- روي عن علي رضي الله
عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه
ومن هذا المحروم فنعزيه.[1]
- عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُنَادِي:
مَنْ هَذَا الْمَقْبُولُ اللَّيْلَةَ فَنُهَنِّيهِ، وَمَنْ هَذَا الْمَحْرُومُ
الْمَرْدُودُ اللَّيْلَةَ فَنُعَزِّيهِ، أَيُّهَا الْمَقْبُولُ هَنِيئًا،
وَأَيُّهَا الْمَرْحُومُ الْمَرْدُودُ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَكَ.[2]
- قال أبو عمرٍو الشيبانيُّ: قالَ موسى -
عليه السلامُ - يومَ الطُّور: يا ربّ!إنْ أنا صليتُ فَمِن قِبَلِكَ، هان أنا
تصدَّقْتُ فمن قبَلكَ، وإن بلَّغْتَ رسالاتكفَمِنْ قِبَلِكَ، فكيف أشكرك؟
قال: يا موسى، الَآنَ شكرتَني، فأمَّا مقابلة
نعمة التوفيق لصيامِ شهر رمضانَ بارتكابِ المعاصي بعده، فهو من فِعْلِ مَن بدَّلَ
نِعْمةَ اللَّهِ كفرًا، فإن كان قد عَزَمَ في صيامِهِ على معاودةِ المعاصِي بعدَ
انقضاءِ الصيامِ، فصيامُه عليه مردودٌ، وبابُ ألرَّحمةِ في وجههِ مسدودٌ.[3]
- قال كعبٌ: مَن صامَ رمضانَ وهو يُحدِّثُ
نفسَهُ أنَّه إن أفطر رمضانَأن لا يعصِي اللَّهَ، دخلَ الجنةَ بغيرِ مسألةٍ ولا
حساب، ومَن صامَ رمضانَ وهو يحدِّثُ نفسَه أنَّه إذا أفطر عصَى ربَّه، فصيامُه
عليه مردودٌ.[4]
- قيل لبشر الحافي: أن قومًا يتعبدون في
رمضان ويجتهدون في الأعمال، فإذا انسلخ تركوا! قال: بئس القوم قوم لا يعرفون الله
إلا في رمضان.[5]
- خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم
عيد فطر فقال في خطبته: أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما وقمتم ثلاثين ليلة
وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم.[6]
- قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى
ستة أشهر أن يبلغهم رمضان،ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم.[7]
- قال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: اللهم
سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا.[8]
- قال بعض السلف: أدركت أقواماً لا يزيد دخول
رمضان من أعمالهم شيئاً، ولا ينقص خروجه من أعمالهم شيئاً.[9]
- رأى وهب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد
فقال: إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وإن كان لم يتقبل منهم
صيامهم فما هذا فعل الخائفين.[10]
- قال الحسن البصري: إن الله جعل شهر رمضان
مضمارا لخلقه، يستبقونفيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا،
فالعجب من اللاعب الضاحك، في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.[11]
- دخل رجل على أمير المؤمنين عليّ رضي الله
عنه يوم عيد الفطر، فوجده يتناول خبزًا فيه خشونة، فقال: يا أمير المؤمنين، يوم
عيد وخبز خشن! فقال عليّ: اليوم عيد مَن قُبِلَ صيامه وقيامه، عيد من غفر ذنبه
وشكر سعيه وقبل عمله، اليوم لنا عيد وغدًا لنا عيد، وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو
لنا عيد.[12]
- كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ : يَأَيُّهَا
النَّاسُ، إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ، إِنِّي عَلَيْكُمْ شَفِيقٌ، صَلُّوا فِي ظَلامِ
اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ، وَصُومُوا فِي حَرِّ الدُّنْيَا لِحَرِّ يَوْمِ
النُّشُورِ، وَتَصَدَّقُوا مَخَافَةَ يَوْمٍ عَسِيرٍ لِعَظَائِمِ الأُمُورِ.[13]
- قال أبو مَنْصُورٍ
الشِّيرَازِيَّ فِي مَجْلِسِهِ بِالْحَرَمِ الْمُقَدَّسِ يَوْمَ الْعِيدِ: لَيْسَ
الْعِيدُ لِمَنْ غُرِفَ لَهُ إِنَّمَا الْعِيدُ لِمَنْ غُفِرَ لَهُ.[14]
- يقول ابن الجوزي: ليس العيد ثوبا يجر
الخيلاء جره، ولا تناول مطعم بكف شره لا يؤمن شره، إنما العيد لبس توبة عاص تائب
يسر بقدوم قلب غائب.[15]
- مر قوم براهب في دير فقالوا له: متى عيد أهل
هذا الدير؟ قال: يوم يغفر لأهله.[16]
- يقول ابن رجب: ليس العيد لمن لبس الجديد،
إنما العيد لمن طاعاته تزيد، ليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب، إنما العيد لمن
غفرت له الذنوب، في ليلة العيد تفرق خلق العتق والمغفرة على العبيد؛ فمن ناله منها
شيء فله عيد، وإلا فهو مطرود بعيد.[17]
- قال الحسن البصري: كل يوم لا يعصى الله فيه
فهو عيد، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد.[18]
- عن مفضل بن لاحق أبي بشر، قال: سمعت عدي بن
أرطاة, يخطب بعد انقضاء شهر رمضان فيقول: كأن كبدًا لم تظمأ، وكأن عينًا لم تسهر،
فقد ذهب الظمأ وأبقى الأجر، فيا ليت شعري! من المقبول منا فنهنئه؟! ومن المردود
منا فنعزيه؟! فأما أنت أيها المقبول, فهنيئًا هنيئًا، وأما أنت أيها المردود, فجبر
الله مصيبتك. قال: ثم يبكي ويبكي.[19]
- عن مالك بن دينار أن قومًا من أهل البصرة
اشتروا جارية قرب شهر رمضان، فرأتهم يشترون المأكول والمشروب، فقالت لهم: ما
تصنعون بهذا؟! فقالوا لها: لشهر رمضان، فقالت لهم: أنا كنت لقوم كان دهرهم كله شهر
رمضان، فوالله, لا أقيم عندكم.[20]
- عن محمد بن يزيد قال: رأيت وهيب بن الورد
صلى ذات يوم العيد، فلما انصرف الناس جعلوا يمرون به، فنظر إليهم ثم زفر ثم قال:
لئن كان هؤلاء القوم أصبحوا مستيقنين أنه قد تُقُبِّل منهم شهرهم هذا لكان ينبغي
لهم أن يكونوا مشاغيل بأداء الشكر عما هم فيه، وإن كانت الأخرى لقد كان ينبغي لهم
أن يصبحوا أشغل وأشغل.[21]
- مما جاء في خطبة المأمون بالعيد: عِبَادَ
اللهِ! عَظُمَ قَدْرُ الدَّارَيْنِ، وَارْتَفَعَ جَزَاءُ الْعَامِلِينَ، وَطَالَتْ
مُدَّةُ الْفَرِيقَيْنِ، فَوَاللهِ! إِنَّهُ لَلْجِدُّ لا اللَّعِبُ، وَإِنَّهُ
لَلْحَقُّ لا الْكَذِبُ، وَمَا هُوَ إِلا الْمَوْتُ وَالْبَعْثُ وَالْحِسَابُ
وَالْفَصْلُ وَالصِّرَاطُ ثُمَّ الْعِقَابُ وَالثَّوَابُ، فَمَنْ نَجَا
يَوْمَئِذٍ؛ فَقَدْ فَازَ، وَمَنْ هَوَى يَوْمَئِذٍ؛ فَقَدْ خَابَ، الْخَيْرُ
كُلُّهُ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّرُّ كُلُّهُ فِي النَّارِ.[22]
- قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ:
خَرَجْتُ مَعَهُ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي
يَوْمِنَا هَذَا غَضُّ الْبَصَرِ.[23]
- رجع حسان بن أبي سنان من عيده فقالت
امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت إلى أن
رجعت![24]
- عن أبي مروان مولى بني تميم قال: انصرفت مع
صفوان بن سليم من العيد إلى منزله فجاء بخبز يابس فجاء سائل فوقف على الباب وسأل
فقام صفوان إلى كوّة في البيت فأخذ منها شيئا فأعطاه فاتّبعت ذلك السائل لأنظر ما
أعطاه. فإذا هو يقول: أعطاه الله افضل ما أعطى أحداً من خلْقه فقلت ما أعطاك؟ قال:
أعطاني ديناراً.[25]
- كَانَ حماد بن أبي سليمان ذَا دُنْيَا
مُتَّسِعَةٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُفَطِّر فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسَ مائَةِ
إِنْسَانٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُعْطِيْهِم بَعْدَ العِيْدِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مائَةَ
دِرْهَمٍ.[26]
- كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد
الفطر فيقال له: إنه يوم فرح وسرور فيقول: صدقتم ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له
عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا؟[27]
- في يوم من أيام العيد جاءت بناتُ عمر بن
عبدالعزيز، وقُلْنَ له: يا أمير المؤمنين، العيد غدًا، وليس عندنا ثياب جديدة
نَلْبَسُها - بناته يوم العيد لا يَجِدْنَ ثيابًا يَلْبَسْنَها - فماذا كان ردُّ أمير المؤمنين عليهِنَّ؟ - نظر إليهنَّ، وقال :يا بناتي، ليس العيد من
لبس الجديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد![28]
- قال أبو بكر المروزي: دخلت على أبي بكر بن
مسلم صاحب قنطرة بردان يوم عيد فوجدته وعليه قميص مرقوع مطبق وقدامه قليل خرنوب
يقرضه فقلت: يا أبا بكر اليوم يوم عيد الفطر تأكل الخرنوب؟ فقال لي: لا تنظر إلى
هذا ولكن انظر إن سألني من أين لك هذا؟ أي شيء أقول![29]
- قال قتادة: كان يقال: من لم يُغفر له في
رمضان فلن يغفر له فيما سواه.[30]
- عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه...
رأى ابنه عبد الملك في ثياب رثة في يوم العيد... فبكى عمر رضي الله عنه... فلاحظ
ابنه البار ذلك... فقال له: ما يبكيك يا أبتاه ؟ فقال له أبوه الرحيم: أخاف أن
تخرج يا بني في هذه الثياب الرثة إلى الصبيان لتلعب معهم فينكسر قلبك... فقال
الابن البار لأبيه الرحيم: إنما ينكسر قلب من عصى مولاه وعق أمه وأباه... وأرجو أن
يكون الله راضيا عني برضاك عني يا أبي... فضمه عمر إلى صدره وقبله بين عينيه ودعا
له... فكان ازهد أولاده.[31]
- قال الإمام انس بن مالك رحمه الله: للمؤمن
خمسة أعياد: كل يوم يمر على المؤمن ولا يكتب عليه ذنب فهو يوم عيد, اليوم الذي
يخرج فيه من الدنيا بالإيمان فهو يوم عيد, واليوم الذي يجاوز فيه الصراط ويأمن
أهوال يوم القيامة فهو يوم عيد, واليوم الذي يدخل فيه الجنة فهو يوم عيد, واليوم
الذي ينظر فيه إلى ربه فهو يوم عيد[32] .
- كان السلف رضي الله عنهم يقولون لبعضهم بعد
انتهاء رمضان: من المحروم في هذا الشهر؟ المحروم من حرم الخير حقاً، المحروم من
حرم دوام الطاعة حقاً.[33]
6- شوال- 1435هـ
2-8-2014م
[1]لطائف المعارف، ص210.
[2]مختصر قيام الليل للمروزي، ص213.
[3]لطائف المعارف، ص136.
[4]لطائف المعارف، ص136-137.
[5]مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار (2/283).
[6]لطائف المعارف، ص209.
[7]لطائف المعارف، ص148.
[8]لطائف المعارف، ص148.
[9]مواصلة العمل الصالح بعد رمضان، صالح الفوزان.
[10]لطائف المعارف، ص209.
[11]لطائف المعارف، ص210.
[12]موقع المنبر، خطبة بعنوان" عيد الأضحى
المبارك".
[13]تاريخ دمشق(66/214).
[14]معجم السفر، للسلفي، ص302.
[15]التبصرة، ص114.
[16]لطائف المعارف، ص277.
[17]لطائف المعارف، ص277.
[18]لطائف المعارف، ص278.
[19]الصيام للفريابي، ص95.
[20]المجالسة وجواهر العلم ( 5/146).
[21]صفة الصفوة(1/421).
[22]المجالسة وجواهر العلم( 6/42).
[23]التبصرة لابن الجوزي، ص106.
[24]التبصرة لابن الجوزي، ص106.
[25]صفة الصفوة(1/385).
[26]سير أعلام النبلاء(5/530).
[27]لطائف المعارف، ص209.
[28]عمر بن عبد العزيز.. كانت حياته معجزة، الشيخ محمد جمعة
الحلبوسي، شبكة الألوكة.
[29]التبصرة لابن الجوزي، ص109.
[30]لطائف المعارف، ص211.
[31]العيد قلوب موحدة وعادات مختلفة، صحيفة الرأي.
[32] فرحة العيد، د.
بدر عبد الحميد هميسة، صيد الفوائد.
[33] من درس للشيخ حسن أبو الأشبال، حرص السلف على تنقية الأعمال
وتصفيتها.