في الوطن والشتات يعيش أكثر من سبع ملايين لاجئ فلسطيني في ظروف
معيشية صعبة لم تساعد على النهوض بحياتهم وتقدمهم كباقي شعوب الأرض وما ضاعف
المعاناة أن القلاقل في الدول المضيفة انعكست على حياة اللاجئين حيث ارتكبت بحقهم
المجازر والانتهاكات المختلفة في لبنان والعراق وحاليا في سوريا حيث أن المخيمات السورية منذ بدء الثورة السورية
كانت هدفا لقوات النظام السوري.
بسبب هذه الأزمات الخطرة عاش الفلسطينيون في المنافي نكبات متتالية
فعلى سبيل المثال بعد غزو العراق قتل من
الفلسطينيون المئات وهجر معظمهم إلى كافة أنحاء العالم، وفي سوريا اليوم أيضا قتل المئات من اللاجئين الفلسطينيون وهرب
منهم الآلاف إلى دول الجوار حيث أصبحت المخيمات في لبنان والتي كانت بالأمس القريب
هدفا للمتحاربين فارتكبت بها أفظع المجازر أصبحت ملاذا آمنا للفارين من جحيم القتل
والتدمير في سورية.
وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م لا يختلف حال
الفلسطينيين لاجئين وغير لاجئين حيث تعرضوا ولا زالوا لأبشع الانتهاكات الجسيمة
التي ترتكبها قوات الاحتلال فشكلت نكبات لا تقل بشاعة عن نكبتي عامي 1948 و1967.
يعيش الفلسطينيون تحت احتلال فاشي يعمل بشكل حثيث على تهويد الأرض
ومصادرتها وبناء المزيد من المستوطنات وتقطيع أوصال المدن والتضييق على الناس في
رزقهم واستهداف الرافضين لسياسة الاحتلال بالاعتقال والقتل وبفعل التنسيق الأمني
بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال فإن الأخير يعيش أزهى عصوره فهو يعتبر أرخص احتلال
في التاريخ ،إنها نكبة ما بعدها نكبة.
وفي القدس المحتلة نسخة مركزة من النكبات فالاحتلال يستبيح كل شيء
في المدينة البشر،الحجر،الشجر حتى الأموات في قبورهم لم يسلموا،المقدسات والمسجد
الأقصى على رأس المستباحين حيث يعمل الاحتلال جاهدا على هدمه وبناء ما يسمى
الهيكل،ما يجري في القدس أكثر من نكبة إنها عملية اجتثاث للهوية العربية
والإسلامية وتدمير لإرث إنساني عمره مئات السنين بدعاوى تلمودية زائفة،إن ما تعيشه
القدس هو عملية ذبح متسارعة على مرأى ومسمع العالم أجمع.
وفي قطاع غزة فقد فتك الاحتلال هناك بكل شيء حاصروه ،جوعوا الناس
ثم شنوا حربين مدمرتين قتلت المئات وجرحت وشردت الآلاف،هدّمت المباني وقُتل الأطفال
على مرأى ومسمع المجتمع الدولي دون أن يحركوا أي ساكن، ولا زال القطاع يدفع ثمن
صموده الأسطوري يرزح تحت حصار خانق بتواطؤ واضح من أطراف عربية يسطر النكبة تلو
النكبة.
في فلسطين المحتلة عام 1948م يعاني الفلسطينيون من خطر التطهير
العرقي حيث أن قوات الاحتلال ماضية في إجراءاتها الطاردة لمن بقي صامدا في أرضه
فهي تعمل ليل نهار على مصادرة الأراضي والتضييق على الناس في لقمة العيش وتهويد
الأماكن الدينية من تراث ومقابر ومساجد وتحويلها إلى خمارات ومتاحف ومطاعم، إضافة
إلى سياسة خطرة تستهدف النشأ الجديد بسلخهم عن تاريخهم وتراثهم وبث ثقافة تركز
اهتمامات الشباب على نمط الحياة المادي الاستهلاكي.
وفي الوقت الذي يقوم به أحرار العالم من "كنائس" وجامعات
وعلماء ومكونات هامة أخرى بمقاطعة الكيان الفاشي وإخراجه عن الشرعية تقوم أطراف
عربية وإسلامية بمد جسور التواصل مع هذا الكيان وطرح المبادرات التي تشجع على
التهويد،فهذا العالم البريطاني الشهير هوكينجز شاهد ليس على شلل هؤلاء إنما على فساد
عقولهم وتحللهم من كل المبادئ فهوكينجز مصاب بشلل تام لا يقوى حتى على تحريك شفتاه
لكنه يملك عقلا متقدا ومبادئ دفعته ليعلن مقاطعته أي نشاط تكون "إسرائيل"
طرفا فيه.
إن نكبتنا الحقيقة هي في شلل المبادئ لدى الأمة العربية والإسلامية
طوال سنوات الصراع فالتاريخ والوثائق التي أمكن جمعها أثبتا أن بعض الأنظمة
الرسمية كانت سببا في قيام هذا الكيان وعاملا أساسيا في حدوث النكبة وحاميا بعد
ذلك لكيان الاحتلال بعد قيامه، ومتآمرا على حقوق الشعب الفلسطيني حتى هذه اللحظة.
ذكرى النكبة تكشف أن المسؤولين الفلسطينيين طوال سنوات الصراع لم
يرتقوا إلى المستوى المطلوب من المسؤولية تجاه أهم قضية مركزية فأضاعوا الحقوق في
أروقة المفاوضات وتنازلوا عن كل الحقوق الثابتة واختلفوا وتصارعوا وانفصلوا ببقع
جغرافية تحت الحصار والاحتلال ،ومضى على هذا الحال أكثر من ستة سنوات وما يسمى
بالمصالحة تراوح مكانها وقد لاحت في الأفق فرص عديدة لإعادة اللحمة لم يغتنموها والاحتلال
يغتنم كل فرصة لقضم الأراضي وبناء المستوطنات وتهويد القدس عاصمة دولة فلسطين.
إن ذكرى النكبة والنكبات المتتالية تؤكد أن قضية فلسطين ليست قضية
لاجئين إنما قضية شعب يسعى إلى الحرية والانعتاق من احتلال غاشم عاث في الأرض
فسادا ،أهلك الزرع والنسل وامتد أذاه إلى مختلف دول العالم الأمر الذي يتطلب توحيد
الصفوف وتركيز الجهود للحفاظ على الحقوق وإعادة الاعتبار للقضية.
إن ما تجسده النكبة بعد مرور 65 عاما باعتبارها شاهدا على الانحطاط
الخلقي والقيمي لصناع القرار في العالم الذين استكانوا وتآمروا على حقوق الشعب
الفلسطيني في سبيل رفاه وسعادة "إسرائيل" على حساب مصير شعب بأكمله فإلى
اليوم وبعد مرور هذه السنين لا يستطيعون إلزام "إسرائيل" بالتراجع خطوة
واحدة إلى الوراء في أي من الملفات وأكثر من ذلك فهم يمدونها بالمال والسلاح على
اعتبار أنها شريك استراتيجي.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو العرب
والمسلمين حكاما ومحكومين إلى مراجعة حقيقية لموقفهم من القضية الفلسطينية الذي أصبح
باهتا لا يرقى إلى مستوى الجرائم التي يرتكبها الاحتلال يوميا بحق الشعب الفلسطيني
ومقدساته والتي أصبحت أمرا روتينيا حيث استمرأ الاحتلال على تصعيدها بسبب الصمت
وعدم القيام برد يتناسب وحجم هذه الجرائم.
وتؤكد المنظمة في ظل المشاريع الكثيرة التي يجري الترويج لها بين
الحين والآخر لتصفية القضية الفلسطينية أن حقوق الشعب الفلسطيني حقوق ثابتة لا
تقبل التصرف يحميها إصرار الشعب الفلسطيني على استعادتها وقواعد القانون الدولي
الآمرة التي تقرر أن المساس بهذه الحقوق يقع منعدماً.
المنظمة
العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا
00447778677132
المصدر : موقع المنظمة العربية لحقوق الإنسان
في بريطانيا
15/5/2013