القرية الغائبة الحاضرة: إجزم ضلع القاعدة في مثلث الرعب- تقرير مصور

بواسطة قراءة 13866
القرية الغائبة الحاضرة: إجزم ضلع القاعدة في مثلث الرعب- تقرير مصور
القرية الغائبة الحاضرة: إجزم ضلع القاعدة في مثلث الرعب- تقرير مصور

هذا التقرير من إعداد: موقع " فلسطينيو العراق"

قرية إجزم إحدى قرى قضاء حيفا شمال فلسطين المحتلة والتي كان لها الدور البارز والأثر الكبير، في صد هجمات العصابات اليهودية عام 1948، بالإضافة إلى الإسناد الكبير لقريتي جبع وعين غزال في تلك الفترة.

مدينة حيفا سقطت بيد العصابات اليهودي بتاريخ 23/4/1948بعد انسحاب المحتل البريطاني ، لتسقط قرية إجزم بعد ذلك بثلاث شهور بتاريخ 23/7/1948 وبعد خمسة أيام من الهدنة الثانية ، وبعد صمود أسطوري حتى أعلن أحد قادة الكيان اليهودي لوسائل الإعلام قائلا ( لقد أسرنا الحمامة البيضاء وكسرنا جناحيها ) والحمامة هي قرية إجزم وجناحيها جبع وعين غزال حيث كانتا تشكلان وقرية إجزم مثلث الكرمل الصغير والذي عرف "بمثلث الرعب ".

 سميت إجزم بهذا الاسم دلالة على الجزم والقطع، والحديث عن قرى فلسطين له شجون فما من أحد منا إلا وأمنيته أن يقبل هذه الأرض من كثر ما سمعنا عنها وعن طيب هوائها وأشجارها  ونحن حقيقة كنا من الذين يلازمون كبار السن  في بغداد ودائموا الحديث معهم وحتى من غير أن نسألهم، فإن غالب أحاديثهم  كانت عن قرية إجزم والقرى المجاورة لها وكيف كانت الحياة جميلة مع بساطتها  وكنا نشعر بأنينهم وحسرتهم على هذه الأرض ونحاول هنا أن نبين بعض من ملامح هذه القرية ورجالها وأبنيتها .    

الموقع الجغرافي                   

تقع إجزم في القسم الغربي من جبل الكرمل على ارتفاع 100 م فوق سطح البحر 28 كلم جنوبي حيفا. من شرقها يقع جبل المقوّرة، وفي غربها جبل المغيّر كما يوجد في شمالها الشرقي سهل يسمّى وادي الحمام. بالإضافة إلى ذلك يمر بشمالها واد يصب في البحر المتوسط يدعى وادي المغارة. القرية معروفة بغناها بالآبار والينابيع وجميع آبار القرية من الآبار الكفرية الرومانية، وتحيطها قرى أم الزينات دالية الكرمل ، عين حوض ، المزار ، جبع وعين غزال.

مساحتها

بلغت مساحة أراضي إجزم عام 1945 ( 46905  دونم )، نصفها من الأراضي السهلية التي زرعت بالغلال والخضروات والتبغ، أما النصف الآخر فقد زرع بالفواكه والزيتون والتين.وهذا ما يميزها فإن الخضرة تطغى على أغلب أراضيها.

عدد سكانها وأبرز عائلاتها

فقد بلغ عددهم عشية التهجير قرابة ( 4000 نسمة )،وقد تكونت من عائلات عدة نذكر منها : الماضي، زيدان، البلالطة، الطوافشة، الخدايشة، والبالي، والدراوشة، وأبو عيطة، ودار أسعد،و محسن، وأبو زميرو، وأبو حمدة، والواوي، الأبرص، الجياب، أبو شقير، عبد المعطي، تركي، أبو عابد، أبو سرية، أبو خليفة، الفرايزة، الشيخ قاسم، ومشينش، والبجيرمي، وعائلات أخرى لم تسعفنا المصادر في ذكرها وممكن لآي شخص الإضافة في التعليقات وإثراء هذه المعلومات التاريخية الهامة  .

الوضع العمراني

الذي يميز إجزم عن مثيلاتها من القرى الفلسطينية المهجرة أن العديد من مبانيها لم  يدمر بل ما زال موجوداً، ومن المباني في إجزم كان هناك مسجدين أحدهما مكون من طابقين  وصحن واسع مبلط، استعمل الطابق الأول للصلاة، في حين تواجد بأطراف صحن المسجد صفان من الغرف الصغيرة التي استعملت ككتاتيب لتحفيظ القرآن، بناه مسعود الماضي رحمه الله  وقد نقش على باب المسجد بيت من الشعر هذا مطلعه ) مسعود شاد فأجزلن ثناءه ( وقد تأكل كثير من النقوش الموجودة في المسجد ولم يبقى سوى الآية القرآنية (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا..) وكان شيخ المسجد هو يوسف النبهاني وهو مدفون في باحة المسجد والذي له كتب في التصوف وأخرى في الفقه الإسلامي ويذكر أن آخر خطيب للمسجد كان اسمه الشيخ محمد خديش وكان خريج الأزهر وكذلك كان في القرية مدرسة ابتدائية للبنين بنيت في العهد العثماني، وكذلك كان فيها ثلاث معاصر للزيتون اثنان يدوية وواحدة آلية و كان حول إجزم مجموعة من الخرب التي استعملها بعض سكان القرية كعزب لتربية المواشي والزراعة، ومن ثم تطورت لأماكن سكنى دائمة، نذكر منها خربة  قمبازة الواقعة على بعد 3 كم شمال شرقي إجزم وبجانبها خربة المنارة، خربة الفشة التي سكنتها عشيرة الوشاحية وهي تقع على بعد 7 كم شرقي إجزم، خربة أم الدرج (التي وقعت بها معركة شديدة بين الثوار بقيادة يوسف أبو درة وقوات بريطانية في أيلول 1938 وخلفت عشرات القتلى، حيث كان سبعة منهم من سكان إجزم ) وهي تقع على بعد 4 كم شرقي القرية، وخربة الماقورة الواقعة 2 كم شرقي إجزم، وقد أقام فيها علي الماضي (أبو مازن) بيتاً بجانب عين ماء جارية، ولم يغادر بيته بعد التهجير وخاض جولات من المحاكمات التي أفضت في النهاية إلى تثبيته على قدر قليل من أراضيه، حيث يقوم البيت وبعض الدونمات من حوله.

توفي الرجل عام 1994 بعد أن كان قد دأب على فلاحة الأرض وزراعتها حتى بعد تجاوزه سن الثمانين، وما تزال زوجته وبعض أولاده يقيمون في البيت حتى اليوم رغم صعوبة الظروف وشظفها وعدم توفر وسائل الراحة ( لم يحظ ساكنو البيت بربط بيتهم بشبكة الكهرباء التي لا تبعد أعمدتها أكثر من بعض مئات الأمتار .

كان في القرية مدرسة انتقلت إلى بنائها الحديث المكون من 12 غرفة في منتصف الأربعينات وقد عمل في هذه المدرسة 18 معلماً وتعلّم فيها قرابة 300 طالباً.

الوضع المعاشي

اعتاش معظم أهل إجزم على الزراعة وتربية المواشي، في حين عمل قسم لا يستهان به  في سلك الوظائف الحكومية، بعضهم في جهاز التعليم نذكر منهم فلاح محمد سعيد الماضي الذي كان مديراً لمدرسة ( سمخ ) وأخاه عرسان الذي كان معلماً في حيفا، وفاضل موسى زيدان الذي كان معلماً في حيفا، وتوفيق مراد الماضي وكذلك رشاد نمر الماضي الذي كان معلماً في قضاء عكا كما وعمل في سلك الأشغال العامة والخدمات كل من الشيخ قاسم الأحمد في دائرة الإخراج في زمارين، حسين أبو هريس في دائرة البريد وحسني نمر الماضي الذي كان سكرتيراً في دائرة الأراضي (الطابو ) في حيفا.

كما وتجند في سلك البوليس البريطاني قرابة 20 مجنداً، كان أعلاهم رتبة عبد الله حسن زيدان الذي وصل إلى رتبة عقيد في مركز بوليس حيفا وكذلك معين الماضي الذي  كان زعيماً على المستوى القطري الفلسطيني وعلى الصعيد القومي العربي العام فهو خريج جامعة السوربون وجامعة استانبول في موضوع المحاماة، ومن منظمي مؤتمر الجمعيات القومية العربية في باريس عام 1913..

إجزم في ثورة 1936

 كانت القرية نشيطة جداً في ثورة 1936 -1939، وقد أقيمت فيها ثلاثة فصائل عملت تحت إمرة القائد يوسف سعيد أبو درة، كان قادتها كل من: أحمد عبد المعطي، عبد القادر أبو حمدة وأحمد زيدان.

وقد كان عدد الثوار فيها قرابة ( 70 ثائراً ) كما وعملت في القرية ومحيطها محكمة فرعية للثورة ضمت كل من أحمد يونس أبو حمدة، العبد الصالح، حسن سليم الماضي وعلي أحمد الشيخ حسن،  وقد استشهد من أبناء القرية في الثورة قرابة ( 15 ثائراً ) نذكر منهم : أحمد قاسم تركي الماضي ( أعدمه البريطانيون بعد أن قبضوا عليه )، عقاب محمد الناصر، محمد الشنبور، محمد أحمد الحسين، عبد الرحمن العبد، زعل تركي الماضي، موسى عبد الرازق أبو حمدة، صبري احمد زيدان وتوفيق محمود الحامد وعبد اللطيف هاشم شيخ قاسم وعيسى سعيد شيخ قاسم ، وحفظي خديش وآخرين ....

الوضع السياسي

من الناحية السياسية انقسم أهل أجزم إلى قسمين قسم أيد الحركة الحسينية وقسم أيد الحركة النشاشيبية، وهذا كان له اثر كبير في على الفعاليات الوطنية في القرية وعلى حيفا بشكل كامل.

التهجير

 كانت إجزم، كما أسلفنا القول، ضلع القاعدة في مثلث الرعب (إجزم، جبع، عين غزال)، صدت منذ بداية الحرب هجمات عدة استهدفت السيطرة عليها، وذلك من قبل رجال فرع النجادة في القرية، مفرزة صغيرة لجيش الجهاد المقدس ومفرزة من المتطوعين العرب (خاصة من العراقيين).

وقد بقيت صامدة حتى 24 – 7-1948 حيث دكت مواقع المدافعين عنها دكاً بواسطة قصف جوي ومدفعي مركز ومكثف من اليهود ، ولم يكن للمدافعين أية وسائل للدفاع الجوي بل كانت أسلحة قليلة وقديمة وبعض الخيالة ، في حين لم تفلح بعض الطلعات للطائرات العراقية بتخفيف وطأة الهجوم الجوي الذي انتهى باحتلال القرية وتهجير معظم سكانها.

معظمهم ذهب إلى العراق، وبقي من سكان القرية جزء صغير منهم مع محمود الماضي حتى عام 1951 حيث تم إسكانهم في الحي الغربي من القرية، ولكن عقدهم انفرط بعد مغادرة  بعض العائلات القرية إلى  حيفا وإقامة  اليهود مستوطنة "كيرم مهرال" في باقي أجزاء القرية.

فتم ترحيلهم إلى الدالية وعسفيا والفريديس وبعضهم التحق بعائلاتهم في جنين وباقي مخيمات اللاجئين، لجأ معظم مهجري القرية إلى العراق وهم يعانون اليوم، على أثر الاحتلال الأمريكي في نيسان 2003 ضائقة كبيرة، فقد قامت ميليشيات شيعية حاقدة طائفية مجرمة بقتل أكثر من 300 شخص مع استخدام أبشع أنواع التمثيل بالجثث  وسلب وتهجير أصحاب البيوت  ويخضع عدد منهم في السجون وما زال قسم منهم مجهول لحد الآن، والموجود في الداخل يعاني من حصار وتضييق خوفا من كشف هويته وقد هجر أكثر من نصف العدد إلى مخيمات على الحدود السورية العراقية مثل مخيمي التنف والوليد ومخيم الهول داخل الأراضي السورية  وقسم كبير هجر إلى قبرص والسويد والنرويج والدنمارك والبرازيل وتشيلي وأميركا وبريطانيا وكندا وآيسلندا ونيوزيلندا وغيرها وكشفت هذه الأزمة عن حقيقة الموقف العربي والإسلامي المخجل تجاه قضية فلسطين فلم تقف أي دولة عربية بجانب هؤلاء اللاجئين بل تركتهم في الصحراء بل  الطامة أن تأتي دول من أوربا وأمريكا اللاتينية  تأخذهم  وتوطنهم أمام أنظار العرب .

الوضع بعد التهجير

 بعد تهجير أغلب أهل القرية قامت العصابات اليهودية بتغيير اسم القرية  إلى مستوطنة  ( كيرم مهرال ) وقامت باستخدام بعض مباني القرية فحولت المدرسة إلى كنيس وبعض العائلات اليهودية اٌحتلت وسكنت في قصور البيوت النظيفة، أما المسجد فمغلق وهو موجود لحد الآن وقد سقطت على سقفه قذيفة فأدت إلى بعض الأضرار وقد أصدرت حديثا المحكمة اليهودية أمر ببناء متحف يدعى ( متحف التسامح ) وشقق سكنية فوق مقبرة القرية وقد اعترض أهل القرية الأصليين لمدة خمس سنوات لكن قرار المحكمة اليهودية أجاز بناء المباني على المقبرة   منتهكين بذلك كل القيم والأعراف الدولية وحقوق الإنسان حتى بعد مماته،  والهدف من ذلك هو طمس كل الحقائق التاريخية للقرية منتهكين بذلك كل القيم والأعراف وأبسط حقوق الإنسان في قبره .

وهذا جانب مصور من قرية إجزم :

http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim000.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim001.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim002.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim003.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim004.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim005.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim006.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim007.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim010.jpg 
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim011.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim012.jpg 
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim013.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim014.jpg 
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim015.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim016.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim017.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim018.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim019.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim020.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim021.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim022.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim023.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim024.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim025.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim026.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim027.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim028.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim029.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim030.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim031.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim032.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim033.jpg 
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim034.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim035.jpg
 http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim036.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim037.jpghttp://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim038.jpg

 http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim039.jpg

http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim040.jpg
http://www.paliraq.com/images/history/ejzim/ejzim041.jpg

 

بعض المصادر :

الموسوعة الفلسطينية الطبعة الأولى 1984، المجلد الأول ص80 - 81.

موقع : عرب 48 ، جولة في القرى الفلسطينية المهجرة- إجزم ( الحلقة 9 ) د.مصطفى كبها.

 

إعداد: موقع" فلسطينيو العراق"

31/7/2009

 

هذا الخبر حصري لموقع " فلسطينيو العراق "

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"