اودعكم بدمعات العيون *** اودعكم
وانتم لي عيوني
اراكم غائبين ولن تعودوا *** أكاد
اصيح اخواني خذوني
كنت وانا صغير دائما استمع الى الشيخ خليل الطائي ( تقبله
الله ) في مسجد محمد الفاتح في منطقة المشتل وهو يدعو ويقول اللهم ولا مريض الا
شافيته ولا غائب عن اهله الا بالخير رددته ولا اسيرا الا فككت اسره .
وانا اقول آمين ولكن ببراءة الطفل اقول لماذا يبتعد
الشخص عن اهله وبلدته واصدقاءه!!!
لكن الان عندنا جميعا اصبح الجواب لماذا اغتربنا؟!
انا اريد ان اتكلم بلسان حالي وحال كل من ابتعد عن
حارته او عن منطقته لا اريد اقول عن بلده لان الغربة قد تكون في نفس البلد او قد
تكون بالعكس ان تكون انت الذي بقيت في مكانك لكن الوجوه تبدلت فأصبحت غريبا لا يعرفك
احد ولا تعرف احد منهم والاغرب ان يسألك احدهم من انت ؟قل له انت من؟؟
قل له انا يعرفني من هو الان في صحراء الوليد وفي
الحسكة وامريكا وفي السويد..
قل له يعرفني اهلي في سوريا في مخيم اليرموك من
يتعرض للقتل والتشريد...
قل له اسأل عني الطوبجي والزعفرانية والحرية
وبلديــــات الصمود.
ان الانسان يتكون من وجدان وعواطف وتاريخ وذكريات ...
واصعب شيء ان تفقد ذلك في لحضات عند غربتك فتواجه اشخاص لا يعرفوك ومن الصعب
ان يثقوا بك او ان يساعدوك.
في احيان كثيرة اتمنى ان اسمع في الشارع من يناديني باسمي
او بكنيتي او بلقبي اتمنى ان اسمع في الشارع كلمة ( كيف حالك خالتي واشلون
امك ) اتمنى ان يقابلني احد ويسألني عن والدي كم
افرح عندما يطرق بابي احد جائني ضيف اتمنى ان ارى اصدقائي القدامى ويقولوا لي (يلا نروح
علجامع )!
اتمنى سماع صوت اذان جامع القدس وارى مصليه القدامى...
نتمنى...... ونتمنى ...
ولكن حسبنا في هذا رسول صلى الله عليه وسلم فإنه سيد
المهاجرين والغرباء وقد آلمه فراق مكة موطنه، فعن ابن عباس ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لمكة : " ما أطيبك وأحبك إلي ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما
سكنت غيرك ".
لكنه اسس دولة واصلح مجتمع واصبحت عنده
المحنة منحة من الله ...
الا ترون معي ان الغربة علمتنا اشياء كثيرة .. علمتني
الغربة وافهمتني تلك القصة التي كانت تحكيها لي أمي وأنا طفل عن الصداقة فأدركت أن
للصداقة حدود أبعد بكثير من مجرد كلمات تقال ..
علمتني الغربة أننا
نملك أشياء كثيرة لكننا لا ندرك قيمتها...
ان الغربة علمتنا الشيئ الكثير ” الغربة
” مربية من الطراز الاول .. ولكن ليس لديها الا أسلوب تربوي واحد وهو القسوة...
تسير حياتك بشكل طبيعي حتى تجرب ” الغربة ” وهنا المنعطف
الذي تتغير فيه حياتك .. تغترب مشاعرك وأحاسيسك حتى أطباعك القديمة تصبح غريبة وهي
مدرسة لكن قلة الذين ينجحون بها.
وانا ارى ان من لم يجرب مرارة الغربة فإن سيرته الذاتية
وتجربته في الحياة ناقصة .
اسال الله بمنه وكرمه ان يرد كل غائب عن اهله وان
يجمعنا بأهلينا واخواننا وان يجعل غربتنا اجر لنا و دافع لنا في النجاح والانتصار
على الذات.
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم...
عمر الصباريني
18/1/2013
"حقوق
النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر
المصدر"