إن النصر مع الصبر – وليد ملحم

بواسطة قراءة 3827
إن النصر مع الصبر – وليد ملحم
إن النصر مع الصبر – وليد ملحم

وصية لأهل فلسطين

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم :

للصبر منزلة عظيمة في ديننا وتكررت مواضيع الصبر كثيرا في القرآن الكريم وخاصة فيما يتعلق بالأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام لأنهم هم القدوة وهم من يُتأسى بهم , وقد وصى الله سبحانه وتعالى خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام بهذا الأدب العظيم فقال في عدة مواضع من كتابه الكريم : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ الله وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } [يونس : 109] وقال تعالى: { وَاصْبِرْ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } [هود : 115] وقال جل وعلا : { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } [النحل : 127] وعندما تهجم الكفار بالقول على نبينا صلى الله عليه وسلم وصاه الله سبحانه وتعالى بالصبر فقال عز وجل : { وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } [المزمل : 10] , وهذا يثبت المنزلة العظيمة للصبر في شرعنا الحنيف .

وقد ربط الله سبحانه وتعالى بين الصبر والتقوى في عدة مواضع منها : قال جل وعلا : { لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } [آل عمران : 186] وقال عز وجل : { بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } [آل عمران : 125] وقال تعالى : { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [آل عمران : 120] .

فالصبر والتقوى هما سبب نزول النصر والمدد من الله جل وعلا وهما كذلك من أسباب حماية الله تعالى للمؤمنين من كيد عدوهم .

فالصبر : هو خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها ([1]) .

 

أما التقوى فهي كما قال طلق بن حبيب : العمل بطاعة الله ، على نور من الله ،رجاء ثواب الله ، وترك معاصي الله ، على نور من الله ، مخافة عذاب الله ([2]) .

وكما هو معروف فإن مشاكل إخواننا الفلسطينيين وفي كل مكان كثيرة وكبيرة أساسها احتلال أرضهم وما تشعب عن هذا الاحتلال من آثار سلبية يحس ويشعر بها كل فلسطيني , فلندفع هذا الابتلاء بالصبر والتقوى وكما ذكر سبحانه وتعالى أن تمكين يوسف عليه السلام في الأرض كان بسبب تقواه وصبره .

قال تعالى : { قَالُواْ أَإِنَّكَ لأنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ الله عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } [يوسف : 90] .

كذلك فإن الله سبحانه وتعالى جعل الفلاح في الصبر والتقوى وهو أمر من الله العليم الخبير بذات الصدور قال جل وعلا : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران : 200] .

إن إخواننا أهل فلسطين قد ابتلوا بالأنفس والأموال وتعرض لهم أهل الكتاب من اليهود بالأذى فما هو الحل ؟ الحل هو الصبر على هذا المصاب ولزوم التقوى أي فعل الأوامر وترك النواهي التي نهى الله عنها قال تعالى : { لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } [آل عمران : 186] .

إخواني الكرام إن الفرج والتمكين في الأرض وتنفيس كرباتنا وحل كل مشاكلنا ومآسينا هو الصبر على المقدور بدون تبرم ولا تسخط وكذلك بتقوى ربنا باجتناب المحرمات وفعل الواجبات وهذه من أهم أسباب رفع  البلاء الذي ابتلينا به ولله عاقبة الأمور .

 

وليد ملحم

9/1/2012

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"

 

 



[1] عدة الصابرين

[2] سير أعلام النبلاء