استخدام الولايات المتحدة الامريكية الفيتو ضد مشروع القرار الذي قدمته المجموعة العربية بطلب فلسطيني الى مجلس الامن، هذا المشروع الذي يدين الاستيطان بكافة اشكاله ويعتبره عقبة امام استئناف عملية السلام، جاء ليؤكد مرة اخرى ان الادارة الامريكية والغرب رغم الاختلاف بمواقفهم اتجاه كيفية التعامل مع الصراع الدائر الا ان الجميع ـ اعني الغرب ـ يجمع على ان الثوابت الفلسطينية ليست حاجة مقدسة وان انحيازهم فقط للمشروع الصهيوني، وان المفاوضات هو الاساس للتوصل الى حل لعملية الصراع الدائرة بالمنطقة.
أما تصريحات القيادة الفلسطينية التي تعتبر موافقة الاربعة عشرة دولة التي يتكون منها مجلس الامن والتي وافقت على ادانة الاستيطان يعتبر انتصارا للدبلوماسية الفلسطينية، والتي تؤكد بتصريحاتها بتممسكها بالثوابت الفلسطينية رغم الضغوط الكبيرة التي مورست عليها، لنطرح السؤال التالي: أي ضغوط مورست عليها وباي ثوابت تتمسك هذه القيادة ؟
كلنا يعرف جيدا ان القيادة الفلسطينية تنازلات عن 78% من اراضي فلسطين التاريخية دون حق ودون مقابل، وحصرت الصراع على اساس التفاوض على الضفة الغربية وقطاع غزة، اما بخصوص اللاجئين فالقيادة الفلسطينية تعتبر ان هناك حلولا عادلة للاجئين الفلسطينين على اساس القرار 194، ولا تؤكد هذه القيادة على حق العودة للاجئين الى الديار التي شردوا وطردوا منها عام 1948- 1949 ومنعوا من العودة اليها، حيث تعمل القيادة على تطبيق بند حق التعويض للاجئين الفلسطينين دون ممارسة حق العودة، وهذا يتطلب بوجهة نظر صهيونية من القيادة الفلسطينية تثبيت مصطلحات جديدة فلسطينيا ونقاشها بالداخل الفلسطيني وتثبيتها مع الزمن بما يضمن لهذه القيادة الغاء هذا الحق، حيث نرى اليوم ان مصطلح المغتربين الفلسطينين باسم منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل دائرة خاصة للمغتربين اصبح يأخذ حيزا كبيرا يفوق حيز اللاجئين، حيث دائرة شؤون اللاجئين شبه معطلة بوقت تنشط بها دائرة شؤون المغتربين، فاذا شحت الاموال بمنظمة التحرير الفلسطينية فهل هذا لا يعكس نفسه على هذه الدائرة النشطة ؟
اما بخصوص القدس والتي تحولت الى مساحة الحرم الشريف، وتحول اسمها من القدس الى القدس الشريف، فهذا يعتبر ايضا من التنازلات الخطيرة التي اقدمت عليها القيادة الفلسطينية ليس منذ اوسلو وانما كان استعدادا مسبقا اقدمت عليه القيادة للوصول الى اتفاق مستقبلي كرس باوسلو، فالقدس غاب عنها الحق التاريخي والانتماء الوطني لتتحجم الى ساحة الحرم الشريف .
عندما تتحدث القيادة الفلسطينية عن الثوابت من المفترض ان توضح طبيعة هذه الثوابت وماهيتها، وان تكف عن خداع الشعب الفلسطيني والتلاعب باعصابه وتمويهه، ليتسنى لهذا الشعب معرفة هذه الثوابت التي تتمسك بها هذه القيادة، فالثوابت الفلسطينية طرحت بقوة منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965، وكان الميثاق الوطني الفلسطيني يؤكد عليها الى ان تم الغائه بالدورة التي عقدت عام 1996 بقطاع غزة وبحضور الرئيس الامريكي بيل كلينتون انذاك، فاي ثوابت بقيت للشعب الفلسطيني بعد الغاء البنود الاساسية بالميثاق الوطني؟ سؤال موجه للقيادة الفلسطينية .
يفترض على هذه القيادة من خلال تصريحاتها تعريف المواطن الفلسطيني بالثوابت التي تتحدث عنها، لان الجماهير الفلسطينية بالفعل تتمسك بالثوابت الفلسطينية التي تختلف بالاساس عن ثوابت هذه القيادة التي تتحث باسم الشعب الفلسطيني، وان هناك مسافة كبيرة بين ثوابتهما، ان الدور الذي تقوم به هذه القيادة يعمل على تبديد الحقوق والثوابت الفلسطينية وكلها والتي تصب بالنهاية في خانة تصفية القضية الفلسطينية، قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني تدرك جيدا بان الفيتو الامريكي لن يعطي لهذه القيادة ثوبا وطنيا، وان هذه القيادة فقدت مصداقيتها وهي تقف اليوم بين نارين، نار الجماهير الفلسطينية ونار الكيان الصهيوني وحلفائه، وهي تدرك جيدا خياراتها للحفاظ على ماء وجهها، فهل القيادة الفلسطينية ستنحاز الى خيار الجماهير الفلسطيني ام ستبقى تتمسك بخيار المفاوضات الفاشل والرهان عليه، فامريكا لن توفر الحماية لمن يغدر بشعبه، ولن يكون مصيرهم افضل من مصير حكومات تونس ومصر، فهل ستتعظ هذه القيادة ؟
جادالله صفا – البرازيل
20/02/2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"