مُنْذ عَام 2003 وَحَتَّى الْآِن عَاش فِلَسْطِيْنِي الْعِرَاق سَلِسَة مِن الانْتِهَاكَات وَالضُغَوطَات مِن أَجْل إِجْبَارِهِم عَلَى مُغَادَرَة الْعِرَاق تَحْت ذَرَائِع وَأَسْبَاب بَاتَت مَعْرُوْفَة وَصَرِيْحَة لَدَى الْكَثِير مِن الْشَّخْصِيَّات والمُنَظَّمَات دَوْلِيَّة وَمِنْهَا مُنَظَّمَة الْعَفْو الْدَّوْلِيَّة وهْيومان رَايِتس مِن خِلَال تَقْدِيْمُهَما تَقَارِيْر تُؤَكِّد انْتِهَاكَات لِحُقُوْق الْإِنْسَان لِلْفِلِسْطِيْنِيِّيْن فِي الْعِرَاق ، وَالْمُؤْلِم أَنَّنَا نَسْمَع وَنُشَاهِد كُل يَوْم مُسَلْسَلَات جَدِيْدَة يُتَعَرَّض لَهَا أُخُوَّتِنَا فِي الْعِرَاق , وَهَذِه الانْتِهَاكَات تُؤَكِّد عَلَى أَن وُجُوْد الْفِلِسْطِيْنِيِّيْن فِي الْعِرَاق أَصْبَح خَطِيْر فِي الْوَقْت الْحَالِي وَمَا يَتَرَتَّب علَيَّه مِن عَوَاقِب مُسْتَقْبَلِيَّة وَمَا لَهَا مِن انْعِكَاسَات سَلْبِيَّة عَلَى مُسْتَقْبَل تِلْك الْعَائِلات , وَهَذَا مَا أَكَّدَتْه الْمُحَامِيّة السُّوَيْدِيَّة "بريجيتا ألفستروم" الَّتِي أَكَّدَت فِي تِّقْرِيهَا مُؤَخَّرا أَن وَضَع الْفِلِسْطِيْنِيِّيْن فِي الْعِرَاق غَامِض وَخَطِيْر .
إِلَا أَن تَجَاهُل الْمُجْتَمَع الْدَّوْلِي وَالْعَرَبِي بِشَكْل خَاص لِتِلْك الْقَضِيَّة , دَفَع أَصْحَابِهَا تَضْحِيَات جَسَدِيَّة وَنَفْسِيَّة , وَإِجْبَار مِّن اسْتَطَاع الْخُرُوْج مِن الْعِرَاق لِيَتَحَمَّل مَرَارَة الْتَّشَتُّت وَالانْدِمَاج بَيْن مُجْتَمَعَات تَخْتَلِف مَعَنَا فِي الْكَثِيْر مِن الْأُمُور وَالْعَادَات , وَالْكُل يَعْرِف صَوْت الْمُنَاشّدَات الَّتِي اعْتَلَت جَمِيْع وَسَائِل الْأَعْلام الْعَرَبِيَّة وَالْعَالَمِيَّة عَن طَرِيْق شَخْصِيَّات فِلِسْطِيْنِيَّة تَبَنَّت الْقَضِيَّة و مِن خِلَال الْعَدِيْد الْتَّحَرُّكَات الْفَرْدِيَّة وَالْجَمَاعِيَّة , وَلَكِن لِلْأَسَف مَازَالَت المُعَانَاة مُسْتَمِرَّة وَانْتِهَاكَات حُقُوْق تِلْك الْفِئَة عَلَى مَرَمّى الْمُجْتَمَع الْدَّوْلِي الَّذِي يُنَادِي بِالْحُرِّيَّة وَالْدِّيْمُقْرَاطِيَّة وَحُقُوْق الْإِنْسَان , أَيْن نَحْن مِن تِلْك الشِّعَارَات الرَّنَّانَة الَّتِي نَسْمَعُهَا حِيْن يَنْتَهَك الْرُّؤَسَاء الْعَرَب حُقُوْق شُعُوْبِهُم وَتَخْرُج طَائِرَات وَجُيُوْش وَتُصْرَف مَبَالَغ بِالَّمِلْيَارَات مِن أَجْل أَنْقَاض الْشَّعْب الْفُلَانِي مِن حَاكِمُهُم الَّذِي لَا يَحْتَرِم حُقُوْق الْإِنْسَان , فَهَل يَحْتَاج فِلِسْطِينِيُو الْعِرَاق جُيُوْش وَطَائِرَات مِن اجْل تَحْرِيْرُهُم مِن الْظُّلْم وَالاسْتِبْدَاد وَضَيَاع الْحُقُوْق؟؟!!! .
دَفَع فِلِسْطِينِيُو الْعِرَاق كُل مَا يَمْلِكُوْن مِن أَجْل الْحُلُم بِالِاسْتِقْرَار وَالْهُرُوب مِن الْمَوْت وَالذُّل الَّذِي تَعْرَّضْنَا لَه مُنْذُ احْتِلَال الْعِرَاق , وَمَن لَّا يَمْلِك شَيْء افْتَرَش الْصَّحْرَاء لِيَهْرُب وَيَدِق أَوْتَاد الْخِيَام مُتَحَمِّل كُل مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا مِن صُعُوْبَات لِكَي يُنَادِي مِن خِلَالِهَا عَلَى مَن يُـغَيْثَهُ مِن الْجَحِيْم , مِن مِنَا لَا يَعْرِف مُخَيَّم رُوَيْشِد وَالتَنّف وَالْوَلِيد وَالْحَسَكَة , كُلُّنَا لَدَيْنَا أَصْدِقَاء وَأَقَارِب فِي تِلْك الْمُخَيَّمَات نَقَلُوْا لَنَا مُعَانَاتِهِم وَدُمُوْعُهُم قَد شَقَّت أَخَادِيدُهُم , وَالْمُخْجِل أَنَّنَا نَسْمَع الْآَن عَن أَنْبَاء غَلْق مُخَيَّم الْوَلِيّد وَإِرْجَاع مِن تَبْقَى فِي هَذَا الْمُخَيَّم الْذَّلِيْل إِلَى أَحْضَان الاعْتِقَال وَالْقَتْل , وَبَخُلُوا عَلَيْهِم حَتَّى تَشْتِيتُهُم لِّيَقُولُوَا لَهُم الْمَوْت أَرْوَع لَكُم وَمِن تَبْقَى فِي الْعِرَاق مِن الْفِلَسْطِيْنِيِّيْن , لِتَلِد لَهُم تِلْك الْخُطْوَة مُعَانَاة جَدِيْدَة مِن رَحِم مُعَانَاة عَمِيْقَة مُظْلِمَة كَأَنَّهُم قَد سَقَطُوْا فِي بِئْر لَيْس لَه قَرَار , أَيْن الْمَفَر؟ هَل الْصَّحْرَاء أَصْبَحَت ضَيِّقَة عَلَيْهِم ؟ , أَسَفِي عَلَى مَن يُنَادِي بِحُقُوْق الْإِنْسَان , أَسَفِي عَلَى مَن يُنَادِي بِالْعُرُوْبَة وَتَدَعُوْن الْعُرُوبَة وَأَبْنَاء جِلْدَتِكُم يُنَاشِدُوْكُم لِإِنْقَاذِهِم .
وَلَيْس أَنْتُم فَقَط يَا أصْحَاب الْخِيَام فَالْمُعَانَاة مُسْتَمِرَّة وَتَسْتَمِر الْمَسِيرَة بَحْثَا عَن الْنَّجَاة , لِنَرْتَحِل بَعِيْدَا لِنَصِل إِلَى مَالِيْزِيَّا وَالْهِنْد وَانْدُوَنيسَا وَسِنِين الانْتِظَار بْحِثَا عَن وَطَن يَأْوِي هَذِه الْعَائِلات الَّتِي قُذِفَت بِهِم أَعَاصِيْر الْغَدْر الْطَّائِفِي وَهُم يَنْتَظِرُوْن مَن يَحْمِل لَهُم الْأَخْبَار الَّتِي فِيْهَا مَا يَبْتَغُوْن , نَسْأَل الْلَّه أَن يُعَوِّض صَبْرَهُم خَيْرَا وَان يُفَرِّج عَلَيْهِم بَالَقَرِيْب الْعَاجِل .
وَآَخَرِين سَلَكُوْا طَرِيْق الْمَوْت أَبْحَرُوا عَلَى ضَوْء الْقَمَر وَسَط الْبِحَار وَالْمُحِيْطَات وَطُرُق وَعِرَة لَا تَرْحَم شَيْخَاً كَبِيّر وَلَا طِفْلَاً رَضِيْع وَتَحْت رَحْمَة تُجَّار تَّهْرِيْب الْبَشَر وَمَا يَحْمِلُوْنَ مِن أَكَاذِيْب وَخِدَاع , لَكِنَّهُم تَحَمَّلُوْا ذَلِك مِن أَجْل الْبَحْث عَن الْهِوَيَة الْضَّائِعَة وَيَنَزَعُوا ثَوْب الذُّل الَّذِي ارْتَدَيْنَا مُنْذ أَن اغْتَصِبَت الْعِصَابَات الْصُهْيُونِيَّة أَرْضُنَا الْحَبِيْبَة .
أَيْن أَنْت أَيُّهَا الْسِّنْدِباد مِن رِحْلَتِنَا هَذِه لَو كُنْتَ مَعَنَا لَهَرَبْت مِن شِدَّتِهَا وَقَسْوَتِهَا وَمَرَارَتَهَا لِتُعَاوِد الارْتِحَال وَالْإِبْحَار بَعِيْدَا عَنَّا , إِلَى مَتَى يَا فِلِسْطِينِيُو الْعِرَاق سَيَبْقَى مُسَلْسَل الْتَّشَرُّد يُطَارِدُكُم ,إِلَى مَتَى سَيَسْتَمِر الْصَّمْت الْدَّوْلِي وَالْعَرَبِي تُجَاهَكُم , مَتَى سَنُشَاهِد آخَر حَلَقَات هَذَا الْمُسَلْسَل الْمُخِيْف , وَنَجْلِس مُطْمَئِنِّيْن مُسْتَقِرّين نـقَلْب صَفَحَات الْمَاضِي وَنَرْسُم لَأَجْيَالِنَا لَّوْحَات الْأَمَل وَالْحَيَاة الْكَرِيْمَة .
أَقُوُلُهَا إِلَى كُل مَن تَقَع عَلَيْه الْمَسْؤُوْلِيَّة تُجَاه حُقُوْق الْإِنْسَان وَأَقُوْلُهَا إِلَى كُل عَرَبِي مَسْئُوْل يُنَادِي بِالْعُرُوْبَة وَبِالحُرِيَات لِلْشُّعُوْب الْعَرَبِيَّة ,قَضِيَّتِنَا لَا تَحْتَاج إِلَى جُيُوْش وَطَائِرَات وَأَمْوَال بَاهِظَة لتَحْرِيرَنا مِمَّا نَحْن فِيْه , فَنَحْن شَعْب مُسَالِم وَنُحِب الْسَّلَام وَقَضِيَّتُنَا قَضِيَّة إِنْسَانِيَّة تَتَطَلَّب مِنْكُم وَقْفَة حَقِيْقَة , وَقْفَة تُنَادِي بِحُقُوْقِنَا الَّتِي فَقَدْنَاهَا مَع بَلَدِنَا الْحَبِيْب , فِي الْعِرَاق فِلَسْطِيْنِيُّوْن يُنَادُوْكُم لِإِنْقَاذِهِم , مُعْتَقَلِيْن فِي الْسُّجُون الْصَّفَوِيَّة يَصْرُخُوْن مِن خَلَف الْقُضْبَان فَهَل تَسْمعُوْهُم ؟؟ وَفِي الْمُخَيَّمَات هُنَالِك فِلَسْطِيْنِيُّوْن تَحَمَّلُوْا أَصْعَب مَا يُمْكِن أن يَتَحَمَّلُه الْإِنْسَان يَصْرُخُوْن بِعَالِي صَوْتَهُم أَغِيْثُوْنَا , هُنَالِك فِلَسْطِيْنِيُّوْن فِي قُبْرُص وَمَالِيْزِيَا وَأنْدُوَنيسَا وَالْهِنْد وَغَيْرِهَا مِن دُوَل الانْتِظَار تُطَالْبِكُم بِالْتَحَرُّك وَالْمَسْؤُوْلِيَّة تِجَاهَهُم , فَمَتَى تَكُوْنُوْا فِي مَكَان مَسْؤُوْلِيَّتُكُم تُجَاه هَذَا الْشَّعْب الْمَظْلُوْم وَتَنَقَلُوَهُم إِلَى وَضْع الْإِنْسَانِيَّة .
نَسْأَل الْلَّه الْفَرَج الْقَرِيْب لِهَذَا الْشَّعْب الْمَظْلُوْم أَيْنَمَا ارْتَحَلُوْا وَوَطِئْت أَقْدَامِهْم , وَفِي نَفْس الْوَقْت نَحْن نَشْكُر كُل مَن قَدَّم يَد الْعَوْن إلَى فِلِسْطِينِيُو الْعِرَاق وَخُصُوصاً بَعْض دُوَل التَوطَين الَّتِي احْتَضَنَت مَن قَدَّم إِلَيْهِم , وَلَكِن هُنَالِك الْكَثِير مَا زَالُوا يُعَانُوْن وبِحَاجَة إلى وَقْفَة دَوْلِيَّة تَنْظُر إلى قَضِيَّتِنَا بِشَكْل عَام وَالَى جَمِيْع الْفِلِسْطِيْنِيِّيْن الْمُتَوَاجِدِيْن فِي الْعِرَاق وَالْمُخَيَّمَات وَدُوَل الانْتِظَار .
الْلَّهُم يَا مَالِك الْمُلْك مَلِكنَا قَلْب مَن أَحْوْجَّتِنا إِلَيْه فَأَنْت تَقْدِر وَلَا نَقْدِر وَتَعْلَم وَلَا نَعْلَم وَأَنْت عَلَام الْغُيُوْب، وَاسْـلـُـل سَخِيْمَة قَلْبِه وَأَصْلَحهَا لَنَا وَاجْعَلُه لَا يرَى أَحَداً غيرَيْنا الْلَّهُم أَصْلِح بَيْنَنَا وَلَا تَجْعَل بَأْسُنَا فِيْمَا بَيْنَنَا وَأَجْعَل بَأْسَك عَلَى عَدُوِّك وَعَدُوِّنَا .. الْلَّهُم أَفْتَح لَنَا قُلُوْبَاً غُلْفا وَأَعْيُنَاً عُمْيَا وَآَذَّاناً صُما .
علي احمد أبو الوفا
17/9/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"