المسجد الأقصى مستقبل الأمة " الارتباط السياسي والأخلاقي " ج4- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 5374
المسجد الأقصى مستقبل الأمة " الارتباط السياسي والأخلاقي " ج4- رشيد جبر الأسعد
المسجد الأقصى مستقبل الأمة " الارتباط السياسي والأخلاقي " ج4- رشيد جبر الأسعد

من مظاهر ومكونات هذا الارتباط الحيوي الهام..

1-    بعد استشارة الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقال لعمر ما دام ذهابك إلى فلسطين وبيت المقدس فيها نصرا وفتحا للإسلام فاذهب حتى تستلم مفاتيح مدينة إيلياء، كان لهذه الاستشارة الناصحة الهادفة من الإمام علي بن أبي طالب ثمرتها في فتح بيت المقدس بعد أن ذهب عمر بن الخطاب بنفسه عام 15هـ الموافق 2-5-636م بعد إن تسلم بيت المقدس وارض الأقصى، وتسلم مفاتيح بيت المقدس أو مدينة ايلياء كما كانت تدعى وهو اسم عربي – من الراهب العربي السوري صفرو نيوس، وقد منح الخليفة عمر وثيقة العهدة العمرية إلى نصارى القدس، وهي ارقى واول واقدم وثيقة سياسية دستورية متفردة في العالم تدعوا لاحترام معتقدات الاخرين، وعدم اكراههم في الدين، والعيش بسلام مع الجميع والقبول بالاخر، ونشر ثقافة الحوار وقيم التسامح ومبادئ الحق والعدل والمساواة. في ظل عقيدة التوحيد

كانت الجيوش الإسلامية الجرارة التي تحاصر القدس وفيهم من القادة شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وغيرهم وقيادة امير الجيوش أبو عبيدة الجراح والامير الذي ليس عليه امير عمر بن الخطاب... كانوا في موضع ظفر وقوة ونصر، كانوا في موقع القوي المنتصر الغالب فلم تسمح لهم أخلاقهم الإسلامية الانتقام وسفك الدماء، وقتل النساء والشيوخ والاطفال، وانتهاب أو نهب الممتلكات والتحرش بالنساء واغتصابهن والأذى وإحراق البيوت أو نشر الرعب والخوف ... كل هذا لم يحدث ولن يحدث ما دام الفاتح، مادام المنتصر دعاة الإسلام وقادته وجنوده الذين تربوا وتخرجوا من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم... دخل المسلمون وجيوشهم الجرارة لبيت المقدس وفيها النصارى العرب وغيرهم من بقايا الروم ويعلنها عمر يا أهل ايلياء لكم ما لنا وعليكم ما علينا... يا أهل ايلياء انتم امناء على انفسكم واعراضكم واموالكم وكنائسكم...

هذا هو شرع الإسلام... شرع ومنهج الله في الأرض... هذا هو قمة الحق والتسامح والعدل وثقافة الحوار...

حقا كانت وثيقة العهد العمرية وثيقة سياسية متفردة رائدة في نشر قيم التسامح وثقافة الحوار والحب ومبادئ العدل والمساواة... والقبول بالاخر.

وهذا نص وثيقة (العهدة العمرية) كما دونها المؤرخون.

سمى عمر بن الخطاب رضي الله عنه لاهل ايلياء (العهدة العمرية ) ونصها:

 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هذا ما أعطى عبد الله عمر امير المؤمنين أهل ايلياء من الامان، أعطاهم أماناً لانفسهم واموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، ومقيمها وبريئها، وسائر ملتها، انه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار احد منهم، ولا يسكن بايلياء معهم احد من اليهود، وعلى أهل ايلياء إن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعلى إن يخرجوا منها الروم واللصوص.

شهد على ذلك، خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن ابي سفيان وكتب وحضر سنة خمسة عشر للهجرة.[1]

كان هذا الفتح الأخلاقي المبارك يوم الخميس المصادف عام 15هـ يوم 20ربيع الاول الموافق 2/5/636م.

هذه الوثيقة نموذج أعلى للتسامح وثقافة الحوار والقبول بالآخر وأرقى وثيقة يمكن إن يتعامل ويتعاون من خلالها كل البشر بكرامة وعدل وأمان واحسان، وما موجود النصراني واليهود وغيرهم يعيشون معنا في الوطن العربي والعالم الإسلامي الا نتيجة وأثر لهذا العهد فضلا عن سلوك واحاديث الرسول وما جاء به القرآن الكريم.

ولا تزال نسخة الوثيقة العهدة العمرية في كنيسة القيامة بالقدس التي يرعاها حاليا الراهب العربي الغيور الاب عطا الله حنا، يحتفظون بهذه العهدة... ويعتزون بها... وحين جاء للحكم الخليفة العثماني سليمان القانوني قدمت له العهدة العمرية فمسكها بيديه ورفعها إلى راسه احتراما لمضمونها ولكاتبها. وكانت مخاطبات سلاطين ال عثمان بهذه العبارة:

(خادم الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى اولى القبلتين )- (عارف العارف: القدس، ص168)

2-    حكم العرب المسلمون في القدس وفلسطين والشام بشكل متصل تقريبا مدة 1400سنة، مدة ألف واربعمائة سنة، عهد الراشدين والدول الاموية والعباسية والمماليك والفاطميين والسلاجقة والايوبيين والعثمانيين... حكم إسلامي عادل طويل خلال هذه العهود نعمت الأمة خلالها بالامن والامان والعدل والتسامح والاستقرار الى حد كبير... وخلالها عم الخير والرخاء والسلام عدا فترة الاحتلال الافرنجي (1099-1187م) الذي تم دحره وطرده في معركة حطين يوم 27رجب عام 583هـ الموافق 2/10/1187م... تم دحره وطرده من بلاد العرب والمسلمين بفضل الله سبحانه وتعالى... بفضل السواعد المؤمنة المتوضئة المفتولة.

 

رشيد جبر الأسعد

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] المؤرخ الواقدي في فتوح الشام، جزء 1، صفحة، (164-165)، محمد جرير الطبري: جزء 3 صفحة (105)، خطط الشام، جزء1 (صفحة 118)، ومجير الدين الحنبلي، جزء(1) صفحة (255)، والعماد الاصفهاني: الفتح القسي في الفتح المقدسي، صفحة (127-130).