بصدد العائلات المتقدمة لأستراليا
عبر الجمعية الأسترالية لغوث اللاجئين من فلسطينيي العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
ما يدفعني اليوم للكتابة للمرة الأولى هو شعوري بالمسؤولية الأخلاقية تجاه كل من له علاقة بقضية فلسطينيي العراق وخاصة أهلي من العائلات والأفراد الذين تشرفت بالعمل من أجلهم في المرحلة الثانية من مشروع منح حق اللجوء الإنساني، لأكبر عدد من فلسطينيي العراق في أستراليا، هؤلاء الذين ائتمنوني على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وهي أمانة أسأل الله أن يجعلني أهلاً لها.
كما ورأيت أن من حق المتابعين للقضية معرفة الوقائع على الأرض، خاصة بعد ما تم نشره قبل أيام بخصوص رفض بعض العائلات المتقدمة إلى أستراليا. إلا أنني أرى أن أستعرض مجريات الأمور باختصار، على أن أعود لاحقا بإذن الله بمقالات تفصل قصة تأسيس الجمعية في سبتمبر عام 2007 وما قامت به حتى الآن.
بدء المرحلة الثانية من المشروع
في سبتمبر ٢٠٠٧، تحدثت في برنامجي الإذاعي "فلسطين في البال" عن معاناة فلسطينيي العراق، وعرضت على المستمعين فكرة تأسيس "الجمعية الأسترالية لغوث اللاجئين من فلسطينيي العراق". وبعدما وفقنا الله بنجاح تجربة الجمعية في التقديم للمجموعة الأولى من فلسطينيي العراق (٦٨ فرداً) لأستراليا وحصولهم على حق اللجوء الإنساني فيها، توجهت لمخيم الهول في فبراير/شباط ٢٠١٠ في زيارة تضامنية مع أهالي المخيم ولتكون هذه الزيارة بمثابة المرحلة الثانية من المشروع. ومع عودتي لأستراليا بعد ذلك بأيام، بدأت الجمعية التحضير للتقديم لمجموعة ثانية من مخيم الهول.
وكما في المرحلة الأولى، لعب التنسيق مع منظمة العفو الدولية ممثلة بمنسق اللاجئين فيها الدكتور غراهام توم الدور الأهم، فهو حلقة الوصل بين الجمعية وبين مكتب المفوضية العليا للاجئين في كانبيرا، ووزارة الهجرة.
البداية الفعلية لهذه المرحلة كانت بوصول الطلبات إلى أستراليا في أواسط شهر مايو/أيار، لتأتي بعد ذلك عملية طويلة وشاقة من الترجمة والتدقيق القانوني للطلبات بالتزامن مع تأمين كفلاء في أستراليا، وهي عملية أشرف عليها أكثر من ثلاثين متطوعا من فلسطينيين وعرب وأستراليين، والذين لولاهم – بعد الله- لما كان بالإمكان إحراز أي تقدم على الأرض.
وبسبب الزيادة الكبيرة في عدد المتقدمين لهذه المرحلة، واجهتنا تعقيدات في سير العمل والتي زاد منها التغيير الذي طرأ على قائمة المتقدمين بانسحاب البعض، نظراً لقبول ملفاتهم في كندا والسويد وإحلال ملفات أخرى مكانها- وهو ما سأشير إليه في تقرير مفصل لاحقاً إن شاء الله.
رفع قائمة الأسماء
في أواسط سبتمبر/أيلول ٢٠١٠، أخبرني الدكتورغراهام أنه التقى بممثلين من وزارة الهجرة الأسترالية والمفوضية العليا للاجئين في كانبيرا، وشكرهم على البادرة الطيبة التي قامت بها أستراليا في ٢٠٠٩ بمنح العائلات من فلسطينيي العراق المرفوعة أسماؤهم من قبل "الجمعية الأسترالية لغوث فلسطينيي العراق" حق اللجوء الإنساني في أستراليا، وأعلمهم عن نية الجمعية التقديم لمجموعة ثانية خلال أيام، كما كنت قد أخبرته وقتها. وبسبب التأخير الذي نتج عن التعقيدات المذكورة أعلاه، اتفقت مع غراهام أن أقوم بإعداد قائمة بأسماء اللاجئين الذين ترغب الجمعية بالتقديم بشأنها لأستراليا، والتي تضمنت بالإضافة إلى كافة الأسماء أرقام الحماية الممنوحة من المفوضية العليا للاجئين في سوريا، وتواريخ الميلاد وما شابه. وفي ١٩ أكتوبر/تشرين أول، أرسلت القائمة إلى غراهام الذي قام بدوره برفعها إلى المسؤولين في مفوضية كانبيرا ووزارة الهجرة. هذه القائمة رفعتها وزارة الهجرة فيما بعد كما هي إلى مكتب المفوضية في دمشق عبر السفارة الأسترالية في الأردن، بعد الأساس الذي عملت عليه وزارة الهجرة في الاختيار.
تقديم الطلبات واستلام أرقام الطلبات
استمر العمل على تجهيز الطلبات على قدم وساق بمعزل عن القائمة التي رفعتها الجمعية، وذلك حتى تم الانتهاء من الطلبات بشكل كامل في الرابع من ديسمبر/كانون الثاني الماضي وتقديمها لوزارة الهجرة، تزامن ذلك قبل يوم من توجهي للجزائر لحضور المؤتمر الدولي لدعم أسرى الاحتلال، وبعد عودتي بدأت رسائل تأكيد الاستلام بالوصول إلى مكتبي في جامعة ملبورن تباعاً، حتى اكتمل وصولها في العشرين من ديسمبر. قمت بعدها بإرسال نسخة إلكترونية من كل رسالة للأخ فادي شاهين في مخيم الهول، والذي قام بدوره بتوزيعها على المتقدمين.
صدور الموافقة المبدئية
بفضل وتوفيق من الله ثم بتضافر الجهود، فقد أعطت أستراليا الموافقة المبدئية لتوطين (٧٦) فردا من القائمة التي رفعتها الجمعية في أكتوبر/تشرين أول الماضي إلى منظمة العفو الدولية والتي نقلتها بدورها إلى الحكومة الأسترالية، وهو ما تمت الإشارة إليه في موقعكم المحترم. وبالقدر الذي غمرت السعادة والفخر أعضاء الجمعية لسماع ذلك، انتابنا شعور بالقلق والترقب، حول مصير بقية العائلات، التي خاصة وأننا نتفهم تماما مدى الأمل المعلق على أستراليا، في ظل انسداد أيه آفاق للحل في غيرها من الدول.
ولهذا السبب، فقد عملنا على حشد الدعم الفردي والمؤسساتي في أستراليا، لإقناع الحكومة الأسترالية على قبول بقية الأسماء الواردة في القائمة. قمنا لهذا الغرض بالاتصال بعشرات بل بمئات الأفراد والمؤسسات في أستراليا، للحصول على خطابات دعم للمشروع، وهو ما نجحنا به بفضل الله.
وفي هذا الصدد، قمت بالاجتماع بالسيد مدير قسم اللجوء الإنساني في دائرة الهجرة في ملبورن، في العاشر من يناير/كانون الثاني، وشددت على ضرورة قبول معظم – إن لم يكن كافة- الأسماء الواردة في القائمة التي رفعتها الجمعية، ثم أتبعت ذلك بطلب رسمي عبر رسالة موجهة إليه في التاسع عشر من يناير الماضي. ثم توجهت بعدها إلى سيدني للقاء الدكتور غراهام توم من منظمة العفو الدولية، في السابع والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، وسلمته ما لدي من رسائل دعم، وأطلعته على نتائج اجتماعي السابق.
بداية وصول رسائل الرفض
منذ يوم الجمعة الأول من أبريل/نيسان، بدأت رسائل رفض تصلني على عنواني البريدي، بواقع أربعة أو خمسة رسائل يوميا. وعلى الرغم أن ذلك بدا مفزعاً للوهلة الأولى، فقد كنت على يقين أن ثمة ما يمكن القيام به. وكانت قد وصلتني في منتصف شهر مارس/آذار الماضي رسائل من دائرة الهجرة، تفيد بتحويل ملفات العائلات والأفراد التي تم إدراج أسمائها ضمن قائمة المقبولين الأولية، تحويلها إلى السفارة الأسترالية في الأردن، لاستكمال إجراءات القبول إن شاء الله. وهنا برزت عدة علامات استفهام: هل ستشمل رسائل الرفض بقية الأسماء أم بعضها؟ ماهي أسباب الرفض؟ ما هي السبل المتاحة لإعادة طرح الملفات وفي أي توقيت؟ وغير ذلك من التساؤلات...
عندما استمر وصول الرسائل، طلبت من المحامية المتطوعة في الجمعية "بيغي كيردو" الاتصال بمكتب رئيس دائرة اللجوء الإنساني وحصل ذلك يوم الاثنين ١١ أبريل/نيسان، والإجابة التي حصلنا عليها كانت عامةً بعض الشيء وأن أسباب الرفض تتعلق بعدم إمكانية قبول أعداد كبيرة من فلسطينيي العراق في هذا الوقت بالذات، ولكن لم يتم التعليق بالرفض أو القبول على إمكانية طرح الملفات، طلبات السنة القادمة- وهنا تجدر الإشارة أن السنة المالية في أستراليا تبدأ في الأول من شهر يوليو/تموز من كل عام وليس في الأول من يناير/كانون الثاني.
من جهة أخرى تكلمت مع الدكتور غراهام توم من منظمة العفو الدولية في 12 أبريل حول الموضوع نفسه- وكنت قد أبلغته برسائل الرفض عند وصولها- واتفقنا على أن يقوم هو بمتابعة مكاتب وزارة الهجرة، ومقر المفوضية في العاصمة الأسترالية، وأن يكرِّر طلبنا بإحالة الطلبات غير المقبولة إلى السنة القادمة.
قمت بعدها بإعداد قائمة بأسماء العائلات التي كانت قد وصلتني رسائل رفض بشأنها، ثم أرسلت الرسالة إلى الأخ فادي شاهين في مخيم الهول، في 13 أبريل/نيسان، وكان عدد الطلبات حتى حينها (٣٨) طلبا بواقع (١٢٠) فردا- كما أشار موقعكم قبل أيام.
اتصال رئيس قسم اللجوء الإنساني
وفي يوم الخميس ١٤ أبريل/نيسان، حسم الموضوع، ووصلت الإجابة النهائية عن طريق اتصال من رئيس قسم اللجوء الإنساني في دائرة الهجرة، والذي أخبرني بما يلي:
·لن يكون هناك وجبة ثانية من المقبولين من نفس القائمة لسنة ٢٠١١ وسيتم الاكتفاء بالأسماء الـ (٧٦) لهذه السنة.
· قرار الرفض جاء بسبب عدم إدراج (فلسطينيي العراق) ضمن خطط الوزارة للسنة الحالية والتي تم إعلانها في أغسطس/آب ٢٠١٠، وأن الأسماء المقبولة جاءت بأعداد بسيطة، وبعد الأخذ بعين الاعتبار العوامل التالية:
·الظروف الاستثنائية التي يمر بها فلسطينيو العراق، ولا سيما سكان مخيم الهول، وذلك بشهادة المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
·التجربة الناجحة نسبيا للدفعة الأولى من فلسطيني العراق من مخيم الهول والتي وصلت إلى أستراليا في أواخر عام ٢٠٠٩ واندماجها في المجتمع الأسترالي بشكل مرض من وجهة نظر الحكومة.
·الدعم القانوني واللغوي والإعلامي الذي توفره الجمعية الأسترالية لغوث اللاجئين من فلسطينيي العراق لقضية فلسطينيي العراق بشكل عام، وللمجموعة التي تم تقديم طلباتها بشكل خاص.
·الدعم الذي وفرته منظمة العفو الدولية من خلال مكتبها في سيدني ممثلا بالدكتور غراهام توم.
وهو ما فسر اشتراط وجود أقارب من الدرجة الأولى في عملية الاختيار، الأمر الذي قد لا يكون مهما لو كان فلسطينيو العراق مدرجين ضمن قائمة الأولويات الإنسانية لهذه السنة.
3. من غير الممكن قانونيا طلب تأجيل دراسة الطلبات لفترة لاحقة، وبالتالي توجب عليهم اتخاذ قرار الرفض في ظل ما تقدم.
المرحلة المقبلة
على الرغم من صعوبة وقسوة القرار، إلا أنه لا يمكن القول بأن قرار الرفض كان نهائيا: فالسيد مدير قسم اللجوء الإنساني في مكالمته لم يغلق الباب أمام إمكانية التقديم في فترة لاحقة لنفس العائلات التي تم رفضها، وقد أخبرني أيضا:
·أنه سيسمح للجمعية بإعادة تقديم الطلبات في وقت لاحق من هذا العام.
·بالإمكان إدراج كافة الأسماء المرفوضة في عملية التقديم.
·أن التوقيت المناسب- والممكن- هو بعد إصدار السيد وزير الهجرة لسياسات الوزارة لعام ٢٠١٢، والذي من المتوقع أن يكون في شهر أغسطس أو أيلول من هذا العام.
وهو أمر – وإن كنا نتمنى أكثر من ذلك- فإنه يمثل إنجازا واستثناء يبعث على التفاؤل. فالحكومة الأسترالية ليست مضطرة – بل لا تقوم- بتقديم إجابات حول أسباب الرفض ولا تعطي مؤشرات حول إمكانية التقديم مرة أخرى وتوقيت ذلك. عدا عن أن الاتصال جاء من شخص برتبة وكيل عام وزارة، وهو بحد ذاته مؤشر على التعاطف الذي تحظى به قضية فلسطينيي العراق، والمصداقية التي تتمتع بها الجمعية لدى وزارة الهجرة.
وعليه فإن الجمعية الأسترالية لغوث اللاجئين من فلسطينيي العراق ستقوم بما يلي:
·معاودة تقديم الطلبات المرفوضة للتوطين في أستراليا في الوقت المناسب من هذه السنة، بالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
·مواصلة العمل مع منظمة العفو الدولية من أجل هذا الغرض.
·مواصلة حشد الدعم المنظماتي والفردي، لإقناع الحكومة الأسترالية لقبول كافة أو على الأقل معظم الأسماء التي تم رفضها.
ولأننا في الجمعية ندرك تمام الإدراك، أننا لا نستطيع ضمان الحصول على نتيجة إيجابية، فيتجوب علينا الاستعداد لفرضية الرفض النهائي. وعليه فإن الجمعية تتعهد بما يلي:
·دراسة كافة السبل المتاحة لإعادة التقديم في أستراليا حتى استنفاذها.
·تفعيل الاتصالات مع سفارات فلسطين والمؤسسات الفلسطينية والمنظمات الإنسانية في كندا والسويد والنرويج والولايات المتحدة – أو غيرها من دول الاستضافة الدائمة- لتسهيل عملية التقديم إلى تلك الدول.
· مواصلة تقديم كل ما نستطيعه من الدعم على المستوى الفردي والمؤسساتي حتى يتم التوصل إلى حل.
كما وأجدد التزامي الشخصي بمواصلة العمل الدؤوب في خدمة فلسطين وأهلها أينما كانوا- والله الموفق.
يوسف أحمد الريماوي
مؤسس ورئيس الجمعية الأسترالية لغوث اللاجئين من فلسيطينيي العراق
ملبورن- أستراليا
٢٠ إبريل/نيسان ٢٠١١
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"