ان معرفة التاريخ هو القالب الذي صيغت خلاله قوانين التطور والمعرفة الانسانية وليس مجرد ارشيف مكتوب، فلنقرأ من التاريخ ما مضى الذي هو اساس لما يجري اليوم.
الصراع الذي بدأته ايران الفارسية ضد العراق قديم جدا، واول اعتداء فارسي حصل سنة 2322 قبل الميلاد حين دمر العيلاميون عاصمة الأكديين في اليوسفية الحالية (تقع جهة الجنوب الغربي من بغداد)، واستولوا عليها وخربوها وأحرقوها. وفي سنة 2006 قبل الميلاد عادو مرة ثانية ليدمروا مدينة اور عاصمة السومريين وازالوها من الوجود.
تاريخيا، دمر الايرانيين اي حضارة كانت تقوم في العراق، فدمرت آشور سنة 612 ق.م ، ودمرت بابل في وسط العراق سنة (539) ق.م
ثم الحضر سنة 240 ب. وقد استعمر الايرانييون العراق مدة الف عام حتى تحريره على يد سعد بن ابي وقاص سنة 636م في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وبسبب فترة الاستعمار الطويلة جدا هذه اعتقد الايرانين ان العراق جزء من ايران!
لقد قتل سيدنا عمر رضي الله عنه على يد الفارسي "فيروز أبي لؤلؤة النهاوندي"، وكان عبداً عند المغيرة بن شعب، الذي يزور الايرانيين قبره، ويتبركون به. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وأبو لؤلؤة كافر باتفاق أهل الإسلام كان مجوسيا من عباد النيران،... فقتل عمر بغضا في الإسلام وأهله، وحبا للمجوس، وانتقاما للكفار لما فعل بهم عمر حين فتح بلادهم، وقتل رؤساءهم، وقسم أموالهم". - منهاج السنة النبوية لابن تيمية.
عن ابن عساكر في تاريخ دمشق، ان عمر قال بعد ان طعنه ابي لؤلؤة، الحمد لله الذي لم يقتلني رجل يحاجني بلا إله إلا الله يوم القيامة أما إني قد كنت نهيتكم أن تحملوا إلينا من العلوج فعصيتموني. والقصد ان عمر يحمد الله بأنه لم يظلم مسلما في حكمه.
لقد شاهدت على التلفزيون قبل فترة كيف ان احد الشيوخ كان محتدا معلنا عدم تقبله بأن يكون قبر هذا القاتل محجا في ايران، وطبعا هذا سيكون موقف كل مسلم بأن تثور عاطفته عندما يعرف ان قبر قاتل كافر، محجا للتبرك في دولة تنادي بتحرير القدس ومناصرتها لقضية فلسطين! وقد رممت ايران قبر هذا الكافر سنة 2003م. فهل يستوي الامران. مع العلم ان هذا الكافر قتل في المدينة المنورة ولم يدفن في كاشان في ايران وقبره هذا قبر رمزي، وربما الهدف منه رمزي ليكون للتكريم على مر التاريخ، وان الفرس يتباهون بقتل. ويقال ان كثرة احتجاجات المسلمين اجبرت ايران في حزيران 2007م على منع الزيارات لهذا القبر الوهمي تمهيدا لهدمه. لكننا لغاية اليوم نجد بعض المواقع الشيعية على شبكة الانترنت تمجد هذا القاتل الكافر.
نشأت الصفوية من مزيج من التصوف والتشيع الاثنى عشري. وينتسب الصفويون الى شيخ من المتصوفين اسمه صفي الدين الاردبيلي المولود عام 1334م، وهو الجد الخامس للشاه اسماعيل. واصل الصفويين من بلاد الفرس وهم يزعمون بأنهم من الهاشميين، ويزعمون ان نسبهم يعود الى الامام موسى الكاظم من ابنه حمزة.
الشيعة هم الذين شايعوا علي بن ابي طالب رضي الله عنه ونادوا بإمامته وخلافته وان الامامة لا تخرج عن اولاده، بمعنى ان الامامة جزء ملحق بالنبوة، وحسب الفكر الصفوي فإن سلالة علي بن ابي طالب هي الوريثة للامامة وبالتالي الطاعة لهم وحدهم دون غيرهم من البشر بإعتبارهم امتداد للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهذا الفهم ينفي مبدأ الشورى في الاسلام، وحتى علي نفسه لم يفرض احدا من ذريته خليفة على المسلمين من بعده بل ترك الامر لشورى المسلمين. والشيعة خمس فرق: كيسانية وزيدية وأمامية وغلاة وإسماعيلية. ومعظمهم منغلق على نفسه وكثير منهم يتداولون افكار وادعاءات وروايات اشبه بالاساطير وقلة منهم تميل الى السنة.
فمنهم من يدعي ان لفاطمة الزهراء مصحف حجمه ثلاث اضعاف القرآن الكريم مدون بخط سيدنا علي بن ابي طالب، فاذا كانت نسخة القرآن الكريم التي عندي مكونة من 604 صفحات، فان ما يدعون انه مصحف فاطمة يتكون من 1812 صفحة وقد نزل على فاطمة في 75 يوم، بينما القرآن الكريم اخذ فترة طويلة لنزوله! فأي عبث هذا بالعقول. وهذا المصحف مدون فيه الكلمات التي كان جبريل عليه السلام يواسي بها فاطمة بعد وفاة والدها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وما سيحل بذريتها من بعدها، وليس فيه شيء من القرآن الكريم، ومذكور فيه اسماء الملوك والحكام الى يوم القيامة!. ان الاساس الذي اعتمد عليه هذا المصحف هو الغيب، ولا يعلم الغيب الا الله، وكذلك ان الله ارسل جبريل لانبياءه، ولم ينزل جبريل لاحد بعد الرسول الكريم، ولم نعرف من قبل ان جبريل ارسله الله الى عامة الناس، وعندما ارسله الى مريم العذراء كان لسبب وهو لبيان معجزاته، بولادتها سيدنا عيسى عليه السلام وهي عذراء، ويوجد في القرآن ايات واضحة وصريحة تشير لذلك.
"بسم الله الرحمن الرحيم
فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً{17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً{18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً{19}".
والمفارقة المضحكة، ان الشيعة عندما يريدون البرهان بأن جبريل نزل الى فاطمة يستشهدون بالايات القرآنية اعلاه من سورة مريم!
واستكمالا للافتراء يدعي بعض الشيعة أن القرآن الكريم الذي جمعه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه قد تعرض للتحريف بالزيادة والنقص من قبل أعداء آل بيت واعداء الرسول وشيعته، ويقصدون بهم من يسمونهم بالنواصب من الصحابة وأتباعهم اي السنة.
وقد ألف أحد كبار علماء الشيعة، وهو الحاج ميرزا حسين تقي النوري الطبرسي المتوفى عام 1320 هـ 1900م، كتابًا أسماه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب)، جمع فيه مئات النصوص من علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه، وقد طبع كتابه هذا في إيران عام 1289 هـ. وبعض الشيعة يقولون ان القرآن الكريم اسقط ثلثه من قبل المنافقين ويقصدون صحابة الرسول.
الا يحتاج الامر الى وقفة للتفكير، فهم من جهة يدعون ان لفاطمة مصحف كامل خاص بها وان القرآن الكريم مشكوك في نصوصه واسقط ثلثه، فهل يريدون استبدال القرآن الكريم بمصحف فاطمة؟ وصلنا من العراق خبر، يفيد انه في منتصف سنة 2006م، قامت الحكومة الايرانية بارسال الاف النسخ لشيعة العراق مما يسمى مصحف فاطمة، ولغاية الان لم نتأكد من صحة هذا الخبر ونأمل من الله ان يكون هذا الخبر غير صحيح لان توزيع هذا الكتاب سيزيد الفرقة في العراق، ولانه لا توجد نشخ متداولة من ما يزعمون انه مصحف فاطمة فمن المحتمل ان يكتب الصفويين ما يشائون لخدمة مصالحهم.
والشيعة يميزون بعض الاشخاص، فيقولون فلان انه "سيد" اي ينتمي الى سلالة آل البيت، والسيد هذا له مكانة رفيعة بين الشيعة وهو اختراع وحيلة ليحل محل الشيخ، فالشيخ عادة ما يستند في افعاله واقواله الى الى القرآن والسنة النبوية الشريفة في حين ان السيد يمكن ان يستند الى اي رواية او اي حادثة سمع بها دون التحقق منها وربما يكون هو نفسه الفها وزورها لتخدم الدعوة للتشيع.
في بداية القرن السادس عشر الميلادي تولى قيادة الحركة الصفوية فتى يبلغ من العمر 13 سنة، اسمه الشاه اسماعيل، ولد سنة 1487م من اب اصوله تركمانية وام ارمنية، ومات في سنة 1524م.
واستطاع ان يؤسس دولة قوية في ايران ضم اليها العراق وجزء كبير من قفقاسيا، وكان اهل ايران في تلك الفترة من السنة، ماعدا اربع مدن شيعية وهي آوه، قاشان، سبزوان، قم، وقد فرض التشيع الاثنا عشري على اهل ايران بالقوة وبحد السف، وجعله المذهب الرسمي للحكومة، ونقش اسم علي بن ابي طالب رضي الله عنه على النقود، وكان ينادي بسب الخلفاء الثلاثة، ابو بكر وعثمان وعمر، ومن يخالفه في رأيه هذا كان يقتل حتى قيل ان عدد قتلاه بلغ مليون شخص، وفي يوم واحد فقط قتل 140 ألف مسلم من السنة. وأمر بنشر دعاة المذهب الشيعي في الدول المجاورة الى ايران.
وفي عام 1508 ميلادي تمكن الشاه اسماعيل من احتلال بغداد وفعل بأهلها ما فعله بالايرانيين فقتل الكثيرين منهم، ونبش قبر ابي حنيفة. وقد اساء هذا الشاه الى فكرة التشيع بافعاله الاجرامية هذه وجعل من السنة اعداءا له رغما عنهم كردة فعل طبيعية للمذابح التي ارتكبت بحق اهل السنة.
اضافة الى القتل والبطش لجأ الى الدعاية للمذهب الشيعي، فأمر بتنظيم الاحتفال بذكرى مقتل الحسين على النحو المتبع الى يومنا هذا، واضاف اليه مجالس العزاء وما يرافقه من بكاء ولطم وحزن ودق الطبول، وامر كذلك بادخال الشهادة الثالثة في الاذان وهي "أشهد ان عليا ولي الله"، في حين ان الشيعة المعتدلين يرفضون هذه الشهادة، وهي نقطة خلافية الى يومنا هذا بين الشيعة.
وفي عهد الملك طهماسب تم احضار علماء الشيعة من منطقة جبل عامل "ما بعد صيدا الى حدود فلسطين المحتلة" في لبنان لينتقلوا الى ايران وليساهموا في ترسيخ دعائم التشيع بين الناس، وكان يتم اغداق الاموال والهدايا على هؤلاء العلماء مع منحهم السلطة، في حين كانوا يعيشون حياة متواضعة شاقة في منطقة الجنوب اللبناني معروفة تاريخيا بالفقر الذي يلفها من القديم الى يومنا هذا، وحتى في التاريخ الحديث وما قبل احتلال فلسطين، وتأكيدا على ذلك، مثلا ان جميع رجال قرية عربصاليم كانوا يعملون لكسب عيشهم في فلسطين وكانت تمر ليالي وهؤلاء الرجال جميعا يبيتون لياليهم في فلسطين وقريتهم خالية من اي رجل، وقرى اخرى كثيرة كان رجالها يعملون في فلسطين. ولغاية اليوم الكثير منهم يهاجرون الى افريقيا واميركا اللاتينة بسبب الفقر الذي يلف مناطقهم.
ان فقر الحال والغنى والجاه والسلطة كان سببا مغريا لعلماء الشيعة للتوجه الى ايران والعيش فيها حتى ان 63 عالما منهم غادرو الى ايران ولم يعد منهم للجنوب اللبناني سوى سبعة علماء.
بعد احتلال بغداد من قبل اسماعيل لبغداد باربع سنوات، تولى عرش السلطنة العثمانية في اسطنبول السلطان سليم الذي اعلن نفسه حاميا وزعيما للسنة وتأثر لمذابح الشاه اسماعيل التي طالت السنة في بغداد، واستحصل على فتوى دينية سنة 1514م تجيز له قتل الشيعة باعتبارهم مارقين عن الاسلام، واستنادا لهذه الفتوى توجه الجيش العثماني الى ايران وقاتل جيش اسماعيل الصفوي انتهت بهزيمته وفراره الى اذربيجان، وفي نفس السنة (1514) دخل سليم الاول تبريز عاصمة الصفويين وارسل اموال اسماعيل الى اسطنبول، ثم عاد الى تركيا، ولم يلاحق اسماعيل. لكن الخيبة والهزيمة لاحقت اسماعيل الذي مال الى العزلة واليأس وادمن على الخمر "من رافع لواء الاسلام والتشيع الى مدمن خمر" الى ان توفى بمرض السل سنة 1524م، ودفن في اربيل. ومعروف عن اسماعيل انه كان شاعرا يقرض الشعر بإسم مستعار هو "خطائي" ومازالت اشعاره ذات شعبية واسعة بين الايرانيين الى يومنا هذا.
وقد وضع السلطان سليم خطة ملخصها، انه ارسل رجال الشرطه السرية الى مختلف ارجاء اراضي الدولة العثمانية الاسيوية والاوروبية وتم احصاء افراد الشيعة فيها، وتبين له ان عددهم سبعين الف ما بين رجل وامرأة وطفل وحدد اماكن تواجدهم فارسل لهم السلطان جنوده فألقوا القبض على الشيعة في وقت واحد فقتل منهم اربعين الفا وحكم بالسجن المؤبد على ثلاثين الفا.
29/3/2009
عبد الله الحيفاوي