آلاف الفلسطينيين يحاولون الفرار من غزة إلى أوروبا

بواسطة قراءة 2120
آلاف الفلسطينيين يحاولون الفرار من غزة إلى أوروبا
آلاف الفلسطينيين يحاولون الفرار من غزة إلى أوروبا

لكن غرق السفينة التي كان على متنها مئات اللاجئين الفلسطينيين في الاسبوع الماضي قبالة سواحل مالطة غير الوضع. فهذه الواقعة تجعل القصة المركبة لآلاف الاشخاص الذين يسلمون مصيرهم – وأمن عائلاتهم احيانا – إلى مهربين يستعملون جهازا سمينا من العملاء بتعاون مع ذوي مناصب وجهات عظيمة التأثير في القطاع وخارجه، جعلتها تطفو إلى السطح.
 
أفادوا أمس في السفارة الفلسطينية في اليونان أن السفينة التي هرّبت أكثر من 450 شخصا – الكثرة الغالبة منهم فلسطينيون من قطاع غزة – غرقت بعد أن صدمتها سفينة اخرى على عمد بسبب صراعات قوة وسيطرة بين المهربين. وبدأوا في منظمة حقوق الانسان "أدمير" التي تعمل في قطاع غزة في تسجيل أسماء المفقودين وبلغوا إلى أكثر من 400 حتى أمس.
 
بحسب ما يقولوه مدير المنظمة خليل أبو شمالة في حديث مع صحيفة "هآرتس"، زار عشرات العائلات مكاتب المنظمة وأدوا أسماءا: "الكثرة من الشباب لكن توجد ايضا عائلات كاملة من آباء وأبناء كانوا على السفينة ولا يعلم أحد أين هم، والقطاع كله مشغول بذلك. وهذا هو الشيء الأكثر إيلاما. وكأنه لا يكفي ما حدث في الحرب الاخيرة حتى أصابتهم ضربة اخرى". ويُبين أبو شمالة ايضا أن أمر غرق السفينة في الاسبوع الماضي وبعدها سفينة اخرى غرقت قبالة ساحل الاسكندرية في يوم السبت الماضي (وهي واقعة قتل فيها 15 فلسطينيا على الأقل)، كشفا عن تفاصيل كثيرة عن مسار التهريب.


 
إن أبو احمد الذي كان ابنه على السفينة وما زال يُعرّف بأنه مفقود، عالم بالمسار المركب الذي يسير فيه اولئك الذين يحاولون الخروج. إن الاغلاق المصري لمعبر رفح بصورة تامة تقريبا وحظر إسرائيل الخروج من البحر يجعلان المغادرة المشروعة للقطاع صعبة صعوبة مميزة. وهو يُبين أنه "يوجد قليل من الاشخاص خرجوا من القطاع عن طريق معبر رفح لاسباب انسانية في الاساس. لكن الكثرة الغالبة من الناس يغادرون عن طريق الانفاق ويبلغون رفح المصرية ويتابعون طريقهم من هناك".


 
من الاسماء البارزة التي تتكرر مرة بعد اخرى في التقارير عن الهروب إلى خارج القطاع أبو حمادة السوري، الذي يستعمل شبكة مهربين مسؤولة عن نقل اللاجئين من القطاع إلى اوروبا عن طريق البحر. وأبو حمادة يمكث في مصر لكن له ممثلين في القطاع – وكثير منهم بحسب الشهادات لهم صلة بمراكز تأثير في القطاع وفي مصر ايضا. وتحدث أحد الممثلين إلى صحيفة "هآرتس" وطلب أن يبقى مجهول الاسم. "تكلف هذه الرحلة الشخص ما بين 3500 دولار إلى 4000. والذي يهتم بالخروج يأتي مع التنسيق قبل ذلك إلى منفذ نفق في رفح الفلسطينية – والحديث عن نفق صغير نسبيا لا عن الانفاق الكبيرة التي أغلق المصريون أكثرها. ويزحف الناس عشرات الامتار وينتظرهم عند منفذ النفق في رفح المصرية حافلة صغيرة أو سيارة تنقلهم إلى بور سعيد على ساحل البحر المتوسط. وينتظرون هناك في شقة أو مبنى مُعد قبل ذلك". وعلى حسب ما يقوله ذلك المهرب يوجد في هذه المرحلة تعاون خفي مع رجال أمن مصريين يغضون أعينهم أو يوقعون على جوازات بتوقيع مزور يُمكن من وصول السيارة إلى غايتها، وهم يفعلون ذلك "مقابل دفع مال بالطبع"، أضاف المهرب.


  
وينتظر اللاجئون في بور سعيد أو في اماكن اخرى يعرفها المهربون إلى أن يتلقوا ابلاغا بموعد السفر ويخرجون من هناك نحو الاسكندرية. وعلى حسب شهادات بلغت إلى صحيفة "هآرتس"، يركب اللاجئون قوارب في الاسكندرية. والحديث عن عشرات الاشخاص في كل قارب. وتخرج هذه القوارب إلى عرض البحر وحينما تجتاز المياه الاقليمية المصرية تنتظرها سفينة اخرى ترسو في مياه دولية. وهناك يركب اللاجئون السفينة التي تتجه إلى اوروبا (الى سواحل ايطاليا خاصة)، والحديث على العموم عن سفن ضعيفة وعن ظروف قاسية جدا.
 
يفترض أن تطول الرحلة سبعة ايام. وقال أحد اللاجئين وقد نجح في الوصول إلى بر الأمان في اوروبا، لصحيفة "هآرتس" إنه مع اقتراب السفينة من الساحل يحدث أمر من اثنين: فاما أن تبث السفينة اشارة ازمة وتنتظر قوارب سلاح البحرية الايطالي والصليب الاحمر لـ "يُخلصاها"، وإما أن يقفز اللاجئون إلى الماء مع أطواق نجاة إلى أن تنتشلهم قوارب خفر السواحل أو الصليب الاحمر.
 
ومهما يكن الامر فان أكثر اللاجئين يعلنون بأنهم سوريون أو فلسطينيون جاءوا من سورية، ويبحثون عن ملجأ بسبب الحرب الجارية في الدولة. ويُنقل اللاجئون إلى منشآت خاصة وينتظرون هناك عدة ايام. وبحسب عدد من الشهادات تبلغ أيدي المهربين إلى اوروبا فان ممثلين لهم يأتون إلى المنشأة ويوقعون على وثائق تحرر اللاجئين. ويطلب أكثر اللاجئين المغادرة إلى دول اخرى ذات سياسة رفاهة أكثر رخاءا للاجئين مثل المانيا والسويد، زاعمين أنه يوجد أقرباء ينتظرونهم.
 
يقول أحد سكان القطاع وكان نوى أن يغادر بل خطط للخروج في الايام الاخيرة لكن ندم بعد الانباء عن الغرق، يقول إن ظاهرة الهجرة ازدادت زخما بعد الحرب خاصة: "إنه نوع من صديق يشجع صديقا أو قريب يشجع قريبا"، يقول. "كان هناك من جاءوا وتحدثوا عن حياة طيبة وظروف عادية. وكل شيء نسبي بالطبع وكل مكان في اوروبا أفضل بأضعاف مما يحدث في القطاع، والمسألة مسألة حظك في قطع الطريق كلها سالما. والحديث آخر الامر عن مهربين متعطشين للمال وهو كل ما يعنيهم. وإن الحكاية عن اغراق السفينة في الاسبوع الماضي على أيدي مهربين متنافسين فظيعة".


 
وقال: "تحدثت امرأة نجت عن أن سفينة مهربين مصريين صدمت سفينة كان عليها اللاجئون الفلسطينيون ورأوا الاشخاص يغرقون فلم يقدموا أية مساعدة، لكنني لا أظن أن حادثة جد رهيبة ستوقف الظاهرة لأن الناس هنا يائسون تماما ويريدون المغادرة ويقولون بصراحة إن موتنا في البحر أفضل من أن نموت يأسا وخيبة أمل في القطاع".


 
لا يوجد في القطاع تقدير دقيق للظاهرة لكن كل من يعرف بالامر يتحدث عن قضية تشغل غير قليل من الناس. وقد حذروا في الحكومة الفلسطينية في رام الله أمس من الظاهرة لكنهم يدركون هناك ايضا أنهم غير قادرين على العمل على المهربين ما لم يسيطروا على اجهزة الأمن وعلى محاور التهريب، وما بقيت المحاور تسيطر عليها جهات ذات تأثير تحظى بدعم صامت من سلطة حماس في غزة.


دعت منظمات حقوق انسان في القطاع وسكان فقدوا أعزاءهم السلطة الفلسطينية إلى التوجه إلى السلطات المصرية لتواجه الظاهرة ولتمنع التهريب، ولا سيما طرق الهجرة التي تُعرض حياة الناس للخطر. وتقول المنظمات إنه يجب على مصر أن تعمل على رفع الحصار عن القطاع وفتح المعابر للتسهيل على السكان ولتضائل بذلك ظاهرة الهجرة من الأساس.

المصدر موقع العرب والعالم