سؤال طالما راودنا كثيرا وتبادر إلى اذهاننا .. ومن حق كل مسلم أو فلسطيني عنده حرقة على دينه وقضيته أن يسأل هذا السؤال ، والسين هنا للمستقبل القريب ، فهل حقيقة في ظل الموجودين الآن والعاملين للأقصى والأرض المباركة وفلسطين سنرى نور النصر والتحرير ؟؟!!! .
لقد وعد الله عز وجل بفتح بيت المقدس والله لا يخلف الميعاد ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق من الله حديثا ، حيث يقول جل وعلا ( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ) وأخبرنا أيضا عليه الصلاة والسلام بذلك وهو الصادق المصدوق حيث يقول ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ) حديث صحيح .
ولقد رتب الله تعالى للنتائج والآثار مقدمات وأسباب لابد من سلوكها ، والحديث يشير إلى أنه لابد أن يتصف من سيحرر الأرض المباركة المقدسة بالإسلام النقي الصافي الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام بعيدا عن الشعارات البراقة والدعاوى الزائفة فضلا عن أن يكون عبدا لله حقيقة لا لغيره كما نشاهد هذه الأيام .. فعباد الكراسي والمناصب .. وعباد الدراهم والدنانير .. وعباد الزعامات والوقوف أمام الفضائيات .. وحضور المؤتمرات والجلوس في المقدمة أمام المنصات .. والتنافس في المزارع والأبراج والعمارات .. هذا حال الأغلبية إلا من رحم الله وقليل ما هم .
فأين هؤلاء من صلاح الدين رحمه الله عندما سئل : لم لا نراك تبتسم ؟! قال : لن أبتسم وبيت المقدس في يد الصليبيين ، وعندما كان يتفقد جنوده في الليل فعندما يرى جنوده يقرأون القرآن أو يصلون يقول : من هنا يأتي النصر ، وعندما يراهم نائمين يقول من هنا تأتي الهزائم ، مع أنهم يلصون الصلوات لكن ناموا عن قيام الليل وتكاسلوا عنه ، بينما من يتصدر الآن ويتزعم كيف حالهم وبعضهم لم يركع لله ركعة واحدة ومنشغلون في لعب الميسر وأماكن الخمر والخنا ، فبالله عليكم هل يستحق هؤلاء فتح المقدسات وتحريرها من براثن اليهود الغاصبين المعتدين ، وربنا جل في علاه يقول ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) ويقول سبحانه ( ولينصرن الله من ينصره ) ، وقد تجد أيضا شريحة كبيرة ممن يدعون الصلاح وحسن القيادة والتصدر منشغلون بالمؤتمرات والتجارات والعقارات والوقوف أمام الكاميرات وإبراز الشعارات وترتيب الكلمات وكأنهم سيحرروا الأقصى في لحظات .. فإلى الله المشتكى رب الأرض والسماوات .
فهل بأمثال هؤلاء ستحرر البلاد ويعاد الحق المغتصب لأهله وأصحابه ؟!!! بحسب الواقع المشاهد والأحوال فهذا أمر بعيد المنال ، لأنهم منشغلون غارقون كل منهم أصبح ولائه لفصيله وحزبه وتنظيمه وهلم جرا من كثرة التسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وكل منهم أصبح وكأنه الوصي على القضية الفلسطينية وعلى الآخرين الانصياع لرأيه وعدم ممانعته !!.
ولو تطرقنا قليلا لما حصل لأهلنا في الشتات عموما وفلسطينيي العراق خصوصا لوجدنا العجب العجاب ، فهم يستغيثون صباح مساء يفترشون الرمال وتسترهم السماء ، تعرضوا للذل والهوان وسوء الأحوال المعاشية والإنسانية ، ولا مجيب لهم أو ملتفت إليهم ، لأنهم لا موقع لهم من الإعراب في الدولة الجديدة ولا هم محسوبون ضمن الكعكة منزوعة السيادة التي سيتم التوصل إليها بحسب المصالح الفئوية والحزبية ، بل في كثير من الأحيان يقع اللاجئ الفلسطيني ضحية تلك المماحكات والمناوشات والتجاذبات السياسية والحزبية ، بدلا من أن تقدم مصلحته على مصالحهم .
فهل بأمثال هؤلاء الذين تركوا أهلهم وإخوانهم يتعرضون للقتل والتشريد والتهجير والشتات وهم جزء قليل ( 25000 فلسطيني ) في العراق أي جزء يسير جدا من ستة ملايين لاجئ ، فكيف بهم في مشاكل اللاجئين في لبنان وما يعانونه وفي غزة والضفة وسائر أماكن اللجوء والشتات !!!.
وهل القيادات الآن مؤهلة لاسترداد ولو جزءا من الحقوق الضائعة للفلسطينيين في ظل صراعاتهم على الكعكة الضائعة ، على الأقل أولئك الذين لهم أكثر من سنتين في الصحراء على الحدود العراقية السورية ، ولماذا هذا البرود في التعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين في العراق ولم تكن ضمن أولوياتهم بينما اليهود الغاصبين أقاموا الدنيا ولو يقعدوها بسبب أسر أحدهم وجعلوا من قضيته ورقة أساسية في جميع مفاوضاتهم ومحافلهم ولقاءاتهم ، فهو يتصدر أجندة أي كلام بما يخص التهدئة أو مفاوضات السلام المزعوم أو التوصل لأي حل شامل كما يدعون ؟!!.
وبالمقابل فإن القيادات الفلسطينية للأسف تتفرج إذ يموت الفلسطينيون جوعا في الصحراء ويتعرضون للإهانة والتنكيل والاضطهاد في العراق ولم يكن على بالهم جعل هذه القضية ضمن أولويات التفاوض أو الحوار أو حتى التهدئة ، ولماذا لم يشترطوا على العرب الذي يسارعون في طرح المبادرات وتقريب الوجهات ، بأن يكون الوضع المأساوي للفلسطينيين في العراق كجزء من الحل ، أو كورقة ضاغطة على اليهود والأمريكان لتسوية وضعهم ؟!!!.
ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
فلماذا هم يساومون على أدنى الأشياء ونحن قد ضيعنا أولوياتنا ، وكأن الأمر وقف عند الشعارات واللافتات والدعاوى الخاوية ، والصراع لازال دائرا وكأن لسان الحال من يسابق الآخر كي يحصل مكسبا إضافيا في معترك السياسة المملوءة بالكذب والغش والخداع .
أما تذكروا موقف هارون الرشيد عندما كتب إليه نقفور : من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيدق فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أمثالها إليها لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها وافتد نفسك بما يقع به المصادرة لك وإلا فالسيف بيننا وبينك.
قال: فلما قرأ الرشيد الكتاب استفزه الغضب حتى لم يمكن أحداً أن ينظر إليه دون أن يخاطبه وتفرق جلساؤه خوفاً من زيادة قول أو فعل يكون منهم واستعجم الرأي على الوزير من أن يشير عليه أو يتركه يستبد برأيه دونه فدعا بدواة وكتب على ظهر الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم. من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يابن الكافرة والجواب ما تراه دون أن تسمعه. والسلام.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح
فهل من يقود زمام الأمور مؤهل لتحرير أرضنا ؟!! وهل هم صادقون ناصحون فيما يقولون ؟!! أم على مأساتنا يرتقون ؟!! وبمصالحهم ومنافعهم غائصون ؟!! وبملذاتهم منشغلون ؟!! وعن قضايانا بعيدون غافلون ؟!!.وبالرغم من ذلك فإن وعد الله آت ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ويقول جل في علاه ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ... ) ، لكن لابد من تحقيق دواعي وأسباب النصر والتمكين والعزة والرفعة كي ننال ذلك ونسترد حقوقنا .
3/11/2008
أيمن الشعبان
باحث مختص بشأن الفلسطينيين في العراق