وكانت الجامعة العربية قد بدأت
بتنظيم مؤتمر حول الموضوع ببغداد في الحادي عشر من ديسمبر المقبل، برعاية
"رئيس الجمهورية العراقية جلال طالباني ونظيره الفلسطيني محمود عباس والأمين
العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي"، وستتناول محاور المؤتمر "وضع
الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في القانون الدولي، وحالة السجون "الإسرائيلية"
وأوضاع السجناء اللاإنسانية والمحاكم "الإسرائيلية"" .
ودعا المثقفون إلى رفض استخدام ما
وصفوه بـ"محنة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال "الإسرائيلي"،
كورقة لتبييض وجه النظام في العراق" الذي يرأسه نوري المالكي "على حساب
الحقيقة"، معتبرين أن النظام الحالي في بغداد "ينتهك حقوق الإنسان
ويمارس الاعتقالات الجماعية والتعذيب والإعدامات بالجملة"، على وصف البيان،
الذي وصلت نسخة منه إلى سكاي نيوز عربية.
واستشهد البيان بتقارير للمنظمات
الحقوقية الدولية التي تشير إلى "الانتهاكات" في النظام القانوني
العراقي، كما تطرق إلى وضع الفلسطينيين في العراق منذ عام 2003 حتى الآن .
وجاء في البيان "إننا كمثقفين
عراقيين وفلسطينيين وعرب لنحيي الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال "الإسرائيلي"،
رجالات ونساء صابرات وفتية كبروا قبل أوانهم، عانقوا حرياتهم الطليقة في أرواحهم
رغم الأسر والقهر، وسطروا نصراً للكرامة الإنسانية في "معارك البطون الخاوية"،
لكننا نعرف تماماً أن هؤلاء الأسرى، و قبل الجميع، يرفضون أن تُزجّ قضيتهم النبيلة
في مؤتمر لن يسهم إلا في تجميل أفعال النظام العراقي الإرهابية ضد مواطنيه وأبناء
جلدته" .
زنكنة : العراق يحاول تبييض وجهه
وحول هذه المقاطعة للمؤتمر، قالت
الكاتبة العراقية هيفاء زنكنة في تصريح لسكاي نيوز عربية "إن قضية الأسرى
الفلسطينيين بحاجة إلى كل الأنشطة والحملات والمؤتمرات للتذكير بمحنتهم داخل
السجون "الإسرائيلية". إلا أن الأهم من ذلك كله هو اتخاذ الخطوات
العملية لمساندة ودعم الأسرى والعمل على تحريرهم" .
وأضافت أن "وما يفعله النظام
العراقي من هذه الناحية هو العكس تماماً إذ إنه قام ولايزال يقوم، عملياً، بأسر
واضطهاد وتعذيب وإهانة الفلسطيني المقيم بالعراق، منافساً بذلك "إسرائيل"
في همجيته. وكان الأجدر بمن فكر بتنظيم مؤتمر كهذا أن يتطرق إلى العراق
الحافل بالمعتقلات والمعتقلين من العراقيين والفلسطينيين معاً، وإذا افترضنا تبني
هذه الجهة لمنظور القبول بالأمر الواقع وأن مناقشة قضية الأسرى الفلسطينيين ضرورية
بصرف النظر عن المكان والجهة الممولة، فماذا عن مناقشة قضية الأسرى
الفلسطينيين بالعراق أولا؟ ماذا عن المهجرين الفلسطينيين قسراً؟ ماذا عمن تم اختطافهم
واغتيالهم ؟" .
وحول الدافع الحقيقي لاستضافة
بغداد لمؤتمر يتناول أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون "الإسرائيلية"،
قالت زنكنة لسكاي نيوز عربية إن هناك عدة أسباب لعل أهمها "أن النظام العراقي
بحاجة ماسة إلى تبييض وجهه إعلاميا من ناحية حقوق الإنسان، كما أن المؤتمر قد يكون
العباءة التي يتدثر بها النظام لإخفاء جرائمه" .
وتطرقت زنكنة إلى تقارير منظمات
حقوق الإنسان الدولية، مشيرة إلى أنه لا يمر شهر لا تصدر فيه هذه المنظمات تقريراً
حول الانتهاكات في العراق، إلى جانب التقارير المتعلقة بـ"الفساد الذي جعل
العراق يحتل مرتبة أولى عالمياً في النهب والتزوير والعنف والمتاجرة بالفتيات
والأطفال" .
وتابعت: "وإذا أضفنا إلى ذلك
اضطهاد الأقليات والمواطنين العرب، ومن بينهم الفلسطينيين، لوجدنا أن تبني النظام
العراقي لاستضافة المؤتمر الذي يعالج مأساة الأسرى لدى عدو خارجي جاهز يبدو وكأنه
حل سحري لن يكلف النظام الكثير، خاصة وأن قضية الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل تمس
عصباً حساساً لدى مواطني البلدان العربية" .
وقالت الكاتبة العراقية إن الحملة
تهدف إلى "مقاطعة هذا المؤتمر لا بسبب موضوع الأسير الفلسطيني ، ولكن بسبب
انعقاده وتمويله من قبل نظام قمعي دموي لم ترحم انتهاكاته المواطن العراقي ولا
الفلسطيني" .
وأضافت أن محاور المؤتمر المعلنة
تبين "أنه سينظر بعين واحدة الى محنة الأسير الفلسطيني في "إسرائيل"،
متستراً في الوقت نفسه على محنة الأسير الفلسطيني والعراقي في العراق" .
واعتبرت زنكنة أن هذا الموقف
"تجزيئي وتفتيتي لقضية أخلاقية لا يمكن تجزئتها. فحقوق الإنسان واحدة ومحاولة
الأنظمة تبني إحدى القضايا الإنسانية العادلة على حساب حرمان شعوبها من ذات الحقوق
مصيره الفشل التام. وللمثقف دور حيوي وفاعل للتوعية وفضح حملات التزييف والتضليل الإعلامي.
لذلك تم توجيه النداء إلى المثقفين الفلسطينيين والعراقيين والعرب لمقاطعة وفضح
زيف وادعاءات المؤتمر بالدفاع عن الأسرى" .
واقتبست زنكنة عن مديرة قسم الشرق
الأوسط وشمال إفريقيا في هيومان رايتس ووتش، سارة ليا ويتسون قولها: "إن
الفلسطينيين هجروا ولجأوا مرتين، وإسرائيل تنكر حقهم في العودة إلى ديارهم
ومنازلهم، وأصبحوا مستهدفين بالعنف في العراق" .
العراق ينتقد المطالبة بمقاطعة
المؤتمر
انتقد القيادي البارز في ائتلاف
دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي، سامي العسكري، البيانات
التي تطالب بمقاطعة المؤتمر الدولي بشأن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية
المزمع عقده في العاصمة العراقية بغداد في ديسمبر المقبل .
وقال لسكاي نيوز عربية:
"هناك جهات سياسية خارجية (لم يسمها) تحاول جاهدة من أجل منع العراق أن يلعب
دوره في المنطقة" .
واعترف العسكري بأن "الأصوات
المنددة بانعقاد المؤتمر المذكور لا تختلف عن تلك التي رافقت انعقاد القمة العربية
في مارس الماضي والتي طالبت بمقاطعة القمة وفشلت" .
وأكد المسؤول العراقي أن
"الجهات هي ذاتها التي تقف وراء المطالبة بمقاطعة المؤتمر المعني بالأسرى
الفلسطينيين في "إسرائيل"، وهي بذلك تريد أن يبقى العراق ضعيفاً وغير
مستقراً" .
وعن الانتقادات الموجهة لحكومة
المالكي بشأن ملف الإرهاب قال "إن الإرهاب الذي عصف البلاد، كان إرهاباً عربياً قبل أن يكون عراقياً"، مضيفاً "أن الحكومة جابهت
العديد من المحاولات التي حاولت تقويض الأمن والاستقرار في البلاد" .
واستغرب العسكري انتقاد البيان لحكومة بغداد، الذي رصد إساءة لفلسطيني العراق
(بحسب البيان)، قائلاً "إن أوضاع الفلسطينيين في العراق أفضل من أوضاعهم في
بلدان أخرى لا سيما لبنان والأردن"، بحسب رأيه .
السلطة لن تقول لا لمؤتمر حول
الأسرى
من ناحيته قال وزير شؤون الأسرى
الفلسطيني عيسى قراقع، في اتصال لسكاي نيوز عربية، إن المؤتمر جاء بقرار من مؤتمر
القمة العربية، وأن العراق لم تكن مطروحة كدولة، غير أنه لم تتقدم أي دولة سوى
العراق لاستضافة المؤتمر .
وأوضح قراقع أنه يدرك حساسية
الحسابات في هذا الموضوع، وأنه تم إطلاع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل
العربي على التحفظات التي أبدتها بعض المنظمات غير الحكومية وكذلك على البيان الذي
أصدره المثقفون العرب بخصوص المؤتمر .
وأشار إلى أنه إذا تصادف وجود
عقبات حول هذا المؤتمر فسيكون هناك موقف آخر، منوهاً إلى أن "السلطة لا
يمكنها أن تقول لا لمؤتمر حول الأسرى الفلسطينيين في السجون "الإسرائيلية""
.
وحول أوضاع الفلسطينيين في العراق، قال قراقع إن الموضوع طرح على مستوى
القيادة بين الطرفين، أي الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعراقي جلال الطالباني،
ويفترض أن تكون هناك متابعة له بين الجانبين، مستبعداً أن يتم طرح هذه المسألة
خلال المؤتمر .
ومن بين المثقفين الموقعين على
البيان، إلى جانب زنكنة: الروائية والكاتبة الفلسطينية حزامة حبايب، والروائي
المصري عزت القمحاوي والروائية المغربية ليلى أبو زيد، والشاعر والروائي الفلسطيني
إبراهيم نصرالله، وفايز أبو شمالة، الأسير الفلسطيني المحرر من السجون "الإسرائيلية"،
والناقد والروائي الفلسطيني فاروق وادي، والكاتب والباحث الفلسطيني صقر أبو فخر،
والكاتبة لينا أبو بكر، رئيسة تحرير مجلة "أسرانا" الإلكترونية،
والشاعرة والناشطة زليخة أبو ريشة من الأردن، والكاتبة والناشطة السورية غالية
قباني، والعالم العراقي عماد خدوري، والكاتب والناقد "الفني" العراقي
فاروق يوسف، وعشرات آخرين .
المصدر :
سكاي نيوز العربية
10/11/2012