المسجد الأقصى مستقبل الأمة " الارتباط الروحي " ج1- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 7068
المسجد الأقصى مستقبل الأمة " الارتباط الروحي " ج1- رشيد جبر الأسعد
المسجد الأقصى مستقبل الأمة " الارتباط الروحي " ج1- رشيد جبر الأسعد

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) {سورة الإسراء/1}

قال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)

{سورة الأنبياء/105}

قال تعالى: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) {سورة آل عمران/68}

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: تذاكرنا ونحنُ عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أيَّهما أفضلُ مسجدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أو مسجدَ بيتِ المقدسِ فقال رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صلاةٌ في مسجدي هذا أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيهِ ولَنِعْمَ المُصلَّى.[1]

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ: المسجدِ الحَرامِ، ومسجدِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومسجدِ الأقصى )[2].

وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله و هم كذلك )[3].

قال علي رضي الله عنه: نعم المسكن بيت المقدس القائم فيها كالمجاهد في سبيل الله , و ليأتين زمان يقول أحدهم ليتني لبنة في بيت القدس.

يا قدس هذا زمان الليل فاصطبري *** فالصبح من رحم الظلمــاء مسراه
يـــــا قدس لا تقلقي فالحق منتصر *** و صــــــــاحب الحق ليس يرده الله
مـــــا دام في القلب عهد قد حفظناه *** و في اليمين كتـــــاب ما تركنـــــاه

 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ومن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) {سورة آل عمران/102}.

للمسلمين في العالم العربي والوطن الإسلامي، وفي مشارق الأرض ومغاربها، روابط عقائدية وعضوية وروحية وجهادية وحضارية وسياسية وتعبدية وثقافية وأخلاقية وتاريخية وثيقة راسخة مع المسجد الأقصى المبارك في القدس، بيت المقدس في فلسطين وبلاد الشام.

روابط وعلاقات شرعية واضحة ثابتة، وعلائق متينة، وهموم مشتركة، لأجل منطلق وطموح وأهداف الأمة الإسلامية نحو السؤدد والكرامة والسيادة والعلا.. والتي يجب أن تلتزم نصرة فلسطين وأهلها من منطلق إسلامي وأخلاقي.

أن هم، وهدف، والتزام، ومسؤولية تحرير فلسطين العربية الإسلامية المغتصبة من المعتدي الغاصب الصهيوني هو الهدف الأسمى، والمبتغاة الذي يؤمن به، ويعمل لأجله كل مسلم على ظهر الأرض تلبية لأمر، لنداء القرآن الكريم وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، في دفع العدوان، وصد الباغي، ورفض الذل... وإعادة الحق المغتصب لأهله...

إذا كانت عشرات من مشاكل العالم، لها طابعها وحلولها وعلاجها تحل بطرق عديدة ومختلفة، أما القضية الفلسطينية فهي قضية إسلامية بالأساس، وقضية إسلامية بامتياز، لا تحل إلا بالعودة إلى الله، والنهوض بالإسلام وتحقيق وحدة قوى المسلمين الخيرة وتحرير فلسطين.. وإقامة عقيدة التوحيد وشرع الله في الأرض... والحكم بما أنزل الله..

يرتبط المسلمون في العالم العربي والوطن الإسلامي بالمسجد الأقصى والقدس وفلسطين والشام بروابط عقائدية وروحية وتعبدية وأخلاقية وسياسية وحضارية وثقافية وجهادية وتاريخية..

لابد لكل مسلم واع غيور مؤمن بالله واليوم الآخر أن يرفض الظلم والذل.. وأن يعرف هذه الروابط الوثقى المتينة التي تربطه مع المسجد الأقصى والقدس وفلسطين ويعمل بمقتضاها وعلى ضوئها لأنها من صلب واجبه ومن متطلبات ومن مكملات إيمانه وإسلامه وإنسانيته وعقيدته ووجوده وأخلاقه وتفكيره وطموحه.

من هذه الروابط الشرعية والدينية المستوحاة من القران الكريم ومن سنة المصطفى، وسيرة السلف الصالح وشواهد التاريخ العربي الإسلامي...

1-    الارتباط الروحي:

والمتمثل بمعجزتي ورحلتي الإسراء والمعراج الميمونتين، حينما أسري بنبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم مع الملك جبريل عليه السلام بواسطة الناقلة المعجزة الدابة البراق ليلا من المسجد الحرام في مكة وأرض الحجاز إلى المسجد الأقصى في القدس بفلسطين والشام، وما في هاتين الرحلتين الشريفتين المعجزتين من أخبار وتشريع وأهداف ومعاني، استوعبها وفهمها المسلمون، وعرفوا أهمية الإسراء والمعراج، والتي قال عنها ابن تيمية "إن ليلة الإسراء والمعراج هي أهم من ليلة القدر، فقد سئل الشيخ احمد بن تيمية عن ليلة القدر وليلة الإسراء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل؟؟

قال: ليلة الإسراء أفضل في حق النبي محمد صلى الله عليه وسلم وليلة القدر بالنسبة إلى الأمة، فحظ النبي الذي اختص به ليلة المعراج منها أكمل من لحظة من ليلة القدر وحظ الأمة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج وإن كان لهم أعظم حظ، لكن الفضل والشرف والرتبة العليا إنما حصلت فيها لمن اسري به صلى الله عليه وسلم[4].

ومن القدس على أرض وباحة المسجد الأقصى عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، فكانت القدس وتحديدا باحة وأرض المسجد الأقصى محطة ونقطة إسراء واستقبال للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ثم منطلقه وعروجه من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى، ثم عودته واستقباله من السماوات العلى إلى أرض الأقصى ثانية وعودته إلى مكة، كل هذا خلال فترة قصيرة وجزء من الليل، وهذه من الروابط الروحية والشرعية والدينية التي على كل مسلم ومسلمة أن يعرفها ويؤمن بها إيمانه بالقران والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الروابط هي ثلاث مدن طاهرة مقدسة محدودة معروفة مباركة لا تشد الرحال إلا إليها الواحدة تؤم الأخرى .

كما على كل مسلم ومسلمة أن يؤمنوا بان إسراء الرسول صلى الله عليه وسلم ومعراجه قد تم له بالروح والجسم واليقظة، وكل من يشك في ذلك ويقول أنها رؤيا، أو كذا فهو يشك بالقران ويكذب بالقران ويكذب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال علماء السلف والخلف على مدار 1430عام إن إسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تم له باليقظة وبجسمه وروحه ودمه.

لذلك إن كل مسلم حين يتذكر، وحين يستذكر المسجد الأقصى الأسير المهدد والقدس وفلسطين المغتصبة فورا يتذكر حبيبه ونبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستذكر معه معجزتي الإسراء والمعراج، وأهمية المسجد الأقصى بالنسبة للعرب والمسلمين.

في فضل وأهمية المسجد الأقصى والقدس وفلسطين في الإسلام وعند المسلمين، فقد روى أبو عبد الله المقدسي ( العلامة والجغرافي الشهير ) في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) أنه قال أمام جمع من العلماء والجمهور في مجلس (جماهيري) عام عقد في العراق الشقيق قال فضل مدينة القدس على مدن الدنيا، إن القدس تفضل على مدن الدنيا، فأستهول الناس قوله، ولكنه برهن وعلل حكمه بقوله:

(...وإما الفضل فلأنها عرجة القيامة، ومنها المحشر، وإنما فضلت مكة والمدينة بالكعبة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويوم القيامة يزفان إلى القدس، فتحوي الفضل كله... فاستحسنوا منه ذلك واقروه.)[5]. إذن حادث الإسراء والمعراج حادث عقائدي ومفصلي بالنسبة لكل المسلمين... وأرض فلسطين والأقصى المقدسة المباركة... إلى قيام الساعة...

جاء في كنوز القدس:

( أن مكة بلد عظمه الله، وعظم حرمته، وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئا من الأرض يومئذ، ووصلها بالمدينة، ووصل المدينة ببيت المقدس، ثم خلق الأرض بعد ألف عام خلقا جديد)[6].

  رشيد جبر الأسعد

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] السلسلة الصحيحة ( 6/ 954).

[2] رواه البخاري.                                                   

[3] السلسلة الصحيحة برقم 1957.

[4] مجموع فتاوى ابن تيمية ( 25/186 ).

[5] ابو عبد الله المقدسي: كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ص165، والنص عن د. إسحاق موسى الحسيني في عروبة بيت المقدس،ص3.

[6] المهندس رائف يوسف نجم وآخرون: كنوز القدس ص23.