وجاء اللقاء للرد على تهديد العصابات الصهيونية باقتحام
المسجد الأقصى والانتهاكات التي تتكرر من قبل الصهاينة بحق الفلسطينيين واحتلال
أراضيهم وضمها للكيان الغاصب.
وصاغ المجتمعون بيانًا ختاميًا للقاء، تضمن دعوة الأمة
العربية والإسلامية للوقوف بوجه الهجمات الصهيونية على المسجد الأقصى، ورفض
التطبيع، وبقاء القدس والقضية الفلسطينية هي قضية الأمة الأولى، ونصرتها بكل
الوسائل الممكنة، ومساندة أهل فلسطين عامة، والمقدسيين المرابطين في المسجد الأقصى
خاصة.
ودُعي المشاركون للرباط ساعة في سبيل الله تعالى عبر
وسائل العالم الافتراضي؛ لتباعد العلماء بسبب جائحة كورونا، والحظر المفروض للحد
من انتشار هذا المرض.
الهيئة نت
وفيما يلي نص البيان الختامي:
بيان علماء الأمّة حول التحشيد الصّهيوني لاقتحام
المسجد الأقصى المبارك في الجمعة الأخيرة من رمضان
قال تعالى:{ انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا
بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ
إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [التوبة : 41].
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فإنّ قوّات الاحتلال الصّهيوني وقطعان مستوطنيه كانت قد
حشدت باطلها وأجلبت بخيلها ورجلها وشياطينها لتنفيذ اقتحام واسع للمسجد الأقصى
المبارك يوم غد الجمعة التاسع والعشرين من شهر رمضان من عام 1441 هـ وذلك في
محاولة واضحة لفرض معادلة جديدةٍ بالغة الخطورة فيه، وفرض تقسيمه مكانيًّا
وزمانيًّا بقوّة الإجرام في استغلال دنيء لانشغال العالم بمواجهة وباء كورونا.
وقد أعلنت المحكمة الصّهيونيّة اليوم قرارًا بعد
السّماح بهذا الاقتحام في مراوغة مكشوفةٍ مفضوحةٍ عهدناها من الكيان الصّهيونيّ
لامتصاص غضب شعوب الأمّة وترحيل الفعل لأيّام قادمة، ولن تنطلي هذه الخديعة على
الأمة وعلمائها وشعوبها.
وإنَّنا ـ الموقعين على هذا البيان من علماء الأمّة
مؤسسات وأفرادًا ـ إزاء هذا العدوان الإجراميّ الصهيونيّ نؤكّد على الآتي:
أوّلًا: يؤكد العلماء أنّنا لسنا أمام اقتحام كسابقاته
من الاقتحامات الإجراميّة، بل إنّنا أمام جريمةٍ متقدّمة بالغة الخطورة؛ حيث
يمثّل الاقتحام الذي يعدّ له الصّهاينة في المرحلة القادمة انتقال الإجرام
الصّهيوني من التّحكّم بالدّخول إلى المسجد الأقصى المبارك والخروج منه إلى تكريس
السيطرة الصّهيونيّة العمليّة داخل المسجد الأقصى المبارك والتحكم بأجزائه
التفصيليّة، والانتقال إلى مستويات أعلى من الإجرام مستغلّة انشغال العالم بجائحة
كورونا وإغلاق المسجد الأقصى المبارك بسبب هذه الجائحة وهذا تطوّر إجراميّ غير
مسبوقٍ وينذرُ بشرٍّ مستطير.
إنّ هذا الاقتحام المتوقّع يرادُ منه ترسيخ ما يريده
العدوّ الصّهيونيّ بأنَّ المسجد الأقصى المبارك أصبح حقًّا مشروعًا للصهاينة فهم
أصحابه والمتحكّمون فيه، في وجه من أبشع وجوه السّعي الصّهيوني في خراب الأقصى،
قال تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ
فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن
يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي
الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة : 114].
ثانيًا: يؤكّد العلماء على أنَّ المسجد الأقصى المبارك
هو حق حصريّ للمسلمين بكل أجزائه وأبنيته وجدرانه وأسواره؛ وأنَّ أيّ اعتداءٍ عليه
أو على أي جزء منه هو اعتداء على ثالث أقدس المقدّسات عند المسلمين جميعًا بعد
المسجد الحرام والمسجد النبويّ؛ ممّا يوجب على الأمّة كلّها النّفير والتّحرّك
بالإمكانات المتاحة لوقف هذا العدوان الإجراميّ.
كما يحذّر العلماء من هذا الصّمت المخجل في بلاد
المسلمين والفتور غير المقبول في ردّات الفعل الرسمية والشّعبية الذي يعطي الضّوء
الأخضر للكيان الصّهيوني ويشجّعه على ارتكاب المزيد من الجرائم بحقّ مقدّساتنا
وبلادنا وأمّتنا.
قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا
لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى
الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا
يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا
تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [التوبة : 38-39].
ثالثًا: يؤكّد العلماء على أنَّ الأنظمة والشّخصيات
الرّسمية المهرولة إلى التّطبيع مع الكيان الصّهيوني مشاركةٌ له في جرائمه بحق
شعبنا وأمتنا ومقدّساتنا، وتتحمّل مع الكيان المجرم المسؤوليّة عن هذه العربدة
والغطرسة والجرائم الممنهجة بحقّ المسجد الأقصى المبارك.
كما يؤكّد العلماء على أنَّ هرولتهم هذه لن تغني عنهم
من الله شيئًا في الدنيا والآخرة، قال تعالى: { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم
مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ
فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا
عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ } [المائدة : 52].
رابعًا: يطالب العلماء منظمة التّعاون الإسلاميّ
ووزارات الأوقاف في العالم الإسلامي إلى التحرّك العاجل على المستويات كافّة،
والعمل مع الجهات الرّسميّة والدّوليّة لإيقاف هذا الإجرام الصّهيونيّ الممنهج
ومنع الاقتحام الذي يخطّط له وتم تأجيله إلى أيام قادمة.
كما يدعونها إلى توجيه الخطباء والدّعاة والمتحدّثين
إلى حضور القدس والأقصى في خطبهم المنبريّة ودروسهم المسجديّة وبرامجهم
الإعلاميّة ولقاءاتِهم المباشرة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وأن يكون العدوان
على الأقصى موضوع خطبة الجمعة القادمة في المواطن التي ما تزال خطب الجمعة تقام
فيها في أنحاء العالم.
خامسًا: يطالب العلماء جميع علماء ودعاة وخطباء الأمة
الإسلاميّة ـ لا سيّما علماء وخطباء المسجد الحرام والمسجد النبويّ شقيقَي المسجد
الأقصى المبارك ـ إلى حشد طاقاتهم واستنفار جهودهم لبيان ما يجب على الأمّة
لمواجهة هذا الكيان الغاصب، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك ووجوب
دعم المرابطين في القدس والأقصى، وخطورة التّطبيع على الأمة كلّها وعلى القدس
والمسجد الأقصى المبارك.
قال تعالى: { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ
اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ
بِاللَّهِ حَسِيبًا } [الأحزاب : 39].
سادسًا: يجدّد علماء الأمّة مطالبتهم للسلطة الفلسطينية
بوقفٍ حقيقي وجاد لكامل أشكال التواصل مع الكيان الصهيوني، وقطع كل أنواع العلاقة
معه، والانحياز إلى خيار المقاومة والجهاد في سبيل الله تعالى مع أبناء شعبنا
الفلسطينيّ المرابط والمجاهد، وكذلك يجدّد العلماء مطالبتهم سائر الدول بوقف جميع
أشكال العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الكيان الصهيوني الغاصب ـ
غضبًا للقدس والأقصى ـ وإغلاق سفارات الكيان الصهيوني في بلاد العالم الإسلامي في
وقفة عزّ يسجّلها لهم التاريخ وتحفظها الأجيال وإلًا فإن التاريخ سيسجل عارهم
وتضييعهم لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سابعًا: يحيّي العلماء أبطال القدس نساءً ورجالًا من
المرابطات والمرابطين الذين يهبّون على الدوام بكلّ ما في قلوبهم من عزّة الإيمان
وحبّ المسجد الأقصى المبارك، فداءً للأقصى المبارك ودفاعًا عنه فهم عنوان البطولة
والرّجولة.
قال تعالى: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ
وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ *
رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ
الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ
الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } [النور: 36-37].
ويدعوهم العلماء اليوم مع جميع أبناء شعبنا الفلسطينيّ
المرابط والمجاهد في الأراضي المحتلّة عام 1948م وفي الضّفة الغربيّة، وحيث يمكنهم
الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك:
لشدّ الرّحال والنّفير العاجل إلى المسجد الأقصى
المبارك؛ تحدّيًا وإفشالًا لمحاولات اقتحامه وأن يستمرّوا في نفيرهم هذا رغم الغاء
المحكمة الصّهيونيّة للاقتحام.
وإنَّ النّفير إلى المسجد الأقصى المبارك لفرض إرادة
المسلمين بحقّهم فيه كاملًا غير منقوص، ومنعًا لاقتحامات اليهود الصّهاينة هو
واجبٌ شرعيّ على كلّ قادرٍ عليه بالنّفسِ والمال.
ثامنًا: يدعو العلماء الأمّة كلّها لمساندة أهل القدس
وفلسطين الذين ينفرون إلى المسجد الأقصى المبارك ويرابطون حوله بكلّ أنواع الدّعم
المعنويّ والماديّ.
ويطالبون شعوبنا المسلمة بالنّفير إلى السّاحات
والميادين العامّة حيث يسمح لهم بذلك في ظل جائحة كورونا ورفع الصّوت نصرة للمسجد
الأقصى المبارك وإساءةً لوجه الصّهاينة الغاصبين وفضحًا لعدوانهم ومخططاتهم
الإجراميّة.
{ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [التوبة : 105].
تاسعًا: يدعو العلماء أبناء شعبنا الفلسطيني في مختلف
مواقعه وفصائله إلى تفعيل العمل الجهادي بأساليبه المختلفة ووسائله المتاحة، وأن
يرصّوا صفوفهم، ويوحّدوا كلمتهم، وأن يذيقوا هذا العدو وبال أمره وجزاء عدوانه
بتهديده في حياته ووجوده التي هي أغلى ما يملك، قال تعالى: { وَلَتَجِدَنَّهُمْ
أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ
أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ
الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } [البقرة : 96].
فيا ابناء أمتنا في كل مكان:
إنّ المسجد الأقصى اليوم في أشدّ ساعات حاجته لكلّ جهد
وكلّ عمل فمن اختار نصرة الأقصى فقد أدرك سبيل الفلاح والعزّة ومن تنكّب عن هذه السبيل
فقد سفه نفسه وأزرى بها وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون.