كما يتواجد العديد من اللاجئين الفلسطينيين في تجمعات فلسطينية خارج المخيمات حيث تتركز تلك التجمعات في دمشق وريفها، ودرعا وريفها. وتقوم الحكومة السورية بتوفير الخدمات الأساسية لتلك المخيمات من ماء وكهرباء وصرف صحي، وتقتصر مسؤولية الأونروا في المخيمات على توفير الخدمات وعلى إدارة منشآتها فقط، في حين تقع مسؤولية حفظ الأمن في المخيمات على عاتق الجانب السوري.
الأونروا واللاجئون الفلسطينيون في سوريا
تأسست الأونروا بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول عام 1949، وذلك لتقديم المساعدات وتنفيذ برامج الإغاثة للاجئين الفلسطينيين، حيث بدأت عملها في أيار/مايو 1950.
وتقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة وبشكل دوري بتجديد ولاية الأونروا، وتم مؤخرا التمديد لعمل الأونروا لغاية 30 حزيران 2014.
تقدم الأونروا خدماتها للاجئين الفلسطينيين في خمسة أقاليم هي غزة، والضفة الغربية، والأردن، ولبنان، وسوريا، وتقتصر مسؤولية الأونروا على توفير الخدمات وعلى إدارة منشآتها، وتجدر الإشارة إلى أن الأونروا لا تمتلك أو تدير أو تعمل على حفظ الأمن في المخيمات حيث أن هذه الأمور تقع على عاتق السلطات المضيفة فيما تقوم الأونروا بإدارة مكتب للخدمات في كل مخيم ويقوم سكان المخيم بالرجوع إليه لغايات تحديث بياناتهم أو لغايات طرح القضايا التي تخص خدمات الوكالة مع مدير ذلك المكتب الذي يقوم بدوره بإحالة القضايا التي تهم اللاجئين وإحالة التماساتهم إلى إدارة الوكالة في المنطقة التي يقع ذلك المخيم فيها. وتقدم الأونروا خدماتها للاجئين الفلسطينيين المتواجدين فقط في الأقاليم الخمسة السابقة. أما خارج مناطق عمليات الأونروا، تكون المفوضية العليا لشؤون اللاجئين هي الوكالة الأممية المسؤولة عن توفير الحماية والمساعدة الدولية للاجئين، وذلك حسب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وتحديداً المادة 1 ( د) التي نصت أن "هذا القانون لا ينطبق على الأشخاص، الذين يتلقون المساعدة حالياً من أعضاء أو هيئات الأمم المتحدة، باستثناء المفوضية العامة لشؤون اللاجئين، وفي حال توقفت هذه الحماية أو المساعدة، لسبب أو لآخر، ودون أن تحسم أوضاع هؤلاء الأشخاص بشكل واضح ونهائي، وفقاً للقرارات التي تبنتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة، فإن هؤلاء الأشخاص يؤهلون بطبيعة الحال للاستفادة من هذا القانون".[3] لكن هذا الأمر لم يتم حتى الآن في حالة فلسطينيي سوريا حيث لا يزال الآلاف منهم يعانون من غياب التمثيل والرعاية الدولية في الدول التي نزحوا إليها.
حقوق اللاجئين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي
بموجب قرار تأسيسها، أصبحت الأونروا مسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، حيث تقدم الخدمات الصحية والتعليمية والخدماتية للاجئين الفلسطينيين هناك.[4]
أما الفلسطينيين خارج مناطق عمليات الأونروا، يجب أن تتكفل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمساعدتهم وحمايتهم وذلك وفقا للفقرة الأولى من المادة 1 (د) من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باللاجئين لعام 1951 ”لا تنطبق هذه الاتفاقية علي الأشخاص الذين يتمتعون حاليا بحماية أو مساعدة من هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين“، حيث طبقت الحالة على فلسطينيي العراق.[5]
يشار أنه تم إنشاء المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 14 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1950 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتقضي ولاية المفوضية بقيادة وتنسيق العمل الدولي الرامي إلى حماية اللاجئين وحلّ مشاكلهم في كافة أنحاء العالم، وتكمن غاية المفوضية الأساسية في حماية حقوق ورفاه اللاجئين، كما تسعى المفوضية لضمان قدرة كل شخص على ممارسة حقه في التماس اللجوء والعثور على ملاذ آمن في دولة أخرى، مع إمكانية اختيار العودة الطوعية إلى الوطن أو الاندماج محلياً أو إعادة التوطين في بلد ثالث. كما أن للمفوضية ولاية من أجل مساعدة الأشخاص عديمي الجنسية.[6]
فلسطينيو سوريا وأزمات متكررة في عدة بلدان
أجبرت الأحداث في سوريا الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إلى النزوح إلى البلدان المجاورة، حيث ذكرت وكالة الأونروا أن اللاجئين الفلسطييين نزحوا إلى داخل وخارج سوريا وقدرت عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا داخلياً بنحو 235700 لاجئ فلسطينيي توزعوا كالتالي:
202000 لاجئ فلسطيني في دمشق، 13100 لاجئ فلسطيني في درعا، 6600 لاجئ فلسطيني في حلب،6450 لاجئ فلسطيني في حمص، 4500 لاجئ فلسطيني في اللاذقية، 3050 لاجئ فلسطيني في حماة.[7]
أما من نزح منهم خارج سوريا منذ بداية النزاع، ووفق احصائيات الأونروا:
49.5 ألف إلى لبنان؛ 10166 إلى الأردن؛ 6000 إلى مصر؛ 1000 إلى غزة؛ 1600 إلى تركيا.[8]
اللاجئون الفلسطينيون في سوريا
أعلنت الأونروا في وقت سابق أن حوالي 90% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بحاجة للمساعدة العاجلة[9]، وتجدر الإشارة إلى أن الأونروا لا تقدم خدماتها في الوقت الحالي داخل المخيمات الفلسطينية في سوريا وذلك بحجة أنها مناطق غير آمنة، فيما تقتصر خدماتها على توزيع معونات غير دورية على اللاجئين الفلسطينيين في المناطق الآمنة داخل سوريا، ويذكر أن الأونروا كانت تقدم الخدمات الصحية والطبية والتعليمية والخدماتية للفلسطينيين داخل مخيماتهم.
اللاجئون الفلسطينيون في الدول العربية
رغم وجود اتفاقية الدار البيضاء الصادرة بتاريخ 11/ 9 / 1965 التي رعتها جامعة الدول العربية في ذلك التاريخ، والتي أكدت على وجوب معاملة الفلسطينيين في الدول العربية، معاملة رعايا الدول العربية، من حيث الإقامة والسفر والعمل، مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية، إلا أن هذه الاتفاقية لم تطبق حتى الآن.
تختلف معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا من ويلات الحرب في سوريا من بلد لآخر حيث يبقى العامل المؤثر فيها هو تواجد الأونروا في هذا البلد أو ذاك، وبشكل عام تتلخص معاناة اللاجئين الفلسطينيين بعدة نقاط أهمها المعاناة الاقتصادية، والوضع القانوني، ومعاناة الأطفال في تأمين المدارس، وتوافر الخدمات الصحية، إضافة لإمكانية وصول اللاجئين الفلسطينيين إلى تلك البلدان. وتمنع معظم البلدان المجاورة لسوريا اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا من الدخول إليها بشكل نظامي، حيث يمنع الأردن بشكل رسمي دخول اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إليه، كما توقفت تركيا عن إصدار تأشيرات الدخول للاجئين الفلسطينيين، وكذلك بدأ لبنان بممارسة سياسة غير معلنة بمنع دخول الفلسطينيين إليه.
اللاجئون الفلسطينون في الأردن
يعاني اللاجئون الفلسطينون في الأردن من عدة عقبات في إقامتهم هناك خصوصاً مع قرار الحكومة الأردنية بعدم استقبال اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا على أراضيها الأمر الذي اضطر العديد من اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب السوري إلى إدعاء أنهم مواطنون سوريون حتى يتمكنوا من دخول الأردن مما أسفر عن وضع غير قانوني لتواجد نحو عشرة آلاف لاجئ فلسطيني سوري، وهناك المئات من اللاجئين الفلسطينيين محتجزون داخل مجمع سايبر ستي، وهو مجمع أشبه بمركز اعتقال أمني مغلق حيث يحتجز اللاجئون هناك ولا يسمح لهم بالخروج إلا ضمن قيود وكفالات ليوم أو يومين وفي ظل وجود كفيل أردني يلتزم أمام الدولة ويتحمل مسؤولية إرجاع اللاجئ الفلسطيني إلى السكن"، كما يشكو اللاجئون الفلسطينيون من سوريا إلى الأردن، من ظروف يصفونها بأنها "غير إنسانية" داخل سكن "سايبر ستي" دفعت بعدد من العائلات إلى الهروب، وأصبحوا مطلوبين لدى قوات الأمن الأردنية[10]، ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا في الأردن بنحو10166 لاجئ وذلك بحسب احصائيات الأونروا، وتقتصر خدمات الأونروا على تقديم المواد الغذائية والخدمات الصحية والتعليمية، لكن العقبة الأكبر التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى الأردن هي الإقامة القانونية، فمعظمهم يتحرك دون غطاء قانوني أو على أنهم لاجئين سوريين.
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان
قدرت الأونروا عدد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا في لبنان بنحو 49.5 ألف لاجئ، حيث كان لبنان من الدول التي تسهل دخول اللاجئين الفلسطينيين قبل تشديد إجراءات دخولهم عبر حدوده مع سوريا. وبعد دخولهم إلى لبنان، شكلوا تحدياً للأونروا التي اقتصر دورها في بداية الأزمة على الإحصاء وتقديم المساعدات الطبية والتعليمية لهم، لكن مع تفاقم معاناة اللاجئين في لبنان وتحت ضغط من مؤسسات أهلية لبنانية وسّعت الأونروا من مساعداتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا لتشمل بعض المساعدات المالية. وتعاني الأونروا في لبنان بشكل عام من أزمات وضائقة مالية زاد من تفاقمها وصول نحو خمسين ألف لاجئ فلسطيني من سوريا، مما دفع الأونروا لإطلاق العديد من نداءات الاستغاثة لتلبية حاجات الفلسطينيين النازحين من سوريا.
اللاجئون الفلسطينيون في غزة
نحو 1000 لاجئ فلسطيني من سوريا استطاعوا الوصول إلى قطاع غزة عبر مصر، حيث قامت الأونروا وبعد ضغوطات من المؤسسات الأهلية وبالتعاون مع الحكومة الفلسطينية هناك بتقديم بعض المساعدات للاجئين الفلسطينيين وتضمنت مساعدات مالية وعينية، كما قدمت حكومة غزة حزمة من المساعدات للاجئين الفلسطينيين من سوريا تتضمن مساعدات للسكن والعمل والتعليم، ولا يعاني اللاجئون الفلسطينيون هناك من أي مشكلات تتعلق بالوضع القانوني.
اللاجئون الفلسطينيون خارج مناطق عمل الأونروا
يعاني الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا أزمات إنسانية وقانونية كبيرة في البلدان خارج مناطق عمل الأونروا حيث يتواجد 6000 لاجئ فلسطيني فروا من سوريا إلى مصر، والمئات الموزعين على بلدان العالم.
تتلخص مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بعدم وجود تمثيل قانوني واضح لهم، خاصة أنهم مسجلون لدى الأونروا والتي بدورها تعتذر عن تقديم أي مساعدة لهم بحجة تواجدهم خارج أقاليم عملها، وبالتالي يجب أن يخضعوا لولاية المفوضية لكن هذا الأمر لم يتم، بل بدأت الجهتان بتقاذف المسؤولية، حيث كانت حجة الأونروا أنهم خارج أماكن عملها، وبالتالي يجب أن تطبق عليهم المادة 1 (د) من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باللاجئين لعام 1951 وذلك بعد أن فقدوا حماية الأونروا في أماكن تواجدهم حيث نصت تلك المادة على التالي: ”لا تنطبق هذه الاتفاقية علي الأشخاص الذين يتمتعون حاليا بحماية أو مساعدة من هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين“.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المادة قد طبقت سابقا على اللاجئين الفلسطينيين في العراق، إلا أن المفوضية تمتنع عن تسجيلهم في مصر لأنها تعتبرهم مسجلين لدى جهة دولية أخرى (في سوريا) وهي الأونروا، وفي ظل هذه الضبابية في المواقف، يعاني اللاجئون من أزمات متعددة خاصة فيما يتعلق بموضوع الإقامة، فالعديد من البلدان التي لجؤوا إليها تقنن الإقامات الخاصة باللاجئين الفلسطينيين السوريين خوفاً من بقائهم على أراضيها ومنها مصر على وجه الخصوص والتي شهدت أزمات سياسية كبيرة كان لها انعكاسات سلبية على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين والسوريين هناك.
ويذكر أن معظم اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون في مصر لا يحملون إقامات رسمية في البلاد وذلك بسبب عدم إصدار إقامات لهم دون توضيح الأسباب من الجهات المعنية، ويشار أن الحكومة الجديدة في مصر منعت دخول اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، بينما كان يسمح لهم في عهد الرئيس السابق مرسي بالدخول هم وعائلاتهم دون تأشيرة. وفي مجال التعليم يعاني اللاجئون الفلسطينيون في مصر من عقبات كبيرة في التسجيل بالجامعات المصرية حيث يتم اعتبارهم طلاب عرب مما يضطرهم لدفع مبالغ كبيرة لإتمام تعليمهم، فيما يسمح لطلاب التعليم الثانوي بالدراسة في المدارس المصرية لكن مع إجراءات معقدة للتسجيل.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك نحو 300 لاجئ فلسطيني اعتقلوا في السجون المصرية بتهمة محاولة الهجرة غير الشرعية حيث قُبض عليهم أثناء محاولتهم الوصول لأوروبا عبر الشواطئ المصرية، وأشارت منظمات حقوق الإنسان لمعاناة إنسانية عاشها المعتقلون داخل تلك السجون[11]، وذلك قبل أن يتم الإفراج عن المعتقلين في 10 ديسمبر الجاري وفق ما أعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة.
ملخص
نجد أن مشكلات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا تتوزع عل ثلاث محاور رئيسية:
· اللاجئون الفلسطينيون في سوريا وما يعانوه من نزوح داخلي وغلاء المعيشة وتوتر للوضع الأمني وحصار لمخيماتهم وعدم قدرتهم على الحصول على تأشيرات دخول إلى البلدان المجاورة.
· اللاجئون الفلسطينيون الذين نزحوا من سوريا إلى دول عمل الأونروا، وما يعانونه من مشاكل مادية وقانونية.
· اللاجئون الفلسطينيون في الدول خارج مناطق عمليات الأونروا وما يعانونه من مشاكل قانونية ومن غياب ممثل وراعي دولي لهم، بما يعني ذلك من انتهاك لحقوقهم في مجال التعليم والصحة والعيش الكريم.
توصيات
· تطبيق المادة 1 (د) من اتفاقية اللاجئين لعام 1951 على اللاجئين الفلسطينيين خارج أقاليم عمل الأونروا لكي يتمتعوا بالحماية التي تكفلها لهم الاتفاقية.
· الطلب من البلدان المجاورة لسوريا السماح للفلسطينيين القادمين من سوريا بالدخول وإزالة كافة العوائق التي تحول دون ذلك.
· العمل مع الجهات الدولية الإغاثية منها والحقوقية على الضغط من أجل تحييد المخيمات الفلسطينية في سوريا عن النزاع الدائر هناك.
· الضغط على الجهات الدولية لتوفير المساعدات ودعم الأونروا خاصة في لبنان لتوفير الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين.
المصدر : صحيفة الوسط البحرينية
30-4-2014