فؤاد الحاج :
رغم حيادها المشهر دائماً كواجهة سياسية، إلا أن للسويد وجهاً آخر، لا محايد ولا مشرف. وجه جاسوس قد لا يعرفه الكثيرون، انكشف أمره علناً منذ فترة ليست بالطويلة.. فقد ثبت أن السويد متورطة حتى أذنيها في عشرات فضائح التجسس على الدول العربية بالذات، وأنها تتعاون مع (الموساد) في أنشطة تخريبه وعمليات اقتحام وسرقة لمحتويات السفارات العربية في (استوكهولم) خدمة لجهاز المخابرات الصهيونية.
اسم جهاز المخابرات في السويد حضاري جداً!! وهو (مكتب الاستعلامات)، والأغرب من هذا أن البرلمان والشعب السويدي لم يكن أياً منهما يدري بوجود جهاز مخابرات أصلاً حتى افتضح الأمر في السبعينيات، عندما أصدر أحد عملاء الجهاز الذي انشق عليه بالتعاون مع صحفيين كتاباً كشف فيه كل عملياته. وهنا قامت الدنيا في السويد، التي ينص دستورها على حظر التجسس على الدول أو الجماعات تحت أي مسمى أو أي ذريعة. الثابت حتى الآن أن عملاء جهاز المخابرات الصهيونية ـ (الموساد) ـ اخترقوا (مكتب الاستعلامات السويدي)، وتغلغلوا فيه حتى نخاعه، وأنهم تعاونوا معاً في تنفيذ عمليات قذرة مشتركة لم يراع معها المكتب السويدي أية أعراف دبلوماسية.
ومن ذلك عملية اقتحام للسفارة المصرية عام 1973 قبل حرب تشرين الأول/أكتوبر بأشهر قليلة وسرقة محتوياتها.. وقتها كانت الأوامر صدرت من تل ابيب بمعرفة محتوى وثائق داخل مقر السفارة المصرية في (استوكهولم) بأي ثمن، فطلب (الموساد) من المخابرات السويدية مساعدته في إنجاز المهمة ووافقت الأخيرة متأكدة أن الشك لن يتسرب إليها.
واجتمع الطرفان لوضع خطة اقتحام السفارة ليلاً، واستعانا بخبير فتح أقفال، من ذوي السوابق وعدد من العملاء إضافة إلى شابة صهيونية في غاية الجمال وتجيد العربية حيث قامت باستدراج حارس السفارة إلى مطعم (امباسادور) الفخم بوسط المدينة، ووضعت له مخدراً في الطعام، أما زملاؤها فقد تكلفوا بالقفز فوق سور السفارة ودخولها مستغلين غياب السفير المصري وعقيلته لحضور حفل دبلوماسي. ولم ينس الحلفاء المشتركين بعد أن انهوا مهمتهم سرقة خاتم السفارة وختم العديد من جوازات السفر البيضاء لاستعمالها فيما بعد. ولم يكن الأمر مقتصراً على التجسس على مصر. إذ امتد إلى دول عربية أخرى.
حيث كلفت المخابرات السويدية أحد عملائها ويدعى (جلبرت اريكسون) ـ لا علاقة له بشركة التليفونات المعروفة ـ لدراسة وتصوير ميناء وهران الجزائري والاطلاع على نقاط الضعف فيه، وكيف يتمكن أي جاسوس من اختراقه متخطياً الحراسة، ففعل.
لكنه فضح القصة كلها نكاية في مخابرات بلده، وظهر في برنامج تلفزيوني، وكان مما قاله انه كان يعتقد طول الوقت انه يسدي خدمة لبلده بالتجسس على البلاد الأخرى لكنه لم يكن يظن أبداً انه مكلف بطريقة غير مباشرة من (الموساد)، وأنه كان سيعرض حياته للخطر من اجل طرف ثالث لا يعنيه في شيء أن لم يكن يحتقره.
أكثر من هذا وذاك، كانت السويد تستغل اللاجئين السياسيين الذين فروا من اضطهاد حكوماتهم وبحثوا عن مأوى آمن على أراضيها، وتطلب منهم القيام بمهام تجسس خارجية. إحدى اللاتي تعرضن للابتزاز السويدي (ماري ليبيك) وهي لاجئة مجرية يسارية الاتجاه أجبرها مكتب الاستعلامات السويدي على القيام بمهام تجسس على الدول الاشتراكية التي كانت تزورها بوصفها الكادر الاشتراكي.وكانت المخابرات الصهيونية تتجسس وسط هذا الكرم السويدي على المنظمات الفلسطينية، بل وزرع مكتب الاستعلامات عملاءه في أوساط فدائيي المنظمات إبان الستينيات والسبعينيات لجمع المعلومات عنهم وعن أنشطتهم التي كانت تتركز في مدينة (غوتبرغ)، حيث جرى التصنت على تليفوناتهم وفتح رسائلهم البريدية والاطلاع على محتوياتها ومراقبة تحركاتهم اينما ذهبوا.
والأهم من كل ذلك اليوم وكما بات معروف أن (رالف ايكيوس) هو واحد من هؤلاء الذين اعترفوا بأنه خلال فترة ترأسه للجنة الخاصة لنزع "أسلحة الدمار الشامل" في العراق وأكد صحة الاتهامات التي يوجهها المسؤولون العراقيون إلى مفتشي اللجنة انهم يقومون بنقل المعلومات السرية التي يحصلون عليها من جراء عملهم في العراق إلى حكوماتهم. وقال (إيكيوس) انه خلال رئاسته للجنة عمل سريعا على وقف تلك الممارسات نظرا "لأنها كانت تلحق أضرارا خطيرة بمصداقية عمليتنا" مشيرا إلى أن المسؤولين الأميركيين "لم يكونوا سعيدين بما عملته، لكنهم تفهموا الأمر بعد ذلك".
وأضاف في تصريحه لصحيفة (وول ستريت جورنال) "أن المفتشين الأميركيين يقومون بواسطة أجهزة الهاتف التي زودتهم بها حكوماتهم، بالاتصال مباشرة من بغداد مع مسؤوليهم في واشنطن لتقديم المعلومات السرية التي يجمعونها". هذا عن السويد أما عن فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا ومعظم الدول الأوروبية إن لم تكن كلها وهو ما سنحاول أن نكتب عنه في وقت لاحق إذا لم تدهسنا سيارة وتسجل القضية ضد مجهول أو "أن السائق كان في حالة سكر شديد" وفي الحالة العوض من الله سبحانه وتعالى.. فهل بعد ذلك شك في أن ليس للعرب المهاجرين والمهجرين والمقيمين في بلاد الغرب عموماً سوى التصالح مع ذاتهم أولا ومن ثم مع أوطانهم التي هي الأبقى وبحاجة لهم؟!! .
تنويه : لذلك فإن موقع فلسطينيو العراق يحذر جميع اللاجئين الفلسطينيين في السويد وعموم الدول التي يتواجدون فيها من أخذ الحيطة والحذر وأن لا ينساقوا لأي أمر أو يفتنوا فيه من شأنه يسئ لمبادئهم وثوابتهم ، وأن يكون تواجدهم من قبيل الاضطرار مع المحافظة على دينهم وما يحملون من مبادئ .
7/7/2008