نور الإسلام وظلمات الشرك الجهل – ياسر الماضي

بواسطة قراءة 4036
نور الإسلام وظلمات الشرك الجهل – ياسر الماضي
نور الإسلام وظلمات الشرك الجهل – ياسر الماضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :-

لقد كان الناس قبل الإسلام يعيشون في ظلمات من الجهل والشرك  يقتل بعضهم بعضا يتصارعون فيما بينهم في نزاعات قبليه ويعيشون حياه همجيه يغلب عليها طابع الحيوانية شعارهم فيها  قول الشاعر " ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم " ,  وعندما جاء نور الإسلام كان أول ما دعا إليه  القرآن الناس إلى العلم  و إن أول كلمة أنزلها تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم هي كلمة (إقراء) في سورة العلق  وقد جاءت بصيغة فعل أمر مما يدل على وجوب التعلم على كل مسلم في ما يخص دينه الذي يطيب معه عيشه في دنياه وآخرته  وقوله تعالى( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) دلت هذه السورة على وجوب العلم والإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر  فهي ميزان للمؤمن يزن بها نفسه فيعرف ربحه من خسرانه وسعادته من شقاوته ولهذا قال فيها الإمام الشافعي : لو فكر الناس في هذه السورة لكفتهم . و قال النبي عليه الصلاة والسلام (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين) و بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسس التي بني عليها هذا الدين العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام) ومن أهم وأجل العلوم التي يجب أن يتعلمها ويفهما كل مسلم هو علم التوحيد لقوله تعالى
( فأعلم أنه لا إله إلا الله ) سورة محمد  وهذه الكلمة العظيمة هي  أساس الدين وهي أول وآخر واجب على كل مسلم  فيدخل الإسلام بهذه الكلمة  ويدخل الجنة إذا كان آخر كلامه هذه الكلمة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ) وقال عليه الصلاة والسلام(من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ).

وعلم التوحيد في الحقيقة هو تحقيق شهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) أي لا معبود بحق إلا الله لأن هناك في هذه الدنيا من  المعبودات لكن  ليست بحق فهناك من يعبد البقر وهناك من يعبد المال ومن يعبد الأشخاص..الخ  لذلك نفهم أن معنى التوحيد هو توحيد المرسل وهو الله تعالى  وتوحيد المتابعة للنبي عليه الصلاة والسلام فلا نقدم على قول الله تعالى وقول رسوله  أي قول آخر فلا نجاة من عذاب النار إلا بتوحيد الله تعالى وتوحيد متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام لأن كل أعمالنا لا تقبل عند الله تعالى إلا إذا توفر فيها شرطان وهما إخلاص العمل لله تعالى وهذا معناه توحيده في أفعالنا وان يكون العمل فيه  متابعه للنبي عليه الصلاة والسلام وغير مخالف لسنته , وكذلك فان الناظر لتاريخ الإسلام يجد أن علو عزة الإسلام ورفعته نتجت  من نقاء وصفاء عقيدته وكلما شاب هذه العقيدة من الشوائب والبدع  دب في  هذه الأمة الضعف والوهن وسيطر عليها أعدائها  فمن الأهمية  بمكان فهم العقيدة الصحيحة التي جاء ت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة  وعلى فهم الصحابة  رضي الله عنهم  لذلك لقد قسم العلماء علم التوحيد إلى  ثلاثة أقسام :

الأول : توحيد الربوبية : ومعناه توحيد الله تعالى في أفعاله مثل ( الخالق, الرازق, المحيي, المميت , وانه يدبر الأمور إلا غير ذلك) وأكثر خلق الله يعتقدون هذا الاعتقاد ويقرون به قال تعالى { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } ما عدا بعض الخلق ممن يعتقد أن الطبيعة هي التي تسير الأمور وتحركها مثل الشيوعيين  وهذا لا يقبله عقل سليم غير جاحد ومكذب فهل يعقل إذا تركنا مجموعه من الغنم بدون راعي  فتره من الزمن  أو شعب بدون حاكم  كيف ستكون الأمور إذا فكيف يسير هذا الكون بهذه الدقة المتناهية هل يعقل أن يكون بدون تدبير حكيم قادر عليم  سبحان الله عما يصفون.

ثانياً : توحيد الألوهية: وهي توحيد الله بأفعالنا نحن العباد فنوجه جميع عباداتنا لله وحده لا شريك له مثل (الصلاة والصيام والدعاء والخوف  والنذر والإستعاذه والحلف والذبح  ونحوه)  

قال تعالى( ادعوني أستجب لكم ) وقال تعالى ( فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) وهذا التوحيد هو الذي أرسل الله به الرسل قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } وهذا التوحيد هو الذي أنكره الكفار قديما ً وحديثا قال تعالى على لسانهم { أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } والله تعالى ما خلق الخلق إلا من اجل توحيده في العبادة كما يشاء ربنا ويرضى قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وما نراه اليوم من أفعال بعض الناس من الحلف بغير الله أو التوسل بالمخلوقين والطواف على قبورهم ما هو إلى كفر وشرك في توحيد الألوهية وخروج عن معنى التوحيد الذي أرسل الله به الأنبياء والرسل ,والمشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون الملائكة ويدعون عيسى عليه السلام ويدعون العزير عليه السلام وكانوا يؤمنون بأن الله تعالى هو الخالق الرازق كما قال الله تعالى: { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ } هم كانوا يقرون بوجود الله وأيضا كان يحرمون بعض الأشياء كالزنا والقتل والسرقة وغيره لكن الشيء الذي أنكر عليهم أنهم كانوا غير موحدين بالله بأفعالهم وتعبدهم وهو توحيد الألوهيه بل إن مشركين زماننا هم أشد كفراً من المشركين الأولين  الذين ذكر الله تعالى عنهم إنهم إذا مسهم الضر الشديد تركوا دعاء الأشخاص والأولياء وتوجهوا لله وحده في الادعاء كما قال تعالى { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا } .أما مشركين زماننا وقد سمعناهم بأذاننا وهم يقولون بأشعارهم وأهازيجهم في زياراتهم لبعض الأولياء يا فلان أغثنا  ويا من بيدك مفاتيح الغيب ويا من يستسقى الغمام بوجهك الكريم إلى أخر  الأقوال التي ملئت بالشرك الصريح   .

ثالثاً :  توحيد الأسماء والصفات : وهو التصديق و الإيمان بكل اسم أوصفه وصف الله بها ذاته أو وصفه بها رسوله عليه الصلاة والسلام  والقاعدة العظيمة في توحيد الأسماء والصفات هي قوله تعالى {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) سورة الشورى  مثل الرحمن, السميع ,البصير, العزيز... الخ  والحقيقة إن صفات الله تعالى لا تدركها عقولنا مهما  كبر حجمها واتسع افقها ومداركها  فكيف لنا أن ندرك بعقولنا المحدودة سمع الله تعالى الذي يسمع جميع لغات المخلوقات من جن وأنس وحيوان في وقت واحد وأنى   لنا أن نتصور  عدد كلام الله في قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم } وكيف لنا بهذه العقول المحدودة  أن تعي هذه القدرة العظيمة لله تعالى في قوله تعالى { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركون }  وكيف لنا أن ندرك ونعي حجم علم الله تعالى  القائل { اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ 0 عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} سوره الرعد  فكم من أنثى في هذا الكون من الجن والأنس  والحيوان في البر والبحر والنبات  كل هذه الإناث لا تحمل ولا تضع حملها إلا بعلم الله تعالى  (وما قدروا الله حق قدره)  هذه هي بعض  صفات الله المتفرد بها لا يماثله فيها أحد ولايشبهه بها أحد ولا يكافئه بها احد  لذلك علينا في فهمنا لأسماء الله وصفاته أن نسلم ونقر بكل  إسم و وصف وصف الله به نفسه دون أن نشبه أو نعطل أو نكيف أو نمثل  مع الله تعالى أحد من مخلوقاته , في هذه العقيدة يكون الفرق بين المسلم والكافر وهذا هو أول ركن من أركان الإسلام هو شهادة (لا إله إلا الله  محمد رسول الله )  ومن مقتضيات هذه الشهادة الاستسلام والخضوع التام لأحكام الإسلام التي مصادره القرآن الكريم والسنة النبوية المطهر ة والقياس والإجماع قال تعالى { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا } فلا يمكن أن يكون الإنسان  مصدقا ُ ومؤمن بالله وهو يحتكم إلى غيره وكذلك عليه التصديق والتسليم حتى وإن كان هذا الحكم في عقله وتفكيره المحدود إنه ليس في جانبه إن كان فعلا مصدقاُ ومؤمناُ أن هذه الأحكام  من عند الله تعالى وهذا يدل على أنه فعلا مسلّم لله تعالى وطائعاً له نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على هذا الدين العظيم وان يوفقنا لإتباع صراطه المستقيم وصلى اللهم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

ياسر الماضي

31\12\2009