هذا الأمر مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، من أجل توفير قدرة للتحركهم إلى الدول المجاورة، على أنْ يشمل هذا الاقتراح أيضاً الفلسطينيين العالقين منذ سنوات في مخيم الرويشيد على الحدود العراقية الأردنية.
وفي الوقت الذي أكّد فيه النائب إيميل جرجوعي أنّ الفلسطينيين الذين كانوا عالقين على الحدود العراقية تم إعادتهم بالأمس بقوة السلاح إلى العراق، وطالب بضرورة حلّ هذه المشكلة أولاً ومن ثم دراسة الوضع الفلسطيني في العراق عامة، من خلال المنظمات الإنسانية.
وأوصى النائب حسني البوريني بالطلب من رئيس السلطة "أبو مازن" إجراء اتصالاتٍ مكثفة بهذا الشأن، والعمل على إثارة هذه القضية بكافّة السبل، بالإضافة إلى الطلب من الهلال الأحمر تنظيم زيارات للفلسطينيين في العراق للتعرف على مآسيهم، وناشد العراقيين استيعاب اللاجئين الفلسطينيين وتوفير الأمن لهمن وتجنيبهم ويلات الفتنية الطائفية لأنّ ما أوصلهم هناك سوى الاحتلال والظلم الصهيونيّ لأرضهم.
وأكّد النائب رياض رداد أنّ ما يحدث للفلسطيينيين في العراق ليس حالة خاصة بهم، وإنما جزء من حالة عراقية عامة، ولا يجوز أنْ نعزز الحديث عن حرب طائفية، لأنّه ليس من مصلحة الفلسطينين الدخول في هذه الفتنة.
وقدم النائب عزام الأحمد الذي كان سفيراً لفلسطين في العراق، تقريراً للحالة الفلسطينية في العراق، حيث أوضح أنّ القيادة الفلسطينية قامت بالفعل باتخاذ كافة السبل الممكنة من أجل التخفيف عن الفلسطينيين في العراق، وأجرت اتصالات مع كافة الجهات المعنية ومن بينها حزب الله، والقوى الشيعية، وقيادات في الحكومة العراقية، "على الرغم من تحفظنا على هذه الجهات، حيث إنّ (أبو مازن) قام مؤخراً بالاتصال بالرئيس العراقي جلال طالباني بهذا الخصوص، وحتى قيادات الاحتلال في العراق تم الاتصال بها سواء من خلال القنصلية في القدس أو في واشنطن" حسب تعبيره.
وأوضح الأحمد أنّ ما كان يسمّى سابقاً "لواء بدر" وأصبح يسمى "لواء الذئب" وهو قوة في وزارة الدفاع العراقية، هو المسؤول المباشر عن عمليات التنكيل بالفلسطينيين في العراق، وأنّ قتل الفلسطينيين هناك أصبح عن طريق الهوية، بالإضافة الى تورط جماعة "عبد العزيز الحكيم والجلبي" والذي قال نائبه نبيل موسوي إنه سيجتث الفلسطينيين جميعاً من العراق، وسيقيم علاقات مع (إسرائيل)" على حدّ وصفه.
وأشار الأحمد إلى أنّ هناك مجموعة أخرى من الفلسطينيين، تم تسفيرهم عبر نفس الجهة التي نقلت الفلسطينيين العالقين على الحدود الأردنية، وعددهم 89 فلسطينياً، إلى منطقة الحسكة على الحدود السورية العراقية، وما زالوا عالقين هناك، مضيفاً أنّ عدة آلافٍ من الفلسطينيين استطاعوا الخروج بشكل فردي من العراق منذ بدء الحرب.وأكّد الأحمد أنّ هناك محاولات كبيرة من أجل زج الفلسطينيين في الصراع الدائر في العراق، على الرغم من أنّ الفلسطينيين لم يكونوا يوماً طرفاً في أية خلافات عراقية، وأنّ هناك قوى طائفية مرتبطة مع قوى خارجية تريد تقسيم العراق، وهو الأمر الحاصل حالياً.
وأوضح أنّه وعلى الرغم من أنّ الآلاف من الفلسطينيين في العراق حصلوا على وثائق سفر، إلا أنّ الحكومة العراقية بدأت منذ فترة برفض تجديد مدة إقامة الفلسطينين في العراق من 6 أشهر ثم إلى 4 ثم إلى شهر فقط. وأكد أنّ السلطة رفعت قضية اللاجئين في العراق إلى القمة العربية في الخرطوم، على الرغم من أنّ المشاورات مع الأردن لم تأتِ بنتيجة حيث إنها رفضت مجرد إقامة مؤقتةً للفلسطينيّين العالقين.
وأصدر المجلس التشريعي الفلسطيني عقب الجلسة بياناً تحدّث فيه عن عدة محاور منها الحملة التي استشهد خلالها حتى هذه اللحظة أكثر من 60 فلسطينياً واعتقال وتشريد المئات. وأدان المجلس التشريعي الفلسطيني بشدة الحملة الظالمة والتنكيل والقتل الذي يتعرض له أبناء شعبنا الفلسطيني على يد جهات حاقدة تحاول أنْ تجعل من الفلسطينيين طرفاً في الصراع الدائر في العراق الشقيق.
وأكّد المجلس التشريعي على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، وأعلن في الوقت نفسه عن تضامن الشعب الفلسطيني مع الشعب العراقي الشقيق في محنته وفي الظروف القاسية التي يعيشها في ظلّ الاحتلال الأمريكي، محمّلاً سلطة الاحتلال في العراق مسؤولية ما يجري بحق أبناء شعبنا هناك، وداعياً الحكومة العراقية إلى اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لحماية أبنائنا الذين هم ضيوف على العراق الشقيق إلى أنْ يتمكنوا من العودة إلى ديارهم ووطنهم فلسطين.
ودعا المجلس التشريعي السلطة التنفيذية الفلسطينية إلى متابعة جهودها وتحركاتها على الساحتين العربية والدولية سياسياً وإعلامياً، من أجل خلق الأجواء التي تضمن وقف حملة التنكيل هذه وتوفير الحماية والحياة الكريمة لأبناء شعبنا في العراق، ومن أجل وضع قضيتهم على أجندة القمة العربية المقبلة في العاصمة السودانية الخرطوم.
وناشد المجلس الأمم المتحدة وأمينها العام كوفي عنان من أجل التدخل لدى الحكومة العراقية وسلطة الاحتلال الأمريكي المسؤولة بموجب إتفاقية جنيف الرابعة عن حماية المدنيين في زمن الحرب والذين يخضعون للاحتلال.
وطالب المجلس الأشقاء في الأردن والعراق إيجاد حلٍّ فوري لأبناء شعبنا الموجودين في ظروف قاسية على الحدود العراقية الأردنية وتأمين إعادتهم سالمين إلى أماكن سكناهم في العراق وأنْ تضمن أيضاً سلامتهم هناك. كما دعا الأشقاء العرب من أجل تقديم كل أشكال المساعدة لهم.