بتاريخ 4/8/1974 ولد الفلسطيني محمد عبدالفتاح محمود كساب أبو خليفة بمدينة الحرية في العاصمة العراقية بغداد ، تنحدر أصوله من قرية إجزم قضاء حيفا شمال فلسطين المحتلة ، نشأ كسائر الأطفال الفلسطينيين في العراق وسط المجمعات الفلسطينية وبين أهله وأشقائه وأصدقائه وزملائه ، وعندما بلغ الست سنوات التحق بمدرسة التضحية الابتدائية بمدينة الحرية في بغداد ، وفي عام 1986 تخرج من المدرسة الابتدائية ، وفي حينها غادر مع أهله منطقة الحرية وتركوا السكن هناك ليسكنوا في المجمع الفلسطيني في منطقة البلديات ببغداد ، وأكمل الدراسة في المدرسة المتوسطة والمدرسة الاعدادية واستطاع النجاح في البكالوريا وتخرج من الاعدادي ليلتحق بالجامعة المستنصرية في بغداد ويدخل كلية العلوم قسم الرياضيات ، ثم تخرج من الجامعة وحاز على شهادة البكالوريوس في علوم الرياضيات .
عرف الشاب محمد بحسن سيرته وخلقه وطيبته وكان محبوب من قبل زملائه في الدارسة ومن قبل أصدقائه في المنطقة ، الجميع كان يأنس في مجالسته لحسن كلامه ولسانه ، لا نذكر انه يوما قد تشاحن او تشاجر مع احد ما او احد ما قد تشاجر معه ، كان صديق لكل فئات المجتمع .
بعد تخرجه واجه صعوبة في إيجاد عمل حاله كحال سائر الشباب الخريجين في ذلك الوقت لصعوبة الحال التي يمر بها البلد ، وواجه ايضا صعوبة في التعيين في مؤسسات الدولة حاله أيضا كحال كل الفلسطينيين في ذلك الوقت ، ثم عمل مع زوج اخته في احد المعامل .
الشاب محمد عبدالفتاح كان يسكن مع أهله عمارة الكرمل في المجمع (رقم 7 حاليا) المدخل الأول شقة رقم 6 في الطابق الثاني ، وفي مساء يوم 21/3/2000 بعد صلاة العشاء وتقريبا في الساعة الثامنة مساءا كان محمد واقف يتسامر ويتكلم مع أصدقائه في المجمع وأمام المدخل الذي يسكن فيه ومجاور دكان العم أبو حسين رحمه الله الذي عادة ما يتجمع الشباب هناك للتكلم مع بعضهم البعض وللنقاش في امورهم ، فسمع صوت والدته تنادي عليه من الطابق الأعلى حيث يسكن فنظر الى الشرفة فوجد والدته ولم يعلم انها آخر نظرة بينهما ، ثم قالت له تعال اشرب الشاي .
بعد هذه اللحظات سقطت قذائف هاونات الغدر الطائفية على مجمع البلديات من قبل أناس لا يخافون الله تعالى ويدعون الاسلام ويعتقدون ان قتلنا وذبحنا يقربهم الى الله تعالى ، وسقطت احدى القذائف الغادرة في باحة العمارة التي كان يقف فيها محمد مع مجموعة من الشباب واصابت شظية كبيرة محمد في ظهره إصابة بالغة ، سارعت والدته بالنزول إلى باحة العمارة وسط زحام الناس وهلعهم ووسط أجواء الخوف التي كانت تسود وتزامنت مع انقطاع التيار الكهربائي وهي تبحث عن ولدها وتنادي عليه ووجدته ملقى على الأرض وسط الدماء فقالت له محمد محمد رد علي يا ولدي لكنه قد فارق الحياة في الحال .
قام رفاقه بعدها بنقله الى المستشفى مع عشرات من الضحايا الفلسطينيين حيث أسفر هذا الاعتداء الآثم عن جرح العشرات جروح مختلفة أكثرهم جروحهم بالغة ، واستشهاد بإذن الله ثلاثة من الفلسطينيين وهم محمد عبدالفتاح كساب أبو خليفة والحاج يوسف عثمان أبو فلاح أحد وجهاء اللاجئين الفلسطينيين في العراق ، وخالد موسى أحمد أبو حمد (العظمة) الذي توفي لاحقا متأثرا بجراحه ، كما أسفر الحادث عن استشهاد بإذن الله اثنين من الأشقاء العراقيين الذي كانوا يتواجدون في مجمع البلديات من ضمنهم احد لاعبي نادي حيفا الرياضي وهو اللاعب باعث عبود الدليمي ، رحمهم الله جميعا .
الشاب محمد عبدالفتاح رحمه الله تعالى كان قد كتب قصيدة قبل أيام من مقتله عن الأم ويصف فيها فراق الأم لولدها عندما يقتل ، وكأنه يصف حاله مع والدته ، وكأنه يعلم انه سيقتل ، حيث جاء فيها :
الأم لما تصــــــــرخ
وابنها ميت قتيـــــل
ملهاش غير الدموع
على خدها تسيـــــل
ضناها راح منهـــا
ويا رب صبر همها
الجنة كانت تحتهــا
أمنا الروح والدليـل
الفقيد محمد عبدالفتاح محمود كساب أبو خليفة رحمه الله تعالى هو شقيق كل من الأخوة محمود أبو عمار المقيم في السويد وخالد أبو محمد المتواجد في سوريا ويوسف الشهر بـ(وليد) المقيم في السويد وياسر الشهير بـ(أحمد) المتواجد في العراق .
رحم الله فقيدنا محمد وكل من سقط في هذا الحادث الطائفي الجبان الذي كان الشرارة الأولى للعنف الطائفي الموجه ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في العراق ، نسأل الله أن يتقبله ويتقبل من سقط معه ويحسبهم من الشهداء وأن يسكنه ويسكن من سقط معه في جنات عرضها السموات والأرض ، ونسأل الله تعالى أن ينتقم من قاتيلهم الذين تلخط ايديهم بدماء أبناء شعبنا الأبرياء وبدماء الأبرياء من اشقائنا العراقيين ، قال تعالى : { وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ } [إبراهيم : 42] .
هذه نبذة مختصرة عن الشهيد بإذن الله محمد عبدالفتاح كساب أبو خليفة رحمه الله تعالى نسأل الله أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجه الكريم .
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"