بسم الله الرحمن الرحيم
الكل يعرف بأننا نعيش أوضاع قليل ما يطلق بحقها بأزمة بين أحلام الحقيقة وكابوس الوهم و لما كان لها من تأثير واضح على نفوسنا على مدار الأربع سنوات الماضية منذ دخول أول طالب لجوء من فلسطينيي العراق الى جزيرة الأحلام أو قبرص الأحلام وبدئنا منذ ذلك الحين ولحد يومنا هذا نحلم أحلام الخلود ولكن وجدنا أنفسنا لا نمتلك تلك الأحلام وباتت أنفسنا عائمة فوق جزيرة لا يحق لنا فيها ان نحلم بالأمل والأستقرار بل أصبحنا تلقائياً ضحاية للكوابيس المفزعة وباتت أنفسنا غارقة في بحر الأوهام .
إن ما نتحدث عنه ليس سراباً وإنما كنا نتحدث عن واقع, وما زال هذا الواقع حياً وموجوداً, وحتى لو قيل بأن هذا الواقع بات مكبلاً ومقيداً فإن ذلك أمر مؤقت ولا يمكن له أن يدوم إلى ما لا نهاية!!!, إننا نخطيء خطأ بالغاً لو أننا أستسلمنا لدعاوي التوقف عن الحلم لأن ذلك معناه أننا نسلم أنفسنا لبديل آخر اسمه الكابوس فالذين لا يحلمون أحلاما جميلة سوف يقعون في نهاية الأمر ضحايا لكوابيس الوهم!.
وإذا كان الواقع الراهن لا يرضي أمالنا في الحاضر وطموحاتنا في المستقبل فإن معالجة ذلك لا تتم بإغلاق باب الحلم أو بالهروب في أتجاهات أخرى مجهولة وغير معلومة وإنما علينا أن نوجد الأسباب التي تشجع على الحلم والأمل , أريد أن أقول بوضوح أن المراجعة والحساب الذاتي شيء , وقتل الحلم وإغلاق صفحة الرغبة في التصحيح شيء آخر , وهذه المراجعة لا تتصادم مع حقنا في أن نحلم بأن نعيش حقنا في الحياة كسائر الأمم الاخرى التي عاشت احلاماً جميلة في بناء مستقبلها وفتحت احلامهم طريق الأمل لأنفسهم وركلت بعرض الحائط كل معاني الذل والمهانه وأنقذت اإنفسها من بحور الأوهام وسراب الحقيقة , فلم يعد أمامنا من ملاذ سوى الحلم إلا إذا كنا قد أرتضينا أن نبدأ رحلة التقهقر والإندثار كمثل تلك الأمم التي أستسلمت للكوابيس وخاصمت الأحلام تحت وطأة الإحساس بالعجز في عصور التردي والأنحطاط.
فعلينا أن لا ننصاع الى من يقول بأن زمن الحلم قد أنتهى ونركض خلف سراب وأوهام لأن هذه الدعوى تخاصم الحقائق وثوابتها ولكي لا نكتشف الخيبة والضياع ونجعل كوابيس الفشل تطاردنا لتطفئ شمعة الأمل التي تضيئ طريق العز والكرامة وهذا بدوره يعكس روحاً تشاؤمية لا يجوز أن ننساق إليها مهما كانت الأسباب ومهما كان حجم الإحباطات التي صادفت كل الجهود والمساعي الرامية والتي حالت دون حصول ذلك.
ولكن كيف نحمي أنفسنا من حقيقة الوهم ووهم الحقيقة في ظل صعوبة الأدراك بين الحدود الفاصلة بين الحقيقة والوهم , وكيف نحمي الحقيقة ونظهرها بدون التواءات ووهم يعتريها , وكيف نقنع النفس التي أقتنعت بحقيقة ما وأمنت بها وسَيرت باقي أفكارها وفقا لقناعاتها بهذه الحقيقة أن كل قناعاتها ما هي إلا أوهام , وكيف نقتنع أن ما رفضناه أحيانا كوهم هو الحقيقة بعينها بكل قسوتها , وهل الحقيقة والوهم يتم استخدامهما كوجهين لعملة واحدة مما يجعلنا نقع في براثن عدم التيقن بالواقع.
................................وفي النـهاية ................................
هل لدينا شجاعة الاعتراف عندما نتيقن من حقيقة الوهم ووهم الحقيقة ؟؟؟؟؟؟؟؟ والفاشلون نوعان... من يحلم ولا يعمل.. ومن يعمل دون أن يحلم! فقد حان الأوان بأن نفرق بين الحقيقة والوهم في معركتنا النفسية وعلينا ان لا نجعل إنفسنا من الفاشلين ولكن لنحلم ونعمل ونحقق احلامنا وتكون لنا الشجاعة بالتمسك بالحقيقة ورفض الفشل لكي ننام مع احلام سعيدة ولا ننغمس في كوابيس الوهم قد تفقدنا صوابنا ولن ندرك في حينها معاني النجاح.
ولكم مني أطيب التحيات
كاتب فلسطيني من قبرص
17/10/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"