فلسطينيو العراق .. هنا نكبة أخرى

بواسطة قراءة 576
فلسطينيو العراق .. هنا نكبة أخرى
فلسطينيو العراق .. هنا نكبة أخرى

لم يتمكن اللاجئ الفلسطيني أبو عبدالله من دفع إيجار منزله منذ أكثر من ثلاثة أشهر لتوقف عمله، وهو سائق أجرة في العاصمة العراقية بغداد، بسبب جائحة “كورونا” التي أثرت في معظم القطاعات والمهن.

وفي حال لم يدفع أبو عبدالله الإيجار سيكون مصيره هو وأفراد أسرته، المكوث في الشارع.

حاول أبو عبدالله أن يحصل على فرصة عمل أفضل، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، بسبب القوانين العراقية التي تمنع اللاجئ الفلسطيني في العراق من ممارسة عدد كبير من المهن.

وهو يعاني كغيره من اللاجئين الفلسطينيين في العراق، من إجراءات الحكومة العراقية الهادفة إلى تطويقهم وتهجيرهم مرة أخرى.

حياة صعبة

يقول أبو عبدالله لـ”درج”: “اللاجئ الفلسطيني في العراق يعيش في ظروف صعبة. كل يوم تصدر قوانين جديدة تنغص علينا حياتنا. لم أتمكن من ممارسة أي مهنة يعمل فيها عراقيون، وفي حال تجاوزت القوانين يكون مصيري السجن، لذلك اضطررت للعمل على سيارة أجرة لتوفير متطلبات الحياة.

يتابع: “كلفة الإيجار في مناطق سكن اللاجئين الفلسطينيين مرتفعة جداً، وعلى الصعيد الشخصي بالكاد أستطيع توفير كلفة إيجار الشقة التي تبلغ 250 دولاراً، وهو ليس مبلغاً بسيطاً في ظل الظروف الصعبة التي نعاني منها، وغلاء المعيشة بسبب تداعيات الحرب الطائفية.
تواصل اللاجئ الفلسطيني مع جهات عدة لمساعدته في دفع الإيجار، وإدراجه على قائمة المستفيدين الذين يتلقون بدل إيجار من السلطة الفلسطينية، ومؤسسات أخرى، إلا أن طلبه قوبل بالرفض.

ويبين أن معاناة اللاجئين ازدادت سوءاً بعد إلغاء القانون (202)، الذي يقضي بمعاملة اللاجئ الفلسطيني كالمواطن العراقي في نواح عدة.

اللاجئ محمود جمال، الذي يعيش في العراق منذ أكثر من 50 عاماً يتمنى مغادرة العراق في أسرع وقت ممكن، والعودة إلى وطنه فلسطين للتخلص من المعاناة المستمرة التي يعاني منها اللاجئون.

ضحايا الطائفية

يوضح جمال لـ”درج” أنهم “قبل عام 2003، كانوا يعيشون باستقرار، على رغم تذبذب القرارات التي كانت تصدر بحقهم، إنما بعد هذا التاريخ تغير أسلوب التعامل مع اللاجئين، وأصبحوا ضحايا الطائفية ونكبات متلاحقة من قتل واختطاف واعتقالات كيدية وتغييب.

ويتابع: “بمجرد إصدار القرار (76)، أصبحنا في متاهة كبيرة، فالقانون لا يحمينا، ولا يوجد نص واضح يحدد حقوقنا الإنسانية، في ظل تقصير مفوضية اللاجئين والسلطة الوطنية الفلسطينية والسفارة الفلسطينية وأيضاً دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية. كلهم مقصرون في متابعة شؤوننا، على رغم أن معاناتنا معروفة بكل تفاصيلها.

اللاجئ الفلسطيني في العراق يعاني الأمرين في الحصول على فرصة عمل، في ظل غياب قانون يحميه ويحمي حقوقه، إضافة إلى حرمان عائلات الموظفين الفلسطينيين المتقاعدين من مستحقاتهم المالية بعد وفاتهم. “أوضاعنا صعبة جداً لا نحسد عليها، وبحاجة الى مراجعة ومتابعة فعلية من دون تسويف، والخروج بقرارات مصيرية”، يقول محمود جمال، لافتاً إلى أنه ورفاقه اللاجئين المقيمين في العراق، باتوا يحلمون بالهجرة إلى دول أوروبا، أو حتى العيش داخل أماكن اللجوء في فلسطين في الضفة الغربية أو قطاع غزة، “مهما كانت الظروف سيئة في فلسطين لن تكن أسوأ من ظروفنا الحالية.

اللاجئ الفلسطيني في العراق يعاني الأمرين في الحصول على فرصة عمل، في ظل غياب قانون يحميه ويحمي حقوقه.

وينحدر اللاجئون الفلسطينيون في العراق من قرى حيفا والقرى المجاورة لها (جبع – اجزم – عين غزال – عين حوض – صرفند)، وتم توزيعهم على كل من بغداد، الموصل، البصرة، ولكن بعد دخول “داعش” إلى الموصل، وما عاناه الفلسطينيون من هذا الاحتلال، نزحت أسر كثيرة إلى إقليم كردستان العراق، أربيل.

وكان عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق حوالى 35 ألفاً، ولكن بعد احتلال “داعش” وتردي الأوضاع الأمنية، والاستهداف الطائفي للاجئين الفلسطينيين بدأ عددهم يتناقص، إذ لجأ كثيرون إلى المخيمات هرباً من بطش الميليشيات الطائفية من جهة والاحتلال الأميركي من جهة أخرى، ما دفعهم إلى الهجرة، فتناقص عددهم إلى حوالى 5000 لاجئ.

متى استقر وضع فلسطينيي العراق؟

يقول الباحث والإعلامي الفلسطيني حسن الخالد لـ”درج”: “لم یستقر الوضع القانوني للفلسطینیین منذ وصولهم إلى العراق عام 1948، حتى عام 2001 بعد صدور القرار المشھور رقم (202)، والذي ساوى بین الفلسطیني المقیم، والمواطن العراقي، في الحقوق والواجبات ما عدا حق الجنسیة، و"خدمة العلم"، وكل من لا یعمل بھذا القرار يُعاقب بالسجن 6 أشھر قبل النظر في قضیته.
يضيف:” بدأت تتغير معاملة الحكومة العراقية للاجئين الفلسطينيين، حتى صدور القرار (76) عام 2017، الذي ألغى قرارات لـ"مجلس قيادة الثورة" المنحل، منها القرار (202)، وبذلك لم تعد أوضاع اللاجئين منظمة، وفقدوا المساواة مع العراقيين، وباتوا يعانون عند مراجعة الدوائر الحكومية لإنجاز المعاملات.

وينوه إلى أن أزمة السكن تضاف إلى مسلسل معاناة اللاجئين في العراق، الذين يتمركزون في مناطق البلديات، الزعفرانية، حي السلام، التي شيدت منذ أكثر من 30 سنة، وما زالت كما هي ببناها التحتية القديمة وخدماتها المعدومة، إذ لم تشهد هذه المناطق أي إصلاحات أو عمليات ترميم.

أوضاع اقتصادية متردية

وبحسب الخالد، فإن اللاجئ الفلسطيني في العراق يعاني من وضع اقتصادي مترد، بفعل المضايقات التي يتعرض لها، وبخاصة بعد دخول “داعش” إلى العراق.

يتكرر مشهد رفض الفلسطينيين في الأعمال والمؤسسات التي يملكها عراقيون، ما أدى إلى زيادة نسبة البطالة بينهم.

ويتطرّق الخالد في هذا الإطار، إلى “تكاليف الدراسة الباهظة التي تزيد الأعباء على رب الأسرة، فيضطر إلى إخراج أبنائه من المدارس، ليبقوا في البيت أو يعملوا في أي شي لتأمين قوتهم.

اللاجئ الفلسطيني في العراق يعاني من وضع اقتصادي مترد، بفعل المضايقات التي يتعرض لها، وبخاصة بعد دخول “داعش” إلى العراق.

يقول الناشط الفلسطيني نبيل سمارة لـ”درج”: “الفلسطينيون في العراق تأثروا كثيراً بتفشي كورونا، وبخاصة مع فرض حظر التجول، فاضطروا إلى الجلوس في بيوتهم بلا عمل أو معيل، علماً أن معظمهم مياومون، وإن لم يعملوا يومياً لا يأكلون.

يتابع: “لا أحد يهتم بقضية اللاجئين على الإطلاق، إنه يواجهون مصيراً مجهولاً من دون تدخل أحد. كانت قضية اللاجئ الفلسطيني في العراق لبعض السنوات بطاقة رابحة لدى السلطة الفلسطينية، وبعض الفصائل، ولكن اليوم لا أحد يهتم، وما يصدر مجرد كلام وشعارات.

ويفيد بأن الفلسطيني في العراق غير مسجل في وكالة الغوث “الأونروا”، وذلك بسبب توقيع اتفاقية عام 1951 بين العراق والأمم المتحدة، التي تفرض على العراق أن يتولى الإشراف الكامل على اللاجئين الفلسطينيين فيه، مقابل عدم دفع ما عليه من تبرعات للأمم المتحدة، وبناءً عليه أُخرج العراق من مناطق عمليات الأونروا.

 

على الدرج
14/2/1442
1/10/2020