قصورا وأموالا كثيرة ورفّههم ؟!! إلى من فكر من منطلق الأحقاد الشعوبية والعنصرية ؟!! إلى كل من تاجر بالقضية الفلسطينية ؟!! نهدي إليهم هذه الرسالة التي سطرها لنا التاريخ بكل حسرة وحرقة وندامة ليشهد شاهد من أهلها على الظلم والمآسي والمعاناة التي مرّ ويمر بها الفلسطيني في العراق ، لتسد أفواه المتبجحين والمتطاولين على هؤلاء الضعفاء والمساكين ، فلا هم نصروهم ولا تركوهم .
هذه الوثيقة والرسالة التي أرسلها وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الحبوبي عام 1967 مبينا مأساة أحد التجمعات السكنية للفلسطينيين وتحديدا في منطقة الزعفرانية ، ولازال هذا المجمع موجود لحد هذه الأيام ، ورفعها لمجلس الوزراء آنذاك على أمل تحسين أوضاعهم أو ترميم منازلهم أو إيجاد حلول لوقف هذه المأساة ، والسؤال الذي يطرح نفسه : أنه لو كان الفلسطيني منعم ومرفه في زمن النظام السابق لأخذ بنظر الاعتبار هذه الجزئية وأسكنهم في أماكن صالحة !!! لكن المساكن باقية لحد الآن ؟!!!! ونترككم مع نص ومضمون هذه الرسالة :
الجمهورية العراقية
وزارة العمل والشؤون الاجتماعية
المكتب الخاص
العدد س/392
التاريخ 24/8/1967
إلى :- رئاسة ديوان مجلس الوزراء
م / حالة ملاجئ إخواننا العائدين
قمت بزيارة للملاجئ التي يسكنها إخواننا الفلسطينيين فهالني ما رأيت ولا أبالغ لو شبهتها بقبور يسكنها أحياء فهي لا تختلف عنها من قريب أو بعيد فليس للشمس مكان فيها أو منفذ إليها كما أن الهواء النقي مطرود منها ، بناؤها قديم متآكل يتهدد أرواح ساكنيها فيعيشون في قلق دائم وخوف مقيم ، إن الغرفة الواحدة التي مساحتها 3× 25, 3 تسكنها عائلة يتراوح عدد أفرادها بين 7 – 12 نسمة وهي محل للطبخ ولغسيل الملابس والصحون والاستحمام والنوم والأكل وهي بنفس الوقت ساحة للعب الأولاد وليس هناك حاجز أو فاصل بين عائلة وأخرى وفي هذا ما فيه من خطورة ومحاذير ومشاكل تنجم من اختلاط الفتيان بالفتيات فضلا عما يتهدد الصحة من احتمال انتشار الأمراض والأوبئة خاصة وأن النظافة في هكذا أماكن تكاد تكون معدومة ، إن المشكلة أكبر من توصف وكما يقول المثل ( ليس السامع كمن رأى ) إن الإنسان في هذه أماكن يفقد آدميته وتستحيل حياته إلى ما يشبه حياة الحيوان أقول ذلك وكلي ألم وأنا موقن بأن مجلسكم الموقر سيولي هذه المشكلة العناية اللازمة لإنقاذ هؤلاء المساكين من الحالة المزرية التي يعيشونها وقد دب اليأس في نفوسهم وباتوا في ريب حتى من الآمال في إنقاذهم مما هم فيه فاستسلموا لليأس ولا أكتمكم مدى المرارة التي رافقتني وأنا أرقب نظرات الأطفال والنساء والشيوخ وقد شحبت وجوههم وفاضت نضارتها وهي ترمقني بعتب محب ولسان حالهم يقول ( أهكذا يعيش العائدون ) .
إن المشكلة تحل كالآتي :
1- أن تخصص قطعة أرض لهم وهناك مخابرات مع وزارة المالية بذلك .
2- أن تخصص لكل عائلة مبلغ 250 دينارا وأن تتولى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بناء سكن لهم خاصة وأن هناك دراسة عن كلفة كل دار وهي لا تتعدى المبلغ المذكور .
هذا مع العلم أن عدد هذه العائلات هو ألفا عائلة وأنا لا أطالب بأن يخصص جميع المبلغ الآن فلا بأس بأن يخصص بعضا منه مع الأرض ليتسنى لنا مباشرة البناء وإنقاذ هؤلاء المساكين مما هم فيه .
هذا وتفضلوا بقبول الاحترام .
وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الحبوبي
نسخة إلى /
وزارة المالية – الميزانية – للتفضل بالتأييد رجاء .
إذن المعاناة والمآسي ليست وليدة اليوم ، لكن كانت معاناة خدمية معيشية أما الآن فقتل وتهديد وخطف واعتقال عشوائي في استهداف واضح للوجود الفلسطيني ، والمبررات اتهامات بعيدة كل البعد عن الواقع وإلا لماذا بقيت هذه المساكن لحد الآن كما هي ولم يتحسن فيها أي شيء .
فلكم أن تتخيلوا مساكن بهذا الوصف لها أكثر من خمسين عاما وعدد الأفراد في تزايد ولا جديد فيها وأكثر هذه المدة هي في زمن النظام السابق ؟!! فأين الترفيه والخصوصية لهم ، لكن لم تعد تنطلي هذه الشماعات التي يراد من ورائها إضفاء الشرعية والقانونية على كل الانتهاكات التي تحصل هذه الأيام للفلسطينيين .
والفلسطيني اليوم من مسؤولية وزارة المهجرين التي بدلا من أن تحافظ عليه وتقوم برعايته تحرض الحكومة على طرده من العراق كما في تصريح الوزيرة المعروف والتي تنكرت منه لاحقا !!
ويبقى السؤال في هذا المقام : هل يكون وزير المهجرين القادم بهذه الروح العالية لوزير العمل الأسبق من الإنسانية والتعاطف الكبير والقيام بمسؤوليته الشرعية والقانونية لنصرة هؤلاء المستضعفين والمظلومين من الفلسطينيين ، ووقف نزيف الدم الذي يتعرضون له والإبادة الجماعية الحسية والمعنوية ؟!!!! أم يزداد التضييق عليهم بمباركته ؟!!