زكاة الفطر وأحكامها وبعض الأسئلة حول أحكامها

بواسطة قراءة 9294
زكاة الفطر وأحكامها وبعض الأسئلة حول أحكامها
زكاة الفطر وأحكامها وبعض الأسئلة حول أحكامها

http://www.paliraq.com/images/001pal/zf.jpg

http://www.paliraq.com/images/001pal/zf2.jpg

 

زكاة الفطر وأحكامها وبعض الأسئلة حول أحكامها

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد.
فهذا عرض مختصر لأحكام زكاة الفطر وعيد الفطر، مقروناً بالدليل، تحرياً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم و اتباعاً لسنته.

·        حكمها: زكاة الفطر فريضة على كل مسلم؛ الكبير والصغير، والذكر و الأنثى، و الحر والعبد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير؛ على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. و أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة”أخرجه البخاري.

·        فتجب على المسلم إذا كان يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، فيخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين كالزوجة والولد. و الأولى أن يخرجوها عن أنفسهم إن استطاعوا؛ لأنهم هم المخاطبون بها. أما الحمل في البطن فلا يجب إخراج زكاة الفطر عنه؛ لعدم الدليل. وما روي عن عثمان رضي الله عنه، وأنه “كان يعطي صدقة الفطر عن الحَبَل” فإسناده ضعيف. (انظر الإرواء 3/330).

·        حكم إخراج قيمتها: لا يجزئ إخراج قيمتها، وهو قول أكثر العلماء؛ لأن الأصل في العبادات هو التوقيف، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمتها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” أخرجه مسلم.

·        حكمة زكاة الفطر: ما جاء في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” أخرجه أبوداود وابن ماجة بسند حسن.

·        جنس الواجب فيها: طعام الآدميين؛ من تمر أو بُر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم. قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: “كنا نخرج يوم الفطر في عهد رسول النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب و الأقط والتمر” أخرجه البخاري.

·        وقت إخراجها : قبل العيد بيوم أو يومين كما كان الصحابة يفعلون؛ فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في صدقة التطوع : “و كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين” أخرجه البخاري، وعند أبي داود بسند صحيح أنه قال : “فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين”.

و آخر وقت إخراجها صلاة العيد، كما سبق في حديث ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم.

·        مقدارها: صاع عن كل مسلم لحديث ابن عمر السابق.

والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال، بمكيال أهل المدينة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة” أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح. والصاع من المكيال، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد وقفت على مدٍ معدول بمد زيد بن ثابت رضي الله عنه عند أحد طلاب العلم الفضلاء، بسنده إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فأخذت المد و عدلته بالوزن لأطعمة مختلفة، و من المعلوم أن الصاع أربعة أمداد فخرجت بالنتائج الآتية:

أولاً: أن الصاع لا يمكن أن يعدل بالوزن؛ لأن الصاع يختلف وزنه باختلاف ما يوضع فيه، فصاع القمح يختلف وزنه عن صاع الأرز، وصاع الأرز يختلف عن صاع التمر، والتمر كذلك يتفاوت باختلاف أنواعه، فوزن (الخضري) يختلف عن (السكري)، و المكنوز يختلف عن المجفف حتى في النوع الواحد، وهكذا. ولذلك فإن أدق طريقة لضبط مقدار الزكاة هو الصاع، وأن يكون بحوزة الناس.

ثانياً: أن الصاع النبوي يساوي : (3280 مللتر) ثلاث لترات و مائتان وثمانون مللتر تقريباً.
ثالثاً: عدلت صاع أنواع من الأطعمة بالوزن. فتبين أن الموازين تتفاوت في دقة النتيجة فاخترت الميزان الدقيق (الحساس) و خرجت بالجدول الآتي:

 

زكاة الفطر

د. يوسف بن عبدالله الأحمد

نوع الطعام

 وزن الصاع منه بالكيلو

أرز مزة

2.510

أرز بشاور

2.490

أرز مصري

2.730

أرز أمريكي

2.430

أرز أحمر

2.220

قمح

2.800

حب الجريش

2,380

حب الهريس

2.620

دقيق البر

1.760

شعير

2.340

تمر (خلاص) غير مكنوز

1.920

تمر (خلاص) مكنوز

2,672

تمر (سكري) غير مكنوز

1.850

تمر (سكري) مكنوز

2.500

تمر (خضري) غير مكنوز

1.480

تمر (خضري) مكنوز

2.360

تمر (روثان) جاف

1,680

تمر (مخلوط) مكنوز

2.800

 

·        وأنبه هنا أن تقدير أنواع الأطعمة هنا بالوزن أمر تقريبي؛ لأن وضع الطعام في الصاع لا ينضبط بالدقة المذكورة. و الأولى كما أسلفت أن يشيع الصاع النبوي بين الناس، ويكون مقياس الناس به.

·        المستحقون لزكاة الفطر: هم الفقراء والمساكين من المسلمين؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق: ".. وطعمة للمساكين”.

·        تنبيه: من الخطأ دفعها لغير الفقراء و المساكين، كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب أو الجيران أو على سبيل التبادل بينهم و إن كانوا لا يستحقونها، أو دفعها لأسر معينة كل سنة دون نظر في حال تلك الأسر؛ هل هي من أهل الزكاة أو لا ؟.

·        مكان دفعها تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه، و يجوز نقلها إلى بلد آخر على القول الراجح؛ لأن الأصل هو الجواز، و لم يثبت دليل صريح في تحريم نقلها.

 

 

سؤال وجواب عن زكاة الفطر

 

السؤال:
هل حديث (لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر) صحيح ؟ وإذا كان المسلم الصائم محتاجاً لا يملك نصاب الزكاة، هل يتوجب عليه دفع زكاة الفطر لصحة الحديث أم لغيره من الأدلة الشرعية الصحيحة الثابتة في السنة؟

الجواب 
صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته: صاع، والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر –رضي الله عنهما– قال: (فرض رسول الله –صلى الله عليه وسلم– زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) متفق عليه واللفظ للبخاري.

وما روى أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : (كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول – صلى الله عليه وسلم – صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط) متفق عليه.

ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحوه، والمقصود بالصاع هنا : صاع النبي – صلى الله عليه وسلم –، وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة. وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء، وأما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم صحته.

ونسأل الله أن يوفقكم، وأن يصلح لنا ولكم القول والعمل، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(5733) الجزء التاسع ص464)


زكاة الفطر عن الجنين

السؤال:
هل الطفل الذي ببطن أمه تدفع عنه زكاة الفطر أم لا؟


الجواب:
يستحب إخراجها عنه لفعل عثمان – رضي الله عنه –، ولا تجب عليه لعدم الدليل على ذلك.
(فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(1474) الجزء التاسع ص 366)


وقت إخراج زكاة الفطر

السؤال:
هل وقت إخراج زكاة الفطر من بعد صلاة العيد إلى آخر ذلك اليوم؟


الجواب:
لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بإخراجها قبل الصلاة، ولما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه بن عمر - رضي الله عنهما – قال: (فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صدقة الفطر من رمضان..)، وقال في آخره (وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين). فمن أخرها عن وقتها فقد أثم وعليه أن يتوب من تأخيره، وأن يخرجها للفقراء.
(فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(2896) الجزء التاسع ص373)


 الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء ؟

السؤال:
ما الحكمة من تشريع زكاة الفطر؟ وهل يجوز تقسيم زكاة الفطر على عدة فقراء؟

 
الإجابة:
أجاب عليه فضيلة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فإن الحكمة من تشريع زكاة الفطر هو تطهير الصائم من اللغو والرفث، ويدل لذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين)، رواه أبو داود وابن ماجة والدارقطني والحاكم وصححه
وذلك أن الصائم في الغالب لا يخلو من الخوض واللهو ولغو الكلام، وما لا فائدة فيه من القول، والرفث الذي هو الساقط من الكلام، فيما يتعلق بالعورات ونحو ذلك، فتكون هذه الصدقة تطهيراً للصائم مما وقع فيه من هذه الألفاظ المحرمة أو المكروهة، التي تنقص ثواب الأعمال وتخرق الصيام.
والقصد من زكاة الفطر كذلك التوسعة على المساكين، و الفقراء المعوزين، وإغناؤهم يوم العيد عن السؤال والتطوف، الذي فيه ذل وهوان في يوم العيد الذي هو فرح وسرور؛ ليشاركوا بقية الناس فرحتهم بالعيد، ولهذا ورد في بعض الأحاديث:(أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم (،أخرجه الدار قطني وابن عدي وابن سعد في الطبقات بسند فيه مقال.

ومعنى الحديث: يعني أطعموهم وسدوا حاجتهم، حتى يستغنوا عن الطواف والتكفف في يوم العيد، الذي هو يوم فرح وسرور.

ثم إن إخراجها عن الأطفال وغير المكلفين والذين لم يصوموا لعذر من مرض أو سفر داخل في الحديث، وتكون طهرة لأولياء غير المكلفين، وطهرة لمن أفطر لعذر، على أنه سوف يصوم إذا زال عذره، فتكون طهرة مقدمة قبل حصول الصوم أو قبل إتمامه.

أما عن تقسيم زكاة الفطر على عدة فقراء فلا بأس بذلك، فإذا كان الفقراء كثيرين جاز أن تفرق عليهم زكاة شخص واحد، كما يجوز أن يعطى الفقير الواحد زكاة عدد من المزكين والله أعلم.


إخراج زكاة الفطر نقداً

السؤال:
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً بدلاً من الطعام، وذلك لحاجة الناس الآن إلى النقد أكثر من الطعام؟

الجواب: 
المجيب: أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان 

إخراج القيمة في زكاة الفطر اختلف فيها العلماء على قولين:

الأول: المنع من ذلك. قال به الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأحمد، وقال به الظاهرية أيضاً، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر في الصحيحين “فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من بر، أو صاعاً من شعير،(وفي رواية أو صاعاً من أقط)، على الصغير والكبير من المسلمين. ووجه استدلالهم من الحديث: لو كانت القيمة يجوز إخراجها في زكاة الفطر لذكرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وأيضاً نص في الحديث الآخر “أغنوهم في هذا اليوم"، وقالوا: غنى الفقراء في هذا اليوم يوم العيد يكون فيما يأكلون حتى لا يضطروا لسؤال الناس الطعام يوم العيد.

والقول الثاني: يجوز إخراج القيمة (نقوداً أو غيرها) في زكاة الفطر، قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه، وقال به من التابعين سفيان الثوري، والحسن البصري، والخليفة عمر ابن عبد العزيز، وروي عن بعض الصحابة كمعاوية بن أبي سفيان، حيث قال: “إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر”، وقال الحسن البصري: “لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر”، وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله في البصرة: أن يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم، وذكر ابن المنذر في كتابه (الأوسط) : إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير.

ومما سبق يتبين أن الخلاف قديم وفي الأمر سعة، فإخراج أحد الأصناف المذكورة في الحديث يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد، وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم بلدان العالم اليوم، ولعل حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “أغنوهم في هذا اليوم"، يؤيد هذا القول؛ لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه..، ولعل العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث، هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر،حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم. والله أعلم.


 دفع زكاة الفطر مالاً

السؤال:
فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان _حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد حصل خلاف بين بعض الإخوة في حكم دفع زكاة الفطرة مالاً بدلاً من الطعام، وكان لكل شخص رأيه من الناحية العلمية وأختصرها لكم في عجالة:

الأول يقول: يحرم دفع زكاة الفطرة مالاً؛ لأنه مخالف لفعل الرسول _صلى الله عليه وسلم_. 
الثاني يقول: الأفضل أن تدفع طعاماً ودفع المال جائز، ولكن مخالف للسنة.

الثالث يقول: الأفضل أن ينظر حال الفقير وحال بلده ووضعه، فقد يكون المال أفضل له.
فالسؤال يا فضيلة الشيخ: هل أحد من السلف أفتى بدفع المال بدلاً من الطعام؟

وهل لو أن أحداً دفع زكاة الفطر مالاً؛ لأن الفقير يريد ذلك يكون أفضل؟


الإجابة:
اجاب عليه فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

هذه المسألة إحدى المسائل الخلافية، وأئمة السلف مختلفون في دفع القيمة في زكاة الفطر.

وترجيح هذا أو ذاك محل اجتهاد فلا يضلل المخالف أو يبدع.

والأصل في الاختلاف في مثل هذه المسألة أنه لا يفسد المودة بين المتنازعين ولا يوغر في صدورهم، فكل منهما محسن ولا تثريب على من انتهى إلى ما سمع.

وقد كان كثير من الأئمة يقولون في حديثهم عن المسائل الخلافية: “قولنا صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب”.

وقد ذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر.

قال الإمام أحمد: ”أخاف ألا يجزئه، خلاف سنة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_"، وهذا مذهب مالك والشافعي.

وقال الإمام ابن حزم _رحمه الله_: “لا تجزئ قيمة أصلاً؛ لأن ذلك غير ما فرض رسول الله _صلى الله عليه وسلم_".

و ذهب عطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة وغيرهم إلى جواز دفع القيمة عن الطعام.

قال أبو إسحاق السبيعي -وهو أحد أئمة التابعين-: ”أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام”، رواه ابن أبي شيبة في المصنف.

والحجة لذلك:

1-    أنه لم يثبت عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ ولا عن أحد من الصحابة نص في تحريم دفع القيمة.

2-    الأحاديث الواردة في النص على أصناف معينة من الطعام لا تفيد تحريم ما عداها، بدليل أن الصحابة _رضي الله عنهم_ أجازوا إخراج القمح - وهو غير منصوص عليه - عن الشعير والتمر ونحو ذلك من الأصناف الواردة في الأحاديث الصحيحة.

3-    ذهب كثير من الصحابة بل أكثرهم في عهد معاوية إلى جواز إخراج نصف صاع من سمراء الشام بدلاً من صاع من تمر، فهذا دليل على أنهم يرون نصف الصاع معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير ونحو ذلك.

4-    أن المقصود من الزكاة: إغناء الفقراء والمال أنفع لبعضهم من الطعام فيعد في ذلك حال الفقير في كل بلد.

5-    كثير من الفقراء يأخذ الطعام ويبيعه في يومه أو غده بأقل من ثمنه، فلا هو الذي انتفع بالطعام ولا هو الذي أخذ قيمة هذا الصاع بثمن المثل، والله أعلم.

 

..هذا والحمد لله رب العالمين..