إلى أمي العزيزة - عزالدين الأسعد

بواسطة قراءة 7078
إلى أمي العزيزة - عزالدين الأسعد
إلى أمي العزيزة - عزالدين الأسعد

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلى اله وصحبه ومن والاه أما بعد

فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أعاذنا الله وإياكم من النار فيا أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم هناك أمور كثيرة تحثنا على بر الوالدين وتوصيات من الله تبارك وتعالى حيث قال الله في كتابه العزيز : {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [لقمان – 14] .

قال ابن عباس حيث ذكرت الأم في هذه الآية في أربعة صفات وهي الحمل والوضع والرضاعة والفطام والوالد ذكر بصفة واحدة مجموعا بوالديه .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل الأم العظيم عندما جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن أحق الناس إليه فرد عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم قائلا : 'أمك' قال : ثم من ؟ قال : 'أمك' قال ثم من ؟ قال : أمك قال ثم من ؟ قال 'أبوك والأقرب فالأقرب - متفق عليه .
من هنا ابدأ بكلامي عنكِ يا أمي كم أحببتك يا أمي , فإن أول كلمة نطقتها وأجمل كلمة وجدتها هي كلمة أمي الآن عرفت ليس كل من سمع كمن رأى  فقد سمعت وقرأت أحاديث وآيات كثيرة تتكلم عن فضل الأم ولكن بصراحة لم أحس بها إلا عندما حملت زوجتي ودخلت في شهرها التاسع فكنت أراقبها أول بأول وهي تصرخ من الآلام التي تواجهها تذكرت عندما كنت طفل متكور في بطنك يا أمي تذكرت كلام النبي صلى الله عليه واله وسلم عن  فضل الأم ولكن مع الأسف الشديد اننا لا نعطي أمهاتنا حقهن انها تتعب وتربينا ونحن أطفال حتى نكون رجال ونساء صالحين ولا أنسى أنكي تترضين عني في كل ساعة وفي كل حين .

أمي كم صبرتي على الآلام كم صبرتي عندما كنتي تتألمين من الأمراض التي كنتي تعانين منها ، كم صبرتي رغم الظروف الصعبة التي كنا نمر بها في حياتنا ولكن نحمد الله على كل حال ونسأل الله أن يأجرك على ما أصابك كم كنت أتألم عندما كنتي تعانين من الآلام التي كنتي تتألمين منها وبعدها تقولين الحمد لله على كل حال وتستغفرين الله تبارك وتعالى ، قال عز وجل في كتابه العزيز :

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } [آل عمران - 142] .

فصبرك يا أمي يذكرني عندما جاءت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم وقالت له يا رسول الله يا رسول الله إني اصرع إني اصرع ادعوا الله لي أن يشفيني فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلم أصحابه درس في الصبر فقال لها إن شئتي دعوت الله لك فشفاكي ولكن لن اضمن لكي الجنة وان شئتي صبرتي ولكي الجنة فلما سمعت كلمة الجنة قالت له الجنة يا رسول الله قال لها نعم قالت بل اصبر - متفق عليه .

فصبرك يا أمي على الأوجاع التي تتوجعينها وعلى الآلام التي تتألمينها حيث انك تقولين للصبر خذ مني دروسا يا صبر اسأل الله أن يكون مثواكي الجنة إن شاء الله على الصبر الذي صبرتيه وتحملتيه فتقولي يا صبر تعال وتعلم الصبر مني فصبرك يا أمي لن يذهب سدى إن شاء الله .

كم أنتي امرأة قنوعة , كم أنتي امرأة صبورة , كم أنتي امرأة حنونة فأسمك حنان وأنتي تملكين الحنان كله يا أمي أتمنى من الله أن أحملكي على ظهري واذهب وأطوف بكي في بيت الله الحرام كم أتمنى من الله أن يمكنني كي لا اقصر معكي يا أمي .

وقال النبي صلى الله عليه واله وسلم الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة - رواه الإمام مسلم .

فلله الحمد أنتي امرأة صالحة محبوبة من الجميع من زوجك وأولادك وإخوانك وأخواتك وجميع أقاربك ووالديكي راضيين عليكي إن شاء الله وهذه جميعها من صفات المرأة الصالحة بإذن الله .

وتذكرت في يوم عندما علمتي وأنا مسافر إلى احد البلدان بعد موافقتك وأريد أن أقيم فيها وبكيتي بكاءا شديدا لأنني ابتعدت عنكي آنذاك فقمت بإلغاء سفري وعملي  ورجعت إليكي وأنا مرتاح وكنت لا اهتم إلى أي أمر دنيوي يصيبني إلا أن تكوني راضية عني يا أمي حيث انني تذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال له صلى الله عليه واله وسلم هل لك من أم قال نعم قال الزمها فإن الجنة تحت أقدامها وفي رواية أخرى فألزمها فإن الجنة تحت رجليها - رواه النسائي واحمد بسند صحيح .

فقد ذكر في الاثار انه عندما تموت الأم ينادي منادي من السماء يا ابن ادم ماتت التي كنا من اجلها نكرمك فأتي بعمل صالح لنكرمك من اجله .

فقد سألوني من أحب الناس إليك قلت من حملتني في أحشائها تسعة أشهر و استقبلتني بدموعها وفرحتها وربتني على حساب صحتها هي التي ستبقى أعظم حب لي .. أمي , أمي كم تعبتي من اجلي أمي , كم بكيتي من اجلي يا أمي ، كم أنا مقصر تجاهك أرجوكي سامحيني يا أمي ارضي عني يا أمي ادعي لي بالتوفيق أتمنى من الله أن يجمعني بكِ في الفردوس الأعلى .

أمي كلمة صادقة قوية تنطق بها جميع الكائنات الحية طلبا للحنان والدفء والحب العظيم الذي فطر الله قلوب الأمهات عليه تجاه أبنائهن .

أمي أنتي الدواء لجروحي والمخفف لآلامي وأنتي الشمس التي تضيء ظلام أيامي لن اكتفي بسطور وصفحات كتبتها ووصفتها عنكي لأنك أنتي تستحقين أكثر من ذلك يا أمي .

عن رفاعة قال رأيت الحارث العلكي في جنازة أمه يبكي بكاء شديدا فقيل له لماذا كل هذا البكاء قال كيف لا ابكي وقد أغلق عني باب من أبواب الجنة .

وقالوا للحسن البصري رحمه الله عندما توفيت والدته وهو يبكي بكاءا كثيرا قالوا له لما كل هذا البكاء وأنت الذي كنت تصبرنا على مصائبنا فقال ابكي والله لان اليوم قد أغلق عني باب من أبواب الجنة الله اكبر والله المستعان .

قال الشاعر

لأمك حق عليك لو علمت كثيـر     كثيرك يا هذا لديه يسيــــر

فكم  ليلة باتت بثقلك تشتكــــــي     لها من جواها انة وزفيـــر

وكم غسلت عنك الاذى بيمينهـا     وما حجرها الا لديك سرير

وكم جاعت واعطتك قوتهـــــــا     حنانا واشفاقا وانت صغيـر

فدونك فارغب في عميم دعائها     فانت لما تدعوه اليه فقيـــر

إن الله تبارك وتعالى كرم الأم وأعطاها ما لم يعطيه لأحد من قبل وجعل الجنة تحت أقدام أمهاتنا .

عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قال : ارْتَقَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ دَرَجَةً فَقَالَ : آمِينَ ، ثُمَّ ارْتَقَى الثَّانِيَةَ ، فَقَالَ : آمِينَ ، ثُمَّ ارْتَقَى الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ : آمِينَ ، ثُمَّ اسْتَوَى فَجَلَسَ ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : عَلَى مَا أَمَّنْتَ ؟ قَالَ : أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ : رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ ، فَقُلْتُ آمِينَ ، فَقَالَ : رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ ، فَقَالَ : رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، فَقُلْتُ آمِينَ - صححه الالباني بشواهده في كتاب فضل الصلاة على النبي .

اللهم صلي على نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم اللهم اجعلنا من الذين يبرون أبائهم ويدخلون الجنة اللهم اجعلنا من الذين يغفر لهم في شهر رمضان المبارك إن شاء الله .

وهناك  قصة لتابعي من أهل اليمن كان بارا بوالدته كيف رفع الله تبارك وتعالى قدره .

قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه هناك تابعي اسمه أويس بن عامر القرني إذا استطعت أن يستغفر لك فافعل فضل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه مشغول البال توفي النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت خلافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وبعدها جاءت خلافة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فكان إذا جاء عليه أمداد أهل اليمن سألهم أفيكم أويس ابن عامر حتى التقى به فقال له أنت أويس قال نعم قال من مراد ثم من قرن قال نعم قال أكان فيك برص فبرأت منه إلا موضع درهم قال نعم قال أكان لديك والدة  قال نعم  قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه الحمد لله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيأتي عليكم أويس ابن عامر من أمداد أهل اليمن له والدة هو بار بها لو اقسم على الله لأبره فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه إن استطعت أن يستغفر لك فافعل فلننظر إلى هذه المنزلة التي بلغها وحظي بها هذا البار بوالدته فلننظر إلى النبي عليه الصلاة والسلام يقول لعمر فاروق الأمة احد المبشرين بالجنة إن استطعت أن يستغفر لك فافعل فاستغفر له ، فلننظر ماذا يصنع البر بأهله الله اكبر اللهم لا تحرمنا بر والدينا يا ارحم الراحمين يا الله .

ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات - البخاري ومسلم .

فلننظر إلى الأم ماذا تقول لولدها عندما عقها

قلبي على ولدي انفطر************وقلب ولدي علي مثل الحجر

اللهم اجعل قلوبنا تنفطر على أمهاتنا يا ارحم الراحمين يا الله ولا تجعل قلوبنا على أمهاتنا مثل الحجر .

قال ابو العلاء المعري عن الأم

العيش ماض فأكرم والديك بـــــه        والأم أولى بإكرام وإحســـان

وحسبها الحمل والإرضاع تدمنه        أمران بالفضل نالا كل إنسان

أماه يا أيتها الدرة المصونة والجوهرة المكنونة .. يا صانعة الرجال ومربية الأجيال أسأل الله أن تكوني من الصالحات التقيات التي شرفها الله بطاعته وأذاقها طعم محبته اسأل الله أن تكوني من الداعيات إلى الله والخادمات لهذا الدين اسأل الله العزيز الغفار أن يجمعك بأمهات المؤمنين السيدة خديجة وعائشة وحفصة وفاطمة رضي الله عنهن في الجنان واني أتسائل أين نحن من بر أمهاتنا وأبائنا فلا شك اننا في تقصير وتفريط ندعو الله أن نكون من البارين بوالدينا وان نلزم أبائنا في كبرهم حتى يرضوا عنا ونشكو إلى الله سوء الحال وفتنة المال كما أسأل الله أن نوقر أمهاتنا وأبائنا ونحترمهم ونكسب رضاهم ونطيعهم في غير المعاصي ونلتمس رضاهم دائما ربنا لا نرجو ملاذا آمنا إلا حماك ربي لا يسعد روحي أبدا إلا رضاك اللهم إني أسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار اللهم آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين صلى الله عليه واله وصحبه أجمعين .

 

عزالدين الأسعد

اليمن السعيد

11\9\2011

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"