لماذا أصبح فلسطينيو العراق مستهدفين الآن في حياتهم ؟

بواسطة قراءة 10570
لماذا أصبح فلسطينيو العراق مستهدفين الآن في حياتهم ؟
لماذا أصبح فلسطينيو العراق مستهدفين الآن في حياتهم ؟

مرة أخرى ينسج الحدث الفلسطيني نفسه في العراق، ليؤكد أن هناك تلازماً مصيرياً بين الشعبين العربيين في تجرع العلقم بعدما تعددت أنواع العذابات، وتشابهت ظروف الاضطهاد في ظل مناخات الاحتلال الذي يطبق على خناق بلدينا الشقيقين، وإن اختلفت الأهداف التي تثبت أن الاحتلالي الإسرائيلي لفلسطين أبدياً لا يرتبط سقفه إلا بقدرٍ إلهي لا نعلمه حتى الآن، فيما تؤكد حقائق التاريخ وأبجديات الواقع أن الاحتلال الأمريكي للعراق سينتهي عاجلاً أم آجلاً كما لا يعتري ذلك أي شك.

 

  بدهشةٍ كبيرة تلقينا خبر اختطاف طالبٍ فلسطيني يدرس في جامعة الموصل بأم الربيعين شمال العراق قبل يومين، من خلال خبر يتيم صاغته ونشرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفــا" تؤكد فيه اختطاف الطالب في السنة الرابعة  بكلية الآداب "رامي دعاس" من قرية بديا في مدينة سلفيت بالضفة الغربية المحتلة على أيدي مجهولين في الموصل، وتقول عائلة دعاس المكلومة في بيانٍ لها وزعته استعطافاً لكل من يستطيع المساهمة في إطلاق سراح ولدها رامي، أن ابنها ما زال يتلقى العلاج الضروري بعد استئصال جزء من مخه إثر تعرضه لحادث سير في فلسطين قبل التحاقه بالجامعة، مقسمةً باليمين والسكين أنه لا يوجد مبرر لاختطافه لحظة واحدة، وهذا ما يزيد الدهشة استغراباً ويدفعنا للمطالبة للتسريع بالإفراج عن رامي، ولا سيما أن امتحانات الجامعات العراقية ستبدأ في أواخر أيام هذا الشهر.

 

   لا نريد الزج في هذا المقال بجملة تساؤلاتٍ وآلام حول أسباب ما يعانيه الفلسطينيون في العراق المحتل، لنضع علامات استفهامٍ كبيرة ونقول: لماذا أصبح فلسطينيو العراق مستهدفين الآن في حياتهم هناك؟ ولماذا تحول الفلسطيني المقيم في العراق إلى شخص غير مرغوبٍ فيه؟ وهو الذي يعيش اختباراً قدرياً من الشتات إلى الشتات منذ عام 1948، ولطالما وقع في فخ المؤامرة السياسية التي ليس له فيها ناقةٌ ولا جمل في بعض البلدان العربية كلما وقع حادث سيرٍ على طريقٍ صحراوي، ليجد الفلسطيني نفسه أمام أصابع الاتهام، وهل لنا أن نسأل أهلنا وأشقائنا وأخواننا العراقيين الذين ندعو لهم الله حريةً وأمناً واستقراراً عن حجم المرارة التي يعيشونها، لنقول لهم أننا قد سبقناهم إليها مكبلين مرغمين بخمسة وخمسين عاماً، وأننا في فلسطين نرابط بالنيابة عن كل العرب والمسلمين، فلا تكونوا علينا وأنتم الأقدر على فهمنا من غيركم، كما نحن معكم بالمثل بحكم واقعية الجرح واستمرار النزيف.

 

   تتوجه القلوب إلى كل الطيبين والشرفاء والأحرار والأسوياء من بني يعرب في أرض الرافدين، وتخاطبهم الحناجر وتتعلق بهم الآمال من أجل العمل على فك قيد رامي دعاس، وتمكينه على قضاء ما تبقى له من أيام الدراسة في العراق حتى يعود سالماً غانماً إلى أهله ووطنه، الذي هو في أمس الحاجة إلى أبنائه جميعاً... فلا سمح الله إن كتب القدر لرامي أن يمسه سوء فإن ذلك لن يكون في صالح سمعة العراق ولا سيما المقاومة فيه، وخصوصاً أن حالات الاختطاف باتت محصورة على الأغلب في أفعال المقاومة التي نتمنى عليها أن تبين موقفها من قضية رامي، وتنادي كل من لهم طرف في هذا الموضوع إطلاق سراحه كي لا يزيد همنا هماً.

     لقد مر على اختطاف رامي أكثر من اثنتين وسبعين ساعة، وهي قضية منتهية إذا ما نظرنا إلى حجم حبنا وأملنا في العراق وأهله... ولكن الشيء المخجل والمحزن في آنٍ واحد ألا تلتفت السلطة الفلسطينية إلى هذا الملف، ولو بتوجيه نداء قوي للأخوة في العراق من أجل العمل على إطلاق سراح رامي دعاس، في حين أن حركات التحرر الفلسطينية مشغولة  بأمرها و حالها في الانتخابات المحلية التي جرت نهاية الأسبوع المنصرم، لينكفئ الأخوة في فتح مع المجاهدين في حماس و الجهاد الإسلامي و معهم الرفاق في الجبهتين الشعبية والديمقراطية،  في أحاديثٍ مهما كبرت وعظمت تبقى جانبية، أمام سلامة مواطن فلسطيني سافر طلباً للعلم، أي أنه في جهادٍ قد يعدل أو يزيد عن جهادهم، إذا ما أدركنا أن صفاء سريرة رامي دعاس ستكون حتماً أنقى من سرائرهم .