وننوه أولا إلى أنه نتيجة لغياب إحصائيات حديثة ودقيقة عن ظاهرة
العنوسة في الدول التي استهدفها المقال، قامت "هنا أمستردام" - إذاعة
هولندا العالمية، بجمع ما توفر من الإحصائيات لدى مراكز الابحاث وقامت بدراستها
ومقارنتها. كما استندت على بعض المعطيات التي تقدمها منظمات غير حكومية ناشطة في
المنطقة، وأدمجتها بالتوقعات اعتمادا على المؤشرات التي تخص كل دولة على حدة
مشمولة بهذه المقاربة.
شمال افريقيا
تتقارب نسب دول المغرب العربي من حيث نسب العنوسة، إذ العدد
الإجمالي إلى حدود 12 مليون عانس. تأتي الجزائر على رأس المجموعة بأكثر من خمسة
ملايين عانس، يليها المغرب بأربعة ملايين ثم تونس بمليونين، وتتذيل المجموعة ليبيا
بما يقدر بـ 300 ألف عانس. هذه الأرقام مرشحة للارتفاع بفعل تغير البنية
الاجتماعية وارتفاع معدل الزواج والأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة. وتعيش
ليبيا وضعا خاصا بفعل خروجها من الحرب وعدم استقرارها السياسي، الشيء الذي قد يؤدي
إلى الزيادة في نسبة العنوسة التي تصل الآن 35 في المائة.
الشرق الاوسط
لا يبدو شيئا هينا في لبنان الحصول على عروس حيث ان 15 % فقط من
الشابات اللبنانيات وفقن في الحصول على شريك. أما في سوريا فتبلغ نسبة العنوسة
فيها 70 %، وهي مرشحة للارتفاع بسبب ظروف الحرب. نفس النسبة تنطبق على العراق الذي
يعيش واقعا سياسيا عنيفا يتمثل في ارتفاع عدد القتلى في صفوف الرجال بسبب
الاضطرابات الطائفية. وفي مصر يبلغ عدد العوانس 8 ملايين أي 40 % من مجموع الفتيات
في سن الزواج، وهو رقم مرشح أيضا للارتفاع بسبب الازمة الاقتصادية و السياسية التي
يعيشها البلد. وتمثل فلسطين الاستثناء في العالم العربي رغم ظروف الاحتلال، حيث
يعتر الفلسطينيون مؤسسة الزواج والإنجاب ضرورة لإثبات حق بقاء المواطن الفلسطيني
على الأرض.
الخليج
رغم نقص تأثير العامل الاقتصادي مقارنة مع الدول العربية الأخرى،
إلا ان نسبة العوانس في دول الخليج وصلت أرقاما كبيرة. وتصل النسبة في الامارات
إلى 75% بـ 175 ألف عانس. وتتقارب نسب دول الخليج الأخرى حيث تصل الى 45%
بالسعودية وأدناها 25 % في البحرين. وتعود أسباب ارتفاع هذه الأرقام إلى المغالاة
في المهور وتكاليف الزواج وفقا للأعراف الخليجية، في الوقت الذي تراجع فيه الوضع
الاقتصادي. ففي الإمارات مثلا يسمح للرجال بالزواج مع غير الاماراتيات، بينما يتم
التضييق أو منع هذا في دول خليجية أخرى.
بنية جديدة
هل فعلا أصبحت العنوسة مشكلا بنيويا في الدول العربية، أم أن الأمر
مجرد تأخر سن الزواج نتيجة تغير المجتمعات العربية؟ ولماذا يتم الإصرار على
استعمال لفظ عانس بصفة قدحية على النساء فقط أو وصف "البايرة"- نسبة الى
الأرض البور- المستعمل في المغرب العربي.
تواصل معي عبر تويتر :
@anassbendrif
تنويه
نود أن نلفت عناية
قرائنا إلى أننا نتفق مع النساء والرجال الذين يرون أن عبارة "عانس"
تستبطن حمولة سلبية ونظرة دونية للمرأة غير المتزوجة وتقلل من قدرها وقيمتها، ولا نقرها نحن بالطبع
ولا نريد أن نسهم في ترسيخها. لكننا نعي أيضا أن الكثير من المجتمعات ترى أن عدم
قدرة الشباب من الذكور والإناث على حد سواء على الزواج وتأسيس أسرة في سن مناسبة،
حسب معايير كل مجتمع، مشكلة يجب أن نبحث عن حل لها وأن تخضع للنقاش العام. لهذا
السبب آثرنا استخدام العبارة الشائعة لفتح نقاش حولها والبحث في الأسباب والنتائج
الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للظاهرة دون وصم النساء غير المتزوجات بالعنوسة
والبوار.
المصدر : راديو هولندا باللغة العربية – هنا أمستردام
18/7/2013