ويقود هذا التعرض على الفلسطينيين أحزاب وميليشيات وأجهزة أمنية رسمية ( عراقية ) تشارك فيها أحيانا قوات الاحتلال الأمريكية نفسها كما حدث مؤخرا حيث قامت تلك القوات بحشد قوة كبيرة من الآليات والدبابات والمدرعات والمشاة وطوقت نادي حيفا الرياضي وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والحي السكني للفلسطينيين في منطقة البلديات ومعلوم أن هذه الحملة كانت ذات خلفيات طائفية وعنصرية معادية للعرب والعروبة يزعم القائمون بها بأنهم كانوا ضحية لاضطهاد النظام السابق المطاح به ويتهمون الفلسطينيين عموما بالانحياز لذلك النظام ومشاركته لاجهزته القمعية والأمنية في قمع المعارضين العراقيين علما أن النظام السابق كان لا يسمح لأي عربي بالانتساب إلى أجهزته الأمنية والمخابراتية وهذا الادعاء خال من الصحة ولا يوجد إلا في مخيلات المعادين لفلسطين وشعبها العربي البطل .
لقد كثر الأخذ والرد حول هذا الموضوع وبولغ في تفاصيله وحيثياته حتى فكر الناس داخل وخارج العراق أن وزن الجالية الفلسطينية لا يقل عن وزنها في سوريا ولبنان بينما هم حسب احصاءات ودفاتر مديرية الإقامة لا يزيدون عن أربعين ألف مقيم منذ سنة 1948 عام النكبة ولحد الآن فيما يبلغ تعداد الفلسطينيين في لبنان حوالي 400 ألف نسمة كذلك في سورية .
معنى ذلك أم ثمة قدرا كبيرا من التهويل والمبالغة المقصودة في وزن الوجود الفلسطيني في العراق تحركه عوامل عديدة لعل من أنشطها في الوقت الحاضر الراهن العاملين الطائفي والقومي .
يسكن أكثر من 85% من الفلسطينيين في العاصمة بغداد وتنتشر البقية في محافظات الجنوب والوسط وهم مندمجون جيدا في المجتمع العراقي وخصوصا لاجئي 48 دون أن يعني ذلك وجود فتور ما بعلاقتهم بقضيتهم المركزية العادلة قضية فلسطين .
إن ما هو سائد حاليا هو مجرد افتراءات يتهم بها الفلسطينيين في العراق ولا يخرج عن إطار الاتهامات الكيدية وتشنيعات الغوغاء والمحازبين الطائفيين لبعض الأحزاب المتحالفة مع الاحتلال ومما يقال وتروج له بعض الصحف والفضائيات الصفراء أن الفلسطينيين كانوا موالين لنظام صدام وأن النظام كان يمنحهم الأراضي والمساكن والمنح المالية وهذا كله محض افتراءات فالفلسطيني كان يعاني حتى في زمن صدام مما يعاني منه المواطن العراقي .
ويعاني الفلسطينيون حاليا وضمن إجراءات التضييق عليهم إلى معاملة قاسية من قبل مديرية الإقامة التي قررت تجريد الفلسطينيين من وثائق قيدهم ووثائق السفر بشكل غير مباشر حيث جعلت الإقامات ووثلئق السفر نافذة لشهر واحد إضافة إلى أنواع أخرى من المضايقات الادارية التي أصبحت لا تطاق .
لا يمكن وصف الحياة التي كان يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في العراق خلال المرحلة السابقة بأنها نموذجية في رفاهيتها فهذا الكلام غير صحيح حيث منعوا من حق التملك وامتلاك سيارة والتلفون وفتح محل وحتى دفتر التوفير في البريد والتعيين في دوائر الدولة وكل هذا مدون في قرار صدر عن مجلس قيادة الثورة خص به العرب عموما وشمل الفلسطينيين أيضا الذين كانوا لا حول لهم ولا قوة في ذلك ويستطيع من يشك في ذلك مراجعة القرار الذي صدر في جريدة الوقائع العراقية إن كان يريد المعرفة والاستيضاح والحقيقة .
إن إدانة هذه الحملة الظالمة والمطالبة بوقفها فورا هما أمران عاجلان ومبدئيان لا يمكن تأجيلهما وينبغي لكل المواطنين العراقيين ومن مختلف المشارب والانتماءات المشاركة فيها دفاعا عن كرامة وتقاليد الشعب العراقي التي لن يلطخها نفر حقود وهي في الوقت ذاته مهمة نبيلة لا تقل شأنا في الدفاع عن فلسطين التي سال على ثراها الطاهر دم عراقي وعربي زكي غزير منذ النكبة ولحد الآن .