بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :
فبعد الشتات الثاني الذي لحق بأبناء شعبنا الفلسطيني في العراق فرج الله عنه. وبما أن كثيرا من أخوتنا قد استقروا في دول غير إسلامية فلا يكاد كثير منهم أن يسمع الأذان فضلا على أن يكون هناك من يعلمهم أمور دينهم ويفقههم في شرعهم .
وحيث كان جامع القدس في منطقة البلديات في بغداد يقوم بهذه المهمة فقد كان يحوي كثير من الأخوة القائمين بعبئ الدعوة إلى الله من تعليم ونصيحة وغيرها فضلا عن مساجد بغداد الأخرى التي كانت تقوم بهذا الدور. و للحاجة الماسة إلى هذا الأمر فقد ارتأيت كتابة حلقات من الفقه الميسر لتبيين بعض أمور الدين بطريقة ميسرة والله من وراء القصد .
وفي حلقتنا الأولى من هذه السلسة سنقف مع حضراتكم مع أهمية العلم ومعنى الفقه في دين الله وأهمية التوحيد إذ فيه النجاة يوم القيامة.
فضل العلم : إن أول أية نزلت على قلب محمد صلى الله عليه وسلم هي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } فهذه الآية تدل أخي المسلم على فضل العلم والقراءة أي أن امتنا أمة العلم والمعرفة وقد قال تعالى في فضل العلم }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }المجادلة11وقال {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9.والآيات التي تدل على فضل العلم كثيرة.
لذلك بوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: باب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، لِقَوْلِ اللَّهِ : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) [ محمد : 19 ] فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ ، وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ . وَقَالَ : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) [ فاطر : 28 ] وَقَالَ : ( وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ ) [ العنكبوت : 43 ] ) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِى أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) [ الملك : 10 ] وَقَالَ : ( هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) [ الزمر : 9 ] . وَقَالَ ( صلى الله عليه وسلم ) : مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ - ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ .(شرح صحيح البخاري لابن بطال).
تعريف الفقه: الفقه في اللغة الفهم مطلقاً, قال تعالى { قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ } أي لا نفهمه وقال - عز وجل - { فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً } أي لا يفهمونه.
وقال سبحانه وتعالى { وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } أي لا تفهمون ذلك.(شرح الورقات للصقعبي).
واصطلاحاً: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية .(ابن عثيمين)
أي أن الفقه هو استنباط ومعرفة الحكم الشرعي من الدليل أي الكتاب والسنة.
وخير ما نبدأ به هذه السلسلة هو توحيد الله حيث هو الفقه الأكبر وبه النجاة وكما قال تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف110
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
- أنه يجب على المرء دراسة علم التوحيد والعقيدة ؛ ليكون على بصيرة في إلهه ومعبوده - جل وعلا - على بصيرة في أسماء الله وصفاته ، وأفعاله ، على بصيرة في أحكامه الكونية ، والشرعية ، على بصيرة في حكمته ، وأسرار شرعه وخلقه ، حتى لا يضل بنفسه ، أو يضل غيره .
وعلم التوحيد هو أشرف العلوم ؛ لشرف متعلقه ، ولهذا سماه أهل العلم ( الفقه الأكبر ) ، وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين » ، وأول ما يدخل في ذلك وأولاه علم التوحيد والعقيدة.
وفي الحلقة الثانية إن شاء الله سوف نشرح بإذنه تعالى ما هو التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.
أخوكم: وليد ملحم
10/2/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"