سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها ج9 " حالة القرى بعد الصمود البطولي "- رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 6227
سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها  ج9 " حالة القرى بعد الصمود البطولي "- رشيد جبر الأسعد
سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها ج9 " حالة القرى بعد الصمود البطولي "- رشيد جبر الأسعد

ج9: حالة القرى بعد الصمود البطولي

قال القائد الفريق عبد الله التل (رحمه الله): (ان قرى جبع ، اجزم ، عين غزال ،كانت ثابتة كأحسن ما يكون الثبات ... )

كثيرة هي قرى و مدن فلسطين ... التي سقطت الواحدة بعد الأخرى في مؤامرة نكبة فلسطين ... سقطت في شهر ايار ... و اخرى في حزيران .. وأخرى في شهر تموز ..

اما قرى الساحل ، قرى مثلث الصمود و الرعب جبع ، اجزم ، عين غزال فقد اتصف الوضع الحرج فيها في أواخر شهر تموز 1948م ، كالتالي :

قال الإرهابي ( ديفيد بن غوريون ) في  كتابه يوميات الحرب ، حرب فلسطين عام 1948م ما يلي :

( في تاريخ 10/6/1948م طلبت قرى جبع ، اجزم ، عين غزال من قواتنا بدء مفاوضات بشأن الاستسلام و لم يعط رد على ذلك . )[1]

وفي صفحة (483) عن يوم الاثنين 26 تموز 1948م قال بن غوريون عن حالة هذه القرى الثلاث :

( يبلغون ان قواتنا احتلت هذه الليلة قرى جبع ، عين غزال و اجزم لا تزال تنتظر دورها .)[2]

  ثم يقول :                                          

 ( خلال الفترة بين 24 /26 تموز 1948م نفذّت عملية شوطير  ( الشرطي ) اللواء السكندروني  التي كانت الغاية منها القضاء على جيب المقاومة و في هذه القرى التي كانت تشكل المثلث الصغير في المثلث الغربي ..

 

أخي -  القارئ العزيز -  انظر و تأمل و فكر في مكر و كيد و خبث عصابات الصهاينة و إجرامهم و كذبهم ، و هو ان هناك هدنة يجب عدم إطلاق النار خلالها من كلا الطرفين الفلسطينيون ( كعادتهم و أخلاقهم عرب و مسلمين ) التزموا بقرار الهدنة الأولى ، اما الجانب الصهيوني المخادع فماذا فعل ..؟؟

 ماذا فعل هؤلاء الأشرار من حيل مكشوفة ، إنهم حركوا قوات عسكرية مسلحة منظمة مهاجمة صهيونية ، إنها قطعات عسكرية صهيونية مسلحة ، حركوها على أساس ، حركوها و باسم( الشرطة ) على أنها قوات ( الشرطة و البوليس ) و إنها ذهبت في عملية بوليسية لتأديب متمردين لا يعترفون بالسلطة ..!! هذا جزء من سلوكهم  وهذه بعض خروقات الهدنة لانهم لا يلتزمون بميثاق ولا يحترمون عهد ولا وعد .. كما اخبرنا عنهم القرآن الكريم خاصة في سيرتهم مع الانبياء والمرسلين..

اما الفريق القائد عبد الله التل ( رحمه الله ) فقد تطرق في كتابه ( كارثة فلسطين )  الى هذه القرى فكتب ما يلي :

( إنها واحدة من المآسي التي وقعت للقرى العربية جبع ، اجزم ، عين غزال ، كانت هذه القرى ثابتة ، كأحسن ما يكون الثبات ..) حقاً انها من المأسي تقاوم هذا القرى ولا يوجد من يسندها او يدعمها او يمدها بأسباب البقاء والمقاومة ولو بالحد الادنى ... !؟؟

في يوم الأربعاء 21 تموز 1948م بدأت الطائرات الصهونية  بقصف هذه القرى الآمنة التي أطمأنت الى الهدنة الخديعه، وقد استمر قصف الطائرات لها عدة ايام ، زحف بعدها الجيش الصهيوني فاحتل هذه القرى و قتل ما يزيد عن مئة من اهلنا، و اسر المئات ودمر خذه القرى...

يشيد المؤرخ نجيب الاحمد ( رحمه الله) بصمود ومقاومة اهالي قرى حيفا ومما ذكرة بهذا الصدد :

( ... قرى عين حوض واجزم وعين غزال وجبع من قضاء حيفا وتقع هذه القرى في الطريق الجنوبي من جبال  الكرمل غرب البحر الابيض المتوسط وغرب طريق حيفا – الخضيرة ـ تل ابيب وكان يسكن في قرية عين حوض ( 650 نسمه) وفي جبع (1140 نسمه) وفي قرية اجزم (3000 نسمه) وتبلغ مساحة اراضيها ( 47) الف دونم وفي عين غزال 2170 نسمه ومساحة اراضيها 18500 دونماً ، سقطت مدينة حيفا حتى تل ابيب وبقيت قرى عين حوض واجزم وعين غزال وجبع القريبه بعضها من بعض صامدة تصد العدوان وشوكة في حلق العصابات الصهيونية. )

ويضيف الاحمد : ( دافع اهل هذه القرى بشجاعة الابطال وصمود الجبال وكان لا بد للصهاينة من التخلص من وجود هذه القرى خاصة وانها ضمن ( الدولة الصهيونية المقترحة ) بقرار التقسيم الجائر . وموقعها استراتيجي وهام وبعد ان فشلت خطة الصهاينة التي اختطوها وهي شن هجمات متلاحقة على هذه القرى المحاصرة تماماً . بقصد انهاك اهلها الصامدين وتجويعهم قامت القوات الصهيونية بهجوم كبير على هذه القرى منذ فجر يوم 20/تموز/1948 وتصدى شباب تلك القرى للهجوم ودافعوا وبذلوا الدم والروح وكانو ينتظرون نجدة عربية حيث ارسلت القيادة العربية البرقية التالية الى قائد جيش الانقاذ فوزي القاوقجي :-

الى فوزي القاوقجي 21/7/1948

الساعه 9:35

يهاجم الصهاينة منذ الساعه السادسة صباحاً من تموز القرى العربية اجزم جبع عين غزال بالطائرات والمصفحات والمشاة ارسل اكبر ما يمكن من قواتك لمساعدتهم فوراً واعلامنا

صلاح الدين// نور الدين

 

وفي ذلك الوقت كان فوزي القاوقجي وجيشه قرب الحدود اللبنانية البعيدة عن هذه القرى (70 كم) كلها تحت الاحتلال الاسرائيلي وهو في طريق هربه الى لبنان وكان اهالي هذه القرى كالذي ينتظر العسل من الدبور حتى ان الرسول الذي تسلل عبر خطوط العدو لطلب النجدة لم يستطع العودة.

ويضيف الاحمد : نفذت الذخيرة من هذه القرى ( اجزم جبع عين غزال .. وانهارت المقاومه .. ) وهكذا سقطت قرى البطولة ومفخرة الشمال .. بعد ان طرد الصهاينة جميع سكانها .. ) أ.هـ (1)

وفي احد وثائق حرب فلسطين وحركات الجيش العراقي المرقم /453 في 21/6/1948 صادرة عن الزعيم قائد القوات العراقية في فلسطين فيها ثناءاً وفيها اعجاب بمقاومة اهل هذه القرى ومما جاء في هذه الوثيقه .. شكر وتقدير للمناضلين البواسل

تحية العروبة والجهاد

راجعنا كل من السادة المناضلين شبلي علي الشعبان وعبد الفتاح يوسف والسيد نايف خليفه واخبرونا بأعمال البطوله والكفاح التي قام بها مناضلو قرى الطيرة واجزم وجبع وعين حوض والقرى المناضله الاخرى

يؤسفنا بأننا لم نتمكن من الاتصال بكم منذ اول وصولنا لفلسطين لنعاونكم بالحرب المقدسة وانقل لكم اعجاب العراقيين لمناضليكم الاشاوس ( جزء من النص غير اضح)

وان تخبروهم جميعاً بأعجابنا وتقديرنا لكفاحهم النبيل وبطولتهم الفذة في سبيل حرية وسلامة الاراضي المقدسة . واننا واثقون ان التاريخ سيخلد ذكرى هؤلاء الابطال كدرس في البطولة و الوطنية والاخلاص للاجيال القادمة .

واخيراً نرجو ان نلتقي قريباً محتفلين بأنقاذ الوطن العربي المجاهد .)

انتهت الوثيقه وهي رسالة من قائد القوات العراقية في فلسطين موجهه الى عبد الله السلمان مختار قرية الطيرة يشيد بها ببطولة وكفاح قرى حيفا عام 1948م (2)

1: نجب الاحمد : فلسطين تاريخاً ونضالاً ، نشر دار الجليل ، للنشر ، عمان، 1985 صفحة 522/523

2: عبد الرحيم المدمرة اشراف دكتور صالح عبد الجواد .. قرية طيرة حيفا من سلسلة القرى الفلسطينية المدمرة  منشورات جامعة برزيت صفحه 288

                                                       

 

رشيد جبر الأسعد

كاتب فلسطيني

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"



[1] - أقول قد يكون هناك شك في ادعاء بن غوريون ، إذ كيف يطلب اهل هذه القرى الثلاث المفاوضة و الاستسلام في يوم 10/6/1948م و استمروا في المقاومة و المناوشة و المرابطة لغاية يوم 26/27 تموز 1948م وقد يكون صحيحاً هذا الادعاء ، وقد قال بمثل كلامه الوسيط الدولي إن اهل هذه القرى طلبوا التفاوض ، هذه إن صحت و لنقل إنها صحيحة فإنها تمثل حالة مجتمع مدني اعزل محاصر جلهم نساء و شيوخ و اطفال و رجال نفد السلاح و الذخيرة  لديهم .. لماذا لا يفاوضون القوة المسلحة المعادية المحاصرة .. حقناً لدماء اهل القرى و الوطن خاصة منهم المدنيين الأبرياء العُزل إضافة للمرضى و كبار السن و الجرحى .. ففي التاريخ في كل حروب العالم يلجأ كل طرف لإخلاء هؤلاء العُزل .. فهؤلاء اهل القرى هم مجتمع مدني اعزل و معهم لفيف من المقاتلين الذين نفدت الذخيرة و العتاد لديهم ففاوضوا الوسيط الدولي ( برناندوت ) او قادة عصابات الصهاينة المتآمرة المدججة بالسلاح فانه لا ضير في ذلك.. وهذا أمر طبيعي .

[2]  - لاحظ اعتراف بن غوريون انه في يوم 26/7/1948م كانت عملية ويصرح بأن اجزم لم تسقط .. و أنها تنتظر دورها .. لحد يوم 26/7/1948م.